أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مازن لطيف علي - نيران البصون.. في جسدها يجري دجلة والفرات















المزيد.....

نيران البصون.. في جسدها يجري دجلة والفرات


مازن لطيف علي

الحوار المتمدن-العدد: 3394 - 2011 / 6 / 12 - 13:05
المحور: سيرة ذاتية
    


ولدت في عام 1957 في بغداد.. في بيئة يتكلمون باللهجة العربية المسلمة (مع العلم بأن يهود العراق لهم لهجتهم الخاصة والتي هي قريبة جداً من اللهجة المصلاوية). فعندما ذهبت نيران في الأيام الاولى الى روضة الاطفال ( مدرسة فرنك عيني اليهودية واغلب طلابها كانوا من اليهود) كانت تتكلم باللهجة المسلمة، فسألها الاطفال أن كانت يهودية أم مسلمة، فلم تفهم السؤال فقالت لهم بأنها عراقية.. من الحوادث العزيزة على قلبها والتي تتذكرها بإستمرار هي لقائها بالزعيم عبد الكريم قاسم عندما كانت في الرابعة او الخامسة من عمرها في احتفال اقيم في بغداد عندما كان والدها الصحافي المعروف سليم البصون يعمل كرئيس تحرير في جريدة "الرأي العام" التي يرأس تحريرها الشاعر محمد مهدي الجواهري ، قرر والدها ان يصطحبها معه في احتفال لنقابة الصحفيين العراقيين لكي يسلم شخصياً على الزعيم ويعرف نيران به بصفتها أبنته الصغيرة (التي كانت مدللته) فسألها الزعيم عبد الكريم قاسم " شنو اسمك؟" قالت "نيران" قال " يا الله، هذا شلون اسم حلو. انتِ نور ونار، تضوين للأحرار وتشعلين الاستعمار". وهذا الكلمات النارية اذكت في الطفلة الصغيرة نار التعالي والاعتداد بنفسها بل بالغرور .

وبعد انقلاب 1963 قرر والدها الابتعاد عن العمل الصحفي خوفاً على عائلته. فبدأ بالعمل كموظف لكراج سيارات ولوريات تابع لشركة أهلية.

وفي أثناء حرب الايام الستة عام 1967 ساء وضع اليهود في العراق وتعرضت المدرسة التي كانت نيران تدرس فيها، لمظاهرة ضد اليهود فأضطرت ادارة المدرسة تهريب الطلاب من الباب الخلفي للمدرسة خشية على سلامتهم, ولن تنسى نيران الى هذه اللحظة الخوف والشعور بالخذلان والاغتراب والاحباط لانها كانت اصيبت بخيبة امل فظيعة، لاضطهادها من قبل الشعب العراقي الذي احبته وكانت تشعر بالفخر لاتمائها اليه، فكيف يضطهدون اليهود وهم عراقيون. وبدأت الحالة تتأزم شيئا فشيئا. ثم منع الطلبة اليهود بالالتحاق بالجامعات، فقطعت خطوط الهاتف من كل بيت يهودي، ومنع اليهود من العمل في اية وظيفة حكومية وأن كان من قدماء الموظفين فقد صدرت الاوامر بفصله, جُمدت الاملاك وحتى مُنع اليهود من الخروج من بغداد. وبدأت في عام 1968 اعتقالات اليهود فاختفى عدد منهم ومن بينهم المحامي يعقوب عبد العزيز والد الصحفية والنشطة النسوية المعروفة لنيدا منوحين. وتأزمت حالة اليهود جداً، فلم يكن احد يستطيع ان يتأكد فيما اذا كان رب البيت او اي فرد آخر من أفراد العائلة قد يرجع الى بيته سالما، ام ستختفي آثاره. وصلت الحالة ذروتها في كانون الثاني من عام 1969 عندما اًعدم 9 يهود كان من بينهم شاب قاصر في الـ16 من عمره، اغروه بتغيير عمره الى 18 لكي يمكن الحكم عليه بالاعدام معهم في ساحة التحرير وهال اليهود المنظر المخيف الذي يبعث القشعريرة في ابدانهم وهم ينظرون الى لجثثهم المعلقة في حين خرج الناس يحتفلون بهذا الحدث "البطولي للنصر المبين" مصطحبين معهم طعامهم للاستمتاع بمنظر المعدومين شنقا حتى الموت ظلما وشماتة.

بدأ اليهود بالتفكير بالخروج من العراق بأي طريقة ممكنة واستطاع العديد الهروب بطرق مختلفة الى ايران. وبعد ان أفلح الكثير في الهروب أعلنت الحكومة السماح لليهود بالحصول على جوازات السفرخارج العراق بدون عودة.

حصلت والدتها " مريم الملا"على جواز السفر وسجلت نيران وأختها معها لأنهن كن قاصرات (نيران في الخامس عشرة وأختها في السادس عشرة). فقد نصح أحد اصدقاء والدها بأن من المستحسن ان لا يقدم الطلب بأسم والدها بسبب علاقات الصداقة التي كانت تربطه بأشخاص من ذوي الشأن في السلطة ومعرفته الشخصية بعدد آخر منه.

سافرت نيران مع أختها لوحدهما إلى تركيا ومنها الى اسرائيل للألتحاق بأهل والدها ووالدتها وفي وقتها لم تعرف نيران ان كانت سترى والديها ام لا، وبعد اربعة اشهر جاء الفرج وافلح الوالدان في الألتحاق بهما ..

اكملت التعليم الثانوي بتشجيع حثيث من والدها فدرست لمدة سنتين العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة العبرية في اورشليم - القدس لكنها لم ترغب اكمال دراستها لهذين الموضوعين لأنها كنت مولعة ومهتمة بالازياء والفن. وانتقلت لدراسة تصميم الازياء واشتغلت مدة خمسة سنوات بهذا الفن الذي تحبه وبعدها انتقلت الى لندن وتزوجت من رجل عراقي ولها ولدان.

تعيش الان في لندن فقد تعلمت ادارة الحسابات وتشتغل في هذا المجال حاليا.
أزداد أهتمامها في السنوات الاخيرة بإحياء فعاليات مختلفة وأغلبيتها متعلقة بالعراق والعراقيين. فقد ساهمت بأعداد مهرجان للأحتفال بتراث يهود العراق وقد سمي "مهرجان هلاهل" وكان معظم الحضور من العراقيين مسلمين ويهود. و ساهمت بأحياء احتفالية للذكرى المئوية لميلاد موسيقار العراق صالح الكويتي وحضرها حوالي 300 شخص من جميع اطياف الشعب العراقي بمسلميه ، يهوده ، مسيحيه ، صابئته ،واثورييه وأكراده .

و ساهمت في إحياء امسيتين احيتها جمعية احياء التراث العراقي في المملكة المتحدة الاولى بعنوان "بغداديات بالشعر والصورة" والتي شارك فيها د. أميلي بورتر و د. علي ثويني و البروفيسور سامي موريه والشاعر عدنان الصائغ، والثانية بعوان" الحوار عن الحب في القصة والشعر العراقي" والتي شارك فيها امل بورتر والكروئي أيلي عمير.

نيران تحمد الله دائماً على وجودها في في لندن حيث تستطيع أن تلتقي بالعراقيين وتتواصل معهم بعد حرمانها من اهلها وناسها في بغداد. وتذكر نيران انها تركت جذورها في العراق ولكن بيتها ليس في العراق وأن كان بيتها في المملكة المتحدة ولكن جذورها ليست فيها .

أنا ابنة العراق, في جسدي يجري دجلة والفرات كالشريان والوريد ولا يستطع أحد ان ينزع العراق مني ولو نزعوني من العراق. لقد هُجرت من قلب العراق قسراً ولكن لم يستطع أحد أن يأخذ العراق من قلبي.

وعن حياتها العائلية فبيتها عراقي بكل معنى الكلمة فقد حافظت هي وزوجها على عراقيتهم فمأكولاتهم عراقية, الموسيقى عراقية وكلامهم عراقي والاولاد على الرغم من انهم لا يتكلمون العراقية ولكنهم يفهموها.

وفي حديث شخصي معها عن يهود بغداد واحوالهم وامنياتهم قالت نيران : الحقيقة أنني لا أعتقد أنه يوجد اي يهودي عراقي، أينما كان، لا يحب العراق أو يهتم بما حدث او يحدث هناك والاغلبية الساحقة تحن للعراق وأيام الخير. يوجد البعض مما لا يزالون متألمين ولا يستطيعون نسيان ما حل بهم في العراق من اضطهاد او مضايقة او ربما قتل احد من أفراد عائلتهم، فقط لأنهم يهود ولكن هذا ليس معناه كره العراق او العراقيين. فترى اليهودي العراقي يتلهف لرؤية اي عراقي سواء كان مسلماً او مسيحياً .


بعد الهجرات المتعددة التي حلت بيهود العراق أضطر كل فرد من الطائفة ان يبني حياته من جديد في بلد آخر ،ربما للعمل في مهنة أخرى غير تلك التي عمل بها في العراق مثلما حصل مع الأخوين الكويتي، او تعلم لغة جديدة مثلما حصل مع من هاجر الى اسرائيل. الكل ضرب جذوره في بلدٍ آخر من خلال الزواج مثلاً لفرد من بلده الجديد، او انجاب اولاد في البلد الجديد ولكنهم لا يملكون نفس الشعور بالنسبة للعراق. ولذلك تعتقد نيران ان عودة اليهود الى العراق هو أمر صعب وربما غير واقعي او بالأحرى مستحيل او ربما هذا ممكن في أجيال قادمة.

فمع كل هذا ورغم شعور الالم الذي يشعر به كل يهودي عراقي الذي أضطر الى مغادرة وطنه العراق لم يتخلَ اي منهم عن تراثه العراقي، لغته العربية, وموسيقاه ومأكولاته. فالكل كون له عراقاً خاصاً في بيته ومحيطه. قالت لها والدتها الكاتبة مريم الملا التي تجاوزت عقدها الثامن، بعد ان اطلعت على بعض الاغاني العراقية القديمة على موقع اليو تيوب، قالت " نياله اللي يقدر يزور العراق"

فكرة العودة الى العراق بالنسبة لليهود هي مجرد حلم وليس هناك اي أمل لتحقيقه. ربما هذا الحلم هو الذي يربط اليهود في جميع انحاء العالم فالكل يطرب على نفس النغم – الاغاني والمقامات العراقية و يتلذذ بنفس المأكولات ويفتخر بنفس التراث والتاريخ والحضارة مما يوثق العلاقات بينهم أكثر وبالأخص لأنهم بعيدين عن العراق.
وقد اسست البصون مع الاستاذ ضياء كاشي منتدى مير بصري للمعرفة في لندن. ليلتقي العراقيون من أطياف مختلفة.



#مازن_لطيف_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة العراقية .. الحوار مع الذات
- الوحدة العربية بين الحقيقة والوهم وموقف صحيفة الأهرام منها ( ...
- مع كتاب -الطائفية السياسية ومشكلة الحكم في العراق- للدكتور ع ...
- المثقفون الإيرانيون من التأسيس إلى الثورة
- من اعلام الصحافة العراقية .. منشي زعرور -السميذع- العربي الي ...
- العذرية في اطار مباحث أنثربولوجيا الجسد
- ميثم الجنابي في كتاب جديد عن التوتاليتارية العراقية وتشريح ا ...
- السرد في التراث العربي
- رحلة في عالم الفنان الراحل مؤيد نعمة
- نجل الموسيقار صالح الكويتي : الملك غازي اهدى والدي ساعة ذهبي ...
- حوار مع البروفيسور ميثم الجنابي عن حقيقة التصوف•
- مير بصري.. سيرة وتراث
- قصة حب بين فاطمة المسلمة والفتى الجميل سالم اليهودي
- أكثر من 15 مطبعة أسسها يهود العراق في النصف الأول من القرن ا ...
- ساسون حسقيل: أشهر وزير في تأريخ الحكومات العراقية المتعاقبة
- مير بصري .. شاهد على يقظة الفكر العراقي
- كريم مروة يؤرخ سيرة أربعة شيوعيين لبنانيين
- بيوت محمود النمر بلا قبعات
- الدكتور داود كباي .. شخصية عالقة في الذاكرة العراقية
- توفيق التميمي يوثق تاريخ شارع المتنبي في كتاب جديد


المزيد.....




- مصممة على غرار لعبة الأطفال الكلاسيكية.. سيارة تلفت الأنظار ...
- مشهد تاريخي لبحيرات تتشكل وسط كثبان رملية في الإمارات بعد حا ...
- حماس وبايدن وقلب أحمر.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار ...
- السيسي يحذر من الآثار الكارثية للعمليات الإسرائيلية في رفح
- الخصاونة: موقف مصر والأردن الرافض لتهجير الفلسطينيين ثابت
- بعد 12 يوما من زواجهما.. إندونيسي يكتشف أن زوجته مزورة!
- منتجات غذائية غير متوقعة تحتوي على الكحول!
- السنغال.. إصابة 11 شخصا إثر انحراف طائرة ركاب عن المدرج قبل ...
- نائب أوكراني: الحكومة الأوكرانية تعاني نقصا حادا في الكوادر ...
- السعودية سمحت باستخدام -القوة المميتة- لإخلاء مناطق لمشروع ن ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مازن لطيف علي - نيران البصون.. في جسدها يجري دجلة والفرات