أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - ذاكرتي تؤلمني















المزيد.....

ذاكرتي تؤلمني


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3451 - 2011 / 8 / 9 - 11:49
المحور: حقوق الانسان
    


إن الرب خلق هذا الكون كله وأبدع في هندسته إلا أنا لم يبدع في خلقي ولم تظهر على خلقي جمالياته وفنونه الهندسية, وأستعجب جدا كيف نظمَ الحياة كلها تنظيما دقيقا بما فيها من نجوم وشموس وكواكب وأنهار وبحار إلا أنا تركني عشوائيا بلا أي تنظيم هندسي فلم يخلق لي امرأة تذوبُ في حبي وترتاح حين تقرأ رسائلي وتنتظر وتصبر بالغ الصبر على عودتي حينَ أغيبُ عنها يوما أو يومين, لماذا لم تخلق لي امرأة تستوحش في حياتها بدوني؟ لماذا لم تبدع في خلقي كما أبدعت في خلق الكلاب والحيتان والأسماك والحشرات الصغيرة؟؟لماذا تدعي بأنك أبدعت في خلق الكون رغم أنك خلقتني بدون أن تتسلطن وتطرب وأنت تعجن بي حين كنتُ فخارة بين يديك وطينا قبل أن تنفخ فيَّ من روحك؟؟لماذا كلُ هذا التجني في عملية خلقي؟؟لماذا لم يخلقني قردا أو صرصورا يتعب يوما أو يومين ومن ثم يموت كالذبابة الحائرة!!, حتى أن الناس الذين يقرؤون لي بعثوا لي برسائل يقولون فيها(مستحيل أن يكون ألله خالقك)أنا يا ربي تركني ناقصا بلا أنيسٍ يؤنس وحدتي وبلا دمٍ أستحي عليه كما قيل لي ,إن ذكرياتي مثل الروح فهي تخرجُ لي من تحت أظافر القدمين وتارةً من تحت أظافر اليدين,ومرةً من عيوني ومرةً من أنفي وأحياناً قلمي وأوراقي حين تقف على كل كلمة أكتبها أو أقرأها, ومرةً أشعرُ بالعار من ذكرياتي فأتوارى عنها ولا أحبُ أن ترى رأسي وهو يتألم ويتدلي للأسفل كالنعامة, وأحيانا أرفع بسببها رأسي وأتألمُ منها ألما شديدا, وعلى كلا الحالتين أتألمُ من ذكرياتي وأشعرُ بأنها تريدُ أن تخنقني بيديها الناعمتين وكثيرا ما تخيلتُ روحي بين يديها وهي تحاولُ خنقها بكل ما أُوتيت من قوة عصبية وبدنية,أنا متأكد يا أصدقائي بأن الذكريات تتربص بي وسيأتي يوم تقتلني فيه الذكريات, أنا متأكد من هذا الموضوع,متأكد جدا, بأن الذكريات ستقتلني حتما ستقتلني وسأواجه مصيري النهائي على يديها, وستقطعني إربا إرباً وسترمي بلحمي للديدان,إنها تتربص بي في كل مكان أذهبُ إليه,فهنا ذاكرة مؤلمة وهناك ذاكرة موجعة ومتوحشة,وفي كل سنتمتر مربع من جسدي هنالك شهوة مؤلمة وذاكرة رائحتها تشبه رائحة الموت, الذكريات الصاخبة والذكريات المؤلمة والذكريات التي تقتل بي وتقطّعُ في لحمي كل يوم تؤلمني وتزدادُ ثورة وهيجاناً على روحي ,وتريد تدمير حياتي نهائيا وللأبد, الذكريات تريدني رجلاً مهزوما تنظرُ إليه الناسُ وهي تتضاحك عليه(تتضحوك), الذكريات تؤلمُ رأسي..الذكريات توجع لي قلبي وصدري..يا رب : لماذا أتذكر بسرعة ولماذا لا تغيبُ الذكريات عن بالي وعيوني؟ ولماذا تعاقبني بقوة الذاكرة؟ ولماذا لا أستطيع النسيان؟ ولماذا لا أستطيع أن أمشي في الشارع دون الذكريات التي تذكرني بكل شيء؟!!؟ ولماذا تؤلمني الذكريات؟ لماذا كل الناس ذكرياتهم تسعدهم إلا أنا ذكرياتي كلها تُنغصُ عليّ عيشتي ومرارة وآلامي وأوجاعي المخفية في المفاصل وتحت الجفون وداخل الجلد المحشو فقط بالذكريات التعيسة, لماذا كل الناس تنسى آلامها بسرعة إلا أنا أتذكر كل شيء من وعمري أقل من ست سنوات وحتى هذه اللحظة, ثم لماذا لا أستطيع بيع ذاكرتي وليس دفتر مذكراتي!! من يشتري مني ذاكرتي بالأقساط الشهرية المريحة!, لماذا كتبت عليّ ذاكرة أوسع من كل الذاكرات وأكبر من حجمي الطبيعي وقدراتي على التحمل !!...ولماذا لا أتذكر يوما مفرحا في حياتي؟أو ساعةً أو دقيقةً!! كل ذكرياتي لا يوجدُ فيها يوما سعيدا.. كل ذكرياتي لا توجد فيها لحظة مفرحة, يامن يعيد لي كتبي المدرسية ويامن يعيد لي مع الكتب مطرة الماء البرتقالية اللون إني الآن عطشان جدا وفي أشد الحاجة إليها..أنا الآن أريد قلمي الذي كان بين كتبي المدرسية أريد أن أحتفظ به وأريد أن أكتب به ذكرياتي من جديد فمن الممكن أن تتغير حياتي من خلال أخطائي التاريخية الكبيرة التي ارتكبتها في زماني فلعلي مثلا أنعم بيوم هادئ ,لماذا أنا دائما أتذكر لماذا لا أنسى كما تنسى كل الناس؟ لماذا أنا وحدي أجلس على سريري وأتذكرُ كل الماضي اللعين الذي مر على زماني..أريد ذاكرة ضعيفة أريد ذاكرة بسيطة خلصني مما أنا فيه..يا رب خلصني من ذاكرتي الطويلة وذاكرتي القصيرة..يارب أعد خلقي حمارا إذا لم يكن للحمير ذاكرة أو أي مخلوقٍ آخر بدون ذاكرة,دائماً ما أقول:لماذا جعلتني إنساناً بكل ما تحمله الكلمةُ من معنى؟لماذا مثلا لم تخلقني حمارا يأكل ويشرب وينام دون أن يأخذ حبة أسبرين أو حبة منوم؟ أو لماذا لم تخلقني دودة أو سحلية, لماذا قسوت جدا عليّ وجعلت مني إنسانا حساسا يموت كل يوم ألف مرة؟؟لماذا لم تخلقني ورقة تين على شجرة تين أو ورقة عنب على دالية العنب؟ لماذا جعلتني أخطو مع ذكرياتي المشينة, خلصني من قوة الذاكرة ومن قوة السمع!! انجدني من ذكرياتي..خلصني من أوهامي اللعينة؟؟,الشرط الوحيد لي هو أن أتخلص من ذكريات ,الآن سأحرق ألبومات الصور مع أصحابي الذين ذهبوا وتركوني لوحدي أقاتلُ في طواحين الهواء..يا رب خلصني من ذاكرتي, يا رب فسر لي معنى واحد للذاكرة لماذا خلقت فينا الذاكرة..كما نفع الذاكرة..لماذا أعود كل يوم وأتذكر لماذا لم أعد قادرا على النسيان؟لماذا لا أنسى الذي هنا والذي هناك..لماذا كل الناس تمتدح ذاكرتي ,لماذا كل الناس يحسدونني على ذاكرتي , ألا يعلمون أنهم يحسدونني على أشياء تؤلمني؟ أنا أتألمُ وأتوجع بسبب ذاكرتي الطويلة والتي يتمنى الناس أن يعطيهم الرب مثلها, آه لو أستطع منحها لأعدائي ليروا النعيم الذي كنت أنعم به وهي في رأسي, ثم من قال أن الذاكرة موقعها في الرأس؟ لماذا لا تكون الذاكرة في أسفل البطن أو تحت الصرة بعشرة سنتمتر...لماذا أتذكر؟.

الذكريات تمر بسرعة..للذكريات أجنحة أحيانا تكون صالحة للطيران وأحيانا تكون متكسرة..الذكريات تعقدني في بعض الأحيان فتذكرني بأشياء أتمنى لو أنساها, الذكريات تؤلم صدري في بعض الأحيان والذكريات تؤلمي مفاصلي وأتمنى وقتها أن يخلقني ألله من جديد دون أن يضع في رأسي برنامج الذكريات..آه لو أعيش بلا ذكريات تذكرني..آه لو يعيد الله خلقي من جديد دون أن يضع في رأسي الحساسية العالية للأصوات وللروائح الجميلة..آه ما أجمل الإنسان لو يخلقه ألله بدون ذكريات..آه لو أنني بلا أجنحة وبلا مخيلات وبدون عواطف..آه لو يعيد ألله خلقي من جديد بدون قلب يحب وبدون عيون تدمع دماً وماء..أتمنى لو أذهب إلى ألله وأطلب منه أن يجعلني بدون ذاكرة لماذا يخلق ألله في داخلي ذاكرة قوية..الذكريات تؤلم كل سنتمتر مربع من جسمي والذكريات تحشرني في البيت لوحدي أتألم وأنا على سريري الانفرادي وكأنني محبوس حبساً انفراديا, لماذا خلق الله الذاكرة لماذا يصر الإله على تذكيري بآلامي ومواجعي..أتمنى فعلا لو أنني أفقد ذاكرتي فأنسى الأسية التي لا تنتسى,إن الأسى لا يُنتسى..يا رب خلصني.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يقتلون الرجل للدفاع عن الشرف
- المرأة تلعن والرجل يغضب
- لم يذكر القرآن المحامين والمحاكم
- أنا أسعد رجل في الحارة
- الدرس الخامس:مشاعري وأحاسيسي في رمضان
- لغة الحمير
- الدنيا تعاسه والموت سعاده
- الدرس الرابع:ثقيل الدم
- صديقي قاسم في ذمة ألله
- لله في خلقه شؤون
- الدرس الثالث:الكوميديا الاسلامية
- الدرس الثاني:فتح مكة
- دروس رمضانية, الدرس الأول.
- أنا أكثر من شخصية واحدة
- هل أنا عبد ألله أم ابن الله؟
- عربي يكره الحياة
- من حقي أن أشعر بالتغيير
- رحلتي مع الحوار المتمدن
- الشاذ عن القاعدة
- الحب الضائع


المزيد.....




- الصحة العالمية تحذر من -حمام دم- ومن امتداد المجاعة لجنوب ال ...
- فرار 8 معتقلين من سجن في هايتي والشرطة تقتل 4 آخرين
- الآلاف يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة باتفاق رهائن مع حماس
- ميقاتي ينفي تلقي لبنان -رشوة أوروبية- لإبقاء اللاجئين السوري ...
- فيديو.. سمير فرج يُشكك في عدد الأسرى الإسرائيليين: حماس تخفي ...
- برنامج الأغذية العالمي: أجزاء من غزة تعيش -مجاعة شاملة-
- مديرة برنامج الأغذية العالمي: شمال غزة يواجه بالفعل مجاعة كا ...
- -جيروزاليم بوست-: صحفيون إسرائيليون قرروا فضح نتنياهو ولعبته ...
- فعلها بحادثة مشابهة.. اعتقال مشتبه به دهس طفلة وهرب من مكان ...
- المياه ارتفعت لأسطح المنازل.. قتلى ومفقودون وآلاف النازحين ج ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - ذاكرتي تؤلمني