أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد يوسف - الديمقراطية؟! بين المصطلح السياسي.. والمفهوم التربوي















المزيد.....

الديمقراطية؟! بين المصطلح السياسي.. والمفهوم التربوي


عماد يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3616 - 2012 / 1 / 23 - 19:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انبرى الكثيرون خلال عقود طويلة من الزمن لفهم الديمقراطية على أنها هذا المصطلح السياسي المرتبط بالممارسة السياسية. ومن نافل القول اعتبار هذا المفهوم القديم المعاصر، في آن، على أنه معنى لفظي يجب تطبيق فحواه دون الأخذ بآلية انتاجه وطبيعة العقل الذي أنتجه. وكذلك الأسباب التاريخية لنشوئه.
وإذا كانت كلمة ديمقراطية( Democracy ) بالمفهوم الإنكليزي تعني حكم الأكثرية، والمساواة السياسية أو الاجتماعية بين فئات الشعب، فإنَّ هذا المفهوم قد تطور مع مطلع القرن العشرين، ليشمل الحق السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي. فعُدَّ منهجية عمل تقوم على أساسه الدولة الحديثة، بمؤسساتها، وهيئاتها، وتنظيماتها المختلفة. فعملت على أساسه النقابات ومجالس ادارات الشركات الكبرى، والهيئات السياسية والأحزاب. كما تطور هذا المفهوم في منظومة عمل المؤسسات والجمعيات الحقوقية. وخاصة في مجال حقوق الإنسان. إذ تقاطع مع طروحاتها ومبادئها، كسيادة القانون وتكافؤ الفرص، والحرّيات العامة والخاصة، وغيرها.
لقد وسَّع غياب هذا المفهوم في المجتمع العربي هوّة التخلف بين العرب والغرب. وكرّس التجزئة، كما ساهم في الإنحدار الاقتصادي وثبّتَ أزمته خلال عقود طويلة. ويعود ذلك إلى الإشكالية التي طرحها. وأسلوب التعامل معه. فقد أثار جدلاً كبيراً بين النخبة السياسية والأنتلجنسيا، وبين الأنتلجنسيا والجماهير.
لقد رأت فيه شريحة هامة منهم دخيلاً على المفاهيم السياسية الدينية، وهي معادية للدين الإسلامي الذي هو جوهر المجتمع العربي، والذي يستمد شريعته من الفكر الديني القائم على نظام الشورى السياسي المقتصر على الحاكم بأمر الله ومجلسه. ورأت شريحة أخرى أنه لا يتناسب مع التركيبة البنيوية العربية التي اعتادت على القمع والإستبداد لعدّة قرون خلَت. أمّا الشريحة الثالثة؛ فرأت أنه يتعارض مع المشروع القومي الوحدوي العربي، صاحب القراءة الصحيحة والوحدانية. كالتيار الناصري في الخمسينات والستينات. ومنهم من عدّه سبيلاً لدخول الزنادقة والمارقين في بنية المجتمع السياسي العربي بدعم من الإستمعار والإمبريالية وهناك شرائح أخرى مازالت تجلس إلى الطاولة لتناقش هذا المفهوم ودلالاته المعرفية. ومنهم من يجهل فحواه حتى الآن. فهل مفهوم الديمقراطية دخيل حقاً على علم الاجتماع السياسي العربي؟ لنوضح ذلك:
عرف السومريون والكنعانيون تنظيمات ديمقراطية عالية. وربما كانوا هم الذين صدّروا بذور الديمقراطية إلى الإغريق والرومان فيما بعد. فقد كان لديهم أول برلمان حر في التاريخ، فهو يسن ويشرّع ويحكم. ويؤكد الدكتور جرجي كنعان الباحث المعروف هذا في حديثه عن السومريين إذا يقول: " منذ بداية الألف الثالث قبل الميلاد كان في سومر حياة برلمانية لاتقل رقيّاً عن المدن الكنعانية واليونانية في أوج ازدهارها. فنحو عام 3000 ق.م، اجتمع أول برلمان عرفه العالم في دورة علنية. وكان مؤلفاً مجلس شورى ومن جمعية الشعب " *.
أمّا الكنعانيون، فقد كان لديهم مجالس شيوخ تدير شؤون البلاد ودستور تعمل بموجبه الدولة الممتدة من أوغاريت على الساحل السوري إلى قرطاجة في تونس. وهي مطالبة بتطبيقه أمام رعيّتها. وقد أشاد الفيلسوف اليوناني أرسطو نفسه بهذا الإنجاز الحضاري، إذا قال في كتابه ( سياسة المدن) عن قرطاجة: " إنََّ لقرطاجة دستوراً انفردت بكماله عن سائر المدن، وهي في الذروة بالفضل لا تدانيها في صحة سنتها أمة من أمم العالم " * .
ولم يكن الأمر مختلفاً عند البابليين، فقانون حمورابي عمل على المساواة العادلة بين الناس، ومازال الكثير من مفاهيمه العادلة ماثلة حتى أيامنا هذه. أمّا الشريعة الإسلامية فلم تكن تخلو من بذور الديمقراطية، فقد نادى النبي محمد بنظام الشورى بين الناس ( وأمركم شورى بينكم). وألحق ذلك بنهج القياس والإجماع الذي يقيس على نهج النص، وما يجمتع عليه الناس هو عُرفُ محقق. وجعل ذلك من مرجعيات الفكر الإسلامي وأحد مصادر تشريعاته. ثمَّ كان الخليفة عمر بن الخطاب الذي نادى بالعدل والمساواة بين الناس حين قال كلمته الشهيرة لوالي مصر: " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً " ؟. أمّا حفيد الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز فقد كان لحقبته الممتدة أربع سنوات أكبر الأثر في تعزيز مفاهيم الحق والعدالة، ومفاهيم الشورى بين الناس والأوصياء على الرعيّة بشتى ميادين الحياة.
وهناك أمثلة أخرى كثيرة عن تاريخ شعوب المنطقة، لسنا بصدد ذكرها هنا. ولكن، من المؤكد أنَّ بذور الفكر الديمقراطي كانت موجودة منذ القدم ولو اختلف هنا الإسم والتوصيف.
فالديمقراطية هي نتاج مشروع ثقافي، فكري، حضاري واسع يحتاج إلى زمن ومراحل، ونضج كافٍ في العقل الاجتماعي والسياسي لمجتمع ما. لقد عرّفَ الدكتور خليل أحمد خليل، الديمقراطية بأنها ( مشروع المعقول الاجتماعي، وموضوعها التشارك السياسي بحيث يكون الحكم " السلطان والسلطة" وسطاً بين الناس. ويتم الترابط بين العاقل والمعقول في وحدة مشروع العقل السياسي ذاته) *. وبذلك تكون الديمقراطية بحاجة إلى تثقيف. وذلك بتفعيل دور النقابات والمؤسسات والمناهج. كما يتطلّب ذلك تطويراً اقتصادياً، يكون رديفاً للفعل الديمقراطي. فيخرج المواطن من أزمة العبء الاقتصادي وشظف العيش إلى ممارسة هذا المفهوم لأسباب لوجستية يحقق فيها ذاته الإنسانية بصفته كائناً مدنياً حرّاً في مجتمع حديث مبني على العقد الاجتماعي المتكافىء بين شرائح المجتمع كافة.
هنا تلعب النخبة المثقفة" الأنتلجنسيا" العربية دوراً هاماً في عملية التثقيف الديمقراطي، وعلى المستوى الجماهيري. فلا يمكن لمجتمع ما أن تنجح فيه عملية التحوّل الديمقراطي إذا كان هذا المفهوم حكراً على النخبة السياسية، أو المثقفة. وخاصة في مجتمعات يكون فيها الدين هو المُشرّع الأول ولا يفصل بينه وبين الدولة. وهذا أدى إلى اشكالية كبيرة في عملية " الدمقرطة العربية" أو الغياب الديمقراطي. يقول الدكتور برهان غليون : " إنَّ الحضارة الغربية حضارة ديمقراطية بالولادة لأنها علمانية، والحضارة العربية حضارة لا ديمقراطية لأنها لا تفصل بين الدين والدولة" *.
لذلك يجب أن نتعلم كيف نكون مواطنين أولاً. وأن نؤمن بمقولة ( الدين لله والوطن للجميع). ونشدد على مفهوم الديمقراطية والحرّيات، المبنية أصلاً على ثقافة الإختلاف. وذلك بعقلانية تتجاوز حدود الطرح الخاطئ وغير الواعي. والمتمسك بروابط العقل الأوتوقراطي الذي يعيش في جذورنا وعقلنا اللاواعي وعمقنا الاجتماعي البعيد. وفي بعدنا الديني والعائلي. وأن ننطلق بذلك من بيوتنا وتربيتنا المليئة بآلاف وسائل القمع والاستبداد الاجتماعي والسياسي والثقافي. والإلغاء الكامل لكل ما يُخالف إرادتنا أو عقيدتنا الدينية والسياسية.
المراجع:
*1- تاريخ الله/ دكتور جورجي كنعان، ص 61
*2- سياسة المدن/ أرسطو، والمصدر السابق
*3- العرب والديمقراطية/ د. خليل أحمد خليل- ط 1980 – دار الحداثة
*4- الديمقراطية في العالم العربي/ محاضرة د. برهان غليون ( ندوة المشروع الحضاري العربي فاس23 و24 نيسان 2001.



#عماد_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا العلمانية، ولماذا سوريا أولاً؟
- سرقات فكرية وأدبية -وقحة-، على صفحات الفيس بوك ؟!
- -مع الثورة ضد النظام، مع النظام ضد الثورة..؟!-
- الديمقراطية في ثقافة المعارضة السورية ..؟!
- إلى خ - ب .... أو ما يسمّونه أديباً ..؟!
- مآلات الخارطة- الجيو- بوليتيكية- في الشرق الأوسط
- ايجابية الأزمات الوطنية ..!
- تحية طيبة للجميع
- الصراع على سوريا عبر الاحتجاجات الفئوية .؟!
- الحراك السوري، والارتكاسات المذهبية المضّادة.؟!
- العرب وسوق العهر السياسي
- سوريا يا حبيبتي ؟ سأترك الحديث في السياسة ( 1& 2)
- حزب البعث العربي الاشتراكي -بين النظرية والتطبيق-
- مزايدة علنية بالظرف الجماهيري المفتوح
- سوريا؛ ونزعات السياسة والنفاق
- المعارضة السورية، واحتجاجات الأشهر الثلاث ؟
- سوريا وإرهاصات الأزمة الطائفية ؟!
- إلى أصحاب الرهان الخاسر
- مملكة للصمت
- سوريا؛ آخر المعاقل العلمانية..؟


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد يوسف - الديمقراطية؟! بين المصطلح السياسي.. والمفهوم التربوي