أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالحق فيكري الكوش - وثائق الاعتذار في محراب قلب الحبيبة-الى الحبيبة هجر-(02)














المزيد.....

وثائق الاعتذار في محراب قلب الحبيبة-الى الحبيبة هجر-(02)


عبدالحق فيكري الكوش

الحوار المتمدن-العدد: 3626 - 2012 / 2 / 2 - 08:38
المحور: الادب والفن
    


ابنة توسيوس،
أيتها الناعمة جدا، والدافئة جدا،
كم هو مناسب هذا المساء للحكي عما تبفي مني، وأنا أحاول أن أضيء كالحجر، لكني لا أضي.. ظل من جندي المهزوم، عبئ علي، أرتدي نوافذ وأبواب مفتوحة على مصراعيها على كل ريح، قد سقط مني مني، أضحك وأبك...ي، وأنا كجندي يهدد بتصفية شبحه المهزوم، شجاعة اللحظة الأخيرة، مستعد أن يطلق النار حتى على ما تبقى فيه من أشباح وظل، وكم هو مناسب أن أتوهمك أو أخلقك، وأنت حقيقة تعلو فوق كل الحقائق، حليب أبيض وشعب من الياسمين وكثيبة من النوارس ولؤلؤ وموسيقى..
الأمر سيان - ياسيدتي، قد صرت كائنا من غبار ورماد ورؤى، وخسائري فاقت كل توقعاتي... ومناسب جدا –هذا المساء- لإحصاء عدد القتلى مني، وعدد جرحاي، وعتادي العسكري، المدرعات والطائرات المقاتلة... وهو هكذا هو الحب، وكما قال الطروادي محمود درويش، ينتهي بوداع حرج... وكم هو مناسب أن أتأملك، في ثياب الانتصار الصغير: عروسا تذرف دمعتين على لعبتها المفقودة، عروس القصب، وكم هو مناسب أن أشاهد غيابك يشيع نهايتي، وتشعلين شمعة ما بعد هدوئي، وتسحقين الحزن ما بعد غيابي.. !
هذا المساء، وأنا كالغبي شاردا، وقد نقصت أعدادي مني، وحيث أمسك بكوب قهوتي، المزيج من الانتظار والاحتمالات والترقب، أسكبه على طاولة التخمينات المستعجلة، ربما... وربما... وأسحق ما تبقى مني بقسوة، وحيث رائحة المنفى تعبق من مداخن الروح، وترسو على ملح جروحي، وهواء ندي يغادر أعماق البحر المسجى، ويخنق الماسات البيضاء في حنجرتي، نوارس محلقة تفرك المسافات ذهابا وإيابا، جيش أتعبه التحديق في زرقة الهوية، وربما هو جيش مهزوم مثلي، لم يجد غير البحر، ملعبه الروماني، يمارس فيه هواية الذهاب والإياب، نكاية بالبحر والياسمين، في انتظار جنازة مستلقية على الملح والماء، يشيعها إلى مثواها الطارئ، ولعل الأسماك أكثر الكائنات حظا في الموت،..
هذا المساء وحيث ذراعيك البيضاويين المحلقتين في العتمة، وشفتيك المطرزيتين بأحمر شفاه أرجواني ناعم ثياب المحاربين في معابد الشرق الأقصى، و هذا البحر الذي أعرفه ولا يعرفني، وهذا الغروب القاتم المتألم الذي يهددني بإطفاء النعاس في أجفاني المرهقة.. أحس أني مرهق جدا، وأني قطعة تافهة من القطن..
هذا المساء، أتوهمك، تقتربين أكثر يا ابنة زبد البحر، وتسقطين هذا العشاء المستحيل "ذكرى" و "حقيقة" على كرسي طاولتي المعزول والفارغ والممتلئ بوحدتي، و تقتربين حتى لا تصيبني علة الضجر، وتقتربين وتسكبي عواطفك في أحداقي عيني، وتشربين نخب "الحضور" ونخب الشمس، ونحن نصعد إلى نشوتنا باسمين، ولعل صفير نهديك يرشدني إلى احتساء أنفاسك الحارة.. ولو تقتربين، لأنطق بالحقيقة الأبدية: كم أحببتك، وهزمني قدرك الغريب...
معذرة يا ذات الأنوثة المتوحشة، هبت ريحك عكس سفني ، و أقدراك غريبة جدا، أقدار من الفحم ترتدي المكيدة، تعمدت تصويب البنادق نحوي.
معذرة ذات الوجنتين المشتعلتين، هذا المساء، أغمض ما تبقى من جسدي وعيني التي لم تتذوق سلال فاكهة النوم أربعون مساء، وأرتق شقوق الشفق الحبيب، وأتوهمك، تمشين بوضوح على صراط حواراتنا المسائية، أتوهم تغاريد العصافير تداعب شفتيك الحبيبتين، وتلتهم كلأها المعتاد شقاشق صدري، وعلى ضجيج تلك النوارس الشقية الرابضة في عينيك، أتوسد المساء على صدرك عشبا، أتنفس رائحة العشق والحزن، مثلما تتنفسين هته الرغبات الحارة على صدري، ومثلما تتنفس ضفائر شعرك رائحة البحر والحب... هذا المساء، أتوهمك، ولا أجدك !
هذا المساء وأنا الراوية والحاكي "شهريار"، أهذي حينا بكلمات متعبة متلعثمة وخجول، وأهددني حينا، وأتنبأ حينا مثلما يفعل الكهنة وكما يفعل المتنبئون والعرافات، أنك ترقصين يابنة توسيوس كلما أتعبتك بالحكي، رقصة كتلك التي رقصها زوربا رقصة حالمة، رقصة قوس قزح رقصة أبدية، رقصة الحواس والذاكرة، رقصة القلق، رقصة جلال الدين الرومي حتى تصعدين والروح إلى مدارج الشمس الحبيبة رقصا.
ولك ما شئت، هذا المساء، أن تهز أقدامك ضجيج خلاخلها، ارقصي في جنازتي، وتخلصي من أغلال حبي وعشقي وتحرري مني يا سيدة الشمس... لك أن تكوني عاطلة عن الحب وتكتفي بتنظيف مساءاتك مما علق بها مني !
لست العراف الإغريقي تريسياس، أتلو على صدر أقدارك بعض النبوءات، وأقرأ طالع المستقبل الميت، ولكني "جني" وأنت من راوده عن نفسه، وما أنا غير ساحر هارب من جزيرة ألوانه"قوس قزح" حيث معبد ايريس، ولكني طفل مهووس تمنى ترويض الألوان على أعتاب جفونك المسدلة، حيث مرج من الورود الدافئة تحضن أطفالا يشبهونني ويشبهونك..
طفل أنا-يا ابنة توسيوس في ثياب شيخ- نبت من ضلع حوريات البحر ومن شقاشق الوجع، وطفل من سلالة الغياب، وكل رغبته أن يقطر رائحة "حبك" كما حاول أن يفعل جان باتيست جرينوي، تقطير جلد حبيبته، لكني ما أملك شيئا عجيبا، بل قلبا كبير وواسعا، ممتلئ بالرغبات والأحلام والألوان .
ابنة توسيوس، أيتها الناعمة جدا..
وابنة زبد البحر، مقسمة حظي وغازلة عمري واعتقد أنك أنت رابعة مقسمات الحظوظ الإغريقية، ربات القدر: كلوثو و لاخيسيس و أتربوس، ولكن الحظ، أقصد حظي، كان أن يغزل القدر رداء مسموما ويقول لي: هنيئا لك بالموت، فاشرب الموت نخبك وبصحتك.. !



#عبدالحق_فيكري_الكوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وثائق الاعتذار – في محراب قلب الحبيبة – هاجر.
- بلبل الأمداح النبوية في بيروت والمشرق العربي، عبد الغني الكو ...
- العذراءالزهراء الكوش متصوفة استثنائية في المغرب والعالم الإس ...
- آل الكوش: قصة عائلة تأرجحت بين جرائم دولة الاحتلال والانتداب ...
- الإعجاز الثوري في الثورة التونسية: اقتصاد في الزمن، وواقعية ...
- 1912-2012 م – المغرب: من صدمة الحماية الفرنسية إلى تعايش الش ...
- صناعة -المحنة- في المغرب: «امتحان الزوايا» إلى «امتحان المثق ...
- الصحافي رشيد نيني والعنزة وجاليليو
- طقوسية بويا عمر وطقوسية النظام: الذهنية المشتركة وأزمة عقل ا ...
- الإسلام والحرية والإنسان ، ثالوث الحلول في العالم العربي
- المخزن و ميكيافليلية الحلقة وحكمة الأميين
- ثورة النيل الهادرة وجيل استعادة الكرامة العربية
- وعاد هبل عاد إلى شبه الجزيرة العربية !!!
- نقد العقل الجزائري
- أسباب فشل المسيرة الخضراء في شقها الوطني
- فجائعية أحداث العيون/وسؤال شؤوننا الاستراتيجية بيد من؟
- اغتيال الشيخ والولي سيدي عبد الله الكوش: الحلقات المفقودة من ...
- خطاب أعمى الى صديق ذو بصيرة
- هل يتقيأ جهاز المخزن السموم التاريخية ويسمح لنا ببناء نسخة ث ...
- المخزنيون الجدد وعقلية الفريسة والغنيمة


المزيد.....




- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالحق فيكري الكوش - وثائق الاعتذار في محراب قلب الحبيبة-الى الحبيبة هجر-(02)