أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - -منتدى المستقبل- خطوة على طريق -الشرق الأوسط الكبير-















المزيد.....

-منتدى المستقبل- خطوة على طريق -الشرق الأوسط الكبير-


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1055 - 2004 / 12 / 22 - 09:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-
لدغة الثعبان الأسطوري

عُقد في مدينة الرباط في 11/12/2004 ما أطلق عليه "منتدى المستقبل" تأدباً واحتراماً لمشاعر العرب الخائفين المشاركين في هذا التجمع. فلم تشأ أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي والدول الصناعية الكبرى الثماني G8 أن ترعب العرب أكثر فأكثر بأن تطلق على هذا التجمع "خطة الاصلاح السياسي في الشرق الأوسط" وهذه هي حقيقة هذا التجمع، لأن الإصلاح الخارجي أصبح كالثعبان الأسطوري المخيف للأنظمة العربية بحيث أصبحت هذه الأنظمة تخشى من الحبال لخشيتها الكبيرة من هذا الثعبان الأسطوري، أو تطلق عليه "الطريق إلى خلاص الشرق الأوسط"، وهذا هو هدف هذا التجمع. أو تطلق عليه " الدرس المفيد للحاكم الرشيد"، وهو خلاصة ما يريد أن يحققه هذا التجمع.

لقد كان العالم ممثلاً بأمريكا وأوروبا والدول الصناعية الكبرى الثماني يُداري العرب في هذا "المنتدى" مُداراة الكبار للصغار. فاستجاب هذا العالم للعرب بعدم دعوة اسرائيل لهذا "المنتدى" حتى لا يكون حضورها حجة لبعضهم لعدم المشاركة. وهو انكار لحقيقة سياسية قائمة اعترفنا بها ضمناً وصراحةً واعترف بها العالم، ورغم هذا لم تشارك السودان وإيران وباكستان. فكيف يمكن لهذا "المنتدى" الذي يلعب فيه الاقتصاد الدور الأهم أن لا تشارك فيه إسرائيل أقوى دولة اقتصادية وصناعية في المنطقة والتي يساوي دخلها القومي دخل مصر وسوريا والعراق والأردن ولبنان مجتمعين، ويبلغ متوسط دخل الفرد السنوي أعلى دخل فرد في المنطقة وهو 17 ألف دولار سنوياً، كما قال تقرير مجلة "الايكونومست" السنوي؟

وزيادة في طمأنة العالم العربي وتهدئة مخاوفة من لدغة الثعبان الأسطوري والمتخيّل فقد اقتبس بيان "المنتدى" أفكاراً من "بيان تونس" الصادر في أعقاب القمة العربية الأخيرة في أيار /مايو2004 والتي شددت على ضرورة دفع قطار الإصلاحات في العالم العربي، وهو القطار الذي لا سكة له، والذي صدأت وتآكلت عرباته، مثله مثل قطار "الخط الحديدي الحجازي العثماني" الذي كان يربط المدينة المنورة بدمشق، وأصبح الآن أثراً بعد عين!



-2-


الرُعب الإصلاحي

بلغ خوف العرب من الرُعب الإصلاحي أكثر من خوف الغرب السابق من الرُعب النووي، أثناء الحرب الباردة.

وبلغ من تدليل العالم للعالم العربي ومداراته و(أخذه على قَدِ عقله) أن نجحت البلدان العربية مدعومة بالمشاركين الأوروبيين وفي مقدمهم فرنسا (الحبيبة) في استبعاد فكرة إقامة حوار مباشر بين الحكومات والمجتمع المدني.

وبلغ رعب العالم العربي وخوفه من هذا الثعبان الأسطوري المتخيل أن تم تلفيق أعمال "المنتدى" تلفيقاً، حيث لم تستغرق فعالياته أكثر من سويعات، وكأن الغرب قد أدرك أن الشرق الأوسط قلق من هذا المؤتمر، وكأن الريح تحته كما صوّر هذا الحال قبل ألف عام شاعرنا الخالد المتنبي. وكانت الريح هنا هي الرُعب الإصلاحي سواء من الداخل أم من الخارج.

فالعرب عندما يؤكدون على "الإصلاح من الداخل فقط"، فهم بذلك يستبعدون الإصلاح الخارجي المحتوم، ولا يتوقعون الإصلاح الداخلي المعدوم، وبذا لن يتم اصلاح لا من الداخل ولا من الخارج، وتبقى الموميات العربية هي الباقيات الصالحات!

وبلغ رعب العالم العربي وخوفه على نفسه من أن يلتهمه هذا الثعبان الأسطوري أن كتبت صحيفة "التجديد" الناطقة باسم "حزب العدالة والتنمية" المغربي تقول: "نقف اليوم على شكل جديد من الاستعمار يتجاوز استعمار البلدان الى استعمار المجتمع المدني".

كما بلغ رعب العالم العربي وخوفه على نفسه من أن يلتهمه هذا الثعبان الأسطوري أن جالت في شوارع الرباط مظاهرات الإسلامويين من "حزب العدالة والتنمية" المغربي والعروبيين تصرخ : "منتدى المستقبل مؤامرة أميركية"، و"المنتدى المهزلة"، و"منتدى الخونة"، قبل أن ينعقد "المنتدى" وقبل أن يعرف هؤلاء المتظاهرون مقرراته، رغم أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية هيرفيه لادسو (وفرنسا هي صاحبة الكلمة الغربية الوحيدة المسموعة الآن في العالم العربي) قال: "إن أوروبا مستعدة تماماً من خلال التوجهات التي صادقت عليها في برنامجها للشراكة الاستراتيجية في المتوسط والشرق الاوسط سعياً وراء أفضل تكييف لآليات الشراكة والتعاون". وقال لادسو إن الهدف من هذا "المنتدى" هو أن "يكون إطاراً للإصغاء لما تحتاج إليه المنطقة، والسهر على أن تستجيب جهودنا الجماعية لهذه الحاجة".

-3-


الهامبورجر مؤامرة أمريكية

إذن، لماذا كان هذا "المنتدى" "مؤامرة أمريكية"، و "منتدى للخونة"، كما قالت الحناجر والمحابر؟

لقد صدق الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" المغربي سعد العثماني في مسألة واحدة، وهي أن هذا "المنتدى" – كما قال - دعوة أمريكية إلى اصلاحات ديمقراطية في العالم العربي، وما هذه إلا بدافع المصلحة الخاصة، وهذا صحيح. فمن مصلحة أمريكا والغرب عموماً أن يكون الشرق الأوسط عبارة عن بحيرة هادئة وآمنة، يتدفق منها البترول مدفوع الثمن، لا مسروقاً ولا محتكراً بيسر وسهولة إلى الغرب. ومن حق أمريكا ومن حق الغرب أن يدافعوا عن هذه المنطقة دفاع المستميت حتى لا تسقط الثروة البترولية الشرق أوسطية بيد الديكتاتوريين وبيد الدول التوتاليتارية التي يعلن فيها "الزعماء" عن اشعال الحروب وعن انتهائها، دون الرجوع إلى المؤسسات الدستورية، وبقرارات شخصية تستند إلى الأحلام والأخيلة ورؤى السحرة والمشعوذين السياسيين.

لقد أصبح كل ما يأتينا من الغرب مؤامرة، نحن معشر المسكونين بعقلية المؤامرة، ونخشى غداً أن نعتبر أكل الهامبورجر مؤامرة أمريكية، واستعمال العطر الفرنسي مؤامرة فرنسية، وارتداء الصوف الانجليزي مؤامرة بريطانية، وركوب سيارات المرسيدس مؤامرة المانية .. الخ.

-4-

هل أصبحنا "أمة الفرص الضائعة"؟

ركّز بيان "المنتدى" الختامي الذي كرّس الأفكار الأميركية في شأن تحديث العالم العربي والشرق الأوسط في خطاب الرئيس بوش في نيسان /أبريل 2004 وصولاً إلى قمة البلدان الصناعية الثمانية الكبرى في "سي أيلاند" في الولايات المتحدة في حزيران/يونيو 2004 والتي دعي إلى المشاركة في قسم منها زعماء كل من الجزائر والبحرين والأردن وتركيا وأفغانستان واليمن والعراق.. ركز البيان الختامي لـ "المنتدى" على ثلاثة محاور رئيسية هي: أولاً، تعزيز الديموقراطية والادارة الرشيدة. وثانياً ، تركيز مجتمع المعرفة. وثالثاً، تعزيز فرص القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية. وكان المقصود في المحور الأول هو تشجيع إجراء انتخابات حرة، وإنشاء مراكز لتدريب النساء على الانخراط في العمليات الانتخابية، والعمل في المنظمات الأهلية، ودعم الصحافة الحرة وتشجيع حملات مكافحة الفساد الذي اعتبره البنك الدولي "العقبة الرئيسية أمام التنمية"، اضافة إلى تقديم مساعدات فنية ومالية لمنظمات المجتمع المدني وهيئات غير حكومية في مجال حقوق الانسان.

وتضمنت الأوراق التمهيدية للمنتدى مشاريع محددة في المحور الثاني تعلقت خصوصاً بتدريب مئة ألف مدرس في المنطقة العربية وتركيا وأفغانستان حتى عام 2009، والعمل على خفض نسبة الأميين (80 مليون أمي) في المنطقة الى النصف في غضون السنوات الخمس المقبلة، وتعليم 20 مليون شخص اضافي في غضون عشر سنوات، وتسهيل الحصول على أجهزة الكومبيوتر والتواصل مع شبكة الانترنت ودعم ترجمة الكتب الأجنبية الرئيسية الى العربية. وتعهدت كل من الجزائر وأفغانستان قيادة المسار المتعلق بنشر التعليم.

أما في المحور الثالث المتعلق بتوسيع الفرص الاقتصادية، فركزت الأوراق على تطوير المشاريع الصغيرة عبر قروض وإنشاء مصرف متخصص بهذا القطاع. ويرمي المشروع الى اقامة مليوني وحدة انتاجية صغيرة في غضون خمس سنوات. ورأى بعض الأعضاء أن بلداناً غنية في المنطقة اضافة الى بلدان من مجموعة الدول الثماني يمكن أن يُعهد لها المساهمة في رأس مال المصرف المنوي انشاؤه لتمويل تلك الوحدات. وتعهد الأردن اقامة مركز لتدريب أصحاب المشاريع الصغيرة، فيما التزم اليمن اطلاق خطة نموذجية لهذا النوع من المشاريع.

هذه هي "المؤامرة الغربية الكبرى" التي تمت في "منتدى المستقبل" في الرباط كما قال المتظاهرون من الإسلامويين والعروبويين. ولعل هذه التوصيات كانت من صلب أهداف مشروع "الشرق الأوسط الكبير" الذي أصبح الآن على ما يبدو حتمياً، والذي نادى من قبل بتحقيق الخطوات التالية في "الشرق الأوسط الكبير" :

تشجيع الديموقراطية والحكم الصالح، ورعاية الانتخابات الحرة وتقديم المساعدات التقنية لها، واقامة معاهد للتدريب على القيادة الادارية والسياسية خاصة بالنساء، وبناء مجتمع معرفي، وتوسيع الفرص الاقتصادية، ورعاية وسائل الاعلام المستقلة وذلك عن طريق زيارات متبادلة للصحافيين في وسائل الاعلام المطبوعة والاذاعية، ورعاية برامج تدريب لصحافيين مستقلين، وتقديم زمالات دراسية للطلاب لكي يداوموا في مدارس للصحافة في المنطقة أو خارج البلاد، وتمويل برامج لايفاد صحافيين أو أساتذة صحافة لتنظيم ندوات تدريب بشأن قضايا مثل تغطية الانتخابات أو قضاء فصل دراسي في التدريس في مدارس بالمنطقة، وبذل الجهود المتعلقة بالشفافية ومكافحة الفساد، وزيادة التمويل المباشر للمنظمات المهتمة بالديموقراطية وحقوق الانسان ووسائل الإعلام والنساء وغيرها من المنظمات غير الحكومية في المنطقة، وإصلاح التعليم، وتحديث الخدمات المصرفية، وتقديم وتحسين وتوسيع الوسائل المالية الداعمة لاقتصاد السوق، وإنشاء الهياكل التنظيمية الداعمة لإطلاق حرية الخدمات المالية، والانضمام والتنفيذ على صعيد منظمة التجارة الدولية وتسهيل التجارة.

وهذه كلها هي الثعابين الأسطورية التي تخيف العرب، والتي يطلق عليها الإسلامويون والعروبيون "المؤامرة الكبرى"، و "الخيانة العظمى"، و "الاستعمار الجديد".

فمتى تأتي ساعة الرُشد لقوم يعقلون، حتى لا تضيع هذه الفرصة كما ضاعت فرص كثيرة ماضية ندمنا عليها، بحيث أُطلق علينا: "أمة الفرص الضائعة" ؟



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحن والغرب: الشركاء الأعداء
- المثقفون والطغيان في المؤتمر الثالث للفكر العربي
- الواقع العربي المرير وأسئلته
- الانتخابات العراقية بين كفر المقاطعة ومعصية الاشتراك
- بشائر مؤتمر شرم الشيخ
- إنفلاج الصُبح في الفلّوجة
- هل يُصبح محمود عباس -غاندي فلسطين-؟
- نجاح -الجمهوريين- انتصار لمشروع التغيير العربي؟
- 3000 توقيع على (البيان الأممي ضد الإرهاب) ماذا تعني؟
- أسماء الدفعة الثانية من الموقعين على - البيان الأممي ضد الار ...
- أسماء الدفعة الأولى من الموقعين على (البيان الأممي ضد الارها ...
- خيبة العُربان والإرهابيين في الانتخابات الأمريكية
- الالتباس التاريخي في إشكالية الإسلام والحرية
- هل سيورّث عرفات سُهى الخلافة الفلسطينية
- لماذا كان -البيان الأممي ضد الارهاب- ولماذا جاء الآن؟
- العرب: جنون العظمة وعقدة الاضطهاد
- شارون وعرفات حليفان موضوعيان!
- ما هي مصلحة العرب من هزيمة الارهاب في العراق؟
- الانتخابات الأفغانية: خطوة الديمقراطية الأولى على طريق الألف ...
- الإجابة على سؤال: لماذا دولة -الرسول- و-الراشدين- لا تصلح لن ...


المزيد.....




- تابعة لإسبانيا..نظرة على وجهة استثنائية تقع وسط شمال إفريقيا ...
- خبير مصري يعلق على قبول -حماس- وقف إطلاق النار ورد الفعل الإ ...
- نحل الخلافات -خلف الأبواب المغلقة-.. الجيش الإسرائيلي يتحدث ...
- هجوم روسي واسع على منشآت الطاقة في أوكرانيا
- رسمياً.. جزر البهاما تعترف بدولة فلسطين
- بيستوريوس من نيويورك: لا ينبغي لبوتين أن يفلت بحربه العدواني ...
- قصة غامضة.. -آية- من البحر الأحمر تنقل جاك كوستو من أعماق ال ...
- رئيس الصين يهنئ فلاديمير بوتين بتوليه منصب رئيس روسيا
- مسبار Chang-e 6 الصيني يصل مدار القمر
- زيلينسكي يكشف عن محاور القتال -الأكثر سخونة-


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - -منتدى المستقبل- خطوة على طريق -الشرق الأوسط الكبير-