أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عامر عبد زيد - اطياف الديمقراطية في تمثلات الذات العربية















المزيد.....


اطياف الديمقراطية في تمثلات الذات العربية


عامر عبد زيد

الحوار المتمدن-العدد: 2681 - 2009 / 6 / 18 - 10:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أن الديمقراطية ظهر في ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية معينة ، إلا أنها رغم هذا تبقى ممارسات أرست نمط من أنماط الحكم يغيب بها الطابع الفردي وتطغي المؤسسة بعيدا عن فكر البطل أو الزعيم المخلص الذي طغت على المسرح السياسي العربي قديمه وحديثه. وهنا نستعير الأسئلة التالية التي طرحت من قبل الأول تطور مفهوم الديمقراطية ووجود أكثر من نظرية وتطبيق لها في الوقت الحاضر .
والثاني التباين بين النظرية والتطبيق عند العرب وهذا جعل الباحثين يحفرون في الميراث العربي القديم فيما إذا ظهرت مؤسسة تجسد النظرية وتمكن من تطبيقها .( )
في باب التعليق على الأول أي وجود أكثر من نظرة وتطبيق هذا يجعلنا نرى في الديمقراطية ممارسة والية خاضعة إلى التطور والتغير والتبيئة بصورة يجعلها تستجيب إلى الثوابت والمتغيرات مما يجعل من التجارب السابقة ليس مجرد نظريات كاملة بحاجة إلى التطبيق بل مجرد مصدر ومعين من التجارب التي تغني ؛إلا أنها بحاجه إلى التمحيص والنقد مما يجعلها تستجيب إلى المتغيرات والثوابت الثقافية ، اما من الناحية الثانية فيما يخص التجارب العربية فهي بالتأكيد تعاني من عائق اجتماعي يدخل في باب الاستبداد أو اجتماعي يدخل في باب الأنماط المهيمنة في الممارسة الاجتماعي التي يرى بعضهم أنها تعود إلى غياب المؤسسة في الممارسة والتفكير وهيمنة
الذاتية والفردية والميل إلى قبول الزعامة وهي أنماط مهيمنة في الفكر السياسي الموروث الإسلامي والمعاصر ( )
إلا إن بعض الباحثين من حاول الحفر في الأصول عن المؤسسة إذ وجدوا ( القبيلة تتألف من وحدات اجتماعية اصغر "الفخذ ، والبطن، العائلة" ومن رؤساء هذه الوحدات يتكون مجلس القبيلة "أو العشيرة " ليعبر عن رأيها وينظر في أمورها ، وليكون له دوره في اختيار الشيخ الذي يعتبر الأول بين اقرأنه في الكلمة والنصيب من الغنيمة والمال. إما في المجتمعات الحضرية فهناك مثل اليمن حيث يوجد مجلس الأسر والعشائر الشريفة التي تجمع بين القوة العددية وملكية الأرض ، وهذا المجلس هو "الملأ" وللرئيس شئ من السلطة الدينية إضافة إلى السلطة السياسية ، ويبقى دور "الملأ" واضحا يتباين أثره بدرجة استناده وبإمكانيات الرئيس ، ولم تستقر الوراثة في الملأ وان وجد هذا في عشيرة أو أسرة نتيجة القوة التي تتمثل في الملأ. والمثل الأخر هو الملأ المكي الذي يتكون من ممثلي أو إشراف العشائر الذي تأثر تكوينه بالتجارة التي قوة الفردية, وأدخلت قوة المال جنب النسب في تقدير الشرف . وتستند قوة الملأ إلى نفوذ الأدبي والى رابطة المصلحة وشعور الجميع بدوره في تنظيم النشاط وفي تقدير الأمور العامة.وكان الدور الأول في الملأ لشخص يجمع بين الشرف والمال والمبادرة)( ) .الواضح إن البيئة كانت تمثل تحدي ترك أثاره في منظومة القيم والعلاقات في الوقت الذي تبدو القبيلة هي الرابطة الأبرز (فهي وحدة منزلية منظوية على نفسها وتقوم بسد احتياجاتها مبدئيا ، جميع إفرادها.. الذي تجعلهم أساليب التحالف الصوفي ينتمون إلى نسق القرابة وبالتالي هي وحدة سياسية ودينية )( ) لكن هذا التصور يقوم على ملامح سلوكية هي الفردية والذاتية والولاء إلى القوي فرغم (فالجهل والحلم على وجه الدقة ، يمثلان جزاً من الأخلاق الشخصية والجماعية للعرب قبل الإسلام ، وتشترك الصفتان معا بالقدر نفسه في تكوين نظرة الإعرابي للبطولة ، التي ينبثق مصطلح قديم هو المروءة( ). فقيم البداوة جاءت استجابة إلى البيئة مما خلف منظومة من القيم التي تقوّم القوة والفردية, وغياب المؤسسة التي تجتمع بشخصية الزعيم ,وقدرة على الإقناع وتحقيق النموذج : (ولاء/قوة) وهذه الثنائية لها معنى خاص في منظومة البدو (معنى الولاء إن يلتزم الإنسان جانب حليفه أو جماعته فلا يفارقهم … إلا إن هذا الولاء له سمات بدوية مرتبط بقوة الحليف ) مما يجعله يزول بزوال قوة الحليف لان البدوي( يميل إلى الغلبة ويدور معها أينما تدور)( ).
وعلى الرغم من إن الإسلام قد جاء بعقيدة جديدة وقيم ومعايير للسلوك ، فقد استمرت الأنماط في تأثيرها على السلوك جنبا إلى جنب مع المفاهيم والقيم الإسلامية ( ) قد تم استثمار تلك القيم في البدوية لخدمة الإسلام كم يصف عابد الجابري في العقل السياسي من خلال مهيمناتها الثلاثة "العقيدة، القبيلة ، الغنيمة"في الوقت الذي يرى إن المرحلة المكيةدورهما كان أكثر تأثيرا وبروزا في صفوف"الأخر" الخصم: الملا من قريش. إذ "العقيدة في طرف ،والقبيلة والغنيمة ، في طرف أخر. والصراع السياسي بين الطرفين كان في جملته عبارة عن صراع عقيدة مع القبيلة والغنيمة . في هذا المرحلة ، كان الدور الأساس في إنشائها للعقيدة"التي تلبي في حاجة الإنسان إلى معرفة المصير بعد الممات ، وحاجته إلى التعبير عن رفضه لوضعية الضعف والاضطهاد التي يعاني منها ، ثم يشير الباحث الى: (إن ليدهش اندهاشاً عند ما يلاحظ إن جميع الإخبار التي تنقلها مختلف الروايات حول الطريقة التي بويع بها ابو بكر تجعل "القبيلة" المحدد الأول والأخير لجميع المواقف، ... ان الصحابة عالجوا مسالة الخلافة معالجة سياسية محضا .لقد كان المنطق السائد هو منطق "القبيلة) " ( )
في وقت كانت"العقيدة " تمثل نقطة انطلاق الثورات ضد الظلم ، بعد إن كانت هي القاسم المشترك وهي الميزة التي تجعل المسلم يتقدم على غيره كما كان زمن الرسول والخلفاء الراشدين ، لكنها حلت في المرتبة الثانية في الزمن الأموي بعد إن أصبح للقبيلة , هي الميزة في التقدم على الآخرين وهذا أدى إلى التصادم، وظهور حركات سياسية تقدم تأويلا سياسيا يتخذ من العقيدة محور انطلاقه .وهي هنا تحاول تقديم تأويل يمنحها الشرعية في سياق النص المؤسس في الثقافة الإسلامية "القران الكريم"اذ الخوارج يرون الإمامة بالاختيار ، وقد أكدوا منذ نشأتهم الأولى على الشورى في الحكم , وهم يرفضون فكرة النسب القريشي. ويرون ان أي عربي فاضل ثم أي مسلم فاضل يمكن ان يتولاها.( ) إلا أن الايديولوجيه القائمة على الرجاء"أي المرجئة" فهم يحاولون تبرير السياسة القائمة تحت ظل هيمنة القبيلة باعتبارها أمرا واقعا وبوصفها أفضل من الفوضى وعووا الامر الذي سيستمر في الفقه السلطاني ،إما المعتزلة فيتفقون مع الخوارج في التأكيد على الإمام العادل ، و واجب على الأمة تنحية الإمام الجائر . وكان المعتزلة الأولون لا يشترطون النسب القريشي ، ولكن المتأخرين قالوا بعدم جواز غير القريشي إن توفر القريشي.( )
إما على الصعيد الفرق والأحزاب الإسلامية في صراعها على الشرعية السياسية فنها مالت إلى الفرد ودوره الإنقاذي مما غيب البعد الذي جاءت به الشورى والقيم الإسلامية وما كان ممكن أن تكون مؤسسه في إدارة أمور الأمة والحكم .
إما على الصعيد التحاور والتثاقف والتفاعل العميق بين الحضارة الإسلامية والتراث العلمي والفلسفي اليوناني والروماني ، فان فكرة الديمقراطية لم تكن من بين الأفكار التي نالت أي حظ من التراث في التراث إما إعمال الفلاسفة المسلمين فقد تأثرت بالجانب المثالي الطوباوي من ذلك التراث . ولكن فكرة الديمقراطية المباشرة أو شبه المباشرة التي تعطي أهمية لحكم الشعب وتتضمن مفاهيم تداول السلطة ومحدودية مدة الحاكم لم نجد لها مجالا في مقابل الاقتباس من الحضارة الفارسية المماثلة، والتي انسب لخدمة النظم السياسية المعتمدة على الحكم العائلات وقد ترسخت تلك الممارسات فقهيا مع الماوردي والقاضي الفراء إذ اسقط هؤلاء من مؤلفاتهم موضوع الشورى ووجوبها ، وقالوا: إن الخليفة مجتهد وليس على المجتهد شورى . ولكن الشورى مستحبة للخليفة وان حكم الخليفة في الشورى كحكم القاضي الذي لا تجب عليه المشورة ( ). من الواضح إن هذا الفكر ممتد عميقا في النسق الثقافي ، إلا إن الاحتكاك مع الغرب وما ادخله الغرب من تأويلات على الديمقراطية بحسب ما سبق ذكره ترك تأثيرا على الواقع العربي الذي إصابته المؤثرات من الليبرالية إلى الماركسية إلى الأصولية الإسلامية والقومية .وقد ظهرت تلك المؤثرات في الممارسة الفكرية العربية بثلاث مراحل هي :
المرحلة الأولى:هي ما قبل الحرب العالمية الأولى حيث انصب اهتمام المفكرين العرب على المؤالفة بين الديمقراطية والشورى الإسلامية ومحاولة إصلاح نظام الحكم ووضع الحلول لمشاكل الاستبداد السياسي ، وإبراز أهمية الشورى في الحكم مدعمة بأهل العقد والحل.
المرحلة الثانية : هي مرحلة مابين الحربين العالميتين ، وهي المرحلة التي نادى فيها كثير من المفكرين بالديمقراطية ، وتمثلت هذه المرحلة في وضع الدساتير العربية ،وقيام الأحزاب الوطنية ومقاومة الاستعمار الغربي والنضال من اجل الاستقلال.
هنا نلمس بعدين الأول : التأسيس والثاني : النقد
المرحلة الثالثة: في النصف الثاني من القرن العشرين وتمثلت بظهور الحكام العرب الديكتاتوريين من عسكريين وعشائريين، وكانت هذه المرحلة مرحلة النضال ضد الديكتاتورية ، بعد إن كانت المرحلة السابقة النضال من اجل الاستقلال .( )
ان الحديث عن الحداثة في الحكم و الاقتصاد لابد من حصولها على المستوى الاجتماعي أولا وقبل كل حداثة لان الوضع الاجتماعي العربي يعاني من ركود فكري و اجتماعي له ردود سلبية على كل أنماط التحديث فهناك جملة من العادات الاجتماعية أسهمت في تخلف عالمنا العربي، و لهذا فنحن بحاجة إلى ثورة اجتماعية تتجاوز إنماط الاعتقادات السائدة و تقوم على الإيمان بحقوق الإنسان، و الممارسة الديمقراطية للسلطة بعيدا عن صور السلطة التقليدية القائمة على العشيرة او الطائفة و العرقية، كما هو الحال في المجتمع الأهلي العربي. و مرد ذلك ليس هناك تعدد في الأنساق كما هو الحال في الغرب فهناك تعدد في الأنساق حيث إلى جانب الأصولية توجد الديمقراطية إما العالم العربي فهناك نسق واحد السلطة و المعارضة معا و مرد ذلك إلى غياب الفكر النقدي، و التمركز حول الذات.في ظل هيمنة إنما" الفردية والذاتية واللامؤسسات، والقبول بهيمنة الزعيم"( ) العدد(15) ايارإشكال وأنماط تقليدية موروثة فرغم هيمنتها على السلوك السياسي الا أنها ليس حتمي بل قابل للتغير من خلال إرساء آليات جديدة ديمقراطية.
فضرورة التغير الاجتماعي نابعة من تحول بعض القوى الاجتماعية إلى معادية للإصلاح وهذا مرد إلى تعارض ذلك مع مصالحها و هذا على مستوى القبلية في عادات الثأر والشرف وعلى مستوى الطائفة في الجمود عن الاجتهاد والتزمت تحت هيمنة المصلحة وانكماش على الذات ؛ لكن هذا النقد الاجتماعي لا يعني نقداً للعقل العربي بشموله ان التشميل ليس من مقومات المقولات العلمية. ان النقد الثقافي يتوقف عند العوائق دون اهمال الايجابيات و ذلك إن الواقع العربي ذاته يتسم بالتباين و الاختلاف على المستوى الاجتماعي و الاقتصادي والسياسي و درجة النمو إلى جانب اختلاف الثروات التي من الممكن ان يكون لها دور في التنمية أو التعجيل بها إلى جانب التباين في أنظمة الحكم، التي تحاول إبقاء الأمر على ما هو عليه الواقع بين" نظرية المؤامرة " وتوظيفاتها السياسية التي أسبغت الشرعية على التسلط والقمع السياسي بحجة العود الخارجي وبالتالي أنتجت فكرا يحاول مقاومة الإصلاح وقد خلق هذا واقعا اجتماعيا متخلفا ، في ظل غياب المؤسسات الدستورية وهيئات المجتمع المدني في ظل دساتير لا تعدو أن تكون سوى برامج يلجأ ذلك العالم وبرلمان صنعته انتخابات غالبا ما تكون غير حرة في ظل منظومة قضائية مستقلة شكليا يقودها موظفون لدى السلطة .أين هذا من مفهوم الديمقراطية الذي يعني الترتيب المنظم الذي يهدف إلى الوصول إلى القرارات السياسية والذي يمكن للإفراد من خلاله اكتساب السلطة للحصول على الأصوات عن طريق التنافس . وتكون السلطة السياسية مرتكزة على نظرية السيادة الشعبية ويتم اختيار الحاكم عن طريق الانتخابات الحرة وليس الاستفتائية لصالح مرشح واحد وبنية الحكومة مستندة إلى التعددية السياسية وفصل السلطات هذا يعني أن تكون صلاحيات الحكام محدودة ويتمتع المحكومون بحريات عامة كحرية الرأي وحرية الصحافة وحرية الاجتماع وحرية إنشاء الجمعيات والحرية الدينية ، وكل هذا قابل لتعديل القواعد والمؤسسات استجابة للظروف المتغيرة.بين " نظرية الانفتاح " على الأخر- حيث الجواب الشافي- الذي يعتمد المثاقفة والمشاركة بعيدا إلحاق الثقافي من خلال تحطيم الثوابت الحضارية عبر الترويج لشعارات الثقافة القائمة على التبعية للمركز الغربي .

بين تلك الوقائع هيمنة المثولوجيا والدوغمائية و الانتهازية على الحياة السياسية العربية حتى بات الإصلاح بعيد بل مستحيل حتى تشبع الواقع العربي بذهنية " التفكير " الأصولي أو ذهنية ( التخوين ) التي تحولت إلى ذهنية إقصاء باسم استنبات الديمقراطية وهي لا تعدو سوى وسيلة إلى تثبيت رموز سياسية خلقت حول نفسها ماضي من السرد الذي يشير إلى البطولات والمجابهات والتي يراد لها أن تنتهي بكرسي في السلطة .
الديمقراطية أنها تتصف بما يلي: السلطة هي الوظيفة الاجتماعيّة التي تقوم على سنّ القوانين، و حفظها، و تطبيقها، و معاقبة من يخالفها، و هي التي تعمل على تغييرها و تطويرها كلّما دعت الحاجة: إنّها الوظيفة التي لا غنى عنها لوجود الجماعة ذاته، لاستمرارها، و لمتابعة نشاطها. من هنا بالذات، إنّها تلك الوظيفة القائمة على اتّخاذ المقررات التي يتوقّف عليها تحقيق الأهداف التي تتابعها الجماعة. فـ (…) التنظيم، و التقرير، و الحكم، و العقاب، هي المهامّ التي تنتظر السلطة، في أيّة جماعة كانت. «. على أنّ هذه الوظيفة الاجتماعيّة عندما تنحرف عن مسارها الأخلاقيّ و تكرّس نفسها لخدمة فئة من أصحاب النفوذ، فإنّها تصبح المنتهِكة الأولى للقوانين، و المتجاوزة و المحرِّفة لها، بحيث تصبح هذه القوانين أداة طيّعة تخدم مصالح أصحاب النفوذ، و تضرّ بمصالح الآخرين من الطبقات الأخرى، و تستعبدهم في آن. و هنا تنفصل السلطة عن الشعب، » و تدافع عن مصالح المستغلّين ـ بكسر الغين ـ و هم الأقليّة في المجتمع. و يمارسها الأشخاص الذين يصبح الحكم بالنسبة إليهم مهنة (الموظفون و الجيش و البوليس.. الخ). [أمّا] المؤسسات الرئيسيّة الهامّة الملحقة بالسلطة العامّة [ف] هي المحاكم والسجون و غيرها من المؤسسات العقابيّة. «( ).
1ـ اختزال التجربة الديمقراطية بعزلها عن العمق الشعبي وجعلها مجرد تجربة لا تجد أي تأثير لدى القاعدة الشعبية.
2ـ سطحية وهشاشة التجربة الديمقراطية بوصفها نظرية سياسية في الواقع العربي، مما حولها إلى مجرد ديمقراطية شعارات استهلاكية.
3ـ غياب المؤسسات الدستورية، تحت وطأة الدول السلطوية الاستبدادية، التي تكرس حكم الفرد في مقابل حكم الأغلبية، وقانون الرئيس أو الزعيم أو القائد على حساب حكم الجماعة أو المؤسسة، أو الأحزاب.وهذا ما ظهر في شكل ( الكاريزما نية)

4ـ تأسيس الثقافة الديمقراطية وجعلها ثقافة تبشيرية للنظام الحاكم، بدل تثقيف السياسة الديمقراطية، بإسناد مهمة تطبيقها ورعايتها وتعميق مفاهيمها لدى أبناء المجتمع كي تنمي فيه روح الحاجة إلى الديمقراطية الصحيحة وتخليص الديمقراطية من كل أساليب التزييف)( )

5ـ تكريس غياب الديمقراطية في الحياة السياسية العربية في استبعاد منطق التعددية السياسية بحجة ان هذه التعددية تؤدي إلى تكريس الخصوصيات في حين المطلوب دمج هذه الخصوصيات في ورقة الدولة، لكن كل المحاولات القسرية لم تؤد إلى انصهار الخصوصيات في بنية الدولة وبالتالي العجز عن تحقيق دولة المواطنة( ) .

6ـ إن أدق تعريف للنظام السياسي الممارس في أدبياتنا السياسية،انه نظام لا عنوان له. فهو مزيج من العشائرية، والطائفية، والقبلية، والجهوية، والمذهبية، والسلطوية،والديمقراطية والجمع بين هذه. فالاستبداد آفاقه ممثلة في السلطوية، وغياب المراقبة على الحاكم، ومزاجية الحكام وتهميش الكفاءات وإقصاء النزهاء وغير ذلك من آفات الحكم المستبد ( ).

كما ان للديمقراطية عناوينها من دستور ومؤسسات ومحاكم وانتخابات ونواب وحكومات وصحافة، ولكنها عناوين أفرغت من محتوياتها وهذا الأمر إظهار لتلك البنية العصبوية التي تقوم على الإقصاء والتمويه وإبقاء الكل في حالة صراع، فهدف السلطة لذاتها داخل العصبية الواحدة،أو مع باقي العصبيات، عبر خلق تحالفات مع بعضها ضد بعضها الأخر وسرعان ما ينتهي هذا التحالف بمجازر دموية تعمق الصراع حول المناصب وتوغل في الإقصاء . لقد أقامت تلك السياسة الاقصائية بإنتاج الرفض الفكري من الكثيرين « المفكرين »الذين تم زجهم في المعتقلات لأنهم يعارضون أفكار السلطة،هذا قاد السلطة إلى إنتاج العنف المضاد الذي كان يمثل رفضاً لسياستها.
لعل التكثيف الذي قدمه المفكر حسن حنفي البليغ في وصفه العلاقة بين الدولة والموطن « فالدولة في ذهن المواطن هي الشرطة،والمواطن في ذهن الدولة هو العاق أو الخائن أو العميل( ) » ويصف أدونيس حالة الشعب:«لفرط ما يعيش الناس في مجتمع مغلق، فقد غدوا هم أنفسهم مغلقين.لفرط ما يعيشون في مجتمع دونما ثقافة.. إن مجتمعا حيا لابد له من أن يكون ديمقراطياً»( ).

لهذا تبحث تلك الحكومات عن الآليات والوسائل التي تمهد لها تحقيق حيازة الشرعية وهذا لا يتحقق إلا عبر صياغة رأى عام « فان الرأي العام الذي تبلوره وسائل الاتصال هو ذلك الرأي الذي تؤسسه الدولة، أي المؤسسة السياسية، وفق ما يخدم المصالح الآنية والمستقبلي) ( )
وقد عمق هذا الأنموذج حالة الضياع في مجتمعنا، إذ كان المجتمع يفتقر إلى بنى عصرية، وتوزيع منطقي للثروة الوطنية، ومستوى لائق للحياة، في ظل تلك التركة والقمع البوليسي، والإقصاء، وتشويه الذاكرة الجمعية عبر التزوير التاريخي والاجتماعي بخلق ممارسات ديمقراطية زائفة وكاذبة وبخلق مخيال سياسي زائف يتخذ من الرئيس الفرد محور الرغبة،إذ يتم إسقاط كل الصفات الايجابية عليه ويسقط السلبية منها على أعدائه، وقد دخل هذا التزييف في ميدان التربية والتعليم والاعلام حتى تم تزييف الوعي لدى كثير من الذين مسخت شخصياتهم سواء بعلم منهم أو بدون علم.في وقت وصف المفكر الإسلامي(بن نبي) في عام 1960،وصف الديمقراطية خلال الإجابة على سؤال «هل في الإسلام ديمقراطية؟» مشيراً إلى أن تعريف مفهومي الإسلام و الديمقراطية بالطريقة التقليدية قد يؤدي إلى استنتاج عدم وجود علاقة بينهما من حيث التاريخ والجغرافيا، منبهاً في ذات الوقت إلى أن تفكيك المصطلح في معزل عن محموله التاريخي وإعادة تعريف الديمقراطية في أبسط أشكالها تحريراً من القيود اللغوية والأيديولوجية قد يوصل إلى استنتاج مختلف. ورأى أنه ينبغي النظر إلى الديمقراطية من ثلاث زوايا: الديمقراطية كشعور نحو ال- (أنا)، والديمقراطية كشعور نحو الآخرين، والديمقراطية كمجموعة من الشروط الاجتماعية والسياسية اللازمة لتكوين وتنمية هذا الشعور في الفرد. فهده الشروط ليست من وضع الطبيعة ولا من مقتضيات النظام الطبيعي، على خلاف ما تتصوره الفلسفة الرومانتيكية في عهد جان جاك روسو، بل هي خلاصة ثقافة معينة وتتويج لحركة الإنسانيات وتقدير جديد لقيمة الإنسان، تقديره لنفسه وتقديره للآخرين.



#عامر_عبد_زيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللغة واليات انتاج المعنى
- مقاربه في المجتمع المدني
- الحجة للقيام بإعمالهم العدوانية .مختارات من اعمال المفكر الع ...
- التعويضات بحق العراق ونظام الخلافة الدولية / مختارات من اعما ...
- رهانات التحديث والديمقراطية و الواقع العربي
- المرأة وثقافة اللاعنف.
- مقاربات في الخطاب السياسي المسيحي الوسيط
- من أجل هوية أكثر انفتاحاً
- قراءه في كتاب -من جدلية الاخر الى الذات-.للمفكر حسن مجيد الع ...
- من التسامح إلى الاعتراف
- نقد أطياف التمركز في القراءات الغربية
- بابل عاصمة الثقافة العراقية مقاربات وشهادات
- إشكاليات الحداثة والتراث
- قراءة في كتاب الحروب العدوانية وما أفرزته من قروض وتعويضات ب ...
- مختارات
- من اجل ترسيخ ذهنية التسامح
- قراءات في مفهوم الدستور
- المؤتمر الفلسفي السنوي السابع : فلسفة الحوار … … رؤية معاصرة
- اركولوجيا الوعي عند مدني صالح
- نقد التمركز الغربي


المزيد.....




- لمعالجة قضية -الصور الإباحية المزيفة-.. مجلس رقابة -ميتا- يُ ...
- رابطة مكافحة التشهير: الحوادث المعادية للسامية بأمريكا وصلت ...
- كاد يستقر في رأسه.. شاهد كيف أنقذ رجل غريب طفلًا من قرص طائر ...
- باتروشيف: التحقيق كشف أن منفذي اعتداء -كروكوس- كانوا على ارت ...
- إيران أغلقت منشآتها النووية يوم الهجوم على إسرائيل
- الجيش الروسي يعلن عن خسائر بشرية كبيرة في صفوف القوات الأوكر ...
- دونالد ترامب في مواجهة قضية جنائية غير مسبوقة لرئيس أمريكي س ...
- إيران... إسرائيل تهاجم -دبلوماسياً- وواشنطن تستعد لفرض عقوبا ...
- -لا علاقة لها بتطورات المنطقة-.. تركيا تجري مناورات جوية مع ...
- رئيسة لجنة الانتخابات المركزية الروسية تمنح بوتين بطاقة -الر ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عامر عبد زيد - اطياف الديمقراطية في تمثلات الذات العربية