اوروبا تترنح امام الازمة الاقتصادية

جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 3558 - 2011 / 11 / 26 - 04:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بالرغم من كل المساعي الترقيعية، المكلفة مع ذلك، لا تزال غيوم الازمة المالية ـ الاقتصادية تتلبد في الاجواء الاوروبية، وتلوح في الافق نذر اتلتحول الى ازمة اجتماعية ـ سياسية، اقله في بلدان اطرافية وضعيفة كاليونان.
وفي الاسبوع الماضي وجهت بروكسل تهديدا لخمسة بلدان بسبب العجز. وقد تلقت تلك البلدان الاعضاء في الاتحاد الاوروبي تحذيرات خاصة من قبل المفوضية الاوروبية تدعوها فيها لاتخاذ اجراءات سريعة لتخفيض العجز في ميزانياتها. والا فهي مهددة بأن تفرض عليها غرامات. وقد تلقت التحذيرات كل من بلجكا، بولونيا، هنغاريا، قبرص ومالطا. وحسبما تقول المفوضية فإن هذه البلدان تواجه مشكلات جدية جدا في ميزانياتها.
ويقول مفوض شؤون العملات والمالية أولي رين ان هذه "الخماسية" عليها ان تقدم للمفوضية تقريرا عن التدابير التي تزمع اتخاذها قبل 15 كانون الاول 2011. والهدف الاساسي للاجراءات هو تخفيض العجز الى ما دون 3% خلال سنة 2012. وبعد 15 كانون الاول 2011 سيدخل في التطبيق تنظيم مالي جديد اكثر تشددا، وهو يتناول نظام الادارة في البلدان الاعضاء في الاتحاد الاوروبي. والمخالفون للقواعد الجديدة تنتظرهم غرامات مريرة.
وفي الوقت نفسه اعلنت المستشارة الالمانية انجيلا ميركيل من جديد عن موقفها المعارض للافكار المؤيدة لزيادة مشاركة البنك المركزي الاوروبي في السيطرة على ازمة الديون في منطقة اليورو. وعبرت ميركيل عن عدم موافقتها على الافكار الصادرة من جانب المفوضية الاوروبية حول اصدار سندات اوروبية عامة.
وتقول ميركيل ان اوروبا لا ينبغي لها ان تجري اي تغييرات فيما يخص استقلالية البنك المركزي الاوروبي، ولا ينبغي ان تجري اي تغييرات فيما يخص فترة تفويض البنك المركزي، حسبما جاء في تصريح ميركيل امام البوندستاغ خلال مناقشة الميزانية. وكان رأيها حازما في ان المهمة الموضوعة امام البنك المركزي هي العناية بالاستقرار المالي والاسعاري في منطقة اليورو. وحسب كلماتها فإن الاقتراحات المنتظرة من جانب المفوضية الاوروبية والمتعلقة بالافكار حول اصدار سندات اوروبية عامة هي غير مؤاتية في الوقت الراهن، اذ ان من شأنها ايجاد انطباع حول المشاركة في حمل عبء الديون فيما بين الدول الاعضاء في منطقة اليورو. وحسب رأي ميركيل فإن هذه الاقتراحات لن يجري تفعيلها، اما الثقة في منطقة اليورو فيمكن استعادتها فقط من خلال ادخال تعديلات على الاتفاق الاوروبي.


وفي هذا الوقت قام مفوض الاغذية والصحة في الاتحاد الاوروبي جون دالي بعرض 12 اجراء جديدا ستتخذها مفوضيته لاجل المحافظة على صحة الاوروبيين.
وقد جاء في اعلان خاص من قبل المفوضية الاوروبية بأن حوالى 25000 اوروبي يموتون سنويا بسبب مقاومة الاجسام للادوية غير الملائمة. ولهذا السبب اعدت المفوضية خطة عمل ضد هذه الظاهرة. وتقترح الخطة القيام بـ12 فعالية محددة خلال الخمس السنوات القادمة. ويشير التقرير الخاص بهذا الموضوع ان التكاليف الناتجة عن العناية الطبية الضائعة وفقدان اليد العاملة المنتجة بلغت اكثر من 1،5 مليار يورو.
ولا تزال مسألة مقاومة الالاجسام للادوية المضادة للمكروبات احدى المسائل الصحية الهامة في الاتحاد الاوروبي. وحسب تقدير المفوضة الاوروبية للابحاث والابتكارات مويرا غيغين ـ كوين فإن صناعة الجيل التالي من مضادات الحيوية سيكون ذا اهمية حاسمة.
ومن جهة اخرى عبر احد المعارضين البريطانيين للاتحاد الاوروبي عن رأيه بأن قادة المفوضية الاوروبية ينبغي عليهم ان يدفعوا ثمن الازمة في منطقة اليورو.
ان سياسة المفوضية الاوروبية هي التي ادت الى الازمة المالية ـ الاقتصادية الحالية في منطقة اليورو، وينبغي على قادة المفوضية ن يتحملوا المسؤولية. هذا ما جاء على لسان النائب في البرلمان الاوروبي، المعارض المعروف للاتحاد الاوروبي والمندوب عن حزب الاستقلال في بريطانيا نايجيل فرج. والمعروف عن فرج توجيهه انتقادات لاذعة لزملائه في البرلمان الاوروبي، وفي السنة الماضية لم يتورع عن تسمية رئيس المجلس الاوروبي هيرمان فان رومبوي بأنه "خرقة". وقد صوب الان سهامه نحو باروزو و أولي رين. وخلال دورة البرلمان الاوروبي المنعقدة في ستراسبورغ، التفت هذا النائب البريطاني في البرلمان الاوروبي نحو رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو والمفوض للمسائل الاقتصادية والعملوية أولي رين وقال لهما "انتما ملزمان بأن تتحملا مسؤولية ما فعلتما، وانتما ينبغي طردكما".
وكان باروزو نفسه قد اعترف قبلا ان منطقة اليورو تعاني ازمة نظام بنيوية، وهو ما يتطلب مشاركة قوية من قبل جميع البلدان. وقال باروزو مؤكدا: "ان منطقة اليورو التي تضم سبعة عشر عضوا قد دخلت في مرحلة، يمكن اعتبارها مرحلة حرجة في ازمة المديونية، بعد ان اصبحت فرنسا، التي تمتلك ثاني اكبر اقتصاد في الاقليم، عرضة لضغط شديد من الاسواق".
وقال رئيس المفوضية الاوروبية "لقد اصبحنا اليوم نواجه ازمة نظام حقيقية، مما يتطلب منا جميعا التزاما اقوى بكثير واتخاذ تدابير اهم بكثير". واضاف انه من الضروري تحقيق اندماج اعمق بين الدول الـ17 الاعضاء في منطقة اليورو بدون ان يؤدي ذلك الى وضع الدول الـ10 الاخرى الاعضاء في الاتحاد الاوروبي في وضع غير ملائم. وتابع بارزو القول ان الاجراءات الجديدة لتشديد الرقابة على ميزانيات الدول الاعضاء في منطقة اليورو والتوصل الى الاهداف الاقتصادية المرجوة سوف تدخل في العمل في الشهر القادم في اقرب تقدير.
وفي اليونان التي تعاني ازمة مالية مستعصية ادت الى تبديل حكومة باباندريو، تعرض لحمى سياسية الحزبان القائدان في الحياة السياسية للبلاد وهما الحزب الاشتراكي ( ب ا س و ك ) والحزب المحافظ "الدمقراطية الجديدة"، حسبما كتبت جريدة "تا نيا". وقد اعتبر بعض القادة البارزين ونواب الحزب الاشتراكي ان استقالة رئيس حزبهم غيورغيوس باباندرييو من منصب رئيس الوزراء تدشن بداية مرحلة جديدة لحزب باسوك وبداية حوار، يؤدي الى عقد مؤتمر للحزب وانتخاب هيئات قيادية جديدة.
وهؤلاء القادة انفسهم هم في مرحلة التحضير لمبادرات جديدة والقيام بتغييرات في حزب باسوك. ويحدث ذلك في وقت يذيع فيه باباندريو في كل مكان انه سوف يعمل بجد وانه مصمم على البقاء في مركزه القيادي في الحزب.
والى جانب التذمرات في صفوف الاشتراكيين، الممثلين في البرلمان والحكومة، فقد نظم 101 من نشطاء حزب باسوك عريضة تدين السياسة التي كانت متبعة في السنتين الاخيرتين، من قبل حكومة باباندريو، وعارضوا فيها حكومة باباندريو، وطالبوا باجراء انتخابات مبكرة. وينتمي هؤلاء النشطاء الى التنظيم الشبابي في باسوك، والى الحركة السياسية الجديدة في الحزب والمسماة "المبادرة السياسية للخروج من الازمة". ومن ضمن الموقعين على العريضة يوجد عدة اعضاء في المجلس الوطني لحزب باسوك ومن هيئات اخرى في الحزب. ويعتبر القائد غير الرسمي لهؤلاء الاعضاء المعارضين عضو المجلس السياسي للحزب ديميتريس ساكيلاريس.
وفي الوقت ذاته فإن 14 نائبا اشتراكيا يطالبون بالغاء القانون الذي صوت عليه البرلمان والذي ينص على فرض ضريبة استثنائية على الاملاك العقارية. ولكن الزعيم الاشتراكي غيورغيوس باباندرييو يتهيأ لان يتدخل وان يقوم ببعض النشاطات المتعلقة بالوضع الخاص لحزب باسوك. وخلالافا للمعارضين فقد عبر عن تأييده للحكومة الجديدة برئاسة "باباديموس".
وفي الوقت ذاته فإن الحزب الاخر في البرلمان "الدمقراطية الجديدة" ليس موحد المواقف، ويحاول زعيمه اندونيس ساماراس ان يحافظ على التوازن وان يخفض التوتر في صفوف الحزب. وقد عبر عن عدم وحدة الحزب موقف النواب المحافظين المعتدلين الذين اتخذوا موقفا من عملية فصل سوتيريس حاجيغاكيس من الحزب قبل ايام، وكان الاخير قد اتهم رئيس الحزب اندونيس ساماراس بأنه حول الحزب الى "قزم".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل

#جورج_حداد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات