أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلمان النقاش - صباح النزاهة














المزيد.....

صباح النزاهة


سلمان النقاش

الحوار المتمدن-العدد: 3598 - 2012 / 1 / 5 - 12:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الصبح تتردد كلمة الخيرحين تلتقي العيون والوجوه ..ويحضر اسم الله في التمنيات ليوم هانيء وموفق ..
أدخل الصباح من بوابة الطريق المؤدي الى عملي ..عملي الذي ساقني اليه تاريخي منذ ولدت وتعلمت وتأهلت ليطبعني بصفته واعرف من خلاله .
عملي حيث اصحاب لي كان القدر قد صفهم وصنفهم واختارهم دون ارادة مني او منهم ليكونوا جزءا مهما من يومي ..اعرفهم ..اعرف اشكالهم ..طريقة لباسهم واكلهم ..اعرف انفعالاتهم ومدياتها ..متى يسخرون ..اعرف ..متى يحزنون وكيف.. اعرف ..كذلك انا اعرف طيشهم واخطاءهم واعرف اندفاعهم..اعرف مزاياهم ..اعرف ايضا خوفهم وارتباكهم وترددهم ومستوى ذوقهم ..واعرف ايضا خجلهم ..
ادخل الزمن الآتي بعد ساعة الصبح ..اخطط لحركتي القادمة ..ادخل في معمعة الحساب والقراءة ..قبل ان يحشرني الآخرون في عالم الجميع ..
ولأني اشعر دوما باني ربما اكون مركزا لهذا الكون ..انفعل متفردا بمتعة قرصة برد الصباح حين تمر نسائم الريح الباردة على وجهي المكشوف دون جسدي المغطى بهندامي الذي افترضه انيقا ...
كلمات زوجتي وابني وابنتي الذين تركتهم في نومهم قبل قليل تصطدم في جوف رأسي ..ابتسم تارة ..واتبرم اخرى ..واقلق حينا آخر ..
تاخذني الناقلة والخطوة حيث المكان الذي ابغي ..مكان عملي ..اقف مصافحا ومبتسما اتعمد الود ..وحين اتابع مسيري احشر كفي في جيب بنطالي ..تعلق اغنية لفيروز في ذهني سمعتها للتو (امرى يا امرى لا تطلعي عالشجرة) ..الوّح رافعا ذراعي نحو الرصيف الاخر ارد تحية احاول ان تكون احسن منها بابتسامة عريضة .. اقترب من المكان أنضّم الى حلقة زملاء احاطت ببائع شاي على الرصيف القريب من الدائرة ..تعودت الالسن هنا على ذكر الطرائف واستحضار الكلمات المثيرة للضحك كجزء من محاولة اسعاد النفس ..في نهاية الرشفة الاخيرة من استكان الشاي تسرع الايدي نحو الجيب ليفوز احدهم باكرام الصحب بثمن الشاي الارخص ثمنا من اي شيء اخر .
تتحرك الحلقة باكملها متجهة نحو المكان ..احدهم يتخلف لامر ما ..اثنان يتوقفان لدواعي توكيد الفكرة المتداولة بينهما او لربما يكون امر خاص ..لكن الجميع على موعد في المكان ..
اسمع اسمي يناديه صوت قادم من مطعم قريب .. التفت.. انه زميل لي لم أره منذ زمن قضاه في ايفاد ..اسرع نحوه لاعانقه فيقول ((صوغتك بالاستعلامات هسة تاخذها)) ..
لحظة دوي جعلت المطعم يتحرك فيغدو ركاما وغبارا واجسادا ممدة على الارض ..لم أر محدثي.. اخذتني اقدامي مسرعة نحو الخارج ..اللهيب يتصاعد تماما من دائرتي ..
اين...اين ؟في النزاهة ...النزاهة ...نار...نار..اصوات صراخ ..الله اكبر..الله اكبر...في المكان الذي انا موعود فيه اليوم ..حلقات النار تتسع في الارض تحرق كل شيء ..كل شيء ..بعض منه شواء ...الصراخ يتعالى والناس تجري في كل اتجاه..رائحة غريبة تثير الغثيان.. هممت بالدخول الى المكان مسرعا ..الا ان يدا قوية طوقت جسدي ومنعتني من الحركة ..كنت اصرخ ..وربما ابكي ..الشرطة ..الاسعاف ..الناس ..لم يوقفوا الكارثة ..
ساعة... كان المصير قد تحدد ..اختفى اللهيب الاصفر ..الدخان مازال يتصاعد من قاع الارض..من السيارات ..من المباني المجاورة ..من الاشجار..ومن الاجساد المرمية هنا وهناك ..
الان ..الحمالات تخرج من البناية تباعا..كيس مطاطي اسود في وسطه سحاب ..بجانبي مرت احداها ..اصابع كف محترقة تتصاعد منها ابخرة ..ما زالت الساعة في المعصم ..عانقني احد .. لقد مات فلان ..وفلان آخر كان يشرب الشاي معي الآن ممد على حمالة ..القمصان الجديدة واربطة العنق وزجاجات العطر (الصوغة) متناثرة وبعض منها محترقة .. لم نعثر على شيء من جثة واحد من اعضاء حلقة الشاي..كل العيون احمرت تسكب دمعا..
هل تكفي آه..هل تكفي لوعة ...؟؟
اما انا... ربما كتب لي ان ادخل في الزمن الاتي بعد هذا الصباح لاحكي .




#سلمان_النقاش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماكنة الديمقراطية
- ازمة حكم لا ازمة حكومة
- عقدة الاشتباك السياسي الحتمية
- المحاولة الاخيرة
- البحث عن ثورة
- حتمية البناء الديمقراطي
- احمد عبد الحسين
- الكفاءة ...الضرورة والادعاء
- الواقعية السياسية
- وطنية الصائح المفرطة
- الربع المعطل
- شعار الجنس
- المستنصرية : مواجهة جديدة
- الطريق الى المصالحة
- المالكي للنزاهة: هذه ذمتي
- مجال الاسترخاء
- الكوتا
- مصنع الرأي
- المفتش العام
- قوة الجيش مهمة وطنية


المزيد.....




- طيور وأزهار وأغصان.. إليكم أجمل الأزياء في حفل -ميت غالا 202 ...
- حماس تصدر بيانًا بعد عملية الجيش الإسرائيلي في رفح وسيطرته ع ...
- التعليم حق ممنوع.. تحقيق استقصائي لـCNN عن أطفال ضحايا العبو ...
- القاضي شميدت يتحدث عن خطر جر بولندا إلى الصراع في أوكرانيا
- فيتنام تحتفل بمرور 70 عاماً على نهاية الاستعمار الفرنسي
- نشطاء مؤيدون للفلسطينيين يحتلون باحة في جامعة برلين الحرة
- الأردن: إسرائيل احتلت معبر رفح بدلا من إعطاء فرصة للمفاوضات ...
- باتروشيف: ماكرون رئيس فاشل
- روسيا.. الكشف عن موعد بدء الاختبارات على سفينة صاروخية كاسحة ...
- الإعلام العبري يتساءل: لماذا تسلح مصر نفسها عسكريا بهذا الكم ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سلمان النقاش - صباح النزاهة