أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - القفزة الجديدة لصناعة التسلح الروسية















المزيد.....

القفزة الجديدة لصناعة التسلح الروسية


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 3451 - 2011 / 8 / 9 - 18:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في السنوات الاخيرة تسمع باستمرار انتقادات موجهة الى المجمع الصناعي الحربي الروسي تتمحور حول: الفساد، رفع اسعار المنتوجات، عدم القدرة على ابتكار وتنفيذ نماذج اسلحة معاصرة، تستجيب للتهديدات الواقعية للامن القومي لروسيا. ولا تسثني الانتقادات وزارة الدفاع، التي تتهم بتقليص عديد الجيوش، وبالاخلال بتنظيم القطاعات؛ وتتهم خصوصا بتجديد التكنولوجيا القديمة، بدلا من شراء تكنولوجيا جديدة واعدة، وبالسياسة المتبعة لعقد الصفقات الخارجية. ولنحاول في ما يلي ان نرى كم هي مبررة تلك الانتقادات وغيرها، مستندين الى الارقام والوقائع الدامغة المتعلقة بالمشاريع التي يجري تحقيقها في المرحلة الراهنة في المجمع الصناعي الحربي.
ان الضعف المتواصل للقدرات الدفاعية لروسيا هو موضوع بحث دائم في وسائل الاعلام وفي المجتمع الروسي. قبل استلام وزير الدفاع الحالي اناتولي سيرديوكوف لمنصبه الوزاري، كان يجري الحديث على نطاق واسع عن لاجدوى الاهتمام بتطوير القوات الستراتيجية النووية وعن التخفيض التام لباقي قطاعات الجيش الروسي. واليوم تضاف الى مواضيع الانتقادات مسألة تقويض البنى القيادية في الوحدات والقطعات العسكرية، التي يستدعيها الاصلاح الجديد في الجيش. وكلازمة دائمة لهذه الانتقادات تسمع باستمرار الادعاءات حول المجمع الصناعي الحربي بأنه: غير قادر على ابتكار نماذج من التكنولوجيا الحربية ذات قدرة تزاحمية ووضع تلك النماذج في الانتاج المكثف في فترات زمنية مقبولة.
اذا لم ندخل في التفاصيل ونظرنا بعين المراقب العادي، سنجد بالفعل أنه بالرغم من الزيادة السنوية للميزانية الحربية فإن تجارب الصواريخ لا تزال تفشل في تحقيق اهدافها، ولا تزال تتكرر حوادث سقوط الطائرات المطاردة، ولا يزال يتم شراء التكنولوجيا المعقدة من الخارج. ولكن لكي ندرك كم هي هذه العمليات المنظورة انعكاس للسياسة المتبعة حاليا، ينبغي ان نلقي نظرة على تاريخ العلوم والصناعة العسكرية في السنوات العشرين الاخيرة. فبعد انهيار الاتحاد السوفياتي في تسعينات القرن الماضي، فإن الصناعة الروسية بمجملها، بما فيها الصناعة الحربية، تم تخريبها. ولم يستثن من ذلك سوى: صناعة النفط والغاز، والصناعة المنجمية، وصناعة المواد الغذائية. ومن اصل 24000 مؤسسة كانت تصنع المنتوجات العسكرية او المنتوجات ذات الاستخدام المزدوج، لم تسلم سوى 1200 مؤسسة. وحتى هذه القلة من المصانع والمعامل، كانت تفتقر الى التمويل، ولم تتطور لا تكنولوجيا ولا فكريا. وفي حين كانت هذه المؤسسات تراوح مكانها، فإن التكنولوجيات الحربية في البلدان المتطورة تقدمت اشواطا الى الامام. ومن اصل 5600 مركز للابحاث العلمية والعلمية العسكرية السرية، كانت تعمل في السابق، لم يتبق سوى 677 مركزا تفتقد الى التجهيزات الكاملة والى الاختصاصيين الكفوئين والى القاعدة المادية ـ التكنولوجية المعاصرة. ومن اصل 126000 اختصاصي من الدرجة А1-А3 (حسب تصنيف منظمة العمل الدولية) كانوا يعملون في الصناعة الحربية الروسية (وليس في الاتحاد السوفياتي السابق كله)، فإن 102000 منهم اي اكثر من 80% انتقلوا للعمل في الخارج. وليس في نيتهم العودة، لاسباب عديدية اهمها الارتباط بعقود عمل طويلة الاجل في مؤسسات الصناعات الحربية في البلدان الاجنبية.
وفي مؤتمر صحفي سابق حول الامن القومي، صرح وليام فوكينغ، مسؤول التعاون الدولي في حقل التكنولوجيا العسكرية في البنتاغون: "ان الترسانة الدفاعية للروس لم يبق منها حسب تقديراتنا اكثر من 6%. واذا استمرت الاتجاهات القائمة حاليا فلن يبق منها بعد خمس سنوات الا 0%".
وفي سنة 1999 بلغت ميزانية الدفاع الروسية لا اكثر من 3،8 مليار دولار ـ وهو مبلغ يتم انفاقه اليوم على لواءين من القوات البرية. اما النفقات على الابحاث العلمية العسكرية فظلت لعدة سنوات مساوية للصفر. وبطبيعة الحال فإن نظاما تم بناؤه خلال نصف قرن، وجرى تخريبه بنسبة 100%، لا يمكن اعادته الى ما كان عليه من جديد في بضع سنوات فقط بواسطة التوظيفات الاولية والارادة السياسية؟ ولا نتحدث هنا عن تعويض الوقت الضائع في حقل التطور التكنولوجي. وكل شخص مطلع وحصيف التفكير سيقول ان هذا مستحيل. يوجد في التاريخ العالمي مثال واحد فقط على مثل هذه الاعجوبة، الا وهو مثال التصنيع في عهد ستالين في روسيا السوفياتية. ولكن ذلك الانجاز قد تحقق بالترافق مع استخدام العنف الجماعي حيال الشعب. اما اليوم، في ظل ظروف الدمقراطية وحقوق الانسان، فهناك طريق واحد للتحديث هو طريق التطور الارتقائي: عن طريق الاستخدام الفعال للموارد المالية والفكرية المتوفرة.
وفي السنوات العشر الاخيرة فإن القيادة الروسية، التي ورثت الانقاض من عهد يلتسين، تعمل لان تبني من جديد هيكلية الصناعة العسكرية، بتراتبية واضحة للمراكز العلمية، الانشائية والانتاجية. ولكن ليس بطبيعة الحال بالمقدار السوفياتي، وليس في كل الفروع. ولكن مُـعامل القدرة الدفاعية لروسيا اليوم، حسب تصنيف المجلة الاميركية المختصة Defence Review قد نما من معدل 12،4 (المرتبة 46 في العالم) الى معدل 49،8 (المرتبة العالمية السادسة).
وخلال الاحدى عشرة سنة المنصرمة نمت الطلبيات العسكرية بمقدار 5600%. وفي مجرى هذه المرحلة ادخلت في ربع المعاهد العليا الروسية مناهج تعليمية خاصة، وضعتها لجنة عسكرية تقنية تابعة لوزارة الدفاع الروسية. وفي المراكز العلمية الطليعية، التي حافظت الى درجة معينة على قدراتها وكوادرها، فإن اجور المتعاونين قد تضاعفت عدة مرات. وعلى سبيل المثال فإن متوسط الاجر لمهندس في مكتب للانشاءات البحرية في بتروغراد يبلغ 55000 روبل، اما المؤسسات العلمية للصواريخ في موسكو، فإن متوسط الاجر فيها يبلغ 70000 روبل (اكثر من 2500 دولار). وبالرغم من الهجرة التي لا سابق لها للادمغة الى البلدان الاجنبية، فقد جرت اعادة بناء التكنولوجيات وانشاء انواع جديدة، تستجيب لمتطلبات الجيل الاخير (الخامس) من الانظمة التكنولوجية. وفي سنة 2011 تجاوزت قيمة الطلبيات العسكرية للدولة مبلغ 500 مليار روبل، وهو ما يضع روسيا في المرتبة الثالثة، بعد اميركا والصين، في القدرة الشرائية. اما برنامج اعادة تسليح الجيش حتى سنة 2020 فهو ينص على زيادة هذا المؤشر الى 1،2 تريليون روبل. ويدل ذلك ببساطة: ان التطور التجديدي والصناعي للبلاد يستند حسب رهانات الدولة على المجمع الصناعي الحربي بوصفه القطاع الذي يمتلك اكبر القدرات لتحقيق القفزة التكنولوجية.
وفي الفروع التي تتخلف فيها روسيا تخلفا ميؤوسا منه، كالكترونيات الكومبيوتر، وانظمة الادارة والاتصالات، والكيبرترونيكا، وتقنية الروبوتات، فإن وزارة الدفاع تقوم بشراء التكنولوجيا المطلوبة من الخارج. ومع ذلك فإن سفينة الانزال والقيادة البحرية من طراز "ميسترال" فقد تم شراؤها من اجل الحصول لاحقا على السفينة Zenith-9 المعترف بها بأنها السفينة المستقبلية، والتي تتمتع بنظام قيادة وتسلح هو الافضل في حلف الناتو. وقد ادى الحصول عليها الى حدوث معارضة شديدة من قبل جميع حلفاء فرنسا في الناتو. وقد سلمت شركة DCNS السفينة مع كل الوثائق التكنولوجية الخاصة بها، مما يسمح بالنسخ الكامل لتكنولوجيات السفينة بما في ذلك الكودات القتالية الخاصة بقيادتها. وهذا ما سيسمح في المستقبل لشغل وانتاج انظمة معاصرة فعالة للاسطول الحربي الروسي. ولكن تنبغي الاشارة ان التكنولوجيات المستوردة لا تتجاوز 10 ـ 15% من حجم التسلح. اما الاسلحة والتكنولوجيات التي يتم انتاجها في المؤسسات الروسية، فهي لا تقل في نوعيتها عن مثيلاتها الاجنبية، او هي تتفوق عليها.
وهناك 12 دولة تعمل على صنع الطائرة المطاردة من الجيل الخامس؛ ولكن دولتين فقط هما الولايات المتحدة وروسيا نجحتا في ذلك. والطائرة الصينية المماثلة لم تستطع فعليا ان تلبي المتطلبات الخاصة بالقوات الجوية الحربية من الجيل الخامس.
وخلال العملية التي قامت بها روسيا سنة 2008 لاجبار جورجيا على الالتزام بالسلام ووقف العدوان على اوسيتيا الجنوبية استخدم بنجاح الصاروخ عالي الدقة جو ـ ارض من طراز Х-59 "ستيرشل". وقد اصاب الهدف المحدد في الجزء الجنوبي من تبيليسي (تفليس) بدقة لا تتجاوز 3 امتار. وهذا الصاروخ دخل في دورة الانتاج التسلسلية ويتم تزويد الوحدات الحربية المختصة به مع القنبلة الموجهة بواسطة الاقمار الاصطناعية من طراز KAB-500C-E.
ومن اهم النماذج المنتجة في المرحلة الاخيرة المجموعة الصاروخية من طراز "ايسكندر". ويعتبر الاختصاصيون ان هذا الطراز هو الافضل في العالم وانه السلاح الاكثر دقة في المستقبل المنظور. وبتأثير هذا الطراز، جزئيا على الاقل، اضطرت الولايات المتحدة ان تعيد النظر في مخططاتها المتعلقة بنشر نظام الصواريخ المضادة للصواريخ في اوروبا.
وقد ادخل الجيش الروسي في الخدمة الميدانية المجموعة الصاروخية السمتية من طراز С-400 "تريومف"، المخصصة لتدمير اهداف طائرة بسرعة 4،8 كلم في الثانية على بعد 250 كلم. وهذا الطراز هو فعال مرتين اكثر من نظيره الاميركي المسمى صاروخ Patriot PAC-3 المضاد للصواريخ.
كما بدأت الاختبارات الميدانية للمجموعة الصاروخية السمتية من الجيل الخامس من طرازС-500 ، المخصصة لاعتراض وتدمير الصواريخ البالستية على بعد 3500 كلم. ومجموعة С-500 هذه قادرة على ان تكشف وتدمر في وقت واحد 10 اهداف بالستية اسرع من الصوت وتطير بسرعة حتى 7 كلم في الثانية (وهو ما لا يوجد مثله حتى الان في العالم). كما انها قادرة على اطلاق صواريخ في الفضاء الكوني القريب. وسيدخل هذا الطراز في الخدمة التسليحية خلال سنة 2015.



صورة للمجموعة الصاروخية السمتية С-500 "تريومف" التي لا مثيل لها حتى الان في العالم.



صورة للغواصة من طراز "بوراي" المزودة بالصواريخ البالستية "بولافا". وقد بدأت الغواصات من هذا الطراز تدخل في الخدمة التسليحية الفعلية للاسطول البحري الحربي الروسي.



صورة للقاذفة المقاتلة من طراز سو ـ 34 التي برهنت عن ميزات عالية في الحرب في جورجيا، والتي بدأت تحل محل سابقاتها من طراز سو ـ 24 في الاسطول الجوي الحربي الروسي


إعداد: جورج حداد*
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اميركا تتخبط في مستنقع الازمة
- تعمق الازمة الاقتصادية العالمية
- اوباما يواصل نشر الدرع الصاروخية باسم الناتو وبلغاريا تنضم ل ...
- الامبريالية والصهيونية تحضّران لحروب الابادة الجماعية الجيني ...
- -الفوضى البناءة- الاميركية في البلقان: مرحلة التركيب الجديد ...
- الامبريالية الاميركية و-الارهاب-
- جرثومة رأسمالية (اميركية؟) جديدة تضرب موسما زراعيا آخر في او ...
- الديماغوجية والمأزق الذاتي للبراغماتية الاميركية
- شبح -الباشبوزوك العثماني- و-الفوضى البناءة- الاميركية يجول م ...
- اميركا دولة استعمار ذاتي (ATOCOLONIALISM)
- حركة التحرير العربية: سيرورة التحول وتحدي العالمية
- الوجه البشع لاميركا
- الازمة الاقتصادية العالمية والظلال القاتمة للحرب الباردة
- اليوضاسية
- -الدبلوماسية السرية- ...في العمل
- الكارثة اليابانية: أبعد من حدث بيئوي
- الصين الشعبية تحضر للرد بضربة عسكرية كاسحة للولايات المتحدة ...
- الحرب الباردة، في طبعة جديدة ... صينية
- التنين الصيني حينما يتحول الى يوان رخيص
- الافلاس الفضيحة لليبيرالية الغربية وأذنابها في البلاد العرب ...


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - القفزة الجديدة لصناعة التسلح الروسية