أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - احذرْ كتابَ التاريخ














المزيد.....

احذرْ كتابَ التاريخ


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 3270 - 2011 / 2 / 7 - 12:27
المحور: حقوق الانسان
    


لا أحدَ يُنكر على الرئيس مبارك منجزاته في بداية ولايته من تطوير البنية التحتية وميديا الاتصال، ثم إخماد الإرهاب الذي كاد يعصفُ بمصر. لذلك من اللائق تنازله عن السلطة في وداع رسميّ جماهيريّ أنيق، يليق بحاكم مصر. على أن محكمةَ التاريخ لن تمرِّر لنظامه ما فعله بأبناء شعبه من قتل وترويع، فقط لأنهم اختاروا أن يحرروا وطنهم من حكم شموليّ طال عهده، التهمَت فيه بطونُ حاشية البلاط كلَّ ثروات مصر، ليتركوا بطونَ ملايين المصريين خاوية. لأنهم قرروا ألا يجددوا له البيعةَ التي جددها له الاستفتاء الأحاديّ أولا، ثم الانتخابات غير الشفافة، فيما بعد. لأنهم اختاروا طريقًا ضدًّا لطريق موفدي الحزب الحاكم الذين رقصوا أمام كاميرات الفضائيات المصرية يهللون للرئيس ويتضرعون ألا يؤاخذ شعبَ مصر بما فعل "السفهاءُ منّا"، متوسلينه أن يظل رئيسًا لمصر حتى "النفَس الأخير"، تمامًا مثلما وعد هو بذلك في كل خطبه. حدَّ أن هتف أحدُهم بأعلى صوته: "جزمتك فوق راسي وفوق راس مصر يا ريس!" وهو لا يعلم أنه مسؤول، وفقط، عن رأسه الذي ينبطحُ تحت أحذية الحكّام، أما رأسُ مصرَ الكريم فأعلى من هامة الحكّام والتاريخ والدنيا.
أطلقت حاشيةُ الرئيس في الحزب الوطني كلابَ السلطة الشرسة بالهراوات والحجارة والجِمال والخيول وزجاجات الملوتوف وقنّاصة كُرات النار لكي يرهبوا شباب مصر "الأعزل"، الذي لا يتسلّح إلا بحُلم كتابة غدٍ ديمقراطيّ ليبراليّ تعدديّ أجمل لمصر. أبناؤنا من صفوة الإنتلجنسيا المصرية الذين خرجوا في ثورة من أنقى ثورات التاريخ وأكثرها رُقيًّا وعلوًّا. قرروا أن تظل سلميةً حتى النهاية. منعت حاشيةُ السلطان عن أبنائنا الإمدادات الحيوية من طعام وماء ودواء، كانت تزوّدهم بها البيوتُ المصرية والأمهاتُ الحانيات. ولولا رجال الجيش المصري النبلاء، لأفلح أولئك الخشنون، من خُدّام السلطان، في نهش شباب مصر بأسنانهم.
على الرئيس مبارك أن يدرك أن محكمةَ التاريخ لا تغفر، ولا تنسى. عمياءُ مثل "ماعت" ربّةِ العدل الفرعونية. لا تجاملُ السلطانَ على حساب البؤساء الذين لا سند لهم سوى أحلامهم. فالمصريون أولُ من أقرّوا العدلَ في الأرض يا سيادة الرئيس، قبل التشريعات وقبل الأديان. كان بوسعكَ أن تنقذَ صفحتك، بل، وتسجل في تاريخك سابقةً لم يعرفها حكّامُ العرب، لو أصختَ السمعَ لصوت شعبك، وتنحيتَ نزولا على رأيه. لكنها العِزةُ التي تأخذنا! رفضتَ الإنصات، ثم خرجتَ على الناس ببيان في إثر بيان، كليهما لا يداوي مرارةً علَقَتْ بحلوق الناس عقودًا. لم تعتذر عن تجويع الشعب، ولا عن فساد حكوماتك، ولا واسيت الأمهاتِ اللواتي غدون ثكلاوات على يد رجالك. ورغم اعتلائك عرش مصر ثلاثين عامًا، لم يخبرك حدسُك أن شعبك بالفعل راق وطيب وعاطفيّ ونبيل. لو لم تتباطأ وأعلنت التنحي مبكرًا، لربما سألك الثوارُ أنفسُهم الاستمرارَ حتى انتهاء ولايتك. مثلما فعل المصريون مع جمال عبد الناصر في 9 يونيو 67. لكنك أبيتَ إلا أن تزيد غضبَهم اشتعالا باستمساكك بالحكم، غير عابئ باشتعال مصر.
لن تسامحك كلُّ أمٍّ مصرية ثكلت وليدها في عهدك، ولن يسامحك التاريخ. لو قُدِّر لمصرَ أن تعرف، في مستقبل أيامها، حكومةً نزيهة، ووزير تعليم شريفًا، يؤرخ حكايةَ مصر كما حدثت، وليس كما دأبت وزاراتُ التعليم على فبركة أحداث يحشون بها رؤوس الصغار وينسبونها زورًا للتاريخ، لو قُّدّر لمصر مثل هذا الوزير المحترم، سيتعلم الصغارُ من أبناء مصر، بعد سنوات، في كتاب الصف الرابع، أن نسرًا جويًّا جسورًا أنجز الضربة الأولى التي أتت لنا بنصر أكتوبر، بيدٍ، لكنه، باليد الأخرى، بعدما اعتلى عرشَ مصر، صنع نظامًا فاشيًّا أزهق أرواح أبنائها، بعدما جوّع آباءهم ثلاثين عامًا ورما بهم إلى حضيض الفقر والمرض، بينما أغدق على حاشيته ومنافقيه من جيب مصرَ السخيّ، ما لن تسامح مصرُ في إهداره. سيادة الرئيس، احذرْ كتابَ التاريخ.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جمعةُ الغضب الساطع
- أشرف ثورة في تاريخ مصر
- شيءٌ من الخيال لن يفسدَ العالم
- حوارٌ مع صديقي المتطرّف
- يا نعيش سوا يا نموت سوا
- هديةُ الرئيس لأقباط مصر
- دماءٌ على وجه البحر
- وجوب قتل مليون برادعي في مصر
- كاهنُ إيطاليا ومتأسلمو مصرَ!
- نعم، قدرُنا واحد!
- بطلوا اإفترا بالتي هي أحسن!!
- الشعبُ، يدُ الحكومةِ الباطشةُ
- السوبر غاندي-آينشتين
- فلنعدْ للخطّ الهمايوني، إلا قليلا
- إنها دارُ عبادة يا ناس!
- بِدّي خبِّركم قصة صغيرة
- غاضباتٌ وغاضبون
- أنيس منصور، حنانيك!
- «أغنية إلى النهار» للشاعر المصري السمّاح عبدالله تحيي المسرح ...
- أحمد عبد الفتاح، الفنانُ المَنسيّ


المزيد.....




- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان
- التوتر سيد الموقف في جامعات أمريكية: فض اعتصامات واعتقالات
- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...
- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- الرئيس الايراني: ادعياء حقوق الانسان يقمعون المدافعين عن مظل ...
- -التعاون الإسلامي- تدعو جميع الدول لدعم تقرير بشأن -الأونروا ...
- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - احذرْ كتابَ التاريخ