أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - نقولا الزهر - مداخلة حول مفهوم الشعب















المزيد.....

مداخلة حول مفهوم الشعب


نقولا الزهر

الحوار المتمدن-العدد: 1031 - 2004 / 11 / 28 - 08:56
المحور: القضية الكردية
    


مداخلة حول مفهوم الشعْب
نقولا الزهر
في اعتقادي أن مقالة الصديق محمد السيد رصاص حول وجود شعب كردي في سوريا الذي نشر في الحوار المتمدن بتاريخ 24/11/2004 ، تحتوي على الكثير من عدم الاتساق المعرفي والفكري، وعلى الكثير من عدم الاتساق السياسي.
-1-
يحتج الكاتب منذ بداية مقاله على استخدام مقولة(الشعب الكردي في سوريا) في الأدبيات السياسية السورية من قبل الأحزاب الكردية أو من المعارضين السوريين، ويعتبر المسألة كارثة الكوارث فيما إذا طبقت هذه المقولة على باقي مكونات الشعب السوري من إثنيات ومذاهب وطوائف.
كان الأولى بالسيد رصاص أن لا يستخدم في معالجة قضيةٍ قومية مفهوماً ملتبساً ومتنوعاً جداً في استخداماته السياسية لغوياً وتاريخياً هو مفهوم (الشعب). فتاريخياً قبل النصف الثاني من القرن التاسع عشر لم يكن مستخدماً مفهوم الشعب في المدونات السياسية السلطانية، إنما سكان الخلافة أوالسلطنة بكامل أصنافهم وتنوعاتهم كان يطلق عليهم مفهوم (الرعية) التي تتألف من شعوب مختلفة ( إنا خلقناهم شعوباً وأمماً لتعارفوا,,,,,,,)، وكان كاتب (الاعتبار، أسامة ابن منقذ) أمير شيزر يسميهم بأسمائهم حين كان يتكلم على الذين كانوا يحاربون الفرنجة وكان هو منهم، فذكر الأكراد و أهل البلاد من المسلمين والنصارى منهم. والعرب طول تاريخهم كانوا يكتفون بصيغة الجمع للدلالة على مفهوم الشعب؛ أو يعبرون عن ذلك بكلمة أهل ويضيفون إليها اسم البلد أو اسم المدينة، فيقولون: أهل العراق وأهل الشام وأهل مصر وأهل بغداد وأهل البصرة وأهل الموصل.
إن مفهوم الشعب كمفهوم سياسي هو حديث واستخدم لدى العرب مع عصر النهضة مع الطهطاوي ولطفي السيد وأديب اسحق وبطرس البستاني وغيرهم ليعبر عن الكلمة الأوربية(peuple). فيقول القاموس الفرنسي الشهير(روبير) عن الشعب: مجموعة من الكائنات البشرية تعيش في مجتمع، ويسكنون على أراضي معينة لهم عاداتهم وتقاليدهم. ثم يستمر القاموس فيقول مثل:الشعب الفرنسي، الشعب الأمريكي، الشعب الإسباني، ثم ينزل القاموس فيستخدم المفهوم ذاته على شعوب أصغرمن الأولى في الوقت الذي هي جزء منها، فيقول: شعب البروتون وشعب الباسك....
وإذا قمنا بجولة افتراضية على دول العالم كله فنرى أن كل شعب يأخذ اسم الدولة القائمة يتألف من شعوبٍ ومكونات وأجزاء. فهنالك شعب ايراني وفي آن هنالك ضمنه فرس أو شعب فارسي وأذربيجانيون أو شعب أذربيجاني وتركمان أو شعب تركماني وبلوش أو شعب بلوشي وأكراد أو شعب كردي وعرب أوشعب عربي. وهذا ينطبق على تركيا وأفغانسنان والهند وروسيا وكذلك على الشعب الإسباني الذي يتألف من الشعب القشتالي وهو الأكبر ومن الشعب الكاتالوني والشعب الأراغوني والشعب الأندلسي...إلخ.
وكان المرحوم الرئيس جمال عبد الناصر يتكلم في خطبه على أمة عربية وفي الوقت ذاته على شعوب عربية، بينما كان يستخدم كل من ساطع الحصري وميشيل عفلق وقسطنطين زريق مفهوم الشعب العربي.
وفي لغتنا الشعبية الحالية أيضاً تستخدم مقولة الشعب كثيراً فيقال الشعب المسلم والشعب المسيحي والشعب الحمصي للدلالة على الحماصنة والشعب الحلبي والشعب الحموي والشعب البدوي وحتى الشعب(النَوَري).
في اعتقادي أن مفهوم الشعب لا يعتد به كثيراً لمعالجة القضايا القومية. ومن هنا أرى أن الكاتب دخل في تيهٍ معرفي حينما استنتج نفي وجود السوريين. لا بل وقع في مغالطة منطقية حينما افترض: إذا كان في سوريا شعب كردي وشعب تركماني وشعب شركسي وشعب أرمني فأين الشعب السوري؟ استغرب هنا لماذا لم يشر الكاتب بوضوح في مقالته إلى الشعب العربي في سوريا الذي يشكل الجزء الأكبر من سكانها والذي يعطيها سمتها العربية والذي يتألف بدوره من مسلمين ومسيحيين بكافة مذاهبهم؟ فهل هذا سقط سهواً من الكاتب أم كان عن قصدٍ لزيادة التهويل لا أعرف؟

-2-
لا أتفق مع الأستاذ محمد رصاص في سياسته التهويلية والقهرية حين يتكلم عن قضايا الأقليات والشعوب الأخرى التي تعيش في حنايا و تخوم العالم العربي. وهو دائماً حين يتكلم عن هذه المسائل لا يأخذ بعين الاعتبار العوامل التاريخية والسياسية التي نشأت فيها حدود العالم العربي الراهنة. فحدود الدول العربية التي تشكِّل هذا العالم والتي خرجت إلى الوجود بعد سقوط السلطنة العثمانية قد وضعها المستعمرون في سايكس بيكو وغير سايكس بيكو، وعلى الطرفين من هذه الحدود بقيت أجزاء من شعوب في دولة وأجزاؤها الأخرى في دولة ثانية وثالثة؛ هذا ليس فقط على حدودنا مع تركيا، إنما على حدود العالم العربي مع إيران وإثيوبيا وأفريقيا الأستوائية.
ومسألة تداخل الشعوب على تخوم وحدود الدول لا تقتصر فقط على العالم العربي فهي موجودة في أوربا في يوغسلافيا وماكيدونيا وهنغاريا وبلغاريا وبلجيكا واليونان وألبانيا ...إلخ. فكل هذه الدول مخلفات أمبراطوريات لم يكن يعطى فيها للقضية القومية أية أهمية. من هنا نرى أن مسائل قضايا الأقليات القومية في العالم العربي لا تحل برفع الشعارات القومجية وشعارات القوة والتمسك بكامل قالب الجبنة كما يتمنى السيد رصاص. فهذه الطريق لن تؤدي إلا إلى عشرات ومئات الحروب السرمدية التي لا طائل منها.
وفيما يتعلق بقضية أكراد سوريا فحلها يندرج ضمن مسألة أوسع وأرحب هي بناء الدولة الديموقراطية أي الدولة الكفيلة بإعطاء كل الحقوق المدنية والسياسية والثقافية للمواطنين مهما اختلفت أصولهم القومية والدينية والمذهبية؛ وإذا كان هنالك من قضية كردية فحلها يرتبط بنضال الشعب السوري بكامل مكوناته من أجل انتصار مسألة الديموقراطية في سوريا ولا يرتبط بما يرفعه من شعارات القومجيون الأكراد أوالقومجيون العرب.
وفي اعتقادي أيضاً أن الكلام في المسائل القومية يجب أن يأخذ يعين الاعتبار سمة المرحلة التي يمر بها العالم اليوم، مرحلة العولمة التي راحت تقلص موضوعياً من السمة القومية للدول. في العالم الآن هناك بروز واضح لدولة المواطنية وأفول للدولة القومية. ويجب أيضاً ألا نتجاهل على الإطلاق ظاهرة تكون الاتحادات الإقليمية الكبيرة المتعددة القوميات مثل الاتحاد الأوربي ومنظمة آسيان وغيرها.
هنالك ظاهرة أخرى تجري في العالم الآن، أدخلت عوامل أخرى أكثر أهمية فيما يتعلق بالمسألة القومية ومسائل الانفصال والاتحاد. هذه الظاهرة هي التي رأيناها في سلوك دول أوريا الشرقية وجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق والاتحاد اليوغسلافي السابق؛ فهذه الدول لم تنفصل بدافع تزمت قومي ولغوي، إنما انفصلت بدافع التخلص من ربقة النظام الشمولي الاستبدادي واتجهت فوراً لتنضوي في الاتحاد الأوربي في ظل نظامٍ ديموقراكي قائم على الحرية والمساواة ومستوى معيشةٍ أفضل.
لماذا لا ننظر إلى الظاهرة التركية الجديدة فهي تدخل في صميم هذا الإطار؛ فتركيا الآن في ظل حكم حزب العدالة والتنمية الإسلامي (الديموقراطي) تتخلى على جزء كبير من تشددها القومي إزاء الأكراد وفي قبرص، وعلى جزء كبير من قوانينها التي لها علاقة بتقاليدها وعاداتها من أجل الدخول في الاتحاد الأوربي لاستكمال حداثتها وكي تستطيع مواجهة ومواكبة الوضع الدولي الجديد ومرحلة العولمة.
وفي النهاية أرى الآن أن الدولة القومية أو الدولة الأمة هي مرحلة عابرة في التاريخ، وأرى أن التشدد القومي ليس لصالحنا نحن العرب. وأرى أن فكر حركة التحرر العربي(القومي ،الماركسي السوفييتي، والإسلامي) الذي أجهض بواسطة العسكريين فكر النهضة العربية(الطهطاوي ولطفي السيد وعبد الرحمن الكواكبي ومحمد عبده وعلي عبد الرازق وطه حسين...) والذي أنتج الدول السلطانية الجديدة الاستبدادية قد أفلس تماماً حينما لم يستطع أن يستوعب أن الدولة القومية التي ظهرت في الغرب في أوربا وأمريكا هي دولة ديموقراطية، ودولة وطن ومواطنين.
نقولا الزهر
في 24/11/2004



#نقولا_الزهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الطقوس والإشارات في الحياة السياسية السورية
- المجتمع المدني من جون لوك إلى الأمير سعود الفيصل
- شذرات من - المقامةِ البربرية
- إلى أيلول
- يوم مشهود من أيام أبي نرجس
- حمدي الروماني
- التقيتهما مرة واحدة
- حول التداخل بيت المقاومة والإرهاب
- جودت الهاشمي
- الشعوب العربية من نير الإقطاع السلطاني إلى نير الإقطاع الشمو ...
- خيوط القمة العربية أوهى من الكلام على الإصلاح
- قصيدة :دموع ليست من ماء
- مقاربة حول الديموقراطية في العالم العربي
- الأعمدة الزانية
- قصائد صغيرة
- رسالة إلى المهندس المعماري الفنان رفعت الجادرجي
- همسة في واد
- دوافع أوربا والولايات المتحدة من الإصلاح في العالم العربي
- عرس المطر
- الطوفان الرمادي


المزيد.....




- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان
- التوتر سيد الموقف في جامعات أمريكية: فض اعتصامات واعتقالات
- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...
- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - نقولا الزهر - مداخلة حول مفهوم الشعب