|
هل تشكل عملية التعداد السكاني تهديداً للكنيسة الكاثوليكية لشعبنا الكلداني ؟
حبيب تومي
الحوار المتمدن-العدد: 3143 - 2010 / 10 / 3 - 13:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التعدد السكاني المزمع أجراؤه في 24 / 10 / 10 هو عملية إدارية تنظيمية وحسابات فنية تهدف الى وضع الخطط التنموية والأهداف الأستراتيجية على اسس علمية مدروسة ، انطلاقاً من تحديد الطاقات وأعداد القوى البشرية وأعمارها واجناسها ، لكن في العراق وفي الظرف الراهن ، فإن عملية الأحصاء تحمل في طياتها سمات سياسية لا يمكن تجاهلها ، وسوف يكون للعملية اهمية استثنائية في هذا الظرف الدقيق ، إذ سيحدد الثقل الديمغرافي لكل مكون عراقي ، فالكردي سيتعين عليه ان يكتب قوميته كردية والعربي سيضع في حقل القومية ، القومية العربية ، وهذا ينطبق على التركماني والأرمني والآشوري والكلداني وغيرهم من المكونات . ولكن لماذا الخشية على مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية في العراق ا تحديداً ، وما هذا العنوان التحذيري المتشائم الذي سطرته ؟ بحيث يبدو وكأن وجود مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية لشعبنا الكلداني مهدداً في تلك العملية ؟ ولاجل بلوغ نتيجة المعادلة ينبغي العودة اكثر من خطوة نحو الماضي . في القرن السابع الميلادي دخلت الجيوش الأسلامية الى العراق ، ووجدت امامها بلداً مسيحياً مبثوثة في اصقاعه المدارس والكنائس والأديرة ، وتنتعش فيه الزراعة والتجارة والثقافة والعلوم ، وبعد الغزو او بعد الفتح كما يرتاح له اخواننا المسلمين ، فإن اهل البلد تحولوا من مواطنين احرار في بلادهم الى اهل ذمة او اهل كتاب ، ووزعت اراضيهم الى قواد الجيش الأسلامي واصبح فلاحي تلك الأراضي عمال لديهم وتحولوا الى اقنان يعملون لحساب هؤلاء القواد ، فالعراقيون تحولوا في بلدهم الى مواطنين من الدرجة العاشرة بعد تطبيق بحقهم احكام اهل الذمة المعروفة . في نفس السياق بالنسبة لشعبنا الكلداني تعرض في وطنه العراقي بعد نيسان عام 2003 اي بعد سقوط النظام ، إذ تجسد امامنا تخبط الحاكم الأمريكي بول بريمر في قراراته التي مزقت اوصال العراق وحولته الى دولة طوائف ، ونتائجها السيئة نعاني منها الى اليوم ، وطال شعبنا الكلداني قسطاً كبيراً من تلك الأخطاء ، إذ تحول من شعب له قوميته الكلدانية وله تمثيله الواضح في الدولة العراقية ، فتحول بقدرة قادر وبفضل الأخ بول بريمر الى طائفة تابعة للحزب الآشوري القائد ، إذ هيمن الحزب الآشوري على مصائر الكلدانيين ، وطفق يعلّمهم بأنهم ( الكلدان ) كانوا يعيشون في عصر الجاهلية ، فالكلدانية ما هي الا مذهب كنسي تابع للحزب الآشوري ، وسخر اشقاؤنا نفوذهم وإمكانياتهم المالية والأعلامية من اجل إخضاعنا لنفوذهم في العراق وكذلك في اقليم كوردستان . هذا هو الواقع الذي استفتحنا به مصيرنا بعد 2003 م ، والذي كان يحدونا الأمل في ان تسود لغة الديمقراطية واحترام المعتقد والأنتماء ومنظومة حقوق الأنسان للجميع بما فيهم الكلدان ، فالكلداني كان اول من ضحى وآخر من استفاد لا بل انه كان من الخاسرين الى اليوم . لكي اثبت كلامي باستخفاف الحزب الآشوري للوجود الكلداني وتاريخه وقوميته ، اورد بعض الفقرات من المنهاج السياسي للحركة الديمقراطية الآشورية في المؤتمر الثالث المنعقد في شقلاوا عام 2001 فقد ورد في المادة الثانية ( ... واتحاد طوعي يتميزون بنكران الذات وينتمون الى مختلف فئات وطوائف الشعب الآشوري .. الخ ) . وفي المادة الثالثة ورد ( ... تناضل حركتنا من اجل حقوق الشعب الآشوري .. ) . وورد في نفس المادة في اولاً ( .. الأقرار بالوجود القومي الآشوري دستورياً .الخ ) وفي ثالثاً من نفس المادة ورد ( .. نطالب بتمثيل الشعب الآشوري في السلطات المركزية .. ) .. اقول : على من تضحكون ايها الأشقاء في الحزب الآشوري ؟ وعلى من تقرأون مزاميركم ؟ هل هذه الوحدة التي تنشدونها ؟ واين التسمية السياسية المركبة التي تنادون بها ؟ انا متأكد ان رابي يونادم سوف يكتب في حقل القومية ، القومية الآشورية ، وكذلك رابي سركيس آغاجان ، وأي آشوري آخر لا يمكن ان يكتب غير الآشورية ، وهذا هو عين الأخلاص للانتماء ، وسوف لا يكون للتسمية السياسية القطارية التي طبخت في مطابخ الحزب الآشوري خصيصاً لتصديرها للكلدان والسريان ، وسوف لا يطبقها اي آشوري يعتز بقوميته الآشورية ، ويبقى على الكلداني والسرياني ان لا تنطلي عليه الأكاذيب والحجج الساذجة التي تسعى لتهيمشه من الساحة القومية العراقية ، وعليه ان يضع اسم قوميته الكلدانية في حقل القومية وسيكون ذلك شرفاً له ، لكي لا يتهم بضبابية الأنتماء وهذا ينطبق على السرياني ، وعلى اي مكون عراقي آخر . اليوم يأتي دور الكنيسة الكاثوليكية لشعبنا الكلداني لكي تقوم بدورها ، فإن هذه الكنيسة سيحدد مصيرها ويحدد حجمها بالأعداد الذين يسجلون ((( انتمائهم الكلداني ))) ، فمن يسجل منهم الأنتماء الآشوري او العربي او الكردي او ( كلداني سرياني آشوري ، او سورايا او كلدوآشوري )، ستفقده الكنيسة الكلدانية ، وسوف تضعف الكنيسة لما يتسرب من رعيتها من الشعب الكلداني الى الأنتماءات الأخرى . كانت الكنيسة بالأمس في عملية الأنتخابات تتوجس من حث الشعب الكلداني للاشتراك في الأنتخابات وانتخاب قوائمه الكلدانية خوفاً من ان ينالها التقريع بما يزعم من تدخلها في السياسة ، فإن عملية الأحصاء اليوم ليست سياسية إنما هي عملية تنظيمية تحدد الثقل الديموغرافي لكل مكون عراقي ، وإن حجم كنيسته سينحصر بتلك الأعداد التي تسجل في حقل القومية ، ( القومية الكلدانية ) لا غير ، فالمسالة هنا ترتبط بالوجود الكلداني ، وثقله الديموغرافي على الساحة السياسية ، وبالهوية الكلدانية ، وليس للمسالة صلة بالولاء السياسي او الحزبي ، فالكلداني يمكن ان ينتمي او يدلي بصوته لحزب عربي او كوردي او آشوري في الأنتخابات ، لكن عملية الأحصاء تختلف ، إذ ان المسالة متعلقة بهويته ووجوده وانتمائه وكنيسته . لقد صادفت في القوش بعض الأخوة السائرين مع مركب الحزب الآشوري ، وهم مصممون على كتابة سورايي او كلدوآشوري ، أو ابقاء الخانة فارغة ، لقد فات هؤلاء الأخوة ان كنيستهم ستخسرهم ، وسيكون موقفها ضعيفاً ، وربما مهدداً إن لجأ كثير من الكلدانيين الى هذا الطريق العبثي غير المسؤول . نعم كانت الحملات الشعواء قد صرف عليها الملايين من اجل دفن اسم القومية الكلدانية في غياهب النسيان ، والحملة لا زالت مستمرة ، تارة باسم الوحدة وأخرى باسم المذاهب الكنسية ، وثالثة بروح عنصرية استعلائية ، بربط قوميتنا الكلدانية وكأنها مذهب كنسي تابع للقومية الآشورية ، فهذه الخرافة انطلت مع الأسف على بعض كتابنا ، او ربما لم تنطلي عليهم لكنهم يأملون ببعض المنافع من خيرات البقرة الحلوب في الحزب الآشوري . المهيمن على مصائر المسيحيين في العراق وعلى ثرواتهم وعلى منافعم الأعلامية . ولا اريد الأستفاضة في هذا الموضوع ، ولكني اعود الى موضوع الأحصاء ، فالعملية ليست سياسية بقدر ما هي عملية لتحديد الثقل الديموغرافي لكل مكون على الأرض العراقية ، ومن اجل ان نكون اقوياء ، ولنضمن حقوقنا بشكل مستقل وبشرف ودون خضوع لاي حزب ، فينبغي ان نحدد اسمنا بشجاعة وبشرف ، ودون ان تنطلي علينا الأحابيل الساذجة التي يسوقها الخطاب الآشوري . إن الكلداني اليوم ينبغي ان يقف بشجاعة مع المكونات العراقية الأصيلة الأخرى ويكتب بالقلم العريض اسم قوميته الكلدانية العريقة ، وهنالك مسألة فنية ينبغي التحوط لها ، وهي قطع الطريق لأي تلاعب مثلاً بإضافة سريان آشوريين على الكلدان ، ومن اجل ذلك ينبغي كتابة لفظة الكلدانية على طول الحقل المخصص او وضعها بين قوسين لتلافي اي تلاعب . سوف لا يقوم عربي بكتابة قوميته كوردية ولا كردي يكتب قوميته عربية ، ولا يوجد آشوري يكتب ( كلداني سرياني آشوري) ، إنه سيكتب آشوري فحسب ، بقي علينا نحن الكلدان ان نكون امناء لتاريخنا وأوفياء لأجدادنا ، لأن اسم قوميتنا الكلدانية لم يكن بقرار سياسي او مؤتمر حزبي ، إنما ورثنا اسمنا من اجدادنا العظام وعلينا ان ننقله بأمانة الى احفادنا وأجيالنا القادمة ، وسيكون ذلك حصانة وتعضيد لموقف الكنيسة الذي نكن له التقدير والأحترام . حبيب تومي / عينكاوا في 03 / 10 / 10
#حبيب_تومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القوش كجبلها سوف تبقى شامخة عبر الزمن .. ولكن ؟
-
الكلدانيون والمندائيون اصول تاريخية مشتركة وقومية كلدانية وا
...
-
الكوتا لا تحمل صيغة قومية بل دينية مسيحية وتطبيقها كان مجحفا
...
-
اين يقف اقليم كوردستان من مشروع تكريم توما توماس ؟
-
نهج الحركة الديمقراطية الآشورية يهدف إخضاع الكلدان وليس شراك
...
-
الأستاذ هوشيار الزيباري هل يفعلها القادة العرب ويجتمعون في ا
...
-
مغالطات ترجمة الكوتا المسيحية على انها قومية
-
نقل طاقم حكومة اقليم كوردستان الى بغداد لتتولى امور العراق
-
اين يقف كلدانيو اميركا من الفعل السياسي والقومي الكلداني ؟
-
الحزب الآشوري والأسلوب الدكتاتوري بل الديمقراطية مع الشعب ال
...
-
السيد وزير شؤون الشهداء والمؤنفلين لا نقبل بتهميش شعبنا الكل
...
-
دماء شهداء الشعبين الكوردي والكلداني تمتزج في صوريا الكلداني
...
-
ماذا بعد المؤتمر الثاني للحزب الديمقراطي الكلداني ؟
-
الى منظمة الأقليات العراقية ..نرفض إجحافكم بحق شعبنا الكلدان
...
-
القيادة الكوردية وتعقيدات المشهد الجيوسياسي الى اين ؟
-
وداعاً ايها المناضل العراقي الكلداني حكمت حكيم
-
لماذا الغضب من منافحة الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدا
...
-
لكي لا يتخذ شعار الوحدة القومية ذريعة للانقضاض على الفكر الق
...
-
من يحق له التحدث باسم الكلدان ؟
-
طلبة بغديدا في القلب والبركة بوحدتهم وقوة إرادتهم ولا لتسييس
...
المزيد.....
-
زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
-
دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما
...
-
الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
-
شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
-
اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا
...
-
بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس
...
-
إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
-
دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با
...
-
مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
-
هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|