أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد عبد القادر احمد - مطلوب تعديل رؤية ومنهاجية النضال الفلسطيني:















المزيد.....


مطلوب تعديل رؤية ومنهاجية النضال الفلسطيني:


خالد عبد القادر احمد

الحوار المتمدن-العدد: 3189 - 2010 / 11 / 18 - 17:08
المحور: القضية الفلسطينية
    


ان الخلل الاكثر فداحة في بنية الثقافة السياسية الفلسطينية, نتج عن قرائتها القضية الفلسطينية خارج اطارها القومي الخاص, الاطار القومي الفلسطيني المستقل, وقرائتها في اطار الرؤية الاثنية العرقية الثقافية الدينية. فقد ترتب على هذا الخلل. ان نزع عن القضية الفلسطينية استقلاليتها, التي توضح صورتها ورسمها الموضوعي, وباتت جزءا عضويا لا يتجزأ من صورة صراع اطرعرقية ثقافية اوسع, هي صورة صراع الاطار العروبي الاسلامي ضد الاطار الاستعماري العالمي المسيحي الثقافة, والاطار الاسرائيلي اليهودي الثقافة, و تبعا لذلك سقطت رؤية ومنهاجية النضال الفلسطيني في مسارات صراع ليست من مهمتها بصورة رئيسية, وباتت تحمل ثقل مهمات المسارين القومي الفلسطيني الخاص, والاثني العرقي العروبي الاسلامي, إن هذه الرؤية قفزت عن الحقائق التالية:
1- ان الصراع الفلسطيني الصهيوني هو اخر حلقات السلسلة التاريخية للقضية الفلسطينية, فهي في ماهيتها قضية انعكاس تاريخي لتقاطع الصراع عليها في مستويين, الاول _ الصراع بين مراكز وقوى الاستعمار العالمي, والثاني _ انها انعكاس لتقاطع الصراع بين هذه المراكز العالمية والمجتمعات الاقليمية الشرق اوسطية, وان خصوصية سمات وصفات لوجستية جغرافيا فلسطين كموقع جغرافي مركزي تتقاطع عليه الحركة العالمية بين قارات اوروبا واسيا وافريقيا, ولاشرافه على البحرين الابيض المتوسط والاحمر, واهمية هذه السمات والصفات بعلاقتها بالصراع العالمي فان السيطرة عليها بات محل نزاع وصراع بين هذه المراكز ببعضها البعض وبينها وبين المجتمعات الشرق اوسطية. وهذا هو العامل الموضوعي الذي يفسر مباشرة التاريخ السياسي للمجتمع الفلسطيني, كما انه محرك مسار تطورها الحضاري والعامل الذي وسم نتائجه بسمات وصفات قومية خاصة, لذلك كانت اي قراءة خارج اطار هذه الرؤية التاريخية تبقى قراءة مغلوطة منقوصة مشوهة تربك اي دلالة ثقافية سياسية تنتج عنها.
2- ان جوهر القضية الفلسطينية ما قبل الصراع الفلسطيني الصهيوني, انها كانت قضية صراع من اجل التحرر الوطني من الطابع الوظيفي الذي كان الاستعمار يضع مجتمعنا القومي عليها في الصراع العالمي, فالقضية الوطنية كانت تعيق وتائرمسار تطورنا الحضاري, غير انها لم تكن تقطعه ولا تعمل على شطبه والغاءه, وكانت تسمح باستمرار حركة التطور الحضاري الفلسطينية الموضوعية وإن بصورة مشوهة. ووتائر ابطأ,
3- ان البرنامج الصهيوني يحمل هدف قطع مسار التطور الحضاري الفلسطيني والغاء وشطب وجود الذات القومي الفلسطيني نفسه, واحلال المشروع القومي الصهيوني مكانه, وإن كان تجسده المادي في الواقع بدأ كجزء من رؤية استعمارية عالمية توظيفية كلاسيكية, لكن هذه البداية وظفها البرنامج الصهيوني كظروف نشاة مساعدة نجح حتى الان بصورة كبيرة في التحرر منها والاستقلال عنها, وبات يحمل لها ندية تعامل متنامية, تتمثل في المساومة الجارية بين الطرف الصهيوني والمراكز العالمية, في مقايضة خدماته في الحفاظ على نفوذها السياسي في المنطقة مقابل قبول عدوانيته التوسعية, ودعمها واسنادها بالتفوق السياسي الاقتصادي الامني.
ان قراءة الثقافة السياسية الفلسطينية قضيتها الخاصة وصراعها الراهن خارج اطار استقلالها الموضوعي, ومن منظور رؤية اثنية قوامها الرئيسي الصراع العرقي الثقافي, خلق خللا في الادارة السياسية الفلسطينية للصراع. له اهداف وهمية, عن وجود ترابط عضوي بين مهمات النضال الفلسطيني, ومهمات نضال التحرر الاقليمي, رغم تعدد المواقع والتباين النوعي في المهمات والبرامج, الى درجة ان رهنت مصير النضال الفلسطيني, لمتطلبات برنامج التحرر الاقليمي الحضاري التنموي. واغفلت واقع التوازي الموضوعي بينها لا الترابط العضوي, ومتطلباتها الثقافية واساليبها ووسائلها وموقع الجماهير منها, حيث يحتاج الطرف الفلسطيني مضطرا الى الاسترشاد بثقافة العنف الثوري والمقاومة المسلحة, والانخراط الشعبي الكامل في الصراع, في حين يحتاج الطرف الاقليمي ثقافة السلام وعزل الجماهير كي لا تستثير غضب مراكز الاستعمار العالمي, باعتبارها لا تزال المستفيد الرئيسي من وجود وعدوانية السياسة الصهيونية.
ان الدول الاقليمية كانت تسيطر على هذا الصراع بين الثقافتين وتبقيه في ادنى الحدود في الفترة ما بين العامين 48- 1965م, باستخدام برنامج انكار الاستقلالية الفلسطينية ووسائل واساليب قمع مبادرة النضال الفلسطينية الخاصة, وبتضليل المجتمع الفلسطيني بمقولة وحدة القومية العربية ومركزية القضية الفلسطينية, وكان عدم وجود ادارة سياسية قومية فلسطينية تستنهض نضال التحرر الفلسطيني المستقل,عاملا رئيسيا في استتباب حالة الانتظار الفلسطينية لما يمكن ان يسفر عنه برنامج الصراع القومي العربي, وقد لعب دورا اساسيا في تغييب استقلال الدور الفلسطيني ونضاله, تحطم البرجوازية الفلسطينية في هزيمة عام 1948م, وهي المكون الطبقي الفلسطيني الوحيد الذي طرح رؤيا الاستقلال المكافئة لحقيقة الاستقلال الموضوعي الفلسطيني قبل عام 1948م, حيث عادت السيطرة الاجتماعية السياسية بعد الهزيمة ليد الاقطاع الفلسطيني ومراكزه الدينية, التي لا ترى للوجود والحركة الفلسطينية استقلالا عن محيطها,
لكن البرجوازية الفلسطينية عادت الى التنامي مرة اخرى, وان من موقع المواطنة من الدرجة الثانية والعزل السياسي والحصار الاجتماعي,في اطار عملية التطور الحضاري الاقليمي العام بالانتقال الى نمط علاقات الانتاج الراسمالية. الامر الذي خلق في البرجوازية الفلسطينية حالة صراع ثقافي نفسي سلوكي وعدم اطمئنان على مصالحها الطبقية لذلك بدأت محاولة استعادة سوقها القومية الخاصة, الامر الذي اطلق الثورة الفلسطينية عام 1965م, وبذلك تفجر الصراع اقليميا بين ثقافة التحرر وثقافة السلام, وليحتل فورا موقع الصدارة على سلم اولويات الانظمة, والكيان الصهيوني, في حين كان الصراع مع الكيان الصهيوني فحسب يحتل موقع الصدارة على سلم اولويات الثورة, وبقيت الانظمة في الموقع الثانوي. مما كشف سياسيا وامنيا ظهر الثورة لهذه الانظمة وادواتها الدعاوية والعسكرية, اما وجود مداهنة مؤقتة وتباين في سرعة اظهار الانظمة لعدائها للنضال الفلسطينيو فهولا يخفي حقيقة صدارة اولوية الصراع بينهما, فالمداهنة كانت مناورة مؤقتة فرضها على الانظمة واقع ظرف ما بعد هزيمة حزيران عام 1967م, وتفاوت مدى مناورتها القومية في الصراع مع الاستعمار العالمي والكيان الصهيوني, وفيما بينها ايضا, لكن موقف الاغتراب والعداء القومي بقي هو الموقف الاصيل لهذه الانظمة الاقليمية من القضية الفلسطينية, والذي عمقه وضاعف من مستوياته ثقافة التحرر الوطني والديموقراطي التي حملها التحرك الفلسطيني,
لقد انعكس عدائها القومي سياسيا في اتجاهها المسبق الى الاعتراف بوجود وشرعية الكيان الصهيوني وحقه في البقاء, كما صاغته القرارات الدولية واتفاقيات السلام التي عقدتها معه, كمؤشر على اتجاهها الثقافي السياسي القومي المستقل المؤسس على ثقافة السلام, لا القومي العربي المؤسس على ثقافة التحرير.
ويؤشر على هذا العداء مدى تناسق الاهداف والمواقف السياسي وبذل الجهد المشترك بينها لمحاولة التخلص من ثقافة التحرر التي حملتها مبادرة اطلاق الثورة الفلسطينية, حيث جمع هذا العداء بين جميع اطراف الصراع الاقليمي ومنها الكيان الصهيوني ومراكز الاستعمار العالمي في وحدة هدف معاد لنهج التحرر القومي الفلسطيني, واعادة ضبط حركة الصراع الاقليمي على اساس مواصفات ومن اجل ترسيخ ثقافة السلام, على حساب حقوق القومية الفلسطينية وشعارها الثوري في النضال من اجل التحرر,
إن الاخطر في نتائج هذا العداء ان هذه الاطراف فيما بينها باتفاقياتها الثنائية مع الكيان الصهيوني ومراكز الاستعمار العالمي, اعادت تحديد ثوابت الحقوق القومية الفلسطينية, حيث مثل سلوكها نسخة عملية عن وعد بلفور المشؤوم, والذي لا يمكن تمرير إلا بتجريد القومية الفلسطينية من امتلاك القوة المسلحة وحق اللجوء للعنف الثوري من اجل التحرر, الامر الذي اعاد توحيد الجهود الاقليمية وفي اطارها جهد الكيان الصهيوني وبالتنسيق معه, من اجل ضرب الوجود الفلسطيني المسلح في الاردن اولا وفي لبنان تاليا. لا يهم في ذلك اعروبية كانت هوية البندقية او صهيونية.
ان تبرير ما حدث باعتباره خيانة طبقية, كما يقدمه الفكر الاثني العرقي الثقافي, الرجعي الديني واليساري الليبرالي والشيوعي الماركسي, من المكون الفكري الفلسطيني, والمكون الفكري الاقليمي العروبي الاسلامي الشعبي, لا يعدو ان يكون اصرار عنجهي على التمسك بالمقولة القومية العربية وانكار لقراءة النتائج التاريخية والراهنة لحركة التطور والصراع في موضوعيتها ان بصدد تعددية مسارات التطور الحضاري الاقليمية, وان بصدد وجود صراع قومي بينها, وهو استمراراحلال الرؤية الذاتية الارادية الخاطئة محلها, وفي هذا السياق لا يمكن تبرئة دور الانهزامية والاستسلامية الذي مارسته طبقة البرجوازية الفلسطينية بحق قوميتها.
ان البرجوازية الفلسطينية التي عادت للتنامي في الشتات وايضا تحت ظل الاحتلال الصهيوني والاردني والمصري, في الفترة بين عامي 48_ 1967م, انما نمت كبرجوازية مشوهة الصورة, ذات مصالح مرتبطة بالسوق الاقليمي وشرعيته وقانونيته, وهي التفتت الى القضية الوطنية الفلسطينية, من منظار استحداث اصلاح في شرطها الطبقي في الاستثمار الاقتصادي, وكان طموحها الاعلى في ذلك, الاستقلال في كامل السوق القومي الفلسطيني, وقد جسد ذلك اصول الميثاق الوطني الفلسطيني وشعار الدولة الديموقراطية العلمانية الفلسطينية المستقلة, غير انها لم تكن على استعداد للاستجابة لاحتياجات النضال من اجل التحرر في اطار مفهوم الحرب الشعبية طويلة المدى, حيث لا تملك لا التاهيل الطبقي ولا الثقافة الثورية اللازمة لذلك, وبقي جسمها الطبقي الرئيسي ومصالحها الاقتصادية نفسها على مسافة تفصلها عن التضحيات الجذرية التي قدمتها الطبقات الشعبية الفلسطينية, واكتفت باسناد هذه التضحية الشعبية بالمال المصحوبة بحملة من التشكيك بنزاهة التوظيف, بل والمطالبة بان لا تعطل عملية النضال من اجل التحرر القومي حركة مصالحها الطبقية.
لقد تجانس مع هذا الموقف الطبقي البرجوازي الفلسطيني المشين, نهج قيادي منافق لا يمانع في توظيف التضحية الطبقية الشعبية الفلسطينية لصالح التوجه الثقافي السياسي الطبقي البرجوازي الفلسطيني الذي يستشعر اولوية مصالحه, مما جعل منه نهجا قياديا براغماتي انهزامي استسلامي, تقبل في اكثر من موقع هزيمته في الصراع, وتخلى عن الطبقات الشعبية الفلسطينية محملا اياها نتائج مراهقته السياسية, على صورة مذابح دموية لحقت بشعبنا واحبطت فيه مشاعر الاستعداد للتضحية في سبيل التحرر, وهو نهج قيادي انهزامي اختبأ خلف مقولة وشعار عدم التدخل في شئون البلدان المضيفة لوجوده المسلح, سامحا لنفسه في نفس الوقت باجراء مقايضة تعطيه مكتسبات وامتيازات الخصوصية السياسية الاستثنائية في الوضع القومي الفلسطيني, على حساب المصالح القومية الفلسطينية العامة في بقاء واستمرار قوة نضال التحرر الفلسطيني,
ان اتفاقيات اوسلو كانت اخر اشكال وحلقات المقايضة. التي سلمت بها القيادة عنق قوة النضال الفلسطيني لجلادها التاريخي الصهيوني, بعد ان كانت شردته بعيدا عن الوطن وعن الاحتكاك المباشر بالمحتل الصهيوني, وفي المقابل قدمت للقومية الفلسطينية مسار التفاوض مع العدو ذو البرنامج الاحلالي من موقع الهزيمة, ليصبح الوضع الفلسطيني على السوء الذي هو عليه دون اهمال ملاحظة انه في الطريق الى الاسوأ.
ان جوهر الروح التفاوضي الذي تتمثله هذه القيادة هي انها تقدم نفسها للعدو باعتبارها الفرصة الاخيرة له في السلام والتخلص من النضال الوطني الفلسطيني, اي باعتبارها منقذا له من احتمال انفجار نضال فلسطيني قومي جذري, قادر على الاطاحة بكيانه, وهو عرض طبقي برجوازي فلسطيني يتنافس عليه جناحي الحالة الانشقاقية الفلسطينية الرجعي الاسلامي الحمساوي في سلطة غزة والرجعي العلماني الفتحاوي في سلطة الضفة الغربية, فهذه القيادة لم تكتفي بما قدمته من تنازل في اصول ثوابت الحقوق القومية الفلسطينية. حين اقرت بوجود الكيان الصهيوني واعترفت بدولة اسرائيل على اساس مبدأ الاقتسام المرفوض صهيونيا ايضا,
ان البرجوازية الفلسطينية في سبيل تسهيل عملية التفاوض مع الكيان الصهيوني, تخدع الطبقات الشعبية الفلسطينية وتقدم لها تعريفا مزيفا لاصول ثوابت الحق القومي الفلسطيني, خاصة بعد ان نجحت في تمرير خطوة اسقاط مبدئيته واحالت تعريف هذه الحقوق الى حجم وكم. وشروط معيشية, اي ان البرجوازية الفلسطينية ككل برجوازية تريد ان تطمئن على شروط استثماراتها في السوق.
فلقد تنازلت مسبقا هذه الطبقة وممثلها السياسي المتنفذ في منظمة التحرير الفلسطينية عن مبدا الولاء القومي الفلسطيني منذ اعترفت بالقرارت الدولية. وهو شرط شرعية اي قيادة قومية, وهي لم تحجم عن طرح مبدأ الولاء القومي الى مزايدات صيغة مزيفة للمقولة الديموقراطية, وتجسيدها الاجتماعي, فلاول مرة في التاريخ يطرح مبدأ الولاء القومي للتصويت الانتخابي ويحال تقرير مصيره الى مبدأ الاكثرية والاقلية الاجتماعية, وهو جوهر برامج حركتي فتح وحماس الانتخابي.
ان تهافت البرجوازية الفلسطينية الوطني بشقيها بدأ بالتخلي عن مبدأ الولاء القومي الفلسطيني, وسينتهي حتما الى قصر القضية القومية الفلسطينية الى صورة السوق الاستثماري الممكن الحصول عليه تفاوضيا في ظل موازين القوى الراهنة. لذلك نرى البرجوازية الفلسطينية تقمع مقولة العنف الثوري التي تطالب بها الطبقات الشعبية الفلسطينية في نفس الوقت الذي تحث به هذه الطبقات الشعبية على النضالات السلمية الاحتجاجية. فلقد اسقطت البرجوازية الفلسطينية من جانبها وبصورة منفردة موقف العداء التناحري بينها وبين الكيان الصهيوني وهي تحثه على تقبل مبدأ شراكة الاستثمار بينهما. ومع ذلك هو يرفض ويصر على الاستفراد بكامل الغنيمة الفلسطينية.

الاصول الثابتة في الحقوق القومية الفلسطينية:

إن بقاء ووحدة وتكامل واستمرار واستقلال وسيادة وحرية الصيغة القومية الفلسطينية في التطور الحضاري, هي الاصل الراسخ والجامع لكافة الحقوق القومية الفلسطينية وتجسداتها النوعية, والذي يتضمن حقها في التكافؤ والاحترام مع باقي القوميات , اما شكل تجسيد هذه الرؤية ماديا فهو ياخذ صورة وحدة القومية الفلسطينية كظاهرة ديموغرافية والاستقلال الكامل ككيان سياسي, والسيادة والكرامة والتكافؤ الحضاري مع القوميات الاخرى ككيان انساني,
ان الضرر الرئيسي الذي الحق بالقومية الفلسطينية حتى الان هو التشكيك بحقيقة ومبدأ وجود صيغتها القومية الفلسطينية المستقلة, وهو ضرر يتحمل مسئوليته مراكز الاستعمار العالمي والطموحات التوسعية الاقليمية, والطموحات الطبقية الانتهازية الفلسطينية التي تجسدت في صورة قوى سياسية انتهازية لا تستطيع الفكاك من شرط تشابك مصالحها بالسوق الاقليمي, اما الصورة المادية السياسية التي كثفت هذا الضرر فقد كانت في الاعتراف بشرعية وجود الكيان الصهيوني كمشروع قومي صهيوني, من قبل هذه الاطراف جميعا, بما فيها الفصائل الفلسطينية التي تدعي الانكار تهربا من تحمل المسئولية.
ان الانحدار بالقضية الفلسطينية الى مستوى ارض يتنازعها شعبان, وقبول مبدأ ومنهج التقاسم, هو اضفاء للشرعية على عملية نزع الهوية القومية الفلسطينية ليس عن الوطن فلسطين فحسب, وانما عن مجتمعها القومي ايضا, والسماح ببدءاحلال الهوية القومية الصهيونية محلها, وهو خطر عمقه ان تلازم ذلك مع اقرار فلسطيني بالتخلي عن ثابت اخر من ثوابت الحقوق القومية الفلسطينية, هو حقها في الدفاع عن نفسها بالصورة والكيفية التي تراها مناسبة لاستعادة حقوقها, والموافقة على حصر حركة النضال الفلسطيني بخيار التفاوض بين اطراف الصراع, اي ( التفاوض المباشر) والذي بذاته ينطوي على اسبقية الاعتراف بالطرف الصهيوني قبل تحديد نتائج التفاوض كما انه يوظف هذا الاعتراف في تحديد صيغة النتائج النهائية لعملية التفاوض نفسها, إن تقديم عجز الظرف الفلسطيني عن ممارسة حق الكفاح المسلح, لا يشكل تبريرا شرعيا مقبولا عند القومية الفلسطينية يسمح بالتخلي عنه كحق اصيل من ثوابت الحقوق القومية الفلسطينية, وانما هو مؤشر مساومة طبقية ترفع الى المقام الاول مصالح البرجواية الخاصة على حساب المصالح القومية الفلسطينية العامة, كما لا يبرر ذلك ايضا تعليل ان هناك ترابطا وتشابكا وصلة عضوية بين مصالح الطبقات الفلسطينية, فالمصالح القومية العامة للطبقات الشعبية الفلسطينية, وفي ظل الوضع القومي العالمي الراهن انما تتكثف في استمرارية وجود صيغتها القومية واستكمال مسار تطورها الحضاري المستقل متكافئا مع القوميات الاخرى, لا في ذبحها كاضحية عيد قومية اخرى,
ان البرجوازية الفلسطينية بانتهازيتها ونزوعها الانهزامي الاستسلامي, تضلل الرؤية الشعبية الفلسطينية حول تعريف ثوابت اصول الحقوق القومية الفلسطينية حتى في حوار حالة الانشقاق الداخلي, فتقدم له تعريفا انتقائيا يتجاوز اصله كمعطى طبيعي تاريخي للصيغة القومية الفلسطينية ومسار تطورها الحضاري, لا يهم في ذلك اكان التزييف بحسب المقولة الرجعية الدينية او بحسب المقولة العلمانية, فقد باتت كلها جميعا تتمحور في كيفية التقاسم وحول مدى سلطة البرجوازية الفلسطينية في استغلال الطبقات الشعبية.
ان القدس والحدود وتقاسم الثروات, والولاية الجغرافية....الخ هي مسائل مساومة حول الحجم والكم, سقط اساسها المبدئي, وبات حاكمها ميزان القوى, اي ان القضية الفلسطينية بفعل القيادة البرجوازية اسقطت سياسيا وباتت قضية معيشية انسانية, ليس على الصعيد التفاوضي فحسب وانما على مستوى واقعة الصراع اليومي مع الكيان الصهيوني وايضا في المنظور العالمي الرسمي والشعبي لها.
ان الثقافة القومية ليست ثقافة على تمام التماهي فهي نتيجة موضوعية لصراع ثقافات مكون القومية الطبقي ايضا, وقد لاحظنا اخيرا في الثقافة الفلسطينية تفاقم الصراع بين ثقافة الطبقات الشعبية المبدئية التي تطالب بالتماسك على ثقافة العنف الثوري من اجل انجاز مهمات التحرر الوطني وثقافة الطبقات البرجوازية الرجعية الفلسطينية بشقيها العلماني والديني التي تدعوا الى قبول المساومة على مبدأ الولاء القومي واصول ثوابت الحقوق الفلسطينية, وقبول مبدأ التقاسم, كما لاحظنا ان المؤشر الاخطر لتفاقم هذا الصراع بين الثقافتين ان البرجوازية الفلسطينية باتت تلجأ الى قمع تنامي الثقافة الثورية الشعبية, بمختلف الاساليب والوسائل والسبل التي تتراوح بين اللجوء الى التضليل الديماغوجي الدعاوي والقمع بالسلاح الذي اعادت تحويل موقعه الوظيفي من الاتجاه الوطني الى الاتجاه القمعي, وهو المعيب الاساس لمهنية وحرفية جهاز الامن الفلسطيني, حيث بات هذا الجهاز بيروقراطي غير معني بنوعية مردود اداءه المهني الاحترافي. وكيفية وقع هذا المردود على القضية القومية الفلسطينية, خاصة انه بات الى جانب موقعه القمعي في الصراع الطبقي, فان له رؤية تنفيذية مشتركة مع العدو الصهيوني,
ومن المؤسف ان كادر جهاز الامن الفلسطيني لم يستطع تمييز نتائج المهنية والاحتراف في وضع التشابك السلطوي المحلي والاجنبي على الوضع القومي عن وضع مردود المهنية والاحتراف في ظل الاستقلال والتحرر الوطني من الطرف الاجنبي. حيث تكون المهنية والاحتراف في وضع التشابك السلطوي المحلي والاجنبي اقرب الى العمالة والخيانة, وهو الامر الذي يبين مقدار سخافة اختلاف طرفي الانشقاق الفلسطيني في صراعهم حول ملف الامن في حوار المصالحة الفصائلي, فاختلافهم حول المحاصصة فيه وحول بناء هيكليته لا يعدو ان يكون من وجهة نظر اي من الطرفين سيكون تقديم الخدمة للطرف الصهيوني.
لكن الاخطر من ذلك هو الدور المضلل الذي يلعبه القلم الثقافي السياسي الفلسطيني الذي يقوم بتزوير كل هذه الحقائق ويعطي مقولاتها معان ومفاهيم زائفة, اساسها ليس البحث والتقصي العلمي بل العاطفة والروح العملي والمزاجية, وقبول ان يكون وضع الوعي القومي الفلسطيني في صورة مسطح مائي حركته دوائرية هي رد فعل لما يلقي بها العابثون من مخلفات. فهذا القلم نفسه هو قلم برجوازي يعبر عن شرعية التخلي عن مبدأ الولاء القومي, والفبول بمبدأ السوق الاستثماري, حيث لا يعود مهما هنا مقدار الشروط السياسية التي يضعها هذا القلم لتوصيف السوق الاستثماري. فهو وفي كل اشكال تنوعه الفكري وتشتته الانشقاقي و تطرفه الثقافي السياسي لا يخرج عن اطار تهافت الرؤية والموقف الطبقي البرجوازي.
لقد بات من الضروري اخراج القومية الفلسطينية من غرفة التخدير الثقافي السياسي التي ادخلتها اليها البرجوازية الفلسطينية, واعادة انعاش رؤيتها القومية الخاصة كمقدمة لتغيير منهاجية النضال الفلسطيني, وفي هذا الاطار يكمن دور اليسار الفلسطيني وفيها يتموضع حل ازمته, وحدود مناورته في التحالف والصراع, ان قيادة اليسار الفلسطيني يجب ان ترتقي في مهمتها عن مهمة الخلية في هيكلها التنظيمي, وان تتوجه بصورة رئيسية الى انجاز مهمة الكفاح النظري كمقدمة لانجاز مهمة التقدير السياسي, وتحديد المناورة اللازمة لخوض الصراع الديموقراطي مع الاطراف الداخلية, والوطني مع الاطراف الخارجية. فهل لدى اليسار الفلسطيني الاستعداد والمبدئية الثورية للتخلي عن ماهيته البرجوازية؟
إن التبني الثوري للحركة القومية كان من عبر وخلاصات تجربة القيادة الشيوعية الفيتنامية لحركة التحرر الوطني والتي لم تكن على تعارض مع التقدم نحو التطبيق الاشتراكي وقد كان ايضا عبرة وخلاصة تجارب ثورية عالمية اخرى. فما مشكلة الوضع الفلسطيني اذن؟
ان القيادة الرشيدة هي القيادة التي تكتشف وتقدم حلول خصوصية مشاكلها القومية, على الصعيدين الديموقراطي والوطني, لذلك يجب النظر الى شذوذ الوضع الفلسطيني من هذا المنطلق الاستسلام والعجز حياله. فهل هناك يسار فلسطيني على هذه الاهلية؟



#خالد_عبد_القادر_احمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من بلا كرامة, مطار القاهرة ام المواطن الفلسطيني؟
- الى معلمي ابن الجنوب
- نتائج الانتخابات الاردنية مؤشر قراءة توزيع جيوسياسي للمجتمع:
- اردنيون من اصل فلسطيني......هنا المشكلة:
- فارق نجاح الصهيوني وعجز الشرق اوسطي في التاثير في القرار الس ...
- هذا هو ابو عمار:
- الهوية الثقافية الفلسطينية
- انشقاق حماس حركة خارج اطار التعددية السياسية:
- جولة اوباما الاسيوية بين الابتزاز والتسول:
- لا يزال الخلل ذاته مقيما في دار اليسار:
- لغة اليمين في بيان لقاء قوى اليسار العربي:
- هل ما زال الصراع مع الفلسطينيين هو الرئيسي في فكر الحركة الص ...
- هل ما زال الصراع مع الفلسطينيين هو الرئيسي في فكر الحركة الص ...
- جريمة الكنيسة مقدمة لتوسيع نطاق الحرب الاهلية العراقية:
- المطلوب اكثر من مصالحة فصائلية فلسطينية:
- مصر بين الاقلام
- اوباما انت كاذب:
- عالمكشوف: مأزق الاعلام وحرية الصحافة الفلسطينية:
- الولايات المتحدة الامريكية و نمور الشرق الاوسط :
- نقد بنية المبدأ الديموقراطي في القانون الاساسي المعدل الفلسط ...


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد عبد القادر احمد - مطلوب تعديل رؤية ومنهاجية النضال الفلسطيني: