أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - الفرات المندائي ..........!














المزيد.....

الفرات المندائي ..........!


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 3129 - 2010 / 9 / 19 - 20:06
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



يمتد الفرات في عميق الروح بموج وغرين وقصائد واغاني صيد وأنوثة النخل ودموع شهداء واماسي طقوس تعميد عرسان لبياضهم ضوء يشبه تماما ضوء نبي جفاه قومه وهمسوا له :لك ربك البعيد ولنا آلهتنا الطينية القريبة ..!
وحتما كل آلهة الجنوب المصنوعة من خيال رهبة البشر .كانت مجبولة ومصنوعة من طين ضفاف الفرات ، ومن طينه أيضا صنعت التماثيل والنصب وجرار الفخار وألواح الطين التي دون عليها الإنسان الأول المراثي والأساطير والقصائد والشرائع ونحيب الأمهات يوم تفترس الحروب والفيضانات والطواعين وجيوش الغزاة فلذات أكبادهن ..!
يمتد الفرات على خارطة الجنوب بدهشة ما فيه وما يراه ويعيشه مع مدنه التي تغفو على خاصرة الماء تجدد يومها مع هاجس أمل ورغيف خبز واغنية وصحيفة مظلومية تدونها الأصابع المشتكية لحاجب الملك لعله يرحم رغبتنا لنحصل على حق ضاع في شهوة الإقطاعي ورجل البوليس ورب العمل .
على الخليقة بقي الفرات راعيا لأحاسيس مدنه وابناءه ورعاياه ولكنه لن يفعل شيئا سوى غيضه ليعلن طوفانه ولكنه في المحصلة لا يؤذي سوى أحبابه .إذ تغرق بيوت الفقراء ويبقى الملك والأغنياء في قصره العالي نائيا عن الغرق.
على أديم هذا النهر وهذا التاريخ عاش المندائيون يصنعون أرواحهم وبهجتها مع إغفاءة الموج وخرير الماء ومساءات الشمس الهابطة الى بيت الجفن حيث تغفوا نائمة فيما الحكيم المندائي سيظل يقظا ومن فوق غرفته الطينية على الشاطئ سينادم ضوء القمر وحكايات النجوم ومنها سيصنع رؤاه وتنبؤاته وغيب ما سيحدث في الصباح الطالع مع رائحة الخبز وصياح الديك وعطر أشجار السدر المنتشرة في مساحات القلب والبساتين ورسائل الحب..!
كان أهل الجنوب في الأزل البعيد يؤمنون أن الروحانيين وحدهم من يعرفون لغة النهر .ولن المندائيين مسكوا الروح من خاصرتها فقد كان الناس يهرعون إليهم كلما أرادوا مناشدة النهر لهاجس أو أمنية ما تهم عطش النخيل أو توفر السمك أو أي أمنية كانت نساء سومر يعتقدن إن النهر وحده من يستطيع منحها .وربما مجموع تلك الهواجس المرتبطة بهاجس الماء وسحره ولدت طقوس الزكريا والتعميد وخروج الأشهر المكتئبة عندما نكسر على أبواب بيوتنا جرار الفخار المليئة بالماء.
جعلت طقوس اليوم الفراتي من حياة المندائي تميل الى عزلة التأمل وفهم الوجود برؤى تختلف عن بقية البشر .لهذا شكلوا في مودتهم مع النهر عزلة أبدية وأسطورية ليبقوا خالدين مع تراثهم ونقاء سلالتهم الى الأبد عندما اندثرت كل السلالات التي جايلت وجودهم منذ خليقة سومر وبابل واكد والفينيق وظلوا هم وارثوا ابد الأيمان والبقاء .يمدون الى النهر ديمومته ويؤدون معه طقوس الفيلسوف الإغريقي هيرقليطس في تحولاته :يمضي النهر ويتبدل موجه لكن هاجس من يقف على ضفافه ينطق بعبارة واحدة منذ أول البشرية :أنا على ضفافك إقراءك واشربك واعتاش منك..
الفرات المندائي ...هاجس ملة واناس طيبين احترفوا السلم والغنوص والصلاة الهادئة طريقة لاكتشاف العالم ، أدركوا معه إن الرؤى التي يصنعها تحول الموج وتغلغله بين السواقي وبيادر القمح وافياء البساتين وأجساد العرائس وهن يغتسلن في بهجة الجسد وشهوة ليله .
أدركوا انه يمثل امتداد لعاطفة الوجود وصيرورة التواصل ومعرفة معنى أن نعيش وصير الجنوب ثوبنا ودمعتنا وجرح الحرب والعشق والشكوى.
الفرات المندائي ...هو الجنوب الذي توارثه أجدادنا في ألفة أزمنة العيش بين الجميع .لاطائفة ولا دين ولاقبيلة ...
كان الجنوب يجمعهم تحت راية أمير وملك وكاهن لم يكن ينظر الى الشعب إلا من خلال النذور والسيوف وتبريكات الآلهة .وكان المندائيون جزءا من تلك الكهنوتية الأسطورية ..نالوا ما نالوا يوم احترقت أور ...وغزوا الاسكندر ..وجنون كورش في اكتساح ارض الله ليجلب آلهة بابل الى عاصمته سوسة ...ومن كل هذا الركام والمراثي خرج النهر سالما .وخرج المندائيون معه يعيشون استمرار الحياة وازلها ...
الفرات المندائي هو الجنوب المعطر بالدموع والمواويل ورثاء الحروب والمواسم التي يضيء فيها عرق الجبين وقبلة العاشق وحرف المعلم وهو يخط على لوح الطين تلك العبارة الشاهقة :أيها المندائيون .من الفرات الى الفرات منابع الضوء تلقي دهشتها على صلواتكم...............!

ألمانيا في 19 سبتمبر 2010



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كمال سبتي وأيميل آتٍ من البيت الأبيض..!
- أمهاتنا ( نعيٌ بطعمِ الدمعة )
- قبلة أمي وعينيك أهم من 11 سبتمبر ..!
- المكان المندائي..........!
- وجع ذاكرة المدينة
- متعة الأحمر بين شفتي الوردة والأنثى ......!
- منلوج الوردة روحانيات مهلهل
- إلى متى نرتهن بسخافة وسذاجة مانرى ......!
- اوباما ...رامسفيلد ..شوارزكوف ... نبيل شعيل ..!
- الأمريكان ذهبوا ...مالذي بقي ..؟
- الرؤى المدهشة ( إبراهيم ويوسف الصديق ع )
- وردة الروح أولا .....!
- العراق ...( صوت الله..وصوت الآه )
- جمهورية السيدة زينب....!
- جنوب مدن الله ( الألم )............!
- أوزان البرلمانيون العراقيون بالكيلو غرام......!
- جيفارا كان مندائياً ...وعبد الكريم قاسم صابئياً .!
- سُرَ المرأةُ ودهشة الأغراء فيها....!
- الجمال العراقي في العهد الملكي.......!
- اغمضي عينيك ..وأغلقي الباب وراءك......!


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - الفرات المندائي ..........!