أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - سائق التاكسي 1976 لمارتن سكورسويزي: فيلم عن اللحظة بامتياز-سكورسويزي يقتبس من انتونيوني ويصيغ نظرية في التطهير العرقي




سائق التاكسي 1976 لمارتن سكورسويزي: فيلم عن اللحظة بامتياز-سكورسويزي يقتبس من انتونيوني ويصيغ نظرية في التطهير العرقي


بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 3436 - 2011 / 7 / 24 - 08:31
المحور: الادب والفن
    


يعتبر هذا الفيلم أحد أهم وأفضل وأشهر الأفلام للمخرج الأمريكي مارتن سكورسويزي، وفيه يظهر حبه الأسطوري وتعلقه بمدينة نيويورك على أن الفيلم من الممكن أن يفهم ويقاس بسهولة على مدينة غير نيويورك وهذا ما سنلاحظه خلال معرض تعليقنا على الفيلم...
الفيلم يتحدث عن سائق تاكسي يدعى بترافيس ((روبرت دينيرو)) مضطرب نفسيا،ويمتلك نظرات ركز المخرج على تصويرها تدل على الشك والارتياب ،وهو مسكون بهواجس سوداء حول نظرية هو مؤمن بها أشد الإيمان وهذه النظرية من الممكن التعبير عنها من خلال مصطلح(التطهير العرقي) مع تعريف كلمة عرقي بالتحديد فهي تعني الطبقة السفلى من سكان مدينة نيويورك من اللصوص والعاهرات واللوطيين الخ...و سكورسويزي كمخرج للفيلم يبدو بأنه متعاطف جدا مع هذه النظرية.
ترافيس يريد أن يعمل كسائق ليلي لأنه لا يستطيع النوم في الليل وهو يتجول في الليل في القطارات والباصات فلماذا لا يأخذ على ذلك أجرا.
في الحقيقة فإن ترافيس الذي أيقنا بأنه مضطرب نفسيا،مسكون بتلك الهواجس قبل عمله كسائق تاكسي،فهو مغرم بتأمل العوالم الليلية لنيويورك تلك العوالم التي تشكل الهاجس بالنسبة إليه،وتؤرقه ليلا...والماضي بالنسبة لترافيس هو ماضي غامض مختصر بأنه خدم في البحرية أثناء حرب فيتنام وسرح تسريحا مشرفا من الخدمة كما أن له والدان بالكاد يزورهما ولكنه يراسلهما بحنان وشوق...
إذا فيلم سائق التاكسي هو فيلم عن اللحظة بامتياز،لأن هناك شخصيات مجهولة الهوية،وهناك موضوع واحد هو الموضوع المركزي وعنصر التحليل.
في بداية الفيلم نتعرف على الهواجس المسكون بها ترافيس...يقول:
الحيوانات كلها تخرج في الليل،العاهرات وبائعات الهوى ومدمنو المخدرات وبائعوها واللوطيين..
إذا هو ينظر إلى نظرة مقززة إلى العوالم الليلية لمدينة نيويورك وليس إلى نيويورك نفسها،فالقضية تختصر في الطبقة الاجتماعية التي من الممكن أن تتواجد في أي مدينة...وهو إن كان لا يحب هذه العوالم ولكن شدة هذه الهواجس وتعلقها في روحه وتفكيره تجعله لا يستطيع أن يبتعد عنها...
هو يريد أن يبقى منشغلا،ولكن الانشغال لن يحقق له راحة البال أو الانشغال الذهني عن فكرة التطهر،كما إن انشغاله بهذه المهنة لم يحقق له سوى إزالة السائل المنوي وأحيانا الدماء عن الكرسي الخلفي لذلك فانشغاله كسائق تاكسي لم يحقق له النتيجة المرجوة ألا وهي التخفيف من هواجسه حول موضوع التطهير...
لازال يعمل إثنى عشر ساعة في اليوم وبالرغم من ذلك لا يستطيع النوم لذلك هو يتردد وبطريقة منتظمة على سينما للأفلام الخلاعية ولكن الموقف مختلف هنا...
ترافيس-كما فهمنا بعد المشاهدة الرابعة للفيلم-يعيش ضمن إدراك وقناعات خاصة جدا،والخلفيات تبدو معدومة في نظرته للكون،لذلك هو يقبل على الأفلام الخلاعية باعتبارها شيئا عاديا لا يثير أي خزي وبالنسبة إليه لا يمكن تصنيفها أبدأ-أي الأفلام الخلاعية-ضمن العوالم الليلية المقرفة بالنسبة إليه...ترافيس في مونولوجه الداخلي يقول:
علي أن أقع في الغرام...ولكن يبدو أن الوقوع في الغرام هو حالة للتخلص من الانكفاء على النفس...حالة يريد بها تقليد الأشخاص العاديين وهي بحد ذاتها ليست مطلب شخصي أو جسدي.
تلفت نظره امرأة تعمل في الدعاية الانتخابية لأحد المرشحين للرئاسة وهو يعتبرها امرأة مثالية بعيدة عن حياة الجحيم والقذارة،خاصة بأن ترافيس يستمع بشكل دوري لمغامرات زملائه من سائقي التاكسي ولكنه يبدو مستمعا فقط لا أكثر.
رغم اضطراب ترافيس النفسي ولكن لديه طريقة جيدة وجذابة في التعريف بنفسه،فهو يستطيع أن يدعو بيتسي (امرأة شقراء تبدو بريئة وهادئة جدا)) إلى فنجان من القهوة من أول تعارف بينهما...
من الواضح بأن ترافيس يؤرخ لحياته ويكتب يومياته،فهو يذكر التاريخ مع كل حدث،وهو يقوم بلعب دور شخصية أخرى ألا وهي شخصية الراوي بين فترة وأخرى،فنحن نرى العالم من خلال عيون ترافيس،فهو الشخصية المركزية وهو الحدث المركزي الخالص فسكورسويزي يقدم فيلما على النمط الأمريكي بامتياز...وعلى الرغم من ذلك...على الرغم من ضياع العلاقات وعدم القدرة على فهمها أو تحليلها سوى من جانب واحد ولكن الفيلم يعتبر من أفضل الأفلام التي خلقتها السينما الأمريكية على مدارها الطويل...
تتلقى بيتسي من ترافيس دعوة إلى السينما،ولكن أي سينما...إنها سينما الأفلام الخلاعية.
الحالة عبارة عن قصر إدراك لهذا العالم..إنه يعيش بنفسه وع نفسه فقط رغم الانفتاح الاجتماعي على بيتسي المخادع،فالأفلام الخلاعية بالنسبة إليه حالة عادية جدا،فهو كما قلنا لا يملك أي خلفيات غير نفسه في تعامله الاجتماعي،وهو لم يظن أو يعتقد بأنه سيؤذي مشاعر بيتسي...لم يعتقد أبدا بأن بيتسي(Cybill Sheppard) ستظن به ظنا خاطئا.
ستنتهي علاقة بيتسي مع ترافيس بعد هذا الموعد المشئوم...
ترافيس يعتذر لها في محل للاتصال المستأجر...يحاول عبثا...تنتقل الكاميرا وهو يتحدث إلى رواق فارغ حتى ينهي ترافيس مكالمته...
هذا المشهد يعتبره سكورسويزي أهم مشهد في الفيلم،وفي معرض تفسيره لهذا المشهد قال بأنه تعبير على عدم قدرتنا على تحمل الرفض المتواصل لترافيس،كما أعتبره أحد النقاد مستعارا من سينما الكبير،البارع في التأملات والصمت انتونيوني.
بالنتاين المرشح للرئاسة يركب صدفة في سيارة ترافيس فيتحدث له ترافيس عن نظرياته حول تنظيف المدينة وشرح هذه النظرية بطريقة متطرفة.
يصطدم ترافيس فورا بالفتاة ذات الاثنى عشر عاما العاهرة (باتريس-جودي فوستر).
لاحقا هذه الفتاة ستغبر عن الجانب الحقيقي لترافيس،الجانب الأسود والجانب الأبيض وستكون في نفس الوقت الوسيلة للتنفيس عن كروبه والتعبير عن نظرياته.
في متابعتنا لتحليل شخصية ترافيس،فترافيس شخصية أقرب إلى الصمت منها إلى الكلام،وعندما يتكلم نجده ممثلا للخروج من جانبه الخفي للشخصية...
ولكن القضية ليست عن شخصية،بل عن شخصية أرادت تطبيق مفهوم تطهيري متطرف لذلك لا بد أن تطبق هذه النظرية بطريقة مجنونة...
عندما تقول له إنك تمزح..هذا فيل إباحي
يقول لها:لا تخافي..يأتي أزواج كثيرون ومن مختلف الأنواع لمشاهدة مثل هذه الأفلام..
هل من المعقول أن ترافيس لم يفهم كلمة(إباحي)..نحن نعرف بأنه ينطلق من مصطلحات ذاتية ومفهوم ذاتي للكون تبلور في ذهنه بطريقة لا نعرفها،وعندما فهم الكون بطريقة من الممكن تسميتها إذا استعنا بالفلسفة (بالفيمينولوجية) حتى توصل إلى مفهومه وأمنياته حول فكرة التطهير ولكن التناقض الحاد يقع عندما لا يستطيع أن يرى في الإباحية أي شيء غير أخلاقي ينسبه ولو قليلا إلى المجتمع النيويوركي الليلي الحيواني وهذا بحد ذاته أمر عصي جدا على الفهم.
وعندما نعود إلى المونولوج الداخلي فهو يقول بأنه يجد نفسه وحيدا في كل مكان...على الأرصفة وفي السيارات والمتاجر والوحدة هي تأكيد بأنه ينطلق من مصطلحات شديدة الذاتية.
سيشتري ترافيس مجموعة كبيرة من المسدسات وكأنه يريد نظريته حول تطهير المجتمع،وسيتحدث دينيرو مع نفسه في المرآة متدربا على استعمال المسدسات وهذه اللقطة هي أجمل لقطة فردية صورها دينيرو في حياته.
إذا كان بيرغمان خلق تميز لقطته في الختم السابع (الشطرنج مع ملاك الموت) من خلال الأجواء التي وضعها في هذا الفيلم،فروبرت دينيرو خلق هذه اللقطة من خلا إبداع فردي مدهش مع وجود شخص يعمل وراء الكواليس اسمه مارتن سكورسويزي.
يتدرب ترافيس على إطلاق النار ويقوم ببعض التمارين لتقوية جسده ويبدو متعلقا أكثر من ذي قبل بفكرته حول التطهير وسيحاول قتل الرئيس غير المنتخب ويمارس أول أفعال التطهير عندما يقتل زنجيا يحاول أن يسطو على متجر،ثم وبالتصوير البطيء يقوم ترافيس بقتل (سبورت-هارفي كيتل)القواد الذي يدير عمل ايريس ويقتل أيضا المسئول عن تأجير غرف الدعارة،ويقتل أحد الزبائن-الذين لهم تعاملات مع سبورت القواد- الذي كان في غرفة ايريس،وبعد هذا المشهد الذي صور بالتصوير البطيء يحاول ترافيس قتل نفسه ولكن لحسن الحظ يكون المسدس فارغا.
سيصبح ترافيس بطلا قوميا وستعود ايريس إلى والداها، وهذا دليل على أن مخرج الفيلم متعاطف إن لم يكن ينادي بهذه الفكرة...ولكن ينتهي الفيلم على أن ترافيس لازال مريضا بالنظرات...بالشك والارتياب.
فيلم سائق التاكسي حقق المعادلة الثنائية الصعبة،النجاح النقدي والجماهيري ومن الممكن في كل مرة أن نشاهده ونكتشف شيئا جديدا...ومن الممكن إقحام بعض المصطلحات فيه مثل الفخ الوجودي والتحليل النفسي بسهولة...نرى فيه اقتباسات جميلة من سينما معاناة الإنسان لأنتونيوني،كما أن الفيلم هو فيلم عن اللحظة الحالية التي يعيشها الإنسان وهذا الأمر أيضا يميز سينما انتونيوني حيث نبقى دائما في جهل عن ماضي هذه الشخصيات سوى بعض الرتوش التي خدمت موضوع الفيلم لا أكثر.



#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أندريه رابلوف 1969:الفن والجمال،والفكرة والمضمون،وكل شيء عن ...
- للمخرج الألماني Tin Drum 1979:Volker Schondorffالحالة الغريب ...
- أكاذيب وجنس وأشرطة فيديو لستيفن سوديربرغ:عندما تلعب تقنيات ا ...
- طفولة ايفان 1962 لأندريه تاركوفسكي:ولادة شاعر السينما الأكبر
- رجل ميت 1995 لجيم جارموش: رحلة قدرية مرسومة مسبقا لتقرير الم ...
- زهور محطمة لجيم جارموش2005: عندما يرتاح جارموش من عناء الأسئ ...
- ماندرلاي 2006 “لارسن فون تراير”قصة نجحت في أن تكون كناية ولم ...
- الحياة حلوة 1960 لفدريكو فليني: تأريخ للحظات معينة في حياة ص ...
- دوغفيل 2003:تجريد ومسرح بريختي في ثلاثية جديدة عن الولايات ا ...
- الاحتفال1998:دوغما لم تضل الطريق لكن بقيت عاجزة عن خدمة المخ ...
- تحطيم الأمواج 1996 للارسن فون تراير: رؤية عن الإنسان الطيب ا ...
- جوليتا والأرواح 1965:عندما تخون الأحلام فليني
- فيلم الحمقى1998 :فكرة غير واضحة لدوغما ماتت قبل أن تولد
- آلام جان دارك لكارل دراير 1928:التحفة الأبرز في مجال السينما ...
- فيلم غريزة أساسية 1992: عناصر ناجحة لفيلم ناجح على شباك التذ ...
- فيلم الطريق 1954 لفليني:الفيلم الذي قاد فليني إلى التحف
- فيلم (Bocaccio 70)رسالة حب موجهة للمرأة
- الحالمون2004:أين كنا عام 1968
- راقص في الظلام:رؤية تشاؤمية للأخلاق البشرية:لارسن فون تراير ...
- التانغو الأخير بباريس:الحواس كتعبير عن اليأس الروحي:برتولوتش ...


المزيد.....




- الإعلان الأول حصري.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 159 على قصة عش ...
- أكشاك بيع الصحف زيّنت الشوارع لعقود وقد تختفي أمام الصحافة ا ...
- الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود ...
- “نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ ...
- تونس.. مهرجان الحصان البربري بتالة يعود بعد توقف دام 19 عاما ...
- مصر.. القضاء يحدد موعد الاستئناف في قضية فنانة سورية شهيرة ب ...
- المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب ...
- هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
- “نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق ...
- مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - سائق التاكسي 1976 لمارتن سكورسويزي: فيلم عن اللحظة بامتياز-سكورسويزي يقتبس من انتونيوني ويصيغ نظرية في التطهير العرقي