أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد يوسف عطو - الروح القدس وابليس















المزيد.....

الروح القدس وابليس


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 3433 - 2011 / 7 / 21 - 17:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في المسيحية و في الإنجيل و في فلسفة العرفان كما شرحناها سابقا نجد أن الله ( الأب السماوي ) هو اله محبة و خير , اله عالم الأنوار و الحقيقة . في حين نجد إبليس يقود عالم الشر و الظلمة عالم الجسد و الغرائز و السلطة و المال و القتل و الغش و الاحتيال و المكر و الخداع و التضليل . و لكن لا يبدو إبليس مستقلا تماما و موازيا لله كما في الديانات المثنوية مثل الزرادشتية . فالله يستطيع في نهاية الأزمنة وعند الدينونة قتل إبليس . أما في إنجيل يوحنا فقد حكم على إبليس عند موت يسوع و ليس هناك نهاية أزمنة : ( اليوم دينونة هذا العالم . و اليوم يطرد سيد هذا العالم . و أنا متى ارتفعت من هذه الأرض , جذبت إلي الناس أجمعين ) يوحنا ( 12 / 31 – 32 ) و في يوحنا 16 / 11 :( و أما على الدينونة فلأن سيد هذا العالم أدين و احكم عليه ) . و بالتالي في فلسفة العرفان هناك إلهان متناقضان متصارعان . لا يمكن أن يتشابها . أما في الدين اليهودي و خصوصا في أسفار موسى الخمسة فلا نرى هذه الثنائية و لا وجود لإبليس فيها . إذ يقوم اله التوراة نفسه بدور اله الخير و الشر معا . ( أنا الرب و ليس آخر , مصور النور و خالق الظلمة , صانع السلام و خالق الشر . أنا الرب صانع كل هذه ) . اشعياء ( 45 / 6 – 7 ) فاله التوراة يقوم بالبطش و يقتل شعوب العالم بل حتى يقوم بمعاقبة بني إسرائيل بان يقوم بعضهم بقتال الآخر و هو اله غيور و اله حرب ( رب الجنود ) يمارس الغش و الخداع و الكذب . إن مسيرة شعب إسرائيل تبدأ بالكذب على الإله و ارتكاب أول معصية في التاريخ و أول جريمة قتل و نرى السكر و الزنا و الفجور لدى الآباء و الملوك و الأنبياء هي انعكاس لأخلاق اله التوراة . راجع فراس السواح في ( الأسطورة و المعنى / الطبعة الأولى / 1997 / دار علاء الدين – دمشق ) و كذلك فراس السواح ( مغامرة العقل الأولى , الطبعة الرابعة 1985 / دار الكلمة – بيروت ) . إن العهد بين شعب بني إسرائيل و اله التوراة هو عهد غير أخلاقي . غير قائم على الأخلاق . جاء في سفر التثنيــــــــــــة ( 9 / 1 – 8 ) : ( اسمع يا إسرائيل , أنت اليوم عابر الأردن لكي تدخل و تمتلك شعوبا اكبر و أعظم منك ... لا تقل في قلبك حين ينفيهم الرب من أمامك قائلا : لأجل بري أدخلني الرب لأمتلك هذه الأرض و لأجل لاثم أولئك الشعوب يطردهم من أمامك . ليس لأجل برك و عدالة قلبك تدخل تمتلك أرضهم , بل لأجل إثم أولئك الشعوب يطردهم الرب إلهك من أمامك ... ) . كيف يرى داود زوجة قائده عارية و هي تستحم ؟ انه فيلم هندي فالمرأة العبرانية و اليهودية بمرتبة الحيوان و لا يمكن أن تظهر أمام الناس بدون لباس محتشم و بدون حجاب . و بالتالي فان أسفار التوراة تضم قصصا أخذت من الشعوب المجاورة لتبرير القتل و الزنى و الشهوة و الاحتيال و الكذب . السؤال الآن كيف يجمع الإنجيل بين يسوع و إبليس و الروح القدس ؟ يقول النص في متى ( 4 / 1 – 11 ) : ( وقاد الروح القدس يسوع إلى البرية ليجربه إبليس ... ) . كيف يتوافق الروح القدس مع إبليس و هما إلهان متناقضان منفصلان و متعارضان ؟ تقول الكنائس إن الروح القدس أو الله يسمح للشيطان أن يجرب الناس و هنا سمح أن يجرب يسوع . و أنا أقول لكم إذا كان الله يسمح لإبليس أن يجرب الإنسان فهو أي الله مشترك مع إبليس في هذه الصفقة . إن الكنائس تحاول تبرير الخطأ بالخطأ و هذا يؤدي إلى خطا فادح اكبر ويصل بهم إلى الشرك و الوثنية . إذ بدلا من القيام بالنقد الذاتي و المراجعات و الفصل بين التوراة و الإنجيل حيث إنهما يقومان بدور الناسخ و المنسوخ لبعضهما و إلغاء التوراة قامت الكنائس بتفسير المعقول باللامعقول . و هنا سأعرض ما معنى اقتياد الروح القدس يسوع إلى البرية ليجربه أبليس . و أنا هنا سأنقل بتصرف عن كتاب "( جولة في أقاليم اللغة و الأسطورة ") بحث و تأليف د . علي الشوك , الطبعة الثانية 1999 , دار المدى للثقافة و النشر سوريا – دمشق . ( ... فقد صورت ميثولوجيا الشعوب القديمة ( كالمصريين و العبريين و اليونانيين ) الريح بهيئة افعوان . و كان أفيون, أي الافعوان أو بورياس , عند اليونانيين و يعني ريح الشمال خالق الكون في أساطير شعوب البحر المتوسط المبكرة .... و في الأسطورة اليونانية إن بورياس هذا , أي ريح الشمال , كان له ذنب أفعى . و ذات مرة تنكر بهيئة حصان و لقح عددا من الجياد . و من هنا اعتقاد اليونانيين القدامى بان ريح الشمال تلقح الجياد . و يرجع هذا الاعتقاد إلى أزمنة قديمة . يوم كان سبب الحمل مجهولا . و قد أشار هوميروس إلى هذه الظاهرة , قدرة ريح الشمال على تلقيح الفرس عندما تعرض مؤخرتها إلى الشمال . و هي عقيدة امن بها حتى المثقفون الرومان , مثل عالم الطبيعيات بلينوس الذي كان يعتقد أن بالإمكان تلقيح الأفراس الاسبانية بهذه الطريقة .و قال أرسطو أيضا (( ضاجع زوجتك عندما تكون الريح شمالية لتنجب لك ولدا , و عندما تكون جنوبية لتنجب لك بنتا )) . و قد المح إلى هذه الظاهرة أيضا لاكتانيوس في أواخر القرن الثالث الميلادي , في سياق حديثه عن حبل العذراء بالروح القدس ... ثم إننا إذا علمنا إن كلمتي ( ريح ) و ( روح ) تمتان إلى جذر و احد في اللغات السامية . و تستعملان أحيانا على نحو تبادلي , ربما لان التنفس , هو الذي يديم حياة الكائنات . بات في وسعنا أن ندرك مغزى العبارة الانجيلية الآتية من حبل مريم العذراء . جاء في إنجيل متى : (( أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا : لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف قبل أن يجتمعا , وجدت حبلى من الروح القدس )) متى 1 / 18 انتهى الاقتباس . أي إن مريم حبلت بدون زرع بشري و لكن بمساعدة الريح . و هذا المعنى نجده في القران أيضا في سورة التحريم / 12 : ( و مريم أبنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا .. ) ( حسب الرسم العثماني ) . و يكمل د . علي الشوك قائلا ( ليس اتفاقا أن تعود لفظتا الريح و الروح إلى جذر و احد , بل هما في العبرية لفظة واحدة , هي ( روحة ) , و تعني , نفس , نفس الفم , هواء , نسيم , نفس المنخرين , و بالتالي غضب أيضا . و انظروا إلى هذا التنويع اللفظي في مادتي الريح و الروح في سفر حزقيال في التوراة : (( فقال لي تنبأ للروح , تنبأ يا ابن ادم , و قل للروح هكذا قال السيد الرب , هلم يا روح من الرياح الأربع , و هب على هؤلاء القتلى ليحيوا ... )) ( حزقيال 37 / 9 ) . و يتواتر ذكر عبارة (( روح الرب )) في التوراة . جاء في سفر الملوك الأول : (( و يكون إذا انطلقت من عندك أن روح الرب يحملك إلى حيث لا اعلم )) ( سفر الملوك الأول 18 / 12 ) و الاستعمال هنا بمعنى ريح الرب و ترد الروح أيضا بمعنى واهبة الحياة : (( روح الله صنعني . و نسمة القدير أحيتني )) ( سفر أيوب 33 / 4 ) . ويرى جون الليغرو أن كلمتي ريح و روح جاءتا من ( ري – خا ) السومرية . و تعني (( عاصفة )) . ينتهي هنا كلام د . علي الشوك . و من هذا الشرح تتبدى لنا المعاني الجميلة . نقرا في سفر التكوين ( 1 – 1 و 2 ) : ( في البدء خلق الله السماوات و الأرض . و كانت الأرض خربة و خالية , و على وجه الغمر ظلمة , و روح الله يرف على وجه المياه ) . حيث روح الله تعني الريح هنا . خاطب يسوع نيقوديموس قائلا له : ( فالريح تهب حيث تشاء , فتسمع صوتها و لا تعرف من أين تجيء و إلى أين تذهب : هكذا كل من يولد من الروح ) . يوحنا 3 / 8 فالريح هنا يمكن استبدالها بكلمة ( روح ) . و بالتالي إذا عدنا إلى التجربة مع إبليس : ( و قاد الروح القدس يسوع إلى البرية ليجربه إبليس .. ) متى 4 / 1 . فالروح هنا تعني الريح قادت يسوع و ليس الله فلا يبقى هناك تواطؤ بين الله و إبليس و اللاهوت المعاصر في الكنيسة الكاثوليكية يفسر التجربة مع إبليس بأنها صراع خاضه يسوع مع نفسه . في الختام . يسوع ابن بيئة فلسطين .. ابن المجتمع و الثقافة الكنعانية و قد كتبت الأناجيل باللغة اليونانية السائدة لأنها لغة العلم و الحضارة و الثقافة و الفلسفة و لذا يجب البحث عن أصول و جذور الكلمات و المصطلحات وفق عقلية المجتمع السائد آنذاك و لا يجوز تفسيرها وفق معتقداتنا و أفكارنا في القرن الحادي و العشرين . إن جهدا أكاديميا ينبغي القيام به و نشر الأبحاث المتعلقة بالموضوع على الجمهور و ليس وضعها داخل الغرف المغلقة .
( تعرفون الحق و الحق يحرركم ) يوحنا 8 / 32



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرسول بولس ليس جاسوساً ايها السادة
- يسوع والاسينيون ج2
- يسوع والاسينيون ج1
- في الطريق الى بناء البيت الشيوعي والتيار اليساري الديمقراطي
- اخي سالم ... شجرة الكرز المثمرة !!!
- الرسول بولس ، الرجل الذي احدث القطيعة مع اليهودية
- موقف الرسول بولس من المرأة
- محبة الاعداء
- الحزب الشيوعي العراقي والاقليات ... رد على رد
- محسن علي عزيز .. ذلك الشيوعي الطيب
- لاهوت التحرير والشيوعية
- نداء الى المفكر والباحث فراس السواح
- اكذوبة استحالة الخبز والشراب الى جسد ودم المسيح جوهرياً
- بشار وصدام وجهان لعملة واحدة
- موقف المسيحية من السلطة
- العلاقة الجدلية بين شيوعية الاحرار والتصوف
- ابليس .... اله اليهود وأعداء يسوع
- بين شيوعية الاحرار وشيوعية العبيد
- كشكول شيوعي
- المسيح ولد في الجليل لا في اليهودية


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد يوسف عطو - الروح القدس وابليس