أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوى - النساء والدولة وفضيلة الركوع














المزيد.....

النساء والدولة وفضيلة الركوع


نوال السعداوى

الحوار المتمدن-العدد: 3659 - 2012 / 3 / 6 - 09:16
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


هناك علاقة تاريخية بين تركيع النساء لسلطة الرجال فى العائلة، وتركيع الدول المستعمَرة «بالفتحة فوق الميم» لسلطة الدول الأقوى المستعمِرة، «بكسر الميم»، الطاعة هى القانون الأزلى لفضيلة الخضوع والركوع، يمدح الرجل زوجته لأنها «مطيعة وديعة»، وتمدح أمريكا «مصر» لأنها دولة معتدلة وديعة، تطيع الأوامر، وإن أطاحت بالقانون والقضاء والشعب كله.

لم تتغير فضيلة الطاعة منذ العبودية، فقط تغيرت اللغة والكلمات، أصبح الخداع اللغوى عبر تكنولوجيا الإعلام مبهراً، وتحول الركوع إلى كبرياء مزيف تحت اسم الحب والصداقة والديمقراطية والانتخابات الحرة والسوق الحرة، بعد الثورات الشعبية أصبحت هذه الكلمات سيئة السمعة، هل يصدق أحد لعبة الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية أو لجنة الدستور أو حكاية التمويل الأجنبى للجمعيات الأهلية؟

يقول السيناتور الأمريكى «جون ماكين» للحكومة المصرية: اخبطى راسك فى الحيط، فنحن نملك القرار النهائى، ويقول المجلس العسكرى للشعب المصرى: اخبطوا راسكم فى الحيط، واصرخوا فى المظاهرات، فنحن نملك إصدار القرارات، ويقول الزوج لزوجته: اخبطى راسك فى الحيط أنا أملك القانون والدين والشرف.عملية الركوع أو السجود لا تحدث إلا فى العلاقات بين الأسياد والعبيد، أفرادا أو جماعات أو دولاً، يطغى جنون القوة المطلقة على منطق العدل والعقل، تقترن الطاعة والخضوع بحركة الجسم، الانحناء الشديد حتى الركوع على الركبتين، أو السجود بالجبهة فوق الأرض، فى المعتقل يضربون المسجون حتى يسجد ويمرغ أنفه فى التراب، ويقولون له «قول أنا مرة»، أكبر إهانة للرجل أن يصبح امرأة حسب القيم منذ العبودية.

أحد الكتاب الصحفيين فى مصر كتب يقول إنه ضُرب فى السجن حتى فقد الوعى، لكنه لم ينطق أبدا كلمة «أنا مرة»، نشر هذا الكاتب الصحفى ثلاثة كتب عن قضية تحرير المرأة، ويعتبرونه رائد النساء المصريات بعد قاسم أمين.

هل يمكن لإنسانة «أو لإنسان» تحترم نفسها، أن تطيع أمر شخص دون اقتناع وإن كان والدها أو زوجها أو رئيسها فى العمل أو رئيس الدولة؟ فما بال أن تركع له أو تسجد؟ وهل تختلف كرامة الإنسان حسب الجنس؟

تفقد المرأة المصرية كرامتها وتقبل الضرب أو الركوع، بسبب الضغوط الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية أو القانونية أو الدينية أو الأخلاقية أو النفسية، الدولة تفقد كرامتها أيضا تحت الضغوط الاقتصادية أو العسكرية أو السياسية، لكن هناك نساء وهناك دولاً ترفض الضغوط وتقاوم وتثور وتتحرر.

الدولة المصرية فقدت كرامتها وإرادتها تحت حكم الاحتلال الأجنبى، حتى عام ١٩٥٦ وتحرير قناة السويس من قبضة الاستعمار البريطانى، لكن هزيمة ١٩٦٧ الكبرى، وقبول المعونة الأمريكية «مع الانفتاح الاقتصادى» فى السبعينيات، أعادا مصر تحت نير الاستعمار الأجنبى، والخضوع للهيمنة الأمريكية - الإسرائيلية، مع تصاعد التيارات الدينية الذكورية المعادية للنساء.

التصريحات النارية فى الصحف والإعلام المصرى أن مصر «لن تركع» لأمريكا، ولن تسمح بسفر الأمريكيين المتورطين فى قضية التمويل الأجنبى، عبارة «لن تركع» لا تحدث بين الدول المتساوية أو بين الأفراد المتساوين، فالقانون يحكم بينهم، وليس الطاعة والركوع، يقاوم الضعيف «العاجز عن القرار» بالزعيق والكبرياء الزائف، يتكلم الأقوى بصوت منخفض ثم يتخذ القرارات، وتأتى الطائرة العسكرية تنقل الأمريكيين من مصر، رغم إرادة القضاء والشعب والثورة وكل الإرادات. تطيع الدولة الضعيفة وتركع رغم القسم بأغلظ الإيمان أنها: لن تركع.

قال لى أحد الصحفيين إن الشعب المصرى يشعر بالعار والهوان بدرجة غير مسبوقة فى التاريخ، قلت له: المجلس العسكرى والحكومة هم من ركعا وتهاونا فى كرامتهما وليس الشعب المصرى، قال: أصحاب السلطة المستبدة لا يمكنهم الاعتراف بالضعف، نازلين تصريحات كأنهم الأبطال الأسياد وإحنا العبيد، قلت: أنت أحسن حالا من زوجتك أليس كذلك؟ أطبق فى صمت، كان يضرب زوجته لأنها هددته بالخلع بسبب علاقاته بأخريات.

فى إحصائية أخيرة تأتى «مصر» بين الدول متقدمة جدا «رقم ٤» فى ضرب الزوجات، ثم تأتى متأخرة جدا «رقم ١٩٠» فى تلوث البيئة.

إذا كنت صادقا فأنت فى غير حاجة إلى القسم بالله العظيم، وإذا كنت لا تركع لأحد فأنت لا تقسم.



#نوال_السعداوى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتاة ثائرة فى ميدان التحرير
- نوال السعداوي - كاتبة و مفكرة و ناشطة نسوية - في حوار مفتوح ...
- كرامة المرأة وكرامة الوطن فى الدستور الجديد
- الطاعة مقابل الإنفاق فى الزواج والعلاقات الدولية
- نحو حركة «الإبداع والثورة»
- مجلس ثورى رئاسى يتسلم السلطة
- لا يحق لكائن من كان الكشف عن العذرية
- هتك الكرامة أو خدش الحياء؟
- الدستور.. النساء.. الخوف من الموت
- المرأة والجنس.. الثورة والدستور
- التغيير الثورى لمفهوم العدالة والشرف
- قوة الملايين والثورة الثقافية
- الحوار الفكرى.. هل مطلوب؟
- الصندوق.. دموع النخبة والتماسيح
- الثورة المصرية الثانية
- الحضارة الرأسمالية الأبوية ومفهوم الفساد
- نساء تونس ونساء مصر
- «الجدل» قمة الفضائل .. علموا أطفالكم الجدل
- ميدان التحرير فى قلب مدينة لندن
- الثورات والنساء وتقسيم الشعوب


المزيد.....




- السعودية.. جريمة مروعة واغتصاب -بمكان ناء بعيد عن الغوث- تفض ...
- فحص يكشف امرأة عشية زفافها أنها رجل
- ماذا يعني انعدام الأمان بالنسبة للنساء؟
- زينب معتوق ضحية جديدة للعنف الأبوي في لبنان
- “لولو راحت للدكتور!!”.. تردد قناة وناسة الجديد 2024 WANASAH ...
- كيفن سبيسي يواجه اتهامات جديدة بالاعتداء الجنسي
- سجل بسرعها!!.. طريقة التسجيل في منفعة الأسرة عمان 2024 والشر ...
- تونس.. اعتقال الناشطة ضد العنصرية سعدية مصباح
- سجلي واحصلي على الدعم.. تسجيل منحة المرأة الماكثة في البيت 2 ...
- رابط التسجيل في منحة منفعة الأسرة 2024 عمان… وشروط التسجيل


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوى - النساء والدولة وفضيلة الركوع