|
عمران المقدمى زهرة تونس الحمراء العائدة من الجليل
فريد العليبي
الحوار المتمدن-العدد: 3693 - 2012 / 4 / 9 - 13:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ولد الفدائي التونسي عمران المقدمى في المظيلة من ولاية قفصة سنة 1962 ، و سافر إلى سوريا سنة 1984 حيث حصل على الباكلوريا و درس علم النفس بجامعة دمشق ، كان مناضلا شيوعيا مثل الكثير من أبناء جيله المفتونين بهوشي منه و الجنرال جياب و ماو تسيتونغ و غيفارا و وديع حداد و ليلى خالد و جميلة بوحيرد ، و في سوريا كان للسلاح سحره ففلسطين على مرمى حجر و بينها و بين جموع الفدائيين الذين كانوا يتجمعون في لبنان " جمحة فرس "1 . كان عمران فارسا يعشق صعود الجبال و يكره الموت بين الحفر2 وكانت فلسطين تنادى: هيا إلى الثورة ، و إصبعها " الجليل " بوصلة ، هناك في تلك المنطقة كان استشهاده يوم 26 نيسان / أفريل 1988 ، أثناء عملية بطولية أدت إلى مقتل سبعة من جنود و ضباط العدو الصهيوني ، فضلا عن جرح آخرين و أسر اثنين . بعد سنوات من استشهاده يعود عمران إلى تونس مكللا بالمجد وسط صيحات الترحيب و التهليل ، كأنما ليؤكد أن الشهداء لا يموتون أبدا . و هو واحد من بين شهداء تونسيين كثيرين سقطوا في ساحة الشرف في فلسطين و لبنان و هناك عشرات آخرين قاوموا الصهيونية ببسالة و عادوا إلى تونس أحياء ، فكان السجن و التعذيب و الملاحقة في انتظارهم ، و من بينهم جرحى بترت أطرافهم ، أذكر بعضهم وأصواتهم تتعالى منشدة في فناء المخيم : جيشي معي يا خضراء ...لا ... لا تحزني... في إيماءة إلى جيش التحرير الشعبي . جمع هؤلاء المناضلين بين الكفاح ضد الكيان الصهيوني و النضال ضد النظام في تونس ، وقد كانوا على قناعة راسخة أن الانتصار على الصهيونية لن يتم بدون الحرب الشعبية ، و أن الجيوش النظامية ليس لها من وظيفة إلا قمع الكادحين و الدفاع عن الرجعية . لم يطلب هؤلاء تكريما و لا نالوا تعويضا بعشرات الملايين عما قاموا به ، فمتى كان الكفاح الثوري تجارة رابحة يجازى أصحابها بالدراهم ؟ و هل هناك مال يمكن أن تشترى به دماء الشهداء و أطراف الجرحى و عذابات المساجين في زنزاناتهم ؟ تستقبل تونس اليوم شهيدها و هي تواصل مسارها الثوري فرغم هروب بن على فإن معاناتها متواصلة و جراحها مفتوحة و أبوابها مشرعة على العواصف و السحب الدكناء تتلبد في سمائها ، و هي تتأكد يوما بعد يوم أنه لا فرق بين " رأس بصل " و ثلاثة " رؤوس ثوم " 3 . و تودع فلسطين شهيدها و هي تقاوم الصهيونية في ظل ظروف لا تقل قتامة فالرجعية الفلسطينية فسمت الشعب بين إمارة في غزة و سلطة ورقية في الضفة و سواء تعلق الأمر بالوداع أو بالاستقبال فان الليل العربي حزين، و لكن التصميم على الثورة في ازدياد من قبل أمة يطحنها الاستغلال و الاستعمار و التجزئة ، و هي تجد في شهدائها شموعا تضئ طريقها نحو الحرية . حلم عمران بموت بين الجبال و الوهاد و الوديان و الغابات ، وسط زغردة الرصاص فناله ، و حلم بوطن يطير بجناحيه محلقا في السماء خال من الفقر و القمع و لم ينله ، و على من يعشق الشهداء مواصلة السير على دربهم . حسنا فعل الاتحاد العام التونسي للشغل بإشرافه على استقدام رفات عمران فقد أهدى تونس زهرة حمراء ، مثبتا أنه ليس فقط بيتا للشغيلة و إنما بيتا للشعب بأسره ، مثلما كان دائما ، وخاصة عند الشدائد ، هذا البيت يؤوى الآن الوطن بين جناحيه و على الجميع شد الرحال إليه . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ • 1 ـ مقطع من أغنية لسميح شقير تقول في إشارة إلى الجولان : بيني وبين أهلي وناسي رمية حجر، جمحة فرس ، خطوة فوق شريط ، وخطوة فوق خوذات الحرس . • 2 ـ يقول أبو القاسم الشابي : وَمَنْ لا يُحِبّ صُعُودَ الجِبَـالِ يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَـر. • 3 ـ إشارة إلى المثل التونسي : نحى رأس بصل و حط رأس ثوم / اقتلع بصلة و وضع مكانها ثوما .
#فريد_العليبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرأة و الثورة
-
المرأة العربية الآن
-
هل انتصرت الثورة في تونس ؟
-
جانفي شهر الانتفاضات التونسية
-
القوى اليسارية والنقابات العمالية في الربيع العربي
-
سيدي بوزيد التونسية : ماذا نملك ؟ لا شئ ، ماذا نريد ؟ كل شئ
...
-
منير العوادي سلاما !
-
الانتفاضة التونسية : شيئان في بلدي خيبا أملي !
-
مصر : الدم و الحرية أبناء عم !
-
عرس الدم التونسي
-
ماذا يحدث في كلية الآداب بالقيروان / تونس ؟
-
الفلسفة والتاريخ
-
رسائل ماركس وأنجلس حول الديانة الإسلامية
-
رسائل متبادلة بين كارل ماركس وفريدريك أنجلس حول الديانة الإس
...
-
اعلام النقابة الأساسية لأساتذة كلية الآداب و العلوم الانساني
...
-
معروف الرصافي ............ شيوعيا !!!
-
الماركسية و الداروينية
-
علمنة التفكير
-
موقف ابن رشد من المراة بين الشريعة و الفلسفة
-
ابن رشد : ليس للمرأة حق الإمامة في المسجد بينما لها حق رئاسة
...
المزيد.....
-
الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
-
لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
-
مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال
...
-
في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار
...
-
الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
-
وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات
...
-
لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
-
البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا
...
-
المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م
...
-
تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|