أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - موضوعات للمناقشة: هل من جديد في أوضاع العراق وإقليم كردستان الاقتصادية ؟















المزيد.....


موضوعات للمناقشة: هل من جديد في أوضاع العراق وإقليم كردستان الاقتصادية ؟


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 3280 - 2011 / 2 / 17 - 19:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المدخل: طبيعة الدولة وعلاقتها بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تمارسها
حين نتابع السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تمارسها أي دولة من دول العالم خلال العقود المنصرمة وعبر التاريخ الطويل للبشرية سنجد أمامنا حقيقة واقعة تؤكد بما لا يقبل الشك أن تلك السياسات مجتمعة تعبر بشكل كبير وملموس عن مصالح الطبقات والفئات الاجتماعية التي تنبثق عنها وتمثلها وتلتزم الدفاع عنها وتكريس سلطتها السياسية وهيمنها الاقتصادية ونفوذها الاجتماعي. إلا أن هذه الحقيقة ليست مطلقة, إذ أن القوى الحاكمة تواجه في الواقع العملي مقاومة متباينة في مستواها وتأثيرها من جانب الطبقات والفئات الاجتماعية الأخرى تتقرر بموجب ذلك إمكانية السلطة القائمة على تحقيق تلك المصالح والتجاوز على مصالح الطبقات والفئات الا جتماعية الأخرى غير المشاركة في الحكم. فالنضال الذي يمكن أن تخوضه الطبقات والفئات الاجتماعية الأخرى من أجل انتزع مصالحها الحيوية وتقليص قدرة سلطة الدولة على الاستجابة الكلية لمصالح الطبقة أو الفئات الاجتماعية التي تمثلها وتدافع عن مصالحها يرتبط بعدد من العوامل المهمة نشير إلى بعضها فيما يلي:
1 . طبيعة ومضمون السياسات التي تمارسها السلطة السياسية في البلاد في مرحلة معينة, ومدى تأثيرها سلباً أو أيجابياً على حياة ومصالح الناس ومستقبل البلاد.
2 . مستوى وعي الجماهير المنحدرة من طبقات وفئات اجتماعية مختلفة ووعي القيادة السياسية, التي يفترض أن تمثلها وتدافع عن مصالحها, وحجم التجربة النضالية والخبرة التاريخية الدولية التي تمتلكها وتستفيد منها فعلياً.
3. مستوى تطور التنظيمات السياسية والمدنية كالنقابات ومنظمات المجتمع المدني الأخرى التي تسعى للتعبير عن مصالحها.
4. قدرتها في صياغة شعاراتها الأساسية التي تعبر عن القواسم المشتركة لعدد من الطبقات والفئات الاجتماعية غير المشاركة في الحكم وعن مدى علاقتها بمصالح وحاجات المجتمع اليومية, آخذة بنظر الاعتبار القدرة النضالية لفئات المجتمع وافراده, وعن مدى قدرة القوى المنظمة على التوجه صوب التعبئة الواسعة لقوى اللشعب صوب الأهداف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية المتلازمة حول هذه الأهداف والمصالح. أي قدرتها على الربط العضوي بين الأهداف الملموسة للفئات الاجتماعية وبين الأهداف الوطنية العامة للمجتمع.
ولا بد لنا من الإشارة هنا إلى أن تجارب الحياة الطويلة أكدت بأن الفئات الحاكمة لا تمنح الفئات الكادحة والفقيرة حقوقها وتلبي مصالحها برضاها, بل يفترض خوض النضال من أجل تلك الأهداف والمصالح. وهذا يعتمد على القدرة النضالية لتلك الفئات والأساليب التي تمارسها. كما لا شك في أن ممارسة أشكال أو أساليب النضال تعتمد على عوامل عدة نشير إلى أبرزها:
1 . حدة وشدة التناقضات القائمة في المجتمع وعجز أو قدرة سلطة الدولة عن إيجاد الحلول العملية لتلك التناقضات قبل تحولها إلى صراعات ونزاعات سياسية.
2 . مدى استخدام الدولة للأساليب السلمية أو العنفية في مواجهة مطالب الشعب الأساسية.
3 . مدى وحدة وتضامن قوى الشعب في الدفاع عن مصالحها ومدى قدرتها على فرض مطالبها على السلطة السياسية لا من خلال شعارات صائبة وتعبئة واسعة لقوى الشعب المتضرروة فحسب, بل ومن خلال خلق رأي عام عالمي مساند لنضالها.
5 . إن المحدد لإسلوب النضال الشعبي يبرز في دور السسلطة السياسية بشكل عام, إذ من المفروض أن تمارس قوى الشعب النضال السلمي والديمقراطي لتحقيق مصالحها والتي يمكن من خلالها إسقاط حكومات استبدادية. والتجارب في هذا الصدد غير قليلة, ومنها أخيراً تجربة تونس في هذا العام (2011) ولكن هناك تجارب أخرى أجبر الشعب على استخدام العنف المضاد ضد السلطة أو الكفاح المسلح, أو حتى استخدام قوى أجنبية لإسقاط النظام القائم, كما حصل في تجربة العراق في العام 2003, وهي تجربة سيئة حقاً وتداعيات ما بعد السقوط كانت كارثية.
وقد برهنت تجارب النضال في المرحلة الراهنة إن النظم الاستبدادية في بلد ما وأجهزتها القمعية عاجزة حقاً, إن وصل التناقض والصراع والنزاع إلى مستوى معين, عن الوقوف بوجه حركة الشعب من أجل تغيير الأوضاع. إلا أن عمق وشمولية نتائج التغيير ترتبط عضوياً بمدى حيوية وقوة وتحضر المجتمع والتنظيمات السياسية والمدنية والوحدة الوطنية في مواجهة الاستبداد.

التركة الثقيلة لنظام البعث الاستبدادي
وفق هذه المعايير نسعى إلى قياس ما جرى ويجري في العراق وفي إقليم كردستان العراق. نحن ندرك تماماً حجم التركة الثقيلة جداً التي تركتها النظم السابقة على أوضاع العراق والإقليم وعلى حياة النامس. فلم يكن المجتمع العراقي بكل قومياته يتمتع بالحرية أو الديمقراطية, بل صودرت كلها وفرض على العراق طوال نصف قرن شتى أشكال الظلم والاضطهاد والعنصرية المقيتة والطائفية والقتل بالجملة. لقد سادت في العراق نظم استبدادية قمعية ودموية تسببت في موت أكثر من مليون إنسان وهمشت مصالح وقوى الشعب كلها ووجهت ضربات قاسية للأحزاب السياسية الوطنية والديمقراطية نتجت عنها تناقضات وصراعات ونزاعات مستديمة عجزت قوى الشعب عن حلها لصالحها مما أدى إلى تدخل خارجي في محاولة لحل تلك التناقضات لصالح الشعب من جهة, ولصالح القوى الخارجية (الولايات المتحدة وبريطانيا) أساساً واستراتيجيتهما في منطقة الشرق الأوسط والعالم من جهة أخرى. ومن هنا جاءت المصاعب الجدية لمعالجة المشكلات القائمة بطرق سلمية وديمقراطية وحضارية. وهي التداعيات التي لا يزال يعاني منها الشعب إلى الآن, رغم مرور ثماني سنوات على إسقاط الدكتاتورية الفاشية في البلاد.
فخلال عقود هيمنة البعث على السلطة وخاصة في الربع الآخير من القرن العشرين خسر العراق أكثر ما تحقق خلال الفترة الواقعة بين 1921-1961 والسنوات القليلة الأولى من سبعينيات القرن العشرين في مجال التصنيع وتطوير وسائل الري والبزل والبناء المدني للمجتمع وحقوق الإنسان والمرأة بشكل خاص, كما عاد العراق إلى العلاقات الإنتاجية شبه الإقطاعية في الريف والعشائرية في العلاقات الاجتماعية حتى في المدن وتراجع بشدة في حجم ومكانة الطبقة البرجوازية وفئتها الصناعية والطبقة العاملة العراقية, إضافة إلى الهجرة السكانية الواسعة وخاصة بين المثقفين والفنيين وأصحاب المهن المهمة. فالبنية الاقتصادية تشوهت أكثر, وكذا البنية الاجتماعية, كما تفاقم الطابع الاستخراجي الريعي والاستهلاكي للاقتصاد العراقي. وأصبحت البطالة تشكل أكثر من 50 % من القوى القادرة على العمل وارتفعت نسبة الفقر في البلاد إلى أكثر 80 % من السكان. وحصلت ردة فكرية واجتماعية وحضارية شديدة الآثر على الإنسان العراقي وسلوكه وعلاقاته الاجتماعية والإنسانية.
وأغلب القوى التي تسلمت الحكم في العراق في أعقاب سقوط النظام لم تكن تمتلك إستراتيجية تنموية ورؤية ديمقراطية مؤسسية لما يفترض أن يقام من حكم في العراق, بل انصب اهتمام بعضها على تكريس حكم ديني أو تطبيق قاعدة المحاصصة الطائفية والأثنية من جانب الأحزاب السياسية الدينية, إذ أن الذهنية التي توجه االحكم لم تكن ديمقراطية ولا علمانية بشكل عام. كما أن القوى الكردستانية التي تحالفت معها قبل سقوط النظام لم تبد اهتماماً بالقوى الديمقراطية غير الكردية وبالحياة الديمقراطية العامة في العراق, بل تركز حول الفيدرالية في ظل التحالف الحكومي مع قوى ا|لإسلام السياسية الشيعية على نحو خياص.
لا شك في أن هناك اختلافاً ملموساً بين ما تحقق في وسط وجنوب وشمال العراق (محافظة الموصل) وبين ما تحقق في إقليم كردستان العراق لصالح إقليم كردستان العراق في مجالات عدة, منها:
** تكريس الفيدرالية الكردستانية في الدستور العراقي لعام 2005 بعد أن تشكلت وفق دستور الإقليم في العام 1992.
** تراجع نسبي للخلافات بين الحزبين الحاكمين وتشكيل حكومة وحدة سياسية لا تزال تعاني من مشكلات غير قليلة.
** ار تفاع الموارد المالية المخصصة للإقليم, إضافة إلى موارد مالية أخرى.
** تمتع شعب الإقليم بالأمن الاستقرار.
** النشاط الإعماري الملموس في المدن الرئيسية على نحو خاص وبعض مجالات البنية التحتية الضرورية للتنمية.
** زيادة عدد العاملين في الخدمات وتحسن في مستوى معيشة السكان بشكل عام.
** البدء بتوسيع عمليات التنقيب عن النفط الخام واستخراجه وتصديره وفق عقود دولية, إضافة إلى التنقيب عن الخامات الأخرى.
** التوسع في النشر الفكري والسياسي والثقافي والصحافي والتوسع في إنشاء الجامعات والمعاهد والمدارس وإرسال البعثات الدراسية وتشكيل الكثير من منظمات المجتمع المدني.
إن ما تحقق في إقليم كردستان يعتبر من الأمور والنجاحات المهمة, رغم وجود الكثير من السلبيات التي سنتطرق إليها لاحقاً.
لقد ورثت الحكومات العراقية الثلاث التي أعقبت سقوط النظام الدكتاتوري اقتصاداً يتسم بالخصائص التالية:
** اقتصاد متخلف من حيث طبيعة علاقات الإنتاج السائدة فيه ومن حيث تطور القوى المنتجة المادية والبشرية, ومشوه من حيث بنية الاقتصاد وما نشأ عن ذلك من تشوه في البنية في الاجتماعية.
** اقتصاد استخراجي نفطي ريعي وحيد الجانب وزراعي متخلف واستهلاكي بعيد عن تنمية الإنتاج الصناعي التحويلي والزراعة اتلحديثة.
** اقتصاد مكشوف كلية على الخارج ويستنزف الاستيراد النسبة العظمى من إيرادات النفط السنوية.
** ولهذا فهو اقتصاد عاجز عن تحقيق التراكم الرأسمالي المنشود لتنمية الثروة الوطنية وتنويع مصادر الدخل القومي وتأمين التشغيل للنسبة العالية من القادرين على العمل والعاطلين حالياً والتخلص من البطالة المقنعة.
** وفي ضوء ذلك فأن الاقتصاد العراقي عاجز عن توفير الأمن الغذائي للاقتصاد العراقي والمجتمع.
** وورث العهد الجديد مستوى متطوراً لنظام الفساد المالي والإداري والتفريط بالثروة الوطنية وموارد البلاد المالية.
** اقتصاداً مخرباً في بنيته التحتية وبنائه الفوقي وشعباً يعاني من علل وأمراض صحية ونفسية واجتماعية كثيرة.
** كما ولاردث العهد الجديد علاقات إقليمية ودولية سيئة بسبب الحروب والسياسات العدوانية والعنصرية التي مورست في البلاد وإزاء الشعوب الأخرى.
حين نتابع السياسات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة لثلاث حكومات متعاقبة, عندها يمكننا الادعاء بعدم وجود إستراتيجية فعلية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد, وأن ما يجري فعلاً هو مجرد إجراءات غير مترابطة ومعزولة عن بعضها الآخر, ولكنها تعبر عن ذهنية معينة تعبر عن التزام رؤية اللبرالية الجديدة التي لا تعني عندهم سوى الابتعاد عن التصنيع وعن تحديث الإنتاج الزراعي من جهة, وإغراق الأسواق المحلية بمختلف السلع المستوردة في ما عدا سلع إنتاج سلع الاستهلاك أو إنتاج سلع الإنتاج من جهة ثانية, والابتعاد كلية وقدر الإمكان عن قطاع الدولة والسعي للتخلص مما هو موجود من مشاريع صناعية تابعة للدولة والحديث بصوت مرتفع عن القطاع الخاص, ولكن دون دعم فعلي ملموس له وتوفير مستلزمات تطوره وتقدمه من جهة ثالثة, إضافة إلى ضعف توفير مستلزمات قدوم الاستثمارات الأجنبية للتوظيف في المشاريع الاقتصادية. إن هذه السياسة تعبر إلى حدود بعيدة عن النهج الذي تبشر به المؤسسات الدولية الثلاث, البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة الحرة. وقد تبنى مسؤول الملف الاقتصادي في الحكومة الاتحادية السابق, وكذا الحالي, هذه الوجهة وعمل الأول بحيوية فائقة من أجل تنفيذها, وهي السائدة حالياً في سياسات حكومتي بغداد وأربيل.
إن هذه الخصائص كانت تستوجب توجهاً جاداً من حكام العراق الجدد التوجه صوب تغييرها لصالاح المجتمع. ولكن ما حصل هو بالضد من ذلك. فقد تشكلت حكومة تقوم على أساس المحاصصة الطائفية والقومية وشدد من الاصفاف الديني والمذهبي واتلقومي البلاد وعمقت السلبيات الي سادت قبل ذاك, رغم ما ظهر من أجواء تتسم ببعض الحريات العامة التي تقوض بعضها بفعل الإرهاب الطائفي الذي ساد المنطقة الوسطى والجنوبية وبغداد بشكل خاص. ولهذا فالعراق يعيش ذات المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية. ولهذا لا بد لنا من تحديد بعض المشكلات التي تواجه البلاد حالياً, سواء أكان ذلك في عموم العراق أم في إقليم كردستان, وهي:
1 . غياب فعلي لاستراتيجية تنمية اتحادية وإقليمية في العراق وضبابية السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
2 . غياب فعلي لرؤية واعية عن أهمية وضرورة وضع برامج لعملية تصنيع البلاد عموماً, ومنها الإقليم ايضاً. وهذا يعني عدم إدراك لأهمية بناء القاعدة المادية الصناعة) للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتغيير بنية المجتمع الطبقية والوعي الاجتماعي.
3 . ضعف التوجه الفعلي صوب تنشيط التنمية الزراعية وتحديثها وتنويعها وتوفير الخدمات الإنتاجدية والاجتماعية للزراعة والريف العراقي.
4 . الاعتماد الكلي على الاستيراد في تغطية حاجات السوق الاستهلاكي وإغراق الأسواق المحلية بمختلف السلع الاستهلاكية والكمالية وتنشيط النزعة الاستهلاكية البذخية في أوساط معينة من فئات المجتمع.
5 . تفاقم الفجوة الدخلية بين فئة صغيرة من السكان والغالبية والعظمى منه, وظهور بارز لفئة من القطط السمان الطفيلية التي تعيش على الفساد المالي السائد في البلاد كنظام فاعل ومؤثر سلبياً على مجمل العملية الاقتصادية وعلى المجتمع.
6 . في مقابل ذلك وجود نسبةو عالية من السكان تصل إلى حدود 30% تعيش تحت خط الفقر و حوالي 40% أخرى تعيش فوق خط الفقر بقليل.
7 . استمرار وجود بطالة تصل إلى حدود 30% من القوى القادرة على العمل ونسبة أعلى منها تعاني من بطالة مقنعة.
8 . ويمكن الإشارة إلى أن المجتمع يتطكون اليوم من تراجع في نسبة سكان الريف إلى المدن ونسشبة سكان الفلاحين والعمال بالقياس إلى قبل ثلاثين أو أربعين عاماً, كما تراجعت نسبة الفئة البرجوازية الصناعية المتوسطة لحساب البرجوازية التجارية والعقارية والمقاولات وازداد عدد الموظفين في البلاد وارتفعت نسبة أشباه البروليتارية في المدينة. وهي بنية مشوهة غير مساعدة على تسريع عملية بناء المجتمع اتلمدني الديمقراطي الحر والمواطنة المتساوية.
9 . والمجتمع العراقي يعاني من فساد مالي سائد ونظام إداري قائم على المحسوببية والمنسوبية المشددة على أسس غير دستورية تعتمد التمييز الديني والمذهبي والحزبي والإقليمي والقومي في التعيين بعيدة عن روح المواطنة والكفاءة أو المواطنة المناسب في المكان المناسب.
10 . وإذ يسود الأمن في محافظات إقليم كردستان, فأن بغداد وبعض محافظات العراق لا تزال تواجه الإرهاب الدموي الذي يهدر يومياً دماء المزيد من المواطنات والمواطنين على أساس الدين والمذهب, كما يجري التضييق المشدد منقليم كردستان أيضاً, يلاحظ أن بغداد وبقية مدن الوسط والجنوب تعاني من مشكلات كبيرة في هذا المجال وخاصة تراكم النفايات في الشوارع والأزقة والمناطق السكنية وكذلك المستنقعات المالية التي تهدد حياة السكان, وخاصة الأطفال, بمخاطر صحية جمة.
12 . ويعاني المجتمع, وخاصة الفئات الفقيرة والكادحة, من نقص شديد ومتواصل في التيار الكهربائي وبعض الخدمات المهمة الأخرى, رغم وجود إمكانيات غير قليلة على تغيير هذا الواقع السيء,
إن هذه العواقب السلبية لسياسات الحكومات العراقية الثلاث المتعاقبة قاد ويقود إلى تفاقم التذمر في البلاد, وإلى ارتفاع صوت الاحتجاج, رغم محاولات القوى الإسلامية السياسية القائدة للحكم في العراق إلهاء الناس بالطقوس الدينية وزيادة عدد العطل الرسمية لأئمة الشيعة وتشديد الاستقطاب الديني والمذهبي في البلاد.

ما العمل؟
لا بد هنا من الإشارة إلى ان السياسة والاقتصاد هما وجهان لعملة واحدة, إذ إنهما ينبثقان من رؤوية واحدة للأقتصاد والمجتمع ويعبران عن مصالح النخبة الحاكمة المجسدة لمصالح الفئات الاجتماعية التي يمثلها الحكام في السلطة.
ومن هنا تنشأ الحاجة إلى تغيير السياسة التي تسهم في تغيير الوجهة والمضمون الاقتصاديين للبلاد, وهذا يعني تغيير طبيعة السلطة القائمة إما بتغييرها أو بتغيير تمثيلها بما يسهم في التعبير عن مصالح الغالبية العظمى من سكان البللاد. وبشكل عام لا بد من العمل من أجل:
** النضال من أجل الالتزام الفعلي المتطور بحقوق المواطنة وحقوق الإنسان, ومنها حقوق المرأة وإطلاق الحريات الديمقراطية والتصدي لكل تدخل فظ في الحرية الفردية للإنسان أو التضييق على الثقافة الديمقراطية.
** رفض مبدأ المحاصصة الطائفية السائد حالياً والعواقب الوخيمة المترتبة عن الالتزام به.
** العمل على تغيير بنية الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل القومي وورفع معدلات النمو وتحسين مستوى دخل ومعيشة الفرد وتقليص الاستيراد من خلال إعادة النظر الجذرية بعملية توزيع وإعادة توزيع واستخدام الدخل القومي في العراق وفي الإقليم. وهذا يعني:
** وضع إستراتيجية تنموية شاملة ومستدامة تقود على مدى عقدين من الزمن أو أكثر إلى ضمان:
** تحقيق التنمية الاقتصادية والبشرية والتي تعني تطوير الصناعة التحويلية وتحديث وتنويع الزراعة المحلية وتنظيم وتغيير بنية التجارة الخارجية, وخاصة الاستيراد.
** وضع الثروة النفطية وبقية الخامات ومواردها المالية في خدمة التنمية الاقتصادية والبشرية وتحقيق التراكم الرأسمالي المنمي للثروة الوطنية.
** الاهتمام الكبيبر بالتنمية البشرية التي تعني تغيير بنية التربية والتعليم والاهتمام بالتعليم المهني والفني والبحث العلمي المرتبط عضويا بالتنمية الاقتصادية, إذ يشكل الإنسان العراقي أكبر ثروة تملتكها البلاد والتي يفترض العناية بها ولإغناء محتوى الإنسان وقدراته الفكرية والثقافية والحضارية ومشاركاته في الحياة العامة وفي جيمع المجالات الأخرى.
** مكافحة البطالة المكشوفة والمقنعة بتوفير فرص عمل في قطاعات الإنتاج على نحو خاص.
** مكافحة الفجوة المتسعة بين الفقراء والاغنياء المتخمين الراهنة التي لم تنشأ عن نشاط إنتاجي فعلي بل في الغالب الأعم عبر الفساد المالي والنشاطات الطفيلية المضرة بالاقتصاد الوطني.
** تأمين ثلاثة أشكال من التنسيق: التنسيق بين القطاعات الاقتصادية من حيث الملكية (قطاع الدولة والقطاع الخاص المحلي والاجنبي والقطاع المختلط والقطاع التعاوني), والتنسيق بين التنمية الاقتصادية والتنمية البشرية, والتنسيق بين التنمية على مستوى الدولة الاتحادية والإقليم والمحافظات, إضافة إلى أهمية وضرورة التنسيق بين التنمية الصناعية والزراعية والتجارة الخارجية والبيئة والتربية والتعليم والبحث العلمي.
** تنشيط العمل لإقامة مشاريع البنية التحتية, وخاصة مشاريع الكهرباء والماء والطرق بمختلف وسائط النقل والجسور والخزن السلعي والخدمات العامة كالصحة والتعليم المجانيين ووضع نظم الضمانات الصحية والاجتماعية والتقاعد.
** تطوير الاتصالات الحديثة التي تشكل قطاعاً اساسياً من قطاعات التقدم العلمي والتقني والتي أصبح بمثابة ثورة الأنفوميديا الثلاثية التشكيل.
** رفع مستوى دخل ومعيشة وحياة الأفراد وتحسين أوضاع الريف وتوفير الخدمات الإنتاجية والعامة.
** الاستخدام العقلاني للموارد المائية الشحيحة في العراق وضمان حصول العراق على ما يكفي من مياه عبر المجتمع الدولي بالاستناد إلى القوانين الدولية بخصوص توزيع المياه مع تركيا وسورية وإيران.

ما هي أدوات العملية الاقتصادية؟
** علينا أن نؤكد بأن أي محاولة لدفع البلاد على طريق التطور الرأسمالي الذي تسير عليه دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا هو ضرب من الخيال أو الأوهام تؤكده تجارب عشرات من الدول النامية التي عجزت عن ذلك, كما عجزت عن أتباع النموذج الذي مارسه السوفييت حينذاك. ولهذا لا بد للعراق ان ينتهج طريق التطور الرأسمالي الوطني المقنن أو المراقب من قبل الدولة والقوانين التي تحكم علاقاته بالعمال والمجتمع والذي يمكن أن يطلق عليه بـ "اقتصاد السوق الاجتماعي" الذي يدفع باتجاه التطور الرأسمالي, ولكنه يحافظ على تأمين علاقة مناسبة بين العمل ورأس المال من خلال سن قوانين تساهم في مراقبة الأجور والأسعار وتعزيز دور النقابات العمالية وتأمين الضمانات الصحية والاجتماعية وتنظيم العلاقة في حالات التقاعد والعجز والمرض أو البطالة والضرائب ... وإيجاد محاكم ولجان حل الخلافات بين العمل ورأس المال بما يقلل من شدة الاستغلال التي يمكن أن تتعرض لها القوى المنتجة البشرية فعلياً ومن التناقضات التي تنشأ بسبب ما يسعى إليه الرأسماليون من زيادة ارباحهم في توزيع الدخل القومي على حساب الأجور.
** استخدام فعال للبرمجة الاقتصادية أو التخطيط الاقتصادي والتنسيق بين:
- القطاعات الاقتصادية من حيث النشاط الاقتصادي الإنتاجي والخدمي وبين التنمية الاقتصادية والبشرية.
- بين القطاعات الاقتصادية من حيث الملكية أي تنشيط وتطوير وتنظيم العلاقة بين أربع قطاعات اقتصادية قطاع الدولة والقطاع الخاص المحلي والأجنبي والقطاع المختلط والقطاع التعاوني.
- وضع سياسة مالية ونقدية وضريبية وجمركية سليمة باعتبارها الاداة التنفيذية للسياسات الاقتصادية والاجتماعية.
- تفعيل البنك المركزي واستقلاله الفعلي وتنشيط المصارف المالية والتجارية والمختصة وشركات التأمين وإعادة التأمين ودورها في عملية التنمية.
- التنسيق والمتابعة والرقابة المالية والمحاسبية والشعبية (منظمات المجتمع المدني).
** تطوير منظمات المجتمع المدني وجعلها أكثر استقلالية وقدرة على الدفاع عن مصالح أعضائها والمجتمع وباعتبارها الرديف المؤثر لصالح المجتمع وسياسة الحكومة العقلانية.
- الاستفادة من أساليب التربية والتعليم والتثقيف والإعلام الحديثة من أجل التنمية الوطنية ورفع مستوى الوعي الاجتماعي.
- لا يمكن لأي خطة أو برنامج أن ينجح ما لم يعبأ المجتمع للمشاركة في مناقشته واستيعابه والموافقة عليه وتنفيذه, إذ أن مثل هذه العملية تعطي الفرصة لفئات المجتمع أن تعرف ماذا يراد لها من خلال عملية التنمية والخطط الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية وسبل مشاركتها والفائدة التي سوف تتحقق لها من خلال الإنجاز الأمثل للخطة, إضافة إلى دورها الرقابي على التنفيذ من خلال منظمات المجتمع المدني ومؤسسات الإنتاج والخدمات.
- كما يمكن وضع مكافئات للإنجاز الأمثل لمشاريع التنمية من أجل التحفيز للمشاركة في مختلف مراحل وضع وتنفيذ ومراقبة ومتابعة التنفيذ.
برلين شباط/فبراير 20011 د. كاظم حبيب



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف نساهم في تحقيق الانتصار لشعب إقليم كردستان العراق.. كيف ...
- ستخيب أوهامكم يا حكام الجزائر.. لا.. لن تستطيعوا اغتصاب إراد ...
- لقاء صحفي بين كاظم حبيب وجريدة روزنامة الكردستانية
- رسالة مفتوحة إلى شبيبة العراق
- نداء للتضامن: الاعتداء على اتحاد الأدباء.. اعتداء فظ على مثق ...
- ما النظام السياسي المطلوب للعراق الجديد؟
- تجربة مصر الثورية ... هل تقدم دروساً غنية للشبيبة العراقية؟
- ماذا يجري في العراق... لِمَ الحكام مستفزون؟
- ليتحرك شباب ميدان التحرير صوب القصر الجمهوري
- هل يعي حكام بغداد ما ينتظرهم ؟
- الشبيبة العراقية تستعيد عافيتها ودورها النضالي
- هل يسير نوري المالكي على نهج نوري السعيد القمعي والدموي؟
- تونس ومصر طلائع النهوض الديمقراطي للشباب في الشرق الأوسط
- الشعب العراقي مدعو للتضامن مع أهلنا في الديوانية!
- مظاهرة الديوانية ...هل هي بداية لتحرك شعبي عفوي معارض؟
- نحو نهوض شعبي متعاظم لكنس النظم الاستبدادية!
- هل المحكمة الاتحادية العراقية مستقلة في قراراتها؟
- هل من رياح منعشة وأخرى صفراء عاتية تهبُّ على العراق والدول ا ...
- هل صبركم صبر أيوب ايها الكرد الفيلية؟
- نحو تصعيد حملة الدفاع عن الديمقراطية لا إضعافها!


المزيد.....




- بعد مظاهرات.. كلية مرموقة في دبلن توافق على سحب استثماراتها ...
- تل أبيب.. اشتباكات بين الشرطة وأفراد عائلات الرهائن في غزة
- مقتل رقيب في الجيش الإسرائيلي بقصف نفذه -حزب الله- على الشما ...
- دراسة تكشف مدى سميّة السجائر الإلكترونية المنكهة
- خبير عسكري يكشف ميزات دبابة ?-90? المحدثة
- -الاستحقاق المنتظر-.. معمر داغستاني يمنح لقب بطل روسيا بعد ا ...
- روسيا.. فعالية -وشاح النصر الأزرق- الوطنية في مطار شيريميتيف ...
- اكتشاف سبب التبخر السريع للماء على كوكب الزهرة
- جنود روسيا يحققون مزيدا من النجاح في إفريقيا
- الأمور ستزداد سوءًا بالنسبة لأوكرانيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - موضوعات للمناقشة: هل من جديد في أوضاع العراق وإقليم كردستان الاقتصادية ؟