أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمود يوسف بكير - أرخص إنسان على وجه الأرض














المزيد.....

أرخص إنسان على وجه الأرض


محمود يوسف بكير

الحوار المتمدن-العدد: 3591 - 2011 / 12 / 29 - 22:55
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


إن معركة دعاة الحرية والكرامة والعدل في سوريا واليمن ومصر وغيرها من الدول العربية وحتى غير العربية ليست مع الحكام بقدر ما هي مع الأغلبية الصامتة التي تتوخى الأمن والسلامة والاستقرار من خلال إتباعها أسلوب الخلاص الفردي وعدم الاهتمام بالشأن العام.

البعض ينعت هذه الأغلبية بالجهل وموالاة الحاكم المستبد واللامبالاة بحاضر ومستقبل الوطن، وفي تقديري أن هذه الأغلبية مظلومة وتحتاج إلى شئ من التنوير والتشجيع كي تظهر مشاعرها الحقيقية تجاه الحاكم المستبد والفاسد والدليل على صحة ما أقول تجسده سياسات الحكام العرب في التضييق على كل أشكال حرية التعبير والتظاهر السلمي وحملات التضليل والتخويف والحصار وحتى التجويع التي يبثها الإعلام الرسمي لضمان خضوع هذه الأغلبية الصامتة بشكل دائم حيث يستمد النظام شرعية مزيفة من جراء صمتها ويتبجح بهذا أمام العالم كله وما يحدث في سوريا خير دليل على هذا، ويتكرر نفس المشهد في اليمن ومصر وغيرها بدرجات متفاوتة.

التمييز بين الحق والباطل وبين الأبيض والأسود لا يحتاج إلى عالم ذرة ولكن عندما يملأنا الخوف والحرص على السلامة الشخصية عند المواقف الحاسمة فإن الأغلبية تميل إلى الوقوف في المنطقة الرمادية في انتظار اتضاح الرؤية أو من يأخذ بيدها ويشجعها على اتخاذ موقف حاسم ولا يحتاج الأمر إلى كثير من الجدل للإقرار بأن نجاح الثورات العربية لم يكن ليستغرق كل هذا الوقت وهذه التضحيات لو أن هذه الأغلبية الصامتة خرجت عن صمتها وأتيح لها أن تتظاهر بحرية للتعبير عن رأيها الحقيقي في حكامها بعيداً عن أساليب الإرهاب الفكري والمعنوي والقتل والتعذيب التي تمارسها الأجهزة العسكرية والأمنية والمخابراتية في الدول العربية.

لا أشك لحظة في أن الأغلبية الصامتة ذات فطرة سليمة وأنها غير سعيدة بما آلت إليه الأوضاع في بلادها في ظل أنظمة الحكم المستبدة والفاسدة ولكنه الخوف وحملات التخويف والتضليل التي يمارسها الحكام وأجهزة الإعلام عليهم ليل نهار حتى أصبحت هذه الأغلبية تألف الظلم والفساد الذي أصبح حقيقة يومية تتعايش معه دون ضجر أو شكوى علنية وتنسى هذه الأغلبية أنه كما أن الله سوف يحاسبنا على ظلمنا للعباد فإنه سوف يحاسبنا أيضاً على استكانتنا وخضوعنا وخوفنا من إبداء أي نوع من المقاومة للظلم.

إن شهداء وأبطال الثورات العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا يضحون بأنفسهم واستقرارهم وسلامتهم الشخصية ويخلفون الأسى والألم والحزن لأسرهم من بعدهم ليس من أجل مصلحتهم الشخصية ولكن من أجلك أنت ومن أجل أجيال المستقبل، إنها معركة طويلة وشرسة بين النور والظلام وبين الضمير الحي والضمير النائم لأن الضمير لا يموت أبداً.

على كل قوى المعارضة في سوريا واليمن ومصر ألا تنسى أن معركتها الحقيقية ليست مع الأسد أو عبد الله صالح أو بقايا نظام مبارك ولكنها مع هذه الأغلبية الصامتة التي ينبغي تشجيعها وتنويرها للانضمام للثورة من أجل إقامة مجتمع جديد يقوم على الحرية والعدالة واحترام آدمية الإنسان. لن تنجح أي ثورة في أي من هذه الدول من خلال دهاليز جامعة الأوهام العربية التي لن نمل من القول أنها جامعة أنظمة وليس جامعة شعوب أو حتى من خلال قرارات الأمم المتحدة أو ما يسمى بالضغوط والانتفاخات الغربية. إن سر بقاء هذه الأنظمة الديكتاتورية يكمن في قدرتها على السيطرة على هذه الأغلبية التي تربت على الخوف وتعاني في صمت طوال عقود طويلة وبالنتيجة فإن مفتاح النجاح لأي ثورة يتمثل في القدرة على تحريك هذه الكتلة الساكنة وتحويلها إلى طاقة إيجابية مثلما حدث في مصر في بداية ثورتها (في البداية فقط للأسف)

إن معركة إيقاظ الضمائر النائمة والغافلة تبدأ مع هؤلاء الصامتين (وحتى غير الصامتين مثل الإخوة الشبيحة في سوريا) من خلال حملات تنوير تبدأ بطرح أسئلة بسيطة ومباشرة من خلال المناقشات والمقالات والحملات الإعلامية على الانترنت والمنشورات مثل:

• هل تنام مرتاح البال وأنت ترى أبناء وبنات بلدك يقتلون ويضربون ويسحلون ويمتهنون لمجرد مطالبتهم بشكل سلمي بكل ما من شأنه أن ينقي البلد من الاستبداد والفساد؟

• هل تشعر حقاً إنك إنسان حر وتستطيع أن تتحدث بما تشاء دون خوف كما هو حال أخيك الإنسان في أوروبا وأمريكا مثلاً؟

• ما هي أرخص سلعة في بلادنا؟ وهل يوجد ما هو أرخص من الدم العربي؟ إذا كنت لا تعرف الإجابة فانظر إلى ما يحدث في سوريا واليمن من سفك للدماء تحت أنظار العالم دون أن يتحرك أحد وتوقف الجميع عند مرحلة الإدانة.

• هل المطالبة بحق مساءلة الحاكم وخضوعه لإرادة الشعب غير مفيدة والأفضل منها أن يدير الحاكم البلاد وكأنها عزبة أو إقطاعية ورثها عن أبيه ونكتفي نحن "المواطنون"بلعب دور الفرجة على الحكام وزمرتهم وهو ينهبون ويسلبون ويظلمون ويضيعون مستقبل الأوطان؟

ولعلنا نختم بواقعة من تاريخنا نهديها إلى الحكام العرب حيث كتب أحد الولاة إلى الخليفة عمر بن عبد العزيز يطلب منه مالاً كثيراً ليبني سور حول عاصمة الولاية التي يحكمها لتحصينها ضد أي ثورة محتملة، فأجابه عمر "ماذا تنفع الأسوار؟ حصنها بالعدل ونقي طرقها من الظلم" .

وهذا هو المعنى الهام الذي نود أن نهمس به في آذان الأسد وصالح والطنطاوي وغيرهم من المستبدين في عالمنا العربي المنكوب الذي يوجد به الآن من هو مستعد لبيع ضميره مقابل سيجارة أو بضع دراهم بعد أن أذلهم الفقر والظلم والامتهان. ندعو الله ألا تضيع هذه اللحظة النادرة في تاريخ الشعوب العربية كي تسترد بلادها وحريتها وكرامتها.



#محمود_يوسف_بكير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة المصرية والرقص على السلم
- مصر ما بين فقدان الذاكرة وعدم الوعي
- العسكري يقود مصر إلى الخراب
- أردوغان يفجع الأحزاب الإسلامية في العالم العربي
- من مفارقات الرؤساء العرب
- ثورات الشعوب تكشف عورة النظام العربي
- رسالة قصيرة إلى الأغبياء الثلاثة
- مبروك يا أسد
- ماذا يريد المجلس الأعلى للجيش المصري؟
- من أخطر ما يهدد الثورة
- هل تتحول مصر إلى دولة دينية؟
- نصيحة هامة ومخلصة للمجلس العسكري الحاكم في مصر
- عندما يهرج الأسد
- الشيخ القرضاوي والشيعة
- كيف نضمن نجاح ثورات الشعوب العربية
- أنا حر إذاً أنا موجود
- قم يا مصري من أجل كل عربي
- ماذا يريد البابا شنودة؟
- لن ننسى أيها الطغاة
- الدين والاستبداد والثورة


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمود يوسف بكير - أرخص إنسان على وجه الأرض