أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - حيرة الكاتب المسرحي















المزيد.....

حيرة الكاتب المسرحي


أبو الحسن سلام

الحوار المتمدن-العدد: 3337 - 2011 / 4 / 15 - 01:48
المحور: الادب والفن
    


حيرة الباحث المسرحي
- تأملات فلسفية في فن كتابة المسرحية -
د. أبو الحسن سلام

ما من علم إلاّ ويقوم علي البحث ؛ وما من بحث إلاّ ويقف خلفه عاشق لمجال عمله، متمرد علي كل مظاهر الثبات في محصلته المعرفية ؛ وما من بحث إلاّ ويقوم علي فرضية ما ؛ هي نتاج عدد من التساؤلات المندهشة ؛ أمام غرابة ظاهرة ما؛ تعذّر الوقوف علي كنهها من حيث كيفية وجودها، ومن حيث سببية ظهورها علي تلك الكيفية التي وجدت عليها . وهنا يكون الباحث ملزما بدراسة كيفية وجودها ؛ محمولة علي أسبابها ؛ ملتزما بالموضوعية ؛ مسترشدا بالمنهجية الملائمة ؛ لبحث إشكالية تلك الظاهرة التي وقف أمامها متحيّرا ؛ مستشهدا بشواهد عدول ؛ يثبّت بها أركان كل استنتاج يتوصل إليه. وهنا تبدو لي مقولة الكاتب المسرحي (أوجست سترندبرج) مقولة حقيقية ؛ حيث يقول :" إن قراءة النص المسرحي بمثابة قراءة لنوتة موسيقية ؛ فهي مهارة صعبة ؛ ولا أعرف الكثير ممن لديهم قدرة السيطرة عليها ؛ مع أن العديد منهم يؤكد أنهم يتمكنون منها ."
ولربما أكدت مقولة الإله (براهما :Brahma ) صعوبة قراءة النص المسرحي علي النحو الذى أشار إليه ( سترندبرج) إذ ينسب إليه أنه قال :" لقد خلقت المسرح مطابقا لحركة العالم .. وللمعرفة المقدسة، وللعلم وللأسطورة ... ولسوف يكون للعلم وللترفيه لجماهير الناس."
• كيف نفهم هذا الرأى منفصلا عن ذاك ؟! إن التناقضات التي وصّفتها مقولة (براهما) محتوى لأصول كتابة النص المسرحي لاشك توقع قراء النص المسرحي في حيرة ليس بعدها حيرة ، كتلك التي يقع فيها من يحملق في نوتة موسيقية دون أن يعرف كيف يقرأ جملة موسيقية منها . في المسرح "لا نتعامل مع معني واحد للكلمة ؛بل مع عدّة معان ؛ كلها – علي الرغم من ذلك " متطابقة" -حسبما يرى الناقد والباحث الجمالي (رومان إنجاردن 1893-1970 ) ولكن هذا التطابق – فيما يضيف – له أشكال تختلف من حيث امتلاكها للمحتوى المادى , وبهذا التحديد ؛ فالمعانى لا تكون مثالية وإنما التصورات وحدها هي التي تكون مثالية . وما يؤكد ذلك أن كلمة واحدة يمكن أن تستخدم في مواقف متعددة ؛ مما يؤدى إلي حدوث تغييرات ملحوظة ، رغما عن هوية المعنى."
ولا يخفي علي ذى فطنة متمرسة بالبحث ؛ أن الكثير من التساؤلات المندهشة هي نتاج الملاحظات الدقيقة للمسكوت عنه في كتابات المفكرين من العلماء والمبدعين( باحثين ونقادا وأدباء) ؛ وفي مظاهر اختلاف السلوك الثقافي في تبعيته لتوجهات سياسية أو دينية متحزبة وصور تبايناتها .
علي أن هناك ما يمكن أن نطلق عليه (النقاط العمياء) في بحوث المحدثين والقدماء ؛ وهي تتمثل في بعض المقولات الفرائد ، التي تقع في جملة أو عبارة ؛ أو تعبير مر عليه صاحبه مرور الكرام في أثناء بحثه أو خطابه الفكرى أو الإبداعي أو النقدى ؛ ولم يوفه حقه من الإشباع أو البحث ؛ علي أساس أنه لم يكن يشكل محورا أساسيا من محاور بحثه أو أركان خطابه الفكرى أو الإبداعي . لذا يقف عندها أحد الباحثين النابهين متحيرا ومتسائلا : كيف لم ينتبه لها صاحبها؟! أو يكون مرجع حيرته في عدم تأكده من أن صاحبها قد رجع إليها في بحث منفرد في مرة أخرى. وهنا تعاوده الحيرة في مجاهدته البحثية الدؤوبة ؛ ليقطع الشك باليقين . فإذا تثبّت من أن ضالته المنشودة قد انقطعت صلتها بصاحبها بعد إنتهائه من صياغتها في نسجيته الأولي لها في منتجه الأول ؛ جاز له مدّ جسر حوار معها . فإذا سكنته وسكنها ووجد كل منهما في الآخر سكنا له ؛ ظفرت المكتبة البحثية في مجال تخصص ذلك الباحث ببحث متفرّد .
ومن الحق القول: إنني كثيرا ما تعثرت قراءاتي بمثل تلك النقاط البحثية العمياء وكثيرا ما سكنتني بعضها وسكنتها فتآزرنا معا في إنتاج بحوث أعتقد أنها تشكل دعما بحثيا ؛ يسهم في إحاطة فنون المسرح بسياج العلم ؛ تصحيحا للكثير من معارفنا المسرحية . ومن تلك النقاط الفكرية العمياء التي هي بمثابة نواة لبحوث مسرحية ما يحضرني ؛ مما قد تكون له فائدة عند من يشمّر عن ساعديه ويركز فكره علي إحداها ويجتهد في رفدنا ببحث يضيف إلي الدراسات المسرحية بحثا يدعم المسرح ويطوّر أداء مبدعيه ونقاده وباحثيه . ولقد بادرت بنفسي فاقحمت طلاّب الدراسات العليا بقسم المسرح أو ورّطتهم في مناقشات حول عدد من تلك المقولات الفرائد ، فضلا عن وضعهم وجها لوجه أمام عدد من التساؤلات المحيرة ؛ دفعا إلزاميا لهم لكتابة دراسات قصيرة يلتزمون بإنجازها كل مع قضية أو تساؤل ينشغل به ؛ ليتولّي كل منهم عرض ما توصّل إليه في محاضرة تالية؛ تتاح فيها لزملائه مناقشته فيما توصل إليه وفي منهجه وفي شواهده البحثية وفي صحة لغته البحثية . ومن أمثلة تلك المقولات أو التساؤلات ما يأتي :
- يقول (برتراند راسل):" إذا كان العلم قوامه المنهج ومادته الطبيعة الجامدة ؛ فالأخلاق عمادها النظر العقلي ، ومادته الطبيعة البشرية ؛ طبيعة الإنسان . ومن هنا كان علي العالم أن يكمل ما بدأه الآخرون"
ولأننا نعرف أن المسرح أدبا وعرضا ونقدا يدخل في مجال الدراسات الإنسانية ويتخذ من الطبيعة البشرية مادته لذلك تساءلت بينى ونفسي قبل أن أطرح سؤالي علي طلاّبي :
• كيف يمكن تطبيق ذلك في مجال الدراسة عند إجراء بحث مسرحي في النص أو في العرض ؟!
• كيف عالجت الكلاسيكية – الوجودية – الرومنتيكية –
الملحمية : قوى النفس البشرية الثلاث ، المتمثّلة في( الشهوة – العاطفة – العقل ؟! الشهوة في سعيها الغريزى ، والعاطفة في تغذيتها للشهوة ، والعقل في هدايته للعاطفة.
وقد تلاحظ لي عبر قراءاتي المسرحية أن بعض الشخصيات الدرامية تغلّب مصالح أمتها علي مصالحها الأسرية أو الذاتية ، وهذا مقصور علي عدد من الشخصيات التراجيدية. بينما تغلّب شخصيات درامية أخرى مصالحها القبلية أو الأسرية أو الاعتقادية ( دينية – أيديولوجية) علي مصالح أمتها أو أوطانها . وهنا توقفت أطلب من طلاّبي التمثيل لذلك من نصوص مسرحية متنوعة الوجهة والأساليب، مركزا علي موقف كل من (أوديب – سليمان الحلبي – الزير سالم – السيد عمر مكرم في مسرحية (رجل القلعة ) لمحمد أبو العلا السلاموني – الملك لير – أنتيجوني ) وبخاصة موقف كل من (الملك لير) في تقطيعه لأوصال الدولة التي هو رأسها والأمين علي صيانة وحدتها وسلامتها . و( السيد عمر مكرم ) نقيب أشراف مصر وحرفييها في تنازله عن حكم مصر لجندى تركي أجنبي هو (محمد علي الكبير) هل كان ما فعله ( لير) وما فعله ( عمر مكرم) عملا نبيلا أم كان لونا من ألوان السذاجة أو الغباء السياسي؟! وذلك في الكوميديا عام وشائع في سلوك شخصياتها !! وربما كان ذلك سببا في رفضي لنظرية الفصل بين الأنواع.

استوقفتني كذلك (نظرية الفصل بين الأنواع) تلك التي هي أهم أركان كتابة المسرحية التراجيدية في عرف (أرسطو) وفهم الباحثين والنقاد لها من حيث كونها مجرد تمييز فني لفرعي الدراما ( التراجيديا – الكوميديا) في الوقت الذي أراها نوعا من الفصل بين طبقة الملوك والنخب الحاكمة من النبلاء وكبار الملاك إذ خصهم بالتراجيديا وقد اشترط اقتصار شخصياتها علي الملوك وعلية القوم وتصويرهم نبلاء ميلادا ورحيلا عن دنياهم ؛ في حين خص الفقراء والعامة فلاحين وعمال وخدم بالكوميديا في حالة فعل متدن . فمثل هذا الفصل لا يكون مجرد فصل بين شكلين ؛ وإلاّ وقع القائل به في حوطة القائلين بالفصل بين الشكل والمضمون .
استوقفني كذلك تقديم أرسطو للفعل علي الفاعل ( الشخصية) فوقفت أتأمل الحكمة من ذلك . لقد قدم العرب الفعل علي الفاعل في صياغاتهم اللغوية والاتصالية ؛ وهذا منطقي مع الإيمان بأن أفعال البشر مقدرة في الغيب قبل أن يخلقوا . لم تكن اللغة عند الكثير من الشعوب تقدم الفعل علي الفاعل والمصريون القدماء كان الفاعل في لغتهم سابقا لفعله ؛ فلما فرض (عبد الملك غبن مروان) اللغة العربية علي المصريين حتي يمكن تعامل الدواوين الرسمية الخلافية معهم تسييرا لمصالحهم قدموا الفعل علي الفاعل في تعبيراتهم اللغوية. ومن الطبيعي والأمر هكذا أن يقدم (أرسطو) الفعل علي بقية عناصر التراجيديا فيما أستنّه من شروط لكتابتها بوصفه أحد كبار الفلاسفة المثاليين - قديما وحديثا- ومن الطبيعي أيضا أن يجد من يعارض شرطه هذا في لا العصر الحديث علي نحو ما فعل (لاجوس اجرى) في كتابه الشهير ( فن كتابة المسرحية ) أو كما فعل الناقد (آرتشر) اللذان وصفا تقديم أرسطو للفعل علي الشخصية فيما اشترط ( بوضع العربة أمام الحصان) فمن المنطقي أن أرسطو يعبر عن فلسفة مغايرة للفلسفة المادية التي يعبر عنها كل من (لاجوس آجرى وآرتشر) . وقد حانت لدى الفرصة ذات يوم فأبديت رأيي هذا أمام أستاذ الدراسات اليونانية بجامعة الإسكندرية (د. مصطفى العبادى ) فنبهني إلي أن أرسطو( يركز علي الفعل ويقدمه باعتبار الفعل هو المعبّر عن الشخصية.) وتلك وجهة نظر جديرة بالتقدير لأنها وجهة عالمة ، لكنها مع ذلك لا تنفي وجهة نظرى . هكذا تتجاور الآراء العلمية ، إذ أن العلم يساند العلم في مواجهة الجهل كما أن العلم يصحح بعضه بعضا ، فليس من العلم ما هو جامد أو ثابت طالما هناك عقل حائر ، يحمله إنسان يعيش حالة خطر لا ينتهي . وليس هناك من يعيش لحظات الخطر الدائم من هو مثل مبدع يعيش منفيا خارج وطنه ، سواء أكان ذلك بإرادته أم كانت نتيجة قهر سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي. وهنا يبرز اسم الكاتب المسرحي العراقي قاسم مطرود ، جنبا إلى جنب مع عدد من المبدعين والكتاب والمفكرين الذين اغتربوا عن أرض الرافدين . ومع هذه الحالة يعيش المبدع حالة تجريب مستمر ، لأن الحيرة لا تتوافق مع الركون إلى خط واحد مستقر ، والخطر يضطر المفكر إلى أن يغامر ، مجربا الخوض في مجاهل أخيلة لم يطأها إدراكه من قبل ، بل لم يتلامس معها خيال مبدع قبله .





#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عروض مسرحية عربية - قراءة نقدية -
- إشكالية الأداء في المسرح الشعري بين التمثيل والغناء
- حسن عبد السلام مخرجا مسرحيا
- الرفيق الخيالي ومسرح الطفل في عصر العولمة
- على هامش ثورة التحرير
- هوامش التحرير - دردشة سياسية -
- سينوجرافيا المسرح (1) بين التمحل والتأصيل المنهجي
- وماذا بعد
- دردشة سياسية على الطريقة المصرية
- ما قبل الإسكندر
- دردشة را/قدت ..مدينة الإسكندر
- نقاب فرويد
- المثقف والموقف
- الممثل وجماليات التعبير بالجسد
- تمثيل دور مسرحي وفق منهجين
- فنون المسرح بين الهواية والاحتراف
- زمن شويكار وبهجت قمر
- بديع الكلام المصري
- برومثيوس الأسود في قيود الحرية
- مسرح باكثير بين التسجيلية ودراما الأوتشرك


المزيد.....




- تردد قناة بطوط كيدز الجديد 2024 على نايل سات أفلام وأغاني لل ...
- مصر.. نسرين طافش تصالح بـ-4 ملايين جنيه-
- الفنان عبد الجليل الرازم يسكن القدس وتسكنه
- أسعدى وضحكي أطفالك على القط والفار..تردد قناة توم وجيري 2024 ...
- منصة إلكترونية أردنية لدحض الرواية الإسرائيلية في الغرب.. تع ...
- “نزلها الان” تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 2024 لمشاه ...
- مشاهير الموضة والموسيقى والسينما.. في مهرجان ميت غالا حمل عن ...
- متحف -للنساء فقط- يتحول إلى مرحاض لـ-إبعاد الرجال-
- إيران تقيم مهرجان -أسبوع اللغة الروسية-
- مِنَ الخَاصِرَة -


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - حيرة الكاتب المسرحي