أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - -دفاعاً عن الجنون-














المزيد.....

-دفاعاً عن الجنون-


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3432 - 2011 / 7 / 20 - 09:26
المحور: الادب والفن
    


ثمَّة حضور كبير الآن لرؤية الأديب الراحل ممدوح عدوان، في كتابه الأكثر أهمية “دفاعاً عن الجنون”، الذي استوحاه من عوالم الفنان السوري الراحل، والأكثر شهرة، لؤي كيالي، ولاسيما في لوحته الخالدة “ماذا بعد؟”، وهو يرسم أشكاله البشرية، الموغلة في التشويه، بل الكاريكاتيرية المريرة، في رؤية استباقية لما آلت إليه الأمور عشية نكسة يونيو ،1967 ليكون بذلك مرمى لسهام النقاد الرسميين، آنذاك، النقاد الذين لم تكن رؤاهم تتجاوز أبعد من أنوفهم، كي يشهد العام المقبل، وقبل أن يكمل دورته، ما رمى إليه هذا الفنان، الذي سيعيش تلك الهزيمة، عرافاً، وذا نبوءة، إلى أن يدفع حياته، ثمناً لها، وهو يتلمس ما بينه وبين محيطه من هوَّات .

ولعل عدوان قد ذهب بحق أبعد، من الواقعة الحقيقية التي عاش تحت سطوتها، طويلاً، متابعاً تتالي فصول صدمات المثقف الأصيل، وهو يعيش بين ظهراني مجتمعه، ليجعل من هذا الفنان، رمزاً، متجدداً، يلخص في سيرته عذابات كل مثقف يستطيع أن يقرأ اللوحة من حوله، ليس كما هي، فحسب، وإنما ضمن دورة الزمن كاملاً، ليكون البارحة أشبه باليوم، وأن صرخة الفنان لا تفتأ تتصادى، في كل مكان، من دون أن تلاقي أية ترجمة لها، عند متلقيها، وهو يدفع الضريبة تلو أختها، على نحو مستمر .

لقد أمسك عدوان برأس الخيط تماماً وهو يقلب المفاهيم الراسخة، رأساً على عقب، ليرى الحكمة مختصرة في الجنون، لا تبارحها، البتة، كي يصدم قارئه، غير بعيد عما قاله توفيق الحكيم في “نهر الجنون”، كي يكون الجنون خلاصاً حقيقياً، لا بد منه، لتجاوز غشاوات البرهة المتبلدة” .

إن موطن الحكمة، أنى تعثَّر الاهتداء إليها، أثناء تضبُّب اللحظة، قد لايكون في بطن كتاب، بل في فم “مجنون”، يطلق هَوار صرخته، متشبِّثاً بالصور، ورتب الخلاص، لا يكفُّ عن التعبير عمَّا هو الطريق الصحيح، من دون أن يولي هالات الزيف، أو الزور،أي اعتبار، أقرب إلى فلسفة هذا المجنون، لتشكل وطنه الصغير، يعلِّق على جدره شعاراته، عمودية، أو أفقية، لا ضير، من دون أن يفرق بين واحد وآخر، لتكون عبارته، ضالته، التي لا يكفُّ عن الركض صوبها، يترجمها في أحسن صورة .

إن الجنون بهذا المعنى المعرفيِّ حين يكون تجرُّداً من الرياء، وقواقع الأفكار المكتسبة، من دون أن تشفع لهافي التراب أية جذور، منحازةً إلى “شجرة الحياة الخضراء أبداً”، هو الطريق الأكثر اختصاراً إلى الذات، ومن هنا، فإن الموسوم بالجنون، يكتسب جماهيريته، لأنه الناطق باسم هؤلاء، في لحظة عَيِّ وانكسار، وخذلان، عن وصف الحال، كما هو، بل وترجمة الحلم كما ينبغي أن يكون .

ومن هنا، فالجنون امتيازٌ، والموصوفُ به علمٌ، وهو لا يخطئ في شقِّ طريقه إلى كتاب البقاء، ليس لأنه الضال عن جادة الصواب، مادام الأقرب إليها، بل باعتباره الأقرب إلى النفس، والأكثر امتلاكاً لها، وهذا ما يجعله منتمياً، في قرارة كل من هو حوله، إلى سلالة رؤياه، رائداً في قول ما لا يقال، وسبَّاقاً إلى الفعل المربك لجمهراتِ العقلاء مجازاً .

إبراهيم اليوسف

[email protected]



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراجة الجنرال:في رثاء هوارو
- بوصلة الرؤى
- بين جمعتين: جامعة وجامع ودماء4
- صلاة دمشقية:إلى قاسيون وبردى وكواكب صديقي-ع-
- كيف تطهِّر روسيا يدها من الدم السوري؟: رد هادىء على د. إينا ...
- في -نقد الثورة-:نحو ميثاقِِ وطنيِِّ لمستقبل سوريا
- ثقافة الخوف
- أسئلة اللحظة
- حدود النقد
- المعلّق من عرقوبه إلى الأهلين
- بين جمعتين: جامعة وجامع ودماء-3-
- المثقف الكردي والثورة السورية:
- عقدة الأخ الأكبر
- أُمثولة عامودا
- التفاؤل في الأدب
- دوار الشمس
- أدب الظلّ
- بين جمعتين: جامعة وجامع ودماء-2-
- بين جمعتين: جامعة وجامع ودماء -1-
- بين الكلمة والصورة


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - -دفاعاً عن الجنون-