أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - شريف صالح - الإخوان المسلمون وفلسفة القراميط















المزيد.....

الإخوان المسلمون وفلسفة القراميط


شريف صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3685 - 2012 / 4 / 1 - 06:53
المحور: المجتمع المدني
    


كنت أذهب مع أعمامي لصيد البلطي والقراميط في مساقي الأرز، أشارك في نضح المياه وعمل السدود بالقش والطين. وبرغم حراشف البلطي وشوكه كان من السهل اصطياده. لكن القراميط بجلدها شديد النعوم كانت تتفلت من اليد بسهولة، ويساعدها لونها الأسود على التخفي في الماء العكر:

1. القفز فوق السدود:
تملك القراميط مهارة فائقة في القفز فوق السدود، مستفيدة من جلدها الناعم الانزلاقي وجسدها القوي الذي يتحمل المطاردات. وبرغم صدام الإخوان مع أنظمة مختلفة مثل نظام عبد الناصر أو القذافي، وتعرضهم للسجون، لكنهم عبروا تلك السدود وحافظوا على استمرارهم مثلما تحافظ القراميط على حياتها.

2. الزحلقة
درج الفلاحون في قريتنا أن يصفوا الشخص الغائم، الذي ينزلق من موقف إلى موقف مضاد بأنه مثل "القرموط" لا تستطيع أن تمسكه! وقد ذكرني المثل بالإخوان، فهم أسرعوا للإلتفاف حول البرادعي عندما قرر مواجهة النظام سلمياً، ولما تجاوزه طموحهم، ومالت المعادلة إلى مصلحتهم، تخلوا عنه. وما إن انفجرت الثورة، حتى أسرعوا إلى مدير المخابرات ونائب الرئيس للتفاوض ونيل ما يعتبرونه حقهم في السلطة.. ولما أحرقت ورقة الرئيس ونائبه أسرعوا إلى المجلس العسكري.. وهكذا دواليك، فهم يلعبون باستمرار، لمصلحة من له الغلبة.. فعلوا ذلك قديما مع الملك ضد الوفد، ومع عبد الناصر ضد محمد نجيب، وأخيراً مع المجلس العسكري ضد شباب الثورة.

3. المسكنة
من فلسفة الإخوان "التدرج في الدعوة" حتى يتحقق "التمكين" وبجملة شعبية سهلة "يتمسكنوا لحد ما يتمكنوا" مثل القراميط التي تجيد الاختباء تحت الحشائش وورد النيل الطافي. ولكي يتمكن منها الصياد عليه أن يهجم على الرأس مباشرة ويشل "حركتها اللولبية" اللزجة. فليس أفضل من الإخوان في حيل التعايش، والموائمات السياسية، ولهذا ليس في تاريخهم الطويل أنهم قاموا بثورة او قادوها وكانوا رأس الحربة فيها، رغم ما نسمعه عن أعدادهم المليونية.
ومن مظاهر المسكنة الكاذبة أنهم تحدثوا عن مشاركة في البرلمان في حدود 25 إلى 30% ثم قفزوا بالشعار إلى حوالي 50% على أرض الواقع، وتحدثوا عن عدم التفكير في ترشيح رئيس للجمهورية، لطمأنة الخارج والقوى المدنية في الداخل، ثم لحسوا كلامهم (كذبوا يعني) وأعلنوا رسميا ترشيح خيرت الشاطر! وتحدثوا عن مشاركة حوالي 25% من أعضاء البرلمان في التأسيسة كشعار فقط، ثم قفزوا بالنسبة في الواقع إلى حوالي 80% من النواب، والموالين لهم من خارج البرلمان!

4. السرية
لا تميل القراميط للمياه السريعة المندفعة (مثل شباب الثورة) فهي تفضل الاستقرار في المياه الهادئة، والدافئة نوعاً ما، كي تتكاثر. ومن يتابع نشاط البرلمان يجد أن بوصلته متجهة على الدوام إلى حزب "الحرية والعدالة" وبوصلة الحزب عينها على الاجتماعات السرية للجماعة، المحظورة على الصحافيين (سحرة فرعون كما وصفهم المرشد المولع طبعا بتاريخ بطولي في السرية والتكتم، فمن الطبيعي أن وسائل الإعلام في نظره ليست سوى سحرة فرعون، ويا له من توصيف آت من على بعد آلاف السنين!).

5. الجلبة
القراميط كائنات شديدة الجلبة والصخب، فهي عندما تظهر في أحد المساقي تعكر المياه وتحدث أصواتا، وعندما كان أعمامي ينجحون في صيدها لعمل صينية في الفرن بصلصة الطماطم وشرائح البصل، كانت جدتي تخزنها في طشت نحاسي مملوء بالماء وتغطيه بصينية ألومنيوم كبيرة، وكنت لا استطيع أن انام طول الليل بسبب الجلبة الشديدة التي تحدثها إلى درجة انها كانت قادرة على إزاحة الغطاء والقفز من الطشت، وفي الصباح تلملمها جدتي من أرضية الصالة، وهي بين الحياة والموت.
الإخوان يحدثون جلبة مماثلة، وهي صفة مغايرة لصفة السرية الحتمية للتنظيم . لكن عندما يرغبون في إثارة الجلبة يفعلون ذلك ببراعة، (بقية التيارات المشابهة لا تختلف عنهم)، ومن أحداث الجلبة التي دخلوا بها التاريخ هم وشركاؤه: الأذان في البرلمان، هولز الكتاتني، عمالة البردعي، أنف البكليمي، والبكليمي والراقصة سما المصري، ورفع سقف المبالغ الممنوحة لأهالي الشهداء (جريا على عادة الحزب الوطني في معالجة الكوارث "اديهم قرشين").. إنها جلبة على طريقة المثل القائل "علمني الهيافة قال له: تعال في الهيفة وتصدر".. وآخر مظاهر الجلبة إن حكومة الجنزري هي سبب كل الإخفاق في البلد ولابد من إقالتها! لكن لم يطرح الإخوان أية رؤية حقيقية في البرلمان، وأم أيمن ربنا فتح عليها بطلب مراجعة السجل الإجرامي ل "الشهداء" كي نعرف من الشهيد ومن ليس الشهيد! لم تحدث أية مواجهة حقيقية، لا خطة للتعليم ولا تحديد سقف الأجور، لا إعلان عن أية ذمة مالية لزعماء الإخوان الذين تصدورا المشهد السياسي، لا ضابط واحد تم الحكم عليه في قتل المتظاهرين، لا محاسبة حقيقية على مجزرة بورسعيد، لا إقالة لوزير الداخلية عن المجزرة.. لا شيء يهم الإخوان إلا ما أرادوا أن يثيروا جلبة بشأنه، وسيكتب التاريخ طبعا عن دورهم في حكاية "حمار المشير" وما تم تخصيصه من لجان لمناقشة الشتمة!

6. العيش تحت أي ظرف
رغم تناقضات القفزات والتحولات، تستطيع القراميط أن تحيا في أي ظرف، فهي حسب معلوماتي القليلة تنتمي إلى الفصيلة "القططية" حيث لها شوارب مثل القطط، وربما تكون مثلها بسبعة أرواح، وإلا لما انتشرت في جميع البيئات البحرية، العذبة والمالحة، الطبيعية والاصطناعية، في أميركا وأوروبا وآسيا وأفريقيا، وهي قادرة على أن تفقس 500 بيضة في المرة الواحدة.
وهكذا يتعايش الإخوان مع أنظمة ملكية ورئاسية، ديكتاتورية ومعتدلة، حزبية ولا حزبية، وهم قادرون على التكاثر إلى ما نهاية وبأعداد تفوق أي توقع.

7. البطن الراعية
لا أنكر أنني كرهت "القراميط"، فهي كائنات غريبة الهيئة، سوداء، ذات رأس كبير وشوارب كثيرة، وذيل طويل، مبططة وملساء ، لا تشبه السمك تماما، ولا تشبه الثعابين تماما.. بين بين..
كائنات يفتقر تكوينها إلى الصراحة والألفة والوضوح، ربما لطول الإختباء وفرط الحذر والعيش في أي بيئة، وتحت أي ظرف. وتضاعف كرهي لها عندما قال الراحل مصطفى محمود إنها كائنات "راعية" أي تعيش على الديدان والقاذروات وتجتذبها الروائح الخبيثة، من يومها حرمت "القراميط" على نفسي. ولا أظن أن الإخوان الذين يبرعون في عقد صفقات لا حصر لها، ستكون بطونهم أفضل حالا من بطون القراميط. حتى أفكارهم ليست سوى خليط عشوائي، لا تعرف هل هو رأسمالي أو اشتراكي، خليط قائم على الجدل والسفسطة بلا حدود، فعندما سمعت أحد منظريم ويدعى د.بركة (لا أتذكر الاسم الأول) وهو يرد على سؤال جوهري لسيدة شجاعة عن قانونية جماعة الإخوان ومصادر دخلها وعدم خضوعها للرقابة المالية والقانونية، أدركت من كلامه أنني أمام "قرموط أصيل"، وتكرر ذلك مع منظر آخر هو "صبحي صالح" وهو يهاجم الأقلية التي تحارب أغلبية الإخوان في البرلمان، وقانونية موقف الجماعة من اللجنة التأسيسة، صحيح أن كلامه ذكرني ببراعة "الباشكاتب" الذي يجيد الإلمام بكل التفاصيل ويستغل كل الثغرات لمصلحة موكله، لكنه إجمالاً كلام قائم على الفلسفة "القرموطية"

8. الشقلباظ
لا أدري لماذا كان الشائع لدى الفلاحين أنه من الأفضل صيد القراميط "ليلا"، أي الغدر بها، ربما! كل ما أتذكره الآن حركاتها تلك التي تشبه "الشقلباظ" من أعلى إلى أسفل ومن أسفل إلى أعلى، مثيرة دوامات وفقاقيع في المياه وفي الفراغ. قد لا تكون تلك الحركة طريفة أو مضحكة، لكنها جديرة دائماً بلفت الانتباه، وحركات الشقلباظ الخاصة بالإخوان قد تأتي أقوالاً مثل "طز في مصر" مقولة المرشد الخالدة، أو وجوب الجزية على الأقباط، مقولة سلفه المرشد الأسبق.. أو أفعالا مثل شقلباظ الاستعراض العسكري الشهير في جامعة الأزهر.
إن حركة الشقلباظ لا تبدو غالباً متزنة، فهي مغامرة مرتجلة، قد تفقدهم التعاطف، لكن الإخوان كعادتهم بارعون بعد كل وصلة شقلباظ في استعادة رباطة الجأش والتغني بشعارتهم البراقة والمثالية، فيتحدثون عن التوافق والوحدة الوطنية وقيم الإسلام.. التي منها طبعا الأمانة وعدم الكذب وعدم الغدر، وعدم الهيمنة والوصاية باسم الدين. ولعل أبلغ تعبير عن شقلباظات الإخوان الأخيرة، الصورة "الفوتوشوب" التي رسمها شباب الفيس بوك لرئيس البرلمان سعد الكتاتني وهو يزور سعد الكتاني ويبارك له فوزه برئاسة لجنة كتابة الدستور.. والصورة الأخرى للسيد الكتاتني نفسه بعد أن تم استنساخ العشرات منه باعتبار الأعضاء المائة في لجنة الدستور ليسوا سوى مائة كتاتني استنسختهم الجماعة سراً!



#شريف_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيجى راجح.. أهلا وسهلا
- من مواطن مصري إلى الرئيس الأسد
- نهاية مأساوية لرجل متفاءل
- عشر أمهات للبصق على وجه مبارك
- وكل عاشق قلبي معاه (ليس رثاء لإبراهيم أصلان)
- دفاعاً عن نجيب محفوظ ضد الشحات
- اللص الهارب في أربع حكايات
- صدور نجيب محفوظ وتحولات الحكاية بمناسبة مئويته
- تفاحة الديمقراطية المسمومة
- الثورة قامت.. ونامت
- لا تخفي علاماتك
- الدنيا على مقاس -سلفي-
- مائة ألف شاعر في كل عالم افتراضي.. يهيمون
- آن لك أن تتقيأ.. في دول اللاجئين
- ملاحظات حول اللحى الخمس
- نادراً ما يموت كاتب عربي حر.. هذا هو فاروق عبد القادر!
- فتاة أوباما
- أسامة أنور عكاشة.. مؤسس الرواية التلفزيونية
- الكاتب العربيد والقارئ القديس
- مصطفى صفوان: السلطة المحتكرة لا تحب الحق إلا باعتباره من اخت ...


المزيد.....




- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - شريف صالح - الإخوان المسلمون وفلسفة القراميط