|
الثورة في مصر والتغيير في العراق
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3352 - 2011 / 5 / 1 - 10:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هنالك أملٌ كبير ، أن ترتقي الإنتفاضة الشعبية الشبابية المصرية ، الى مُستوى " ثورة " حقيقية ... مادامَ المنتفضون يصّرون على المُثابرة ، ويتمتعون بِنَفَسٍ طويل ، ومعهم وخلفهُم الكثير من العقلاء الشرفاء ، نظيفي اليد ناصعي التأريخ ، ذوي الخبرةٍ في السياسة والاقتصاد والاجتماع .. ولا ينجّرون الى تسوِياتٍ مشبوهة مع رموز النظام السابق ، بحجة " عفا الله عّما سَلَف " ، أو " المُصالحة الوطنية " أو التنازل عن حقوق الوطن والشعب وترك الطبقة الحاكمة السابقة ، تفلت بما نَهَبتْهُ من أموال وثروات طائلة . فمنذ الان ، شُكِلتْ لجان لمتابعة الأموال المُهّرَبة للخارج والعقارات الكبيرة ، ليس فقط التي بأسماء المسؤولين السابقين وعوائلهم فقط ... بل ان معظمها بأسماء وواجهات اُخرى ... لا أحدَ يتوقع ، إسترجاع " كافة " الاموال والثروات المنهوبة المُهربة للخارج ... ولكن إسترداد نصفها وحتى رُبعها ، هو في الحقيقة ، مَكسبٌ للشعب المصري . أما الاموال والعقارات والاراضي الموجودة داخل مصر .. فأن تعقبها أسهل وستكون النتائج أسرع .. وخير دليلٍ على ذلك هو ، إستعادة الاراضي الشاسعة التي " بيعتْ " الى الامير السعودي الوليد بن طلال ، بسعرٍ رمزي ، في صفقة مشبوهة ، تقاسمَ فيها ملايين الدولارات مع كِبار المسؤولين الفاسدين !. هكذا كانتْ تجري معظم " الإستثمارات " و" العقود " و " إستصلاح الصحراء " ... في صفقات بين عصابة كِبار رجالات الدولة ، مع أثرياء معظمهم من اُمراء الخليج . الفرق كبير ، بين ما حدث عندنا في العراق ، وما يجري اليوم في مصر .. فلا يوجد في مصر ، حزب او جماعة ، تتجرأ على الدفاع عن النظام السابق او الحزب الحاكم المُنحَل ، بطريقةٍ مُباشرة ، او غير مُباشرة .. أو الضغط بإتجاه العفو عن الذين تسببوا بقتل وجرح وتعذيب المصريين خلال الثلاثين سنة المنصرمة ، او الذين سرقوا ونهبوا الاموال العامة وخانوا الامانة وغرقوا في مستنقع الفساد .. بينما في العراق ، كان هنالك إحتلالٌ أجنبي في 2003 ، وهذا الإحتلال لم يكتفي بإسقاط النظام السابق ، بل تمادى ودّمَرَ عمداً البُنية التحتية بصورةٍ شبه كاملة ولم يبقَ شيءٌ اسمه مؤسسات او دولة في العراق ... في حين انه في مصر ، المؤسسة الوحيدة التي إنهارتْ هي الأمن الداخلي والشرطة والمباحث ، في حين كان الجيش ولا يزال ، هو صمام الأمان الذي وضعَ منذ البداية ، حداً لإنهيار الدولة المصرية ، ويقود اليوم هذه المرحلة الحرجة ، بكثيرٍ من الحصافة والدراية . رغم نفوس مصر الكبير ، وإمكانياتهم الاعلامية العالية ، وخبرتهم الطويلة والمتراكمة ، والجو العام المنفتح منذ إنتصار ثورة يناير .. فأنه لايوجد منبرٌ إعلامي ولا فضائية تلفزيونية ، سواء في داخل مصر أو خارجها ... مُعادية لمصر الجديدة أو مُدافعة عن النظام السابق او الرئيس المخلوع !. بينما إنتشرَ الإعلام المُعادي للنظام العراقي الجديد والعملية السياسية ، منذ الأشهر الاولى بعد التغيير ، في داخل العراق وخارجه ، وما زال يعمل بكل قوة من أجل إفشال التجربة العراقية .... الذي يُتابع المحطات التلفزيونية المصرية ، مثل دريم والمحور والقنوات الرسمية الحكومية كافة ، والجرائد والمجلات المصرية بصورةٍ عامة .. والنقاشات الجادة والراقية ، والجهد المبذول لإيصال الحقيقة الى المشاهد والقاريء ، والسعي لإيجاد الارضيات المشتركة والحلول الناجحة للمشاكل ، والتحضيرات الجارية على قدمٍ وساق ، من أجل أول إنتخابات حقيقية مُرتقبة ... كُل ذلك ، يُوّضِح الفرق مع الوضع العراقي ، المُتَسِم بالتناحر الاعلامي ، والتصعيد والتنافس الى حد التصارع على السلطة ومحاولات إحتكارها . ان تغيير النظام المصري ، جرى من الداخل بدون أي تدخلٍ أجنبي ، مثل التغيير الذي جرى في تونس أيضاً ، بعكس التغيير الذي حدث بفعلِ إحتلالٍ أمريكي في العراق . فمن الطبيعي ان تكون نتائج التغيير ، مُختلفة أيضاً .. أعتقد ان اُفُق الثورة المصرية ، أكثر رحابةً وإشراقاً ، وأكبر تأثيراً إيجابياً على المنطقة كُلها ... من التغيير الذي حصلَ في العراق في 2003 .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يستقبل العراق لاجئين من سوريا ؟
-
حكومتنا .. وعُقدة مصطفى الشكرجي !
-
المسؤولون .. بأي دينٍ يدينون ؟
-
إختلاف الآراء
-
الحدود
-
لَمْ أرى بِعيني . لكني سمعتُ بأذني !
-
الأمطار الغزيرة .. فضحَتْنا
-
أثيل النُجيفي واللعب الخطر
-
حكومتنا .. و - المَلا سيسو - !
-
ماذا ينقص - ديمقراطيتنا - ؟
-
مبروك .. عيد رأس السنة الإيزيدية
-
حكومتنا .. والحَرُ والبَرد
-
رؤساءنا لا يلعبون ولا يُغَنون !
-
صناعة الحرب
-
ثورات المنطقة .. بعض الدروس
-
أعمدة الفساد الأربعة
-
وعود الحكومة العراقية
-
علاوي والهاشمي ..مثل الساعة السويسرية !
-
ألمالكي وبَرْهَم .. تَرَكا القراءة !
-
العراقيون في سوريا .. في خطر
المزيد.....
-
كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم
...
-
طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة
...
-
مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
-
الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
-
ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا
...
-
بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
-
انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج
...
-
مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
-
غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
-
ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|