أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - أشرف ثورة في تاريخ مصر















المزيد.....

أشرف ثورة في تاريخ مصر


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 3266 - 2011 / 2 / 3 - 13:59
المحور: حقوق الانسان
    


هل كان الرئيس مبارك يتصور أن الأطفال الذين ولدوا في عهده، وكبروا ليصبحوا شباب مصر الراهن، سيهدرون كالطوفان في مظاهرات تطالب برحيله؟ هل تهيأ ليوم كهذا؟ وهل درّب نفسَه، كرجل دولة، على الإنصات لنداء هذا الجيل واستيعاب لغته؟ أسئلة تُلحُّ على رأسي منذ ظهر الثلاثاء 25 يناير، عيد الشرطة الذي أصبح من الآن "يوم الغضب"، وحتى فجر الأحد، لحظة كتابة هذا المقال. وإجابة الأسئلة السابقة: "لا".
صمته أربعة أيام قبل إصداره بيانًا مقتضبًا، يؤكد هذه ال"لا"؛ لأن هذا التلكؤ جعل الثوار يرفعون سقف مطالبهم من "الإصلاح"، إلى "الإطاحة". البيانُ نفسه كذلك أكد تلك ال"لا"؛ فتأكيده ’ثلاث مرات‘ في خطاب مدته دقائق، على أنه رئيس الجمهورية وسيظل، ثم إقالته الحكومة؛ وإعلانه المكرور بدعم الفقراء (نفس العبارة منذ 30 عامًا، والفقراء يزدادون عددًا وفقرًا)، ثم توالي "عطاياه"، بمعدل "عطية/ كل ساعتين: تعيين نائب انتظرناه ثلاثين عامًا، إقالة أحمد عز محتكر ثروات مصر، من الأمانة العامة للحزب، كل هذا كشف استخفافه بعقول الشباب، ما جعلهم يستخفون بما ظنّه عطايا، مثلما استخفوا بقرار حظر التجوال، فواصلوا الليل بالنهار في ميدان التحرير، وتزايد عددهم من عشرة آلاف في اليوم الأول حتى كسر حاجز المائة ألف مع يوم الجمعة. الأداء الأمني، القمعي، بدل السياسي الرصين، وإطلاقه جحافل الأمن المركزي (الذين لن يلبثوا أن يتحولوا إلى ناهبي المتحف المصري) كل هذا يؤكد تلك ال"لا".
شباب مصر لا يعوزه الذكاء. فهم يدركون أن مبارك هو الذي عيَّن الوزارة التي أقالها، وهو الذي أتى بأحمد عز وحما نفوذه وباركَ احتكاراته، وأنه سمح بوجود المئات مثله في الحزب الحاكم ومؤسسات الدولة، ويعلمون أنه لجأ إلى عسكرة النظام، وجنح بمصر نحو مزيد من التضييق في الوقت الذي يتطلع فيه الشعب إلى الحرية والفكاك من أسر الديكتاتورية، وهو الذي انتعشت في عهده البطالة وتقنّنت المحسوبيات، وزادت الهوة بين موغلي الفقر، وخياليي الثراء.
كان الشعب ينتظر من رأس دولة محورية مثل مصر، أن يستوعب أن اللعبة قد تغيرت. وأن لاعبين جددًا دخلوا الحلبة، مسلّحين بطموحات شابّة، وإن بدا على السطح أن نظام مبارك قد أجهز على تلك الطموحات وقوّضها، بل ومزّق انتماء أولئك الشباب بوطنهم مصر. ثبت أن كل هذا غير صحيح. فقد قرر أولئك الشباب انتشال الوطن من مستنقع الفساد والرشوة والمحسوبية والظلم الاجتماعي ونهب الثروات. انتبه الشبابُ، إلى أنه من الجنون أن يجثم نظامٌ على بلد ثلاثين عامًا، مع حاشية أخفقت في حب الوطن والمواطن. شاخوا فوق مقاعدهم، فلم يعودوا يفرقون بين مصر وتطلعاتهم، بين ميزانية مصر وأرصدتهم في بنوك أوروبا، يمتلكون طائرات خاصة يهربون بها عندما تتأزم الأمور! وفي اللحظة التي أدرك فيها الشباب أن الرئيس يتجاهل قراءة مشاكلهم التي تتراكم عقدًا بعد عقد، قرروا الخروج في وقفة سلمية تطورت إلى أشرف ثورة في تاريخ مصر، وتعالت مطالبهم وتكثّفت في مطلب واحد، وحاسم لا فصال فيه: رحيل النظام.
فليس من ضمن دلائل استيعاب لغة التظاهر السلمي، إطلاق أنياب الشرطة لترويعهم وقتلهم بالقنابل المسيّلة للدموع، والرصاص المطاطي، والحي. كيف يمكن، إذن، لشعب يعانى من الجوع والبطالة أن يعبر عن رأيه؟ مئاتُ المقالات كتبها الكتّاب والمثقفون. عشرات المسيرات والاحتجاجات نظمها الناشطون. فماذا كان رد النظام؟ المزيد من القهر والتجويع والفساد والاحتكار والغلاء.
بديهيٌّ أن الترتيبات التي اتخذها الرئيس مبارك، ترافقت مع تحركات عالية المستوى في أمريكا، منذ بيان هيلاري كلينتون، وبيان المتحدث باسم البيت الأبيض، والاجتماعات التي عقدها رئيس الأركان سامي عنان مع مسئولين أمريكيين قبل استدعائه، واتصال أوباما بمبارك، ثم بيان أوباما نفسه. كل تلك البيانات كانت تؤكد أن فرصةً لا تزال أمام النظام المصري. ألا تشير تلك التحركات إلى أن مستقبل مصر يتم تخطيطه في أمريكا، حسب أجندة مصالحها الخاصة، بصرف النظر عن صالح المصريين؟ أثناء مرض الرئيس مبارك، عكست تقاريرُ كثيرة، ومقالات، قلق إسرائيل من التغيير الذي يمكن أن يحدث من بعده، فهل يمكن أن تكون يدُ إسرائيلَ بعيدةً عن إدارة هذه الأزمة، حتى وإن عبر وسطائها الأمريكان؟ خاصة أن أمن إسرائيل هو هدف أمريكا الأول؟ هل يقبل المصريون بذلك؟
أربكت ثورةُ الشباب موازين النظام، فلجأ إلى أدواته القديمة التي انتهت صلاحيتها: الترويع الأمني، وإطلاق السجناء والبلطجية المسجلين، وكذلك أفراد الأمن المركزي والشرطة السرية ليسرقوا وينهبوا، (لكي يضعنا النظام أمام معادلة ثنائية غير نبيلة: أنا، أو الفوضى الأمنية)، ثم الكذب الإعلامي الفجّ. ففي الوقت الذي كانت فيه الجموع تهدر في معظم مدن مصر، كانت القناة المصرية التي تتابع الأحداث تقول، على لسان المسئولين والمحافظين، إن كل شيء تمام! وإن ما يحدث لا يزيد عن خروج "فئة قليلة مندسّة" تعمل لحساب الغير، وقد تم السيطرة عليها! مذيعون كذوبون مضحكون، جعلوا "أحمد سعيد"، الذي أذاع بيانات النكسة، طفلاً بريئًا! غافلين عن أن الفضائيات العربية والعالمية تتابع الحدث لحظة بلحظة، وتعرض الصور التي تثبت أن ما يجري في مصر ثورة حقيقية، يقوم بها مجموعة من الشباب أجندتهم الوحيدة هي إنقاذ مصر. وأن ما نُشر من تغطيات ومقالات في صحف الحكومة يستحق المحاسبة والإقصاء لتصفية مصر من الأبواق والمهللين لأولياء نعمتهم. أولئك الذين لم يخبرونا، إذا كان كل شيء تمام، فلماذا تم قطع شبكة الإنترنت منذ بداية الثورة وحتى كتابة هذا المقال؟ ولماذا تم فصل شبكات المحمول في سابقة لن ينساها المصريون باعتبارها عنوانًا لقلة حيلة نظام استنفد مبررات وجوده منذ دهر؟
أظن أنني اليوم كسبت الرهان مع السيد كرم جبر، حين أخبرته في برنامج "90 دقيقة" أن الشعب يريد التغيير، فتهكّم قائلا إن خمسين فردًا يرفضون مبارك لا يمثلون الشعب المصري، فسألته مندهشة: كيف وأنتَ عضو بالحزب الوطني ولجنة سياساته، تكون منفصلاً عن نبض الشارع، فما كان منه إلا أن شتمني على الهواء أمام ملايين المشاهدين!
أتطلع إلى أن يُنشر هذا المقال، صباح الثلاثاء في اليوم السابع الورقي، وقد أشرق نهار جديدٌ حرٌّ على مصر.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيءٌ من الخيال لن يفسدَ العالم
- حوارٌ مع صديقي المتطرّف
- يا نعيش سوا يا نموت سوا
- هديةُ الرئيس لأقباط مصر
- دماءٌ على وجه البحر
- وجوب قتل مليون برادعي في مصر
- كاهنُ إيطاليا ومتأسلمو مصرَ!
- نعم، قدرُنا واحد!
- بطلوا اإفترا بالتي هي أحسن!!
- الشعبُ، يدُ الحكومةِ الباطشةُ
- السوبر غاندي-آينشتين
- فلنعدْ للخطّ الهمايوني، إلا قليلا
- إنها دارُ عبادة يا ناس!
- بِدّي خبِّركم قصة صغيرة
- غاضباتٌ وغاضبون
- أنيس منصور، حنانيك!
- «أغنية إلى النهار» للشاعر المصري السمّاح عبدالله تحيي المسرح ...
- أحمد عبد الفتاح، الفنانُ المَنسيّ
- القتلُ الرحيم
- الزمن الأخير، اللعبةُ على نحوها الصحيح


المزيد.....




- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان
- التوتر سيد الموقف في جامعات أمريكية: فض اعتصامات واعتقالات
- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...
- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- الرئيس الايراني: ادعياء حقوق الانسان يقمعون المدافعين عن مظل ...
- -التعاون الإسلامي- تدعو جميع الدول لدعم تقرير بشأن -الأونروا ...
- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - أشرف ثورة في تاريخ مصر