أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - آخر الدجالين














المزيد.....

آخر الدجالين


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3370 - 2011 / 5 / 19 - 22:59
المحور: كتابات ساخرة
    


سمعتُ ذات يوم عن قرية أردنية جميع من فيها من سكان لا يشربون السجائر ولا حتى أي نوع من أنواع التبغ, وهذا شيء طبيعي أن نجد إنسانا ليس مُدخناً وكذلك من الممكن أن تجد عائلة لا يشرب ولا أي فرد من أفرادها السجائر أو المشروبات الروحية, وشيء طبيعي أن تسمع عن انسان بأنه لا يصدق في أي حديث أبدا وشيء طبيعي أن تسمع عن عائلة كاملة هي وكل أفرادها بما فيهم الخدم والحشم كاذبون,ولكن أن تسمع أنت وأنا بقرية كل من فيها من سكان صادقون بما فيهم الخدم والحشم لا يكذبون فهذا شيء غريب, فعلا غريب أن تجد قرية كاملة ليس فيها ولا أي شخص يكذب سواء أكان رجلا أو امرأة أو شيخا كبيرا أو عجوزا, وكيف سيكون شكل الانسان الذي لا يكذب؟ من المؤكذ أن يكون شكله مخزيا لأن الكذب يجمل حياة بعض الناس, وأنا لا أصدق بأن هنالك رجل أو امرأة لا يكذبون على أحد, ولا على أهلهم ولا حتى على أنفسهم حتى أنه من المستحيل أن تجد أو أن نعثر على إنسان لا يكذب أبدا ودائما صادقا فهذا نادرا ما يحدث, ولا أريد من حكاية القرية الصادقة التي لا يكذب من فيها من سكان أن تكون مجرد قصة كرواية (إحسان عبد القدوس)(أنا لا أكذب ولكن أتجمل) فالموضوع هنا ليس حركة تجميلية بل قرية كاملة سكانها لا يكذبون أبدا, فلو دخلت اليها وطرقت باب أحد الأصدقاء فيها وتأخر عليك حتى يفتح لك الباب وسألته عن سبب التأخير لأجابك بكل صدق وأمانة ماذا كان يفعل وبالتفصيل الممل والدقيق وإن كان بالمرحاض سيخبرك أنه كان بالمرحاض وبالضبط ماذا كان يفعل, وإن كانت زوجته قد صعدت فوقه سيخبرك بالتفصيل المثير حتى تشتاق لمضاجعة الحجارة والأشجار الواقفة, ولو كتبت قصيدة شعرية وعرضتها على شاعر من تلك القرية لقال لك إن كانت غير صالحة للنشر بأنها تافهة ولا تستحق النظر فيها, وأنت ستشكره كونك تدربت وتعلمت وتعودت على الصدق والأمانة في كل شيء, ولو زارك ضيف وسألته (هل أنت جائع؟) لقال لك بأنه دايخ من الجوع إذا كان جائعا, وأنت بدورك ستحضر له كل ما في الثلاجة ولن تبخل عليه ولن تكذب عليه إذا كنت فعلا من سكان تلك القرية التي لا يكذب سكانها على أحد, ولو سألت زوجة هنالك زوجها أي سؤال لأجابها بكل صدق.

أسرة أو عائلة كبيرة وكل من فيها صادق لا يكذب هذا عمل فانتازي من وحي خيال الشعراء, إنه من المستحيل أن تجد للقرية مثيلا, حتى أن القرية لا يوجد أو لم يكن يوجد فيها لا مسجد ولا شيخ ولا إمام أو مأذون, لأن الشباب يبنون علاقاتهم على أسس غرامية صادقة, فالشاب الذي يريد مصاحبة إحدى الفتايات من فتايات القرية يعرض أولا على الفتاة مشروعه للحب فإن وجد قبولا يتطور في أسلوب عرضه فيعرض عليها مشروعا آخر أقل تكلفة من الحب فإن قبلت به فإن كل الناس يعرفون بأن هذين العاشقين يشكلان مع بعضهما البعض أسرة نموذجية قائمة على الحب والصدق والرومانسية, لذلك لا يوجد في القرية مأذون يكتب أو يحرر عقود جنسية مدفوعة الأجر وعقد الزواج بيديه بناء على خطة أبي حنيفة النعمان أو الشافعي أو الحنبلي, فالحب يجمع بينهما والكره يفرق بينهما والله هو المحبة دون تدخل أي أحد, وهكذا عاشت القرية بسلام وأمان حتى ظهر رجل فيها كذاب.

وقبل أن أصف لكم الدجال سأقول لكم بأن العالم كله كان بريئا ولا يكذب من لحظة ميلاده, ولكن على مدى التاريخ ظهر رجال يعلمون الناس على الكذب والفسق والفجور وكان أغلبهم تجار لهم مصالح قوية مع الفقراء فكانت دعواتهم موجهة بشكل رئيسي إلى الفقراء والغرباء لذلك تلوثت كل المشاعات القروية في العالم وصار الإنسان يحتاط كثيرا من الاحتياطات الأمنية فصار لا يخرج من بيته ليلا ولا يخرج إلا وهو متأبط تحت إبطه سلاحه الحجري أو الحديدي أو الناري , وصارت كل الناس تكذب وتتبارى بالكذب ويؤسسون جامعات وكليات لتعليم الدجل والكذب على ألله وخلق ألله, على أي حال هذا الرجل هو الوحيد الذي يكذب في تلك القرية أو إن صح التعبير هو الوحيد الذي كان يكذب في تلك القرية وعلّم من بعده الملايين على الكذب , فكان يكذب على الناس وكان الناس يصدقونه ويصدقون أحاديثه وألغازه, فكان يخترع النظريات من أجل إشباع رغباته الجنسية وكان يقضي ألليل يشرب الخمرة برفقة إحدى زوجاته المتعددات الجنسية, وكان يقول للناس بأن المشروب ليس لذيذا وكان يستأثر لنفسه بألذ المشروبات الروحية, وكان يقول للكاتب الفاشل (أنت عظيم) وكان يصف الشاعر المتكسرة أوزانه(أنت أمير الشعراء) وكان يسلمه جائزة على شعره الجميل ويخلع على الكاذبين رداءه ويفرش لهم الأرض, وتعلم كل الناس الكذب فصار إذا طرق أحدهم باب جاره وسأله ماذا تفعل وكان يشرب الشاي لكذب على صاحبه وقال بأنه كان يشرب القهوة, ولو كان بالمرحاض لقال كنت بالمطبخ, ولو كان فعلا بالمطبخ لقال كنت نائما,وصار يقدح ويغدر بالشعراء الأصليين فكان يشردهم وينفيهم ويعذبهم ويقتلهم فصار يقتل العشق والحمام ويصطاد الفراشات الزرقاء الجميلة وصار يعاقب على الحب والمحبة ورجم أتباعه من بعده العشاق وباعوا الجنس لمن يملك نقودا أكثر ولمن يدفع أكثر, وكان كثير الكذب والدجل وعلم الناس على قبول الهدايا أي على قبول الرشوة وأسس نظاما للفساد ما زالت كل الناس تمشي عليه حتى اليوم وكان يصور للناس حياة أخرى غير واقعية بعيدة عن واقعهم فكان يصف لهم الغلمان والولدان والحوريات اللواتي يخرجن ليلا وصبحا ومساء وليس لهن أهل يسألون عنهن أو يقتلونهن دفاعا عن شرف العائلة, ومن كثرة كذبه وشدة تأثيره على الناس بدأ أهل القرية ينظرون إليه على أنه شخص صادق جدا وهم الكاذبون لأنهم يقولون الصدق وهو يكذب عليهم وكأن الإنسان يبحث عن الذي يكذب عليه ليصور له ما يريد من أكاذيب, وفي النهاية تناقلت الناس أخبار الكاذب بأنه منذ نعومة إظفاره كان صادقا ومحبا للخير وبأن نجمة أطلت من السماء على يوم مولده ونجمة أخرى انطفأ نورها. ولم تمض عليه بضع سنين حتى قال الناس عنه بأنه (نبي آخر الزمان).



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية الغاب
- الأردني يدخل ويخرج من بيته كالحرامية
- لله يا محسنين لله
- أنظمة الصيانة
- ولادة كلماتي
- أنا مواطن خليجي
- الشعب الأردني المتخلف
- الفساد في عيد ميلادي
- العين الساهرة
- الغنج واللذة والصراخ
- يا من يحميني من نفسي
- أعطونا مزيدا من الوقت
- الذين تعلموا بي
- واحد أقوى من مليون
- مؤمن جدا فاسد جدا
- شيء في رأسي
- الشخصية النرجسية
- يا مسلم هذا يهودي يختبأ خلفي
- الجو بارد
- المرأة فاتحة وخاتمة أي موضوع


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - آخر الدجالين