أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عامر عبد زيد - من اجل إحياء العقلانية العراقية الغائبة















المزيد.....

من اجل إحياء العقلانية العراقية الغائبة


عامر عبد زيد

الحوار المتمدن-العدد: 3424 - 2011 / 7 / 12 - 22:02
المحور: المجتمع المدني
    


لقد جاءت البداية الجديدة للعراق ، وهو يخرج من إمبراطورية ال عثمان ليسقط في إمبراطورية الانجليز أعاد بناء ذاته في تحول جديد ، من إمبراطورية الملل والنحل إلى دولة الأمة التي من أهم مقوماتها "الدمج في هوية الأمة " مفهوم تمت استعارته من الغرب تجربه يراد لها إن تكون محاولة تحديثية في بناء هوية جديدة تم بمقتضاها توحد لأمة قديمة جديدة ؟
لم تعدم هذه إلارض من محاولات تحديث في العهد ما قبل الملكية إلا أنها هذه المرة كانت ولادة أمه أرادت لنفسها إن تكون ذا مكانة في العالم الجديد، لقد كانت صيرورة تحديثية طويلة الأمد، صيرورة تفاعلت فيها بشكل رفيع صدمتان متداخلتان:
صدمة الاستعمار ، والانخراط في تبعية سياسية واقتصادية وثقافية عميقة وطويلة المدى، وصدمة الحداثة المباطنة لها بما تعنيه من تحديث اقتصادي وبناء معامل وجسور ومواصلات وسدود، وإدخال وسائل السفر والاتصال الحديثة، وتنظيم المدن، وإنشاء إدارة عصرية، وإدخال نظام التعليم العصري.لكن كانت ثمة حالة تمزق بين الخطابات القديمة التي تشكل مكونات العراق بأطيافه الاثنية والقومية وحالاتها إلى البعد الطبقي الذي شكل الجماعة أو النخب.
هذا الصراع بين قوى الواقع الداخلي التي كانت مغيبه أو التي كانت حاضرة واصلت المشاركة بعدما استطاعت ان تغير من استجابتها بحيث أصبحت متماهية مع المتغيرات التي خلفتها السياسة والاقتصاد، إلا إن المجتمع بدا يتعرض الى تغير ثقافي وسياسي وقيمي بفعل انفتاحه على تلك المتغيرات في صراع قوى اجتماعية مهيمنة تحاول الانخراط في بناء الدولة وبين قوى اخرى فقدت مكانتها التي كانت تحتلها في العهد السابق بدت تنفتح على الجديد وتعيد استثماره في صراعها على السلطة التي بدت تأخذ طابعا قيمي بين القيم القديمة ،بمعنى كان الرأسمال الرمزي يحاول إن يبرر القديم ورأسمال أخر حديث يحاول إن يبرر الجديد وسط كل هذا كانت هناك حالة غياب للعمال والفلاحين وبالطبع فإن هذه الفواعل تدخل في صراع مع القيم الراسخة للمجتمع التقليدي، وتدخل معها في عملية معقدة متبادلة من التأثير ومحاولة التفكيك، والإفراغ من المضمون، وقلب الأدوار، واستعارة ملامح الطرف الآخر، حيث تتلبس الحداثة أحيانا بالتقليد لكي تخترقه وتفرض ذاتها عليه، بينما يتلبس التقليد بالحداثة حتى يستمر ويحيا من جديد ويقاوم عوامل التفكيك المداهمة له والتي تهدده باستمرار.
كانت هذه بالذات التي خلقت الإيديولوجيات الشمولية الثلاث التي أعادت من خلالهما تلك المكونات من اجل الاستجابة إلى أمرين: الأول منهما استجابة المؤثرات الخارجية التي كانت تطرح أثارها جليا على الساحة العراقية وهي مؤثرات تمنح الإطراف الإقليمية اثر غير محمود العواقب على مصالح العراق وان كان يصب في مصالح تلك الإطراف التي كانت تستثمر نفوذها الإقليمي من اجل دورها في المعادلة الدولية .
إما الأمر الأخر إن تلك الايدولوجيات تطرح مشاريع شمولية تنفي الوطن الذي تحيى من خلاله وتواصل الوجود من اجل وطن إيديولوجي طوباوي : الوطن العربي أو الكردي أو التركماني أو الخطاب الاشتراكي الكوني أو الأمة الإسلامية بانشقاقاتها الموروثة ، خطابات ساهمت في إضعاف الانصهار وخلقت صراعات وعنف لا حد له كان جسد المواطن وهو الذي دفع الثمن بوصفه الأخر ؟
لكن رغم هذا إننا نلمس إن تلك التحولات رغم ما خلفته من عوائق إلا أنها أيضا ساهمت في تشكل منظومة قيم جديدة حديثة أحدثت تحول مهم علينا إضاءته اذ أدخلت قيم جديدة على المجتمع البدوي –الريفي قيم المجتمع الحديث كقيم جديدة كالكفاءة، وتضاؤل أهمية الأصول والمنحدرات، وتوسع حقل الاختيارات أمام الأفراد، وانتشار فكرة المساواة، شيوع قيم التحرر:تحرر الأفراد والفئات الاجتماعية (المرأة الطفل)، وذلك مقابل القيم القديمة القائمة على تراتبية قوامها أهمية رأس المال الرمزي، والشرف في تحديد المكانة الاجتماعية للأشخاص، وأولوية علاقات القرابة، وأخلاقيات الضمير، والطاعة، والولاء، والاتكال على الأقدار، مع ما يلازم ذلك من اختلاط واضح في سلم القيم، نتيجة تداخلها وتــعارضها أحيانا. رغم إن القيم القديمة واصلت الحضور لكن القيم الجديدة شكلت حضور موازي فهي
وبين الاثنين فروقات شاسعة هي عينها الفروقات بين المجتمع الحديث والمجتمع الوسيط وهي عينها الفروقات بين قيم العصبية وقيم الحياة الحديثة بين قيم الطبيعة وقيم الفردية وقيم القبيلة فالإنسان بمقتضاها يكون منصهر في الجماعة وبالتالي لم يكن الإنسان يتمتع بكونه( فرد ا تتعين من خلاله الرغبة، أي عندما كان مفعولاً objet للشهوة، فإنه لم يكن غير امتداد للطبيعة: فهو تعبير عن حالة الطبيعة اذا لم يمتلك وعيًا بـ"أناه"، أي بفرديته واستقلاله الذاتي عن الطبيعة، ومادامت أفعالُه غير قصديه، تخضع خضوعًا آليًّا للضرورة nécessité التي تفرضها الطبيعةُ على الكائن باعتباره امتدادًا لها، وليس باعتباره كائنًا مستقلاً مسؤولاً عن أفعاله. )( ) في وقت جاءت التحولات القيمة الحديثة بمنظومة قدمت انعكاس لحالات التثاقف التي عاشها العراق من خلال انفتاحه على الجديد الذي يكون للفرد بمقتضاه الدور الأبرز على حساب الجماعة تعاضد فيه الفردية والكونية (إن الفرد الذي يتحمل مسؤولية وجوده الإنساني هو كائن تاريخي. وليست تاريخيَّته سوى ذلك التعيين الأونطولوجي للحياة الإنسانية، باعتبارها حياة دينامية تستجمع في قوتها الفعالة نمطَي الخاصيتين الفردية والكونية. بمعنى أن التاريخ هنا هو من أجل الفرد، باعتباره البدء والاستئناف أيضًا. وهو كذلك تاريخ كوني؛ فهو، إذ يُعلي من بروز الحرية كبُعد للفرد يرتكز عليه وجودُه، فإنه، في الآن ذاته، يسمح بانكشاف هذه الحرية كبُعد شمولي ينسحب على الوجود الإنساني في العالم. فالتاريخ، من هذا المنظور، تجسيد للحقِّ في العالم؛ إنه تجلٍّ لمجموعة من المبادئ التي انتقلت من مجال الفرد، أي من مجال الإرادة الفردية، إلى مجال الإرادة الكونية. )( )
لقد كانت هناك فعالية صراع بين القيم الجديدة والقيم القديمة لعل هذا حاضر بعمق في أنساقنا الثقافية وتساهم بالتالي في تشكل البنية الثقافية التي بدورها تعد نسقاً مهما من أنساق الخطاب السياسي فالثقافة هي منظومة أو مجموعة من الأنساق والظواهر الاجتماعية التي تشكل ثوابت في حياة الإنسان،ولعل هذا الصراع الثقافي بين القديم والجديد يظهر بعمق في الأزمة التي يعيشها الشعب يوم تسيطر عليه قوى تشجع انساق هاجعة وتغيب الأنساق القيمية الحديثة ولعل هذا جاء مع التحولات العنيفة والتفرد والاستبداد الذي أعاد قيم القبيلة من جديد خارج وجودها التاريخي من اجل خنق المطالب الحديثة بالتحول الديمقراطي وهي وسيلة اعتمدها الاحتلال ثم الأنظمة العسكرية التواترية وصولا إلى الاحتلال الجديد حيث تم إحياء قيم المجتمع الأهلي وانتعشت في ظل الأزمة إلي تطلبت إحياء تلك التشكيلات من جديد .
اليوم عندما نتوقف عند تلك التحولات القيمية نجد من الضرورة بمكان إن نرصد تجربة الماضي وحالة التحديث التي تم إجهاضها والتي شهدت ولادة الدولة والياتها الحديثة التي تساهم في خلق هوية جديدة إدماجية للمكونات بما يحافظ على قيم المجتمع الحديث الذي يفترض إحياءه اليوم فالثقافة الحية المعاصرة مطلب وطني جديد قديم فالثقافة هي في كل التحولات هي محاولة التعايش مع العالم وتحدياته بوسائل جديدة ؛فالثقافة حسب هذا الفهم هي وعي حضاري وافق التقاء الأفاق وانصهارها بين الماضي والحاضر صوب المستقبل وهذا لا يتحقق إلا بتلك الرؤية التعددية الحوارية التي تتجاوز وهم الهوية وتنفتح باتجاه الأخر سواء كان التراث أو الأخر الحداثوي او ما بعد الحداثة .
فقد أنتجت التجارب العراقية الماضية ارث مهم يجب معاودة أحياءه في ظل بناء دولة مدنية تعتمد قيم حديثة و اقتصاديات المعرفة بعيدا عن النظرة المبتورة التي تريد بناء دون نقد للقديم والبناء على الصحي والمعقول من قيمه ومعارفه لان الفرد بحاجه إلى وجود معرفة متوازنة عصرية لها قيم السوية التي لا تخلف الأزمات النفسية والسياسية وتبعد الفرد عن التوترات التاريخية الموتورة التي تعيد تجزئة البلد بعيدا عن آليات الدمج الحديثة تبعد عن المجتمع أن يسقط في تمزق بين قيم القديم وقيم الحداثة هذا يتطلب إحياء الفكر الفلسفي والانفتاح وتعدد الحقيقة التي كان تراثنا قد استبطنها منذ عصوره الحضارية فلابد من إشاعة القيم العقلانية وتعدد المعنى تلك القيم البارزة والمميزة في تراثنا العراقي في بغداد العباسين الثقافة وليس السياسة ورموزها فالثقافة العراقية في العهد العباسي أنتجت ثقافة عميقة متعددة المذاهب والفلسفات والأعراق حققت التواصل والبقاء بعيدا عن الانقطاع المعرفي او التراجع الفكري رغم الفتن إلا أنها أنتجت وترجمت وابتكرت والفت وصنفت وحللت ونقدت كل هذا حصل بعيدا عن العزلة والانغلاق والتقوقع أو النرجسية الثقافية بعيدا عن الإعجاب بالذات رغم الثقة الكبيره التي كانت موجوده لدى الذات وهي تحاور بلا خوف في الفلسفة والفكر والتصوف والمعارف الأخرى ، يجب إن نتجاوز لحظات الضعف التي خلفت ثقافة عاجزة لا ترغب بالحوار ، نحن اليوم مطالبين بإحياء العقلانية العراقية الغائبة في التعليم والثقافة ممارسة وقراءة ونقد كل هذا يتطلب إحياء الاهتمام بالفلسفة والانفتاح على المعاصرة من اجل جعل الثقافة العراقية تصل إلى إقرار مشاريع فلسفية عميقة وهي تمتلك الكوادر إلا إننا بحاجة إلى تأصيل ثقافة المؤسسات والتعددية الثقافة من اجل إحياء قيم الفردية في العمل الثقافي والاجتماعي والتعليم العالي والتربية في ظل مشروع كوني حواري يكون العراق مركز الاهتمام الأول بعيدا عن الإقصاء والتنميط الفكري .



#عامر_عبد_زيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آراء أهل المدينة الفاضلة
- رهانات الحداثة الإسلامية
- التأويل والريبة عند ماركس
- مفهوم الهوية وقبول الأخر
- مقاربة في رواية -الحنين إلى ينابيع الحب -
- تحولات -بروتيوس-(*)
- مجلة قراطيس
- رهان الهوية واليات التعايش في العراق الجديد
- جدلية المثقف والسلطة في الخطاب السياسي عند فلاسفة الإسلام
- مقاربه في المنهج
- إمام الصمت والاستقطاب الطائفي ماذا يحدث في اليمن ؟
- قراءة في مشروع بول ريكور التاويلي
- اطياف الديمقراطية في تمثلات الذات العربية
- اللغة واليات انتاج المعنى
- مقاربه في المجتمع المدني
- الحجة للقيام بإعمالهم العدوانية .مختارات من اعمال المفكر الع ...
- التعويضات بحق العراق ونظام الخلافة الدولية / مختارات من اعما ...
- رهانات التحديث والديمقراطية و الواقع العربي
- المرأة وثقافة اللاعنف.
- مقاربات في الخطاب السياسي المسيحي الوسيط


المزيد.....




- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...
- ممثلية إيران: القمع لن يُسكت المدافعين عن حقوق الإنسان
- الأمم المتحدة: رفع ملايين الأطنان من أنقاض المباني في غزة قد ...
- الأمم المتحدة تغلق ملف الاتهامات الإسرائيلية لأونروا بسبب غي ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عامر عبد زيد - من اجل إحياء العقلانية العراقية الغائبة