أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض العصري - معالم النظام الاجتماعي في مجتمع العصر الجديد 1















المزيد.....



معالم النظام الاجتماعي في مجتمع العصر الجديد 1


رياض العصري
كاتب

(Riad Ala Sri Baghdadi)


الحوار المتمدن-العدد: 3110 - 2010 / 8 / 30 - 12:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سنحاول ابتداءا من هذا المقال ومن خلال سلسلة مقالات لاحقة ان نستعرض معالم النظام الاجتماعي في مجتمع العصر الجديد من خلال تسليط الاضواء على كل ما له صلة بشؤون ومصالح الناس من سكن وتعليم وصحة وعمل وغيرها من الشؤون وبيان الرأي والمعالجة بصددها وفقا للنظرية الاجتماعية لعقيدة العصر الجديد ، وهنا يجدر بنا ان ننوه الى ان النظرية الاجتماعية لعقيدة العصر الجديد ترتكز على عدد من الثوابت المبدأية من اهمها :
ـ مجتمع العصر الجديد يخضع لسلطة مدنية تسمى الدولة , وهذه السلطة مجزأة الى ثلاث سلطات فرعية هي السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية , السلطات الثلاثة تخضع لسلطة معنوية أعلى منها هي سلطة الدستور , الدستور يستمد مبادئه وشرعيته وقوته من الشعب الذي يتمتع بالحرية الكاملة في الاختيار والقرار , فلا شرعية لسلطة لا تخضع للدستور , ولا شرعية لدستور صادر عن شعب محروم من الحرية في الاختيار وفي القرار
ـ الدولة في سلطتها ومكانتها في المجتمع هي أشبه بالاب الكبير المسؤول عن عائلته , الدولة بحكم سلطتها ومكانتها تتحمل المسؤولية عن توفير الخدمات الاساسية للمجتمع مثل خدمات السكن والعمل والصحة والتعليم والمواصلات وغيرها من الخدمات الاساسية الضرورية , وما نقصده هنا بالدولة ليس شخص الحاكم وحكومته وانما نقصد مؤسسات الدولة , نحن هنا نخاطب الدولة بصفتها الاعتبارية كسلطة مؤسسات تتمتع بالديمومة اما الاشخاص شاغلي المناصب فهم لا يتمتعون بالديمومة , وفقا للنظام الديمقراطي الذي نتمسك به اسلوبا في الحياة السياسية فان شخص الحاكم يشغل منصبه بصورة مؤقتة في السلطة اما مؤسسات الدولة فهي دائمة الوجود مستمرة السلطة ، ومن هذا المنطلق فان الدولة هي مؤسسات دائمة وقوانين , مؤسسات الدولة وقوانينها انما هي أدوات الدولة تستخدمها في رعاية وخدمة ابنائها المواطنين
ـ القوانين توضع من قبل السلطة التشريعية المنتخبة ديمقراطيا ، تضعها بحكم سلطاتها الدستورية ثم تخضع لمصادقة السلطة القضائية , القوانين توضع لخدمة المواطنين بما لا يتعارض مع مباديء حقوق الانسان وكرامته وعيشه الكريم وتعكس تطلعات الضمير الانساني في العدالة والمساواة والحرية , القوانين تكتسب صفة القدسية طالما كانت معبرة عن هذه المباديء , وتبقى تحمل صفة القدسية طالما كانت نافذة المفعول , ويجوز اجراء تعديلات عليها عندما تستوجب الظروف ذلك , القوانين تستمد قدسيتها من قدسية الكيان الانساني وحقوقه الاساسية في الحياة , فاذا ما أصبح اي قانون في حالة تقاطع مع هذه المباديء نتيجة للمتغيرات الاجتماعية او الاقتصادية او السياسية يكون قد فقد قدسيته واستوجب تغييره , قدسية اي قانون تكمن في جدواه ومضمونه وليس في صورته وشكله
ـ العلاقة بين الدولة (بسلطاتها الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية ) والمواطنين هي ليست علاقة بين حاكم ومحكوم , وانما هي علاقة بين أب وأبنائه , على الاب رعاية أبنائه وحفظ حقوقهم الانسانية , وعلى الابناء احترام أبيهم وطاعته والتزام تعاليمه , والاب هنا هي الدولة بصفتها الاعتبارية وليس بأشخاصها , فاذا كان الاشخاص شاغلي المناصب العليا في الدولة واصحاب القرار غير مؤهلين لحمل صفة الاب فان من حق الابناء تغييرهم واختيار الجديرون بحمل هذه الصفة لغرض القيام برعايتهم على أحسن وجه , والتغيير لا يكون الا من خلال انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة , ونؤكد بهذه المناسبة ان اي لجوء الى القوة والسلاح لغرض التغيير يعتبر باطل وفاقد للشرعية , واي تلاعب او تزوير في الانتخابات تعتبر نتائجها باطلة وفاقدة للشرعية , السلطة القضائية هي المسؤولة عن بيان شرعية الانتخابات وصلاحية نتائجها
ـ السلطة القضائية ينبغي ان تكون سلطة محايدة منزهة من الانتماءات والولاءات والميول الدينية او المذهبية او العرقية او العشائرية او الحزبية ، سلطة علمية اكاديمية تكنوقراطية مهمتها الاشراف على تطبيق الدستور والقوانين بكل نزاهة وشفافية
ـ حيث ان مؤسسات الدولة وقوانينها وجدت لتكون في خدمة المواطنين ، فان لهذه المؤسسات والقوانين حقوق على كل مواطن تتجسد في احترامها والالتزام بها , من حق اي مواطن التعبير علنيا وبطريقة سلمية عن رفضه لأي قانون وهذا يندرج ضمن لائحة الحريات العامة ولكن التصرف بطريقة مخالفة لأي قانون صادر ومصادق عليه يعتبر خروج على سيادة القوانين وانتهاك لسلطة ومكانة الدولة راعي المؤسسات والقوانين والاب الاكبر للمواطنين , وبالتأكيد ان اي تصرف بطريقة مخالفة للقوانين سيترتب عليه حساب عادل من قبل السلطة القضائية
هذه هي اهم الثوابت في النظرية الاجتماعية لعقيدة العصر الجديد , وسوف نتناول في سلسلة مقالاتنا اللاحقة معالم النظام الاجتماعي في مجتمع العصر الجديد مبتدئين بمقالنا هذا عن موضوع السكن
1 ـ السكن
تبرز اهمية السكن في كونه مأوى للانسان يمثل مكان راحته ومستقره وبالتالي فهو مصدر اساسي لشعور الانسان بالاستقرار والاطمئنان النفسي , ولا يمكن لأي انسان ان يحيا حياة كريمة من غير ان يكون له مسكن لائق به وبأسرته , كما ان المسكن هو حق من حقوق المواطنة , فمن لا مسكن له لا موطن له , هذا بالاضافة الى ان قضية السكن لها تأثيرات عميقة على نمط العلاقات الاجتماعية وعلى مجمل الحياة الاقتصادية والسياسية للبلد , حيث نلاحظ ان من المؤشرات المهمة عن الحالة الاقتصادية لأي بلد هي مستوى اسعار العقارات فيه وخاصة المساكن , اذ يؤدي ارتفاع مستوى اسعارها بشكل غير طبيعي الى اضطرابات اجتماعية تنعكس على الحياة السياسية ، ولهذه الاسباب جميعا اهتمت عقيدة العصر الجديد في جانبها الاجتماعي بموضوع السكن فأولته الاهمية القصوى والاولوية في الاهتمام , بل ان عقيدة العصر الجديد من فرط اهتمامها بموضوع السكن ذهبت الى مدى أبعد عندما عبرت عن اهتمامها حتى في طريقة تصميم المساكن وطريقة تصميم التجمعات السكانية لما لها من تأثير مباشر على الحالة النفسية للانسان الفرد وعلى شكل العلاقات الاسرية والاجتماعية ونمط السلوك العام في المجتمع والتي تشكل بأجمعها مرتكزات النظام الاجتماعي ، وكلنا على دراية بمقدار بؤس ومعاناة حياة التشرد التي تصيب الناس عند تركهم لمساكنهم اثناء الحروب او الكوارث الطبيعية لنقدر بناءا على ذلك مكانة المسكن في حياة الانسان ، ومن هنا كان الاهتمام الكبير بموضوع السكن
ترتكز النظرية الاجتماعية لعقيدة العصر الجديد في ما يتعلق بموضوع السكن على المرتكزات الاتية :
ـ تقع على عاتق الدولة بالدرجة الاولى مسؤولية توفير مسكن لكل اسرة من مواطنيها المقيمين لان ذلك يصب في مجرى تحقيق الاستقرار الاجتماعي والذي هو اهم واجب يقع على عاتق الدولة , واننا عندما نقول بمسؤولية الدولة في توفير المساكن لمواطنيها فان ذلك لا يعني توفير المساكن مجانا لان ذلك سيشكل عبئا ضخما على موارد الدولة قد تعجز عنه وانما نعني أن تقوم الدولة ومن مواردها المتاحة بتشييد مجمعات سكنية متكاملة لغرض توفير المساكن لمواطنيها مقابل مبالغ يدفعها المستفيدون على شكل اقساط شهرية ميسرة وحسب الامكانيات المادية لكل مواطن ، ونؤكد هنا على عبارة (حسب الامكانيات المادية لكل مواطن ) حيث ان الامكانيات ليست متساوية ويجب ان يكون مقدار القسط متناسبا مع دخل المواطن وليس مع تكلفة انشاء الوحدة السكنية , وسيكون العامل الزمني هو المؤشر في اختلاف طريقة سداد قيمة المسكن حيث سيتمكن المواطن ذو الدخل المرتفع من تسديد قيمة الوحدة السكنية لتصبح ملكا تاما له في فترة زمنية اقصر مما في حالة المواطن ذو الدخل المنخفض وطبعا هذه الحالة يفترض ان لا تسبب اي مشكلة للدولة لان الدولة وفقا لعقيدة العصر الجديد هي الاب الاكبر لكل مواطن وهي الراعي لمصالحهم , ومن هذا المنطلق ينبغي على الدولة ان تتحمل الامكانيات الضعيفة لمواطنيها من ذوي الدخل المحدود ولا تضغط عليهم من الناحية المادية مقابل توفير احتياجاتهم الاساسية
ـ يتم وضع قاعدة بيانات متكاملة عن جميع العقارات الموجودة في البلد ,هذه البيانات تخضع لسيطرة واشراف الدولة لغرض التعرف على واقع الاسكان في البلد ووضع الخطط اللازمة لمساهمات الدولة في تشييد الوحدات السكنية حسب الاحتياجات المستقبلية الى جانب مساهمات القطاع الخاص , هذا مع العلم بان من واجب الدولة الاشراف والمراقبة لنشاطات القطاع الخاص في اي مجال من المجالات الاقتصادية
ـ اذا كان الهدف هو توفير مسكن لكل اسرة فلابد اذن من تعريف الاسرة وبيان مكوناتها
تعريفنا للاسرة هي : مؤسسة صغيرة ذات صفة مادية ومعنوية تتكون أساسا من رجل وامرأة تربطهم رابطة موثقة قانونيا تسمى رابطة الزواج ، ويعيشان متكافلين متضامنين مع بعضهما بشكل دائم بموجب تلك الرابطة من أجل تحقيق مصالحهما المشتركة ، وتبقى تلك الرابطة قائمة طالما كانت مصالحهما المشتركة قائمة , ان وجود الابناء في الاسرة ليس شرطا واجب الوجود رغم اننا نؤكد على اهميته وضرورته في تكوين الاسرة ولكن هذا يتوقف على مدى استعداد الزوج للقيام بدور الاب ومدى استعداد الزوجة للقيام بدور الام , الابوة والامومة لها معاني تختلف عن معاني الزواج ، اذ ان استطاعة الرجل ان يكون زوجا لا تعني حتميا صلاحيته ليكون أبا ، كما ان استطاعة المرأة ان تكون زوجة لا تعني حتميا صلاحيتها لتكون أما , تربية الابناء مسؤولية كبيرة وهي ليست مهمة سهلة ، وان سوء تربية الابناء لا ينعكس تأثيره السلبي على كيان الاسرة فقط وانما يتعدى تأثيره الى المجتمع .
الاسرة بشكلها الطبيعي ووفقا لهذا التعريف تكون على الانماط الاتية :
ـ اسرة من ( زوج + زوجة ) فقط
ـ اسرة من ( زوج + زوجة + ابناء )
ـ اسرة من ( أم أرملة او منفصلة + أبناء )
ـ اسرة من ( أب أرمل او منفصل + ابناء )
الابناء هنا يجب ان يكونوا غير متزوجين , ومن يتزوج منهم فانه يشكل اسرة جديدة مستقلة , وهناك حالات خاصة لاسر ذات شكل غير طبيعي يتم التعامل معها وفقا لظروفها الخاصة وبموجب القانون
ـ مسؤولية الدولة تتمثل في توفير مسكن لكل أسرة من مواطنيها المقيمين بشكل دائم , وهذا المسكن يكون ملكا خالصا للاسرة ولا يجوز ان يكون مقابل بدل ايجار لان ذلك يعتبر انتهاكا لحقوق المواطنة
ـ كل أسرة هي كيان مستقل وبالتالي ينبغي ان يكون لكل اسرة مسكنا خاصا بها في المدينة التي تمثل مقر اقامتها الدائم , ولا يجوز ان تشترك اكثر من اسرة في السكن في مسكن واحد مهما كانت الاسباب
ـ بما ان الاسرة تتكون اساسا من ( زوج + زوجة ) فانه ينبغي التأكيد هنا بان لكل رجل زوجة واحدة فقط , ولكل امرأة زوج واحد فقط , ولا يسمح بتعدد الزوجات مهما كانت المبررات
ـ المسكن يتم تسجيله بأسم الزوج والزوجة مناصفة , وفي حالة الانفصال بين الزوجين فان المسكن يكون مصيره كالاتي : في حالة وجود ابناء قصر فان المسكن يؤول الى الطرف الذي يتولى مسؤولية حضانة الابناء وعادة في مثل هذه الحالة تكون الام , ويتم تعويض الزوج من قبل الدولة عن حصته من المسكن ويتحول المبلغ المدفوع الى ديون بذمة الزوجة يتم سداده على اقساط , اما اذا لم يكن للزوجين ابناء فتتم تصفية المتعلقات المالية بينهما من قبلهما شخصيا وباتفاقهما , وفي حالة عدم حصول اتفاق فان المسكن يؤول الى الزوجة ويتم تعويض الزوج من قبل الدولة عن حصته من المسكن ويتحول المبلغ المدفوع الى ديون بذمة الزوجة يتم سداده على اقساط .
ـ يجوز للدولة عند رغبتها في الاسراع في معالجة مشكلة السكن واختصار الزمن ان تلجأ الى تحديد ملكية الاشخاص من المساكن من خلال اصدار تشريع مؤقت ينص على ان كل مواطن بالغ لا يحق له ان يملك اكثر من مسكن واحد فقط ومازاد عن المسكن الواحد يتم شرائه من قبل الدولة ومن ثم بيعه بالتقسيط الى الاسر التي لا تملك مسكن ، ونؤكد هنا ان اللجوء الى هذا الاسلوب هو لاغراض مؤقتة لتجاوز مرحلة طارئة وليس بشكل دائم , لاننا لا نؤيد تدخل الدولة في حرية التملك , ولكن لكون الحقوق فوق الحريات , وان المسكن هو حق من حقوق المواطن وله الاولوية ، اما حرية التملك فهي تأتي لاحقا فان على الدولة ان تتدخل لمعالجة مشكلة الحقوق حتى لو كانت على حساب الحريات , الوطن كيان واحد وكل المواطنين هم اخوة متساوين في الحقوق والواجبات , وليس عدلا ان يكون هناك مواطن لا يملك مسكنا واحدا ومواطن اخر يملك أكثر من مسكن ، وليس عدلا ان يكون هناك مواطن لا يجد فرصة عمل واحدة ومواطن آخر يمارس اكثر من فرصة عمل , المسكن والعمل حقوق ثابتة تتحمل مسؤوليتهما الدولة , فكل الشعب هم ابناء الدولة , وعلى الدولة ان تحرص على اسكان ابنائها وعلى دوام وثبات ارزاقهم لكي يتحقق الاستقرار الاجتماعي
ـ سيكون من المستحسن ان تقوم الدولة بانشاء مجمعات سكنية خاصة للافراد العزاب البالغين المستقلين الذين لا يرغبون في الزواج وتكوين اسرة او لم تتاح لهم فرصة الزواج لاي سبب كان , لانه من غير المناسب ان يسكن الافراد البالغين مع غير اسرهم المباشرة , واننا نقصد بالفرد الاعزب البالغ المستقل هو كل انسان غير متزوج ذكر كان ام أنثى اكمل من العمر 20 عاما ويملك دخلا يكسبه من عمل يؤديه , هذا الانسان الاعزب لا يجوز له ان يسكن مع اسرة اخرى حتى وان كانوا من الاقرباء المقربين , فقط يحق له السكن مع الوالدين ومع الاخوة غير المتزوجين اذا كانوا يشكلون اسرة وفقا للانماط التي ذكرناها آنفا , واما ما عدا ذلك فانه لا يجوز وذلك حرصا على سلامة العلاقات الاجتماعية
ـ حتى تتمكن الدولة من تحقيق اهدافها في مجال الرعاية الاجتماعية فانه يجب وضع ضوابط صارمة لغرض السيطرة على النمو والتوسع الاسري ومنع الزيادة المنفلتة في عدد السكان والذي يقوض بالتالي جهود الدولة في مجال الخدمات والرعاية لمواطنيها , كما انه من الضروري الاهتمام بالتنظيم الداخلي لكيان الأسرة واشاعة ثقافة التحكم بحجم الاسرة وعدم ترك هذا الحجم يتوسع اكثر من اللازم , ويمكن تحقيق ذلك من خلال اشاعة ثقافة استخدام وسائل منع الحمل وأسلوب اللجوء الى الاجهاض للتخلص من الجنين غير المرغوب فيه
ـ حتى تتمكن الدولة من توفير مسكن لكل اسرة فانه يجب وضع ضوابط لتحديد حجم الاسرة من خلال تثبيت اوضاع هيكلية قياسية لتشكيلات الاسر، وفي هذه الحالة يقرران كل من الاب والام اختيار أحد الاوضاع الهيكلية للاسرة وعدم التجاوز على الحد الاقصى لعدد افراد الاسرة ، علما بان وجود الاجداد من جهة الاب او الام للعيش مع الاسرة الاساسية لا يعتبر ضمن هيكلية الاسرة ، وانما هم يعتبرون في حالة ضيافة لمدة غير محددة , كما انه من الضروري عدم الاكتفاء بطفل واحد للاسرة وذلك لاسباب انسانية تتعلق بحاجة الطفل الى اخ يعيش معه في المسكن لغرض التواصل الانساني ، ولكن تحت ظروف خاصة ومقيدة يمكن قبول حالة الطفل الوحيد
الاوضاع العامة لهيكلية الاسرة لكل رجل وامرأة يرغبان في الزواج وتكوين أسرة تكون على الشكل الاتي:
الهيكلية الاولى : أسرة تتكون من فردين فقط ( الزوج + الزوجة )
الهيكلية الثانية : اسرة تتكون من اربعة افراد ( الاب + الام + 1 طفل ذكر + 1 طفلة أنثى )
الهيكلية الثالثة : اسرة تتكون من خمسة افراد ( الاب + الام + 2 اطفال ذكور + 1 طفلة أنثى )
الهيكلية الرابعة : اسرة تتكون من خمسة افراد ( الاب + الام + 1 طفل ذكر + 2 اطفال اناث )
الهيكلية الخامسة : اسرة تتكون من ستة افراد ( الاب + الام + 2 اطفال ذكور + 2 اطفال اناث )
هذه هي الاوضاع العامة لهيكلية الاسرة وفقا لعقيدة العصر الجديد , مع ملاحظة ان هناك حالات خاصة تختلف عن هذه الهيكليات يجوز قبولها لاسباب انسانية وتحت شروط وقيود , وفي مجال تحقيق الاوضاع الهيكلية للاسر تقع على عاتق العاملين في المجال الطبي والبحث العلمي تقديم الدعم الطبي والعلمي لتحقيق هذا الهدف
ـ قد يحرم الانسان من فرصة الحصول على شريك حياة لتكوين اسرة لأي سبب من الاسباب , وهذه الحالة تعتبر غير انسانية وخاصة من جهة المرأة , ولاننا نعتقد ان حرمان المرأة لاسباب خارجة عن ارادتها من فرصة الزواج لتكوين اسرة يجب ان لا يترتب عليه حرمانها من حق انساني آخر وهو ممارستها لدور الام بسبب طبيعة تكوينها النفسي والعاطفي , فاننا نقدم مقترح لمعالجة مثل هذه الحالات وخاصة من جهة المرأة من خلال تحقيق الزواج المؤقت للنساء اللواتي تعذر عليهن الحصول على فرصة زواج لاسباب تتعلق بالشكل الخارجي او اي سبب آخر واصبحن فاقدات الامل , المقترح يتضمن قيام الدولة وتحت اشرافها ورعايتها بتأسيس دور خاصة تسمى مثلا ( دور احياء الامل ) تتولى مساعدة النساء الباحثات عن فرصة زواج لتكوين أسرة صغيرة من خلال توفير فرص زواج بعقود رسمية وموثقة وتحت اشراف حكومي , عقد الزواج يكون بين المرأة طالبة الزواج وبين رجل متطوع لممارسة دور الزوج بصورة مؤقتة لحين انجاب الزوجة للطفل , وعقد الزواج هنا هو عقد مؤقت قابل لان يتحول الى عقد دائم بناءا رغبة الطرفين ( الزوجين ) , وان الغاية من جعل العقد مؤقت هو لاتاحة الفرصة للاشخاص الذين يرغبون تطوعا في تقديم المساعدة فقط دون الارتباط بشكل دائم مع الشريك الاخر , وهؤلاء المتطوعين لا يتم تحميلهم اية نفقات للزواج وانما تكون النفقات على عاتق الدولة وكذلك من التبرعات للاعمال الخيرية , وان الهدف النهائي من عقد الزواج المؤقت هو للحصول على طفل واحد فقط للمرأة طالبة المساعدة وبعدها ينتهي العقد ويتم الانفصال لتنتهي مهمة المتطوع , واما الطفل فانه سيكون من حق المرأة طالبة المساعدة ليكون سلوة لها يعوضها الحرمان من الزواج وليجعلها قادرة على تكوين اسرة بوجود طفل واحد معها بدلا من حياة العزوبية , ويجوز تأسيس دور مشابهة لهذه الحالة مخصصة للرجال الذين حرموا من فرصة الزواج لاسباب خارجة عن ارادتهم ولكن تحت شروط مختلفة , وفي جميع الاحوال هناك شرطا مهما وثابتا وهو ان يكون الانسان طالب المساعدة انسان بالغ يتمتع بقوى عقلية سليمة
ـ يجب ان تتوفر في المساكن التي توفرها الدولة الشروط الصحية والاجتماعية المناسبة واللائقة ، ولكي يكون المسكن حائزا على القبول ويكون لائقا للسكنى فان الشروط الواجب توفرها تكون على نوعين : شروط تتعلق بالنواحي الخارجية للمسكن مثل تأثيرات الشمس والطقس والبيئة , وشروط تتعلق بالنواحي الداخلية للمسكن مثل طريقة تصميم المسكن
ـ من المعروف ان البيئة المريحة المناسبة لعيش الانسان تقع ضمن حدود معينة ومعروفة من درجات الحرارة ونسبة الرطوبة , وينبغي الاخذ بنظر الاعتبار هذه الحدود عند تصميم المساكن ، وينبغي التعامل مع معطيات البيئة من اشعة شمس وحرارة وبرودة ورياح وامطار بطريقة علمية تمكننا ان نكسب منافعها وان نتجنب اضرارها ، ومن المعروف ان البيئة الحارة المشمسة والتي هي الطابع العام لبيئتنا تستلزم صرفيات طاقة كهربائية كبيرة لغرض تطويعها وتكييفها لجعلها مناسبة لظروف الانسان وهذه تمثل اعباء مالية على كاهل الناس , ومن هنا ينبغي ملاحظة ان يكون المسكن بالاتجاهات المناسبة من ناحية اشعة الشمس لغرض تجنب الاشعة المباشرة صيفا قدر الامكان وفي الوقت نفسه الاستفادة من الاشعة لاغراض التدفئة شتاءا اضافة الى الاستفادة منها لاغراض الانارة الطبيعية داخل المسكن , وهذا يحتم علينا ايجاد تصاميم للمساكن تناسب كل بيئة من حيث الحرارة والبرودة وكمية اشعة الشمس وكمية الامطار والرياح , ويتحتم الاهتمام بنوع مواد البناء المستخدمة ومساحات النوافذ ونوعية زجاج النوافذ وكذلك نوع المواد العازلة التي تستخدم بما يناسب ظروف البيئة والمناخ السائد ، وفي جميع الاحوال يجب ان تكون هذه المواد ضعيفة التوصيل للحرارة للمحافظة على حرارة الداخل وعدم تأثره بحرارة الخارج ، كذلك من المستحسن ان يكون المسكن محكم الاغلاق على الخارج لغرض المحافظة على نظافة الداخل , واذا كانت هناك حاجة لفتحات مطلة على الخارج لغرض تجديد الهواء الداخلي فيجب وضع مرشحات هواء ذات كفاءة عالية وان تكون هذه الفتحات محكمة عند الغلق لمنع دخول الحشرات ، ان طبيعة الطقس في بلادنا يستلزم توفر اجهزة تكييف للهواء في كل مسكن ، وينبغي ملاحظة ضرورة الاهتمام بالهواء الداخلي من الناحية الصحية وعدم تأثره بالهواء الخارجي الذي قد يكون ملوثا بالغبار او الاتربة او الروائح الكريهة او الغازات السامة والادخنة
ـ يجب ان تتوفر في كل مسكن الخدمات الاساسية ( ماء + كهرباء + صرف صحي )
ـ في حالة المساكن الارضية يجب ان يكون لكل مسكن سور خارجي يبتعد عن المبنى الاساسي مسافة لا تقل عن متر واحد لكي لا تكون المساكن ملتصقة بعضها ببعض وتسبب انتهاك للخصوصية وازعاج للاخرين , وحتى العمارات لا يجوز التصاقها بعضها بعض , وطبعا لا يمكن تجنب التلاصق بالنسبة للشقق في العمارات ولكن يتوجب ايجاد الوسيلة المناسبة لتقليل انتقال الصوت بين الشقق المتجاورة افقيا وعموديا حفاظا على الخصوصية ومنعا للازعاج
ـ في النواحي الداخلية للمسكن يجب ان يشتمل في حده الادنى على المكونات والتصاميم الاتية :
* ثلاث غرف نوم واحدة للوالدين والثانية للابناء الذكور والثالثة للابناء الاناث , ويجوز زيادة عدد غرف النوم او الحمامات او غيرها من مكونات المسكن لمن يرغب اذا كانت مساحة المسكن تساعد والامكانات المادية متوفرة لساكنيه
* صالة منفصلة لجلوس اهل البيت او للضيوف ( صالة معيشة )
* مطبخ تتوفر فيه اجهزة او معدات للتخلص من الروائح والادخنة الناجمة عن عمليات الطبخ من خلال طردها الى خارج المسكن من غير تأثيرعلى المساكن المجاورة
* حمامين احدهما للوالدين والثاني للابناء , حمام الوالدين عبارة عن ( حمام للاستحمام + مرحاض ) ويكون داخلي ملحق بغرفة النوم وهذا يعتبر شرط اساسي لاسباب تتعلق بحماية القيم الاسرية , اما حمام الابناء فيكون منفصل عن غرف النوم وهو عبارة عن ( حمام للاستحمام + مرحاض ) هذا بالاضافة الى تصميم غرفة صغيرة تخصص لتكون مرحاض فقط مع وضع مغسلة أيدي في داخل المرحاض او خارجه بما يتناسب مع تصميم المسكن ، مع وضع اجهزة او معدات لطرد الروائح والرطوبة داخل الحمامات الى الخارج
* البالوعات الموجودة داخل المسكن يجب ان تتوفر فيها عزل جيد لمنع تسرب الروائح والحشرات من انابيب الصرف الصحي الى داخل المسكن ، وينبغي الاهتمام بحماية المسكن من الحشرات بجميع الوسائل المتاحة
* الحديقة مكون مهم في المسكن لاغراض الزينة وجمالية المسكن وتأثيراتها النفسية المريحة , واذا يتعذر عمل حديقة في المسكن بسبب طبيعة التصميم فانه يجب الاستعاضة عنها بالبدائل المناسبة كالحاويات الصغيرة التي تحوي نباتات صغيرة توضع في اماكن مختلفة من المسكن ، المبدأ هو اهمية ان يكون للنباتات ( خضرة او زينة ) وجود داخل المسكن
ـ بالنسبة لموضوع السكن العمودي في العمارات او الابراج فهو من الحلول المناسبة لمعالجة مشكلة السكن في المدن المكتظة بالبشر , ولكن ينبغي الاخذ بنظر الاعتبار عند تصميم اي عمارة الملاحظات بشأن اسباب حدوث المشاكل في هذا النوع من السكن ومعالجتها بشكل مناسب مثل : انتقال الصوت بين الشقق المتجاورة ـ عطل المصاعد الكهربائية ـ اعطال شبكة التغذية بالمياه ـ انسداد شبكة الصرف الصحي ـ الحماية ضد السرقات ـ الحماية ضد الحرائق ـ مخارج الطواريء
ان معالجة مثل هذه المشاكل ووضع الوسائل والاساليب المناسبة لمعالجتها يسهم بشكل كبير في اشاعة حالة الاستقرار والانسجام بين ساكني العمارة ويخلق شعورا بالراحة والاطمئنان حتى وان كانت هذه سببا في زيادة تكاليف المبنى , مبدئنا هو شراء راحة البال بالمال وتحقيق الاستقرار بحسن التصميم والاختيار
ـ تخطيط الاحياء والمجمعات السكنية يكون وفقا لمعايير علمية تحقق الراحة للساكنين من خلال توفير شبكة خدمات اساسية في مجال مياه الشرب وتصريف مياه الامطار والصرف الصحي والطاقة الكهربائية والاتصالات والطرق ووسائط نقل عمومية ومواقف للسيارات وأسواق ومدارس ومراكز صحية وحدائق بألعاب للاطفال ومسارح ومكتبات ومراكز للنشاطات الرياضية ووسائل ترفيه ، والاهتمام بتشجير الطرق لتحسين المناخ وتلطيف الاجواء وتوفير سمات جمالية للحي السكني وخلق بيئة صحية نظيفة ، مع ملاحظة ضرورة توفير خدمات اطفاء الحرائق وخدمات النظافة للحي السكني والتخلص من القمامة بطريقة مناسبة ووضع محلات الورش الصناعية الصغيرة الملوثة للبيئة في اطراف الاحياء السكنية حماية للصحة العامة
هذه هي خلاصة نظريتنا في مجال الاسكان والتي نسعى من ورائها توفير افضل الاجواء لخلق نظام اجتماعي متين ومستقر ومتكامل في مجتمع تسوده المحبة والتضامن والتكافل الاجتماعي وتتوطد في ربوعه قيم ومفاهيم حقوق الانسان



#رياض_العصري (هاشتاغ)       Riad_Ala_Sri_Baghdadi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقفنا من الفكر الديني
- تعليق حول ( حول اشكالية الوجود والعدم )
- في تفسير التاريخ ( 4 )
- في تفسير التاريخ ( 3 )
- في تفسير التاريخ ( 2 )
- في تفسير التاريخ ( 1 )
- حول اشكالية الوجود والعدم
- في نقد المعتقدات الدينية المسيحية 2
- في نقد المعتقدات الدينية المسيحية 1
- في نقد الفكر الديني
- ما هي عقيدة العصر الجديد ؟
- أضواء حول مقال - نهاية العقيدة الدينية
- نهاية العقيدة الدينية
- المباديء الاخلاقية في عقيدة العصر الجديد 2
- المباديء الاخلاقية في عقيدة العصر الجديد 1
- المباديء الفكرية في عقيدة العصر الجديد 3
- المباديء الفكرية في عقيدة العصر الجديد 2
- المباديء الفكرية في عقيدة العصر الجديد 1
- المباديء السياسية في عقيدة - العصر الجديد
- العلمانية في عقيدة - العصر الجديد


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض العصري - معالم النظام الاجتماعي في مجتمع العصر الجديد 1