أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - ضياء ثابت السراي - هروب الاستثمارات من العراق ...قصة مستثمر فر بجلده















المزيد.....

هروب الاستثمارات من العراق ...قصة مستثمر فر بجلده


ضياء ثابت السراي

الحوار المتمدن-العدد: 3107 - 2010 / 8 / 27 - 03:01
المحور: الادارة و الاقتصاد
    



المكان مطار النجف ،الوقت 11عشر صباحا ، حيث يقف جواد القصاب ينظر وعلامات الاستغراب تعلو وجهه ،فالجنوب العراقي الكبير الثري بكل مقومات الاستثمار يبدو ارض مقفرة ،وما يزيد الاستغراب ذلك التخلف والاهمال الكبير الذي يلف الجنوب العراقي...كان ذلك الانطباع الاول لجواد القصاب حين وطات قدماه ارض مطار النجف بعد سنين طويلة فارق فيها العراق ،وكان المشهد متشابه لكل المناطق التي مربها بين النجف وواسط في طرقه الى الكوت ،لانه لم يجد ما يدلل على حضارة او عمران او ثورة زراعية اوصناعية ،كل ما يحيط بالمناظر تلك ،كان عبارة عن الوان رمادية وصحراوية تضغط عين الناظر فتحيل المشهد كابة وضجر .
جواد 58 عام ،مواطن بريطاني من اصل عراقي اراد ان يستثمر جزء من امواله في مسقط راسه في واسط ،واعجبه المشروع الاستثماري الذي طرحته هيئة استثمار العراق حول مشروع متكامل لزراعة الذرة في حوض دجلة والغراف وبناء مصانع اعلاف وزيوت نباتية ،لو قدرلها النجاح لشغلت 20 الف عامل وسدت ثلث حاجة العراق من الزيوت النباتية ووفرت اعلاف حيوانية قد تكفي لانشاء مراع عملاقة كبيرة في المحافظة تسهم في انتعاش الثروة الحيوانية .
قيمةالاستثمار 4 مليارات دولار ،وموقعه مثلث زراعي يتوسط دجلة والغراف لمساحة تزيد على 28 الف دونم زراعي ،المشروع اراض زراعية ومصانع للزيوت والاعلاف ومحطتان للابقار واللحوم ومحالب ،المشروع يبدو كبيرا من حيث قيمته لكن لم يتقدم للاستثمار فيه اي مستثمر اجنبي او عربي ،عدا رجل الاعمال جواد القصاب .
وصل جواد وكله امل بان يغير من محافظته وطموحه ان ينتقل الى محافظات اخرى يقيم فيها مشاريع استثمارية وكانت الخطوة الاولى بعد استقراره الموقت في واسط التعرف على المدينة والاتصال باصدقاءه واقرباءه القداماةالذهاب للتقديم بشكل رسمي على المشروع ةالحصول على مايتعلق به ودراسته مقابل مبلغ بسيط (الف دولار ) ثمن تصاميم وخرائط المشروع .
دخل جواد المكان الثاني له في العراق ،وهو هيئة استثمار واسط، ليقدم فيها طلبه وبعدها ينتقل لدائرة المشاريع في المحافظة ،انتهى يومه الاول في دوائر الحكومة العراقية و كان يوم مرهق لجواد القادم من الغرب حيث انهى جزء من الاجراءات وبدء يهيء نفسه لباقي العملية ،واثناء استراحته ليلا تفاجا بحسب كلامه بزيارات من مسؤولي الحكومة المحلية تعاقبت على مكان اقامته في فندق رياض المتواضع والوحيد في المحافظة ،وكل من هؤلاء يعرض عليه الشراكة مقابل ان يسهل له كل الاجراءات الروتينية والبعض قدم له ضمانات بالمباشرة بالمشروع باسرع وقت ،لكنه رفض فهذا يعني سرقة ارباحه لسنوات طويلة ،ثم هو لايعرف هؤلاء ولايثق بما يدور من حوله.
مرت الايام وجواد يدور بين رحى الحكومة المحلية في المحافظة ودوائرها وبين مسؤولي الوزارات في العاصمة بغداد ،حتى جاء موعد المناقصة بعد شهر تقريبا من مكوثه في واسط تفاجا بطلب الحكومة المحلية بان يدفع مبلغ 150 الف دولار كتأمينات لكنه تبن قانون المناقصات والاستثمار في العراق .
وطلبت منه الدوائر الحكومية المختصة عشرات المستندات والوثائق التي تثبت قدرة شركته على انجاز العمل وتاريخها في مجالات الاستثمار ،اكمل جواد الاجراءات وبعد ان وصلت لحظة توقيع مجلس محافظة واسط على العقد ،توقف العمل بناء على مكالمة هاتفية لمحافظ واسط لطيف الطرفة من مكتب رئاسة الوزراء بحسب جواد ،حولت وفقها ملفات المشروع الى مكتب رئاسة الوزراء ، وبقي الملف في مكتب رئيس الوزراء شهر كامل بحجة دراسته ومن ثم اعيد الى هيئة الاستثمار لتكمل اجراءاتها.
يقول جواد انه عانا الكثير ولم يعد يطيق ان يطول الامر لاسيما وانه يعيل فريق اجنبي ويؤمن له الحماية بمبالغ باهضة،عمل هذا الفريق يتضمن دراسة الموقع والامكانات الفنية وتقديم التفاصيل التي تخص المشروع ،وبعد مرور الشهر الثاني استدعي جواد الى مكتب محافظ واسط لاجتماع ضم لجنة مشاريع المحافظة ورئيس هيئة الاستثمار والمحافظ وابلغ بان المحافظة وافقت وانهت كل مايتعلق بها ... كانت فرحة لم تدم الا ثوان معدودات حين قالوا له ان خمس وزارات حكومية رفعت ضده دعاوى قضائية في العاصمة بغداد عليه ان يعالجها .
تركوه وانصرفوا وهو في عالم غير العالم ،وبعد مراجاعات قانونية واتصالات فهم الامر ،فالارض التي منحتها له المحافظة ليستثمر فيها مشروعه كانت ملك لوزارة المالية في عام 1960 وفق القرار الحكومي 30ج /1703 وقد تحولت ملكيتها بالقوة عام 1977 الى وزارة الزراعة بامر من مجلس قيادة الثورة المنحل بالقانون 32 لعام 1977 للاستصلاح الزراعي ،وفي عام 1982 ملكت الارض ذاتها بقانون مجلس قيادة الثورة لوزارة الدفاع بالقانون 120في 1982،وفي عام 1998 تملكتها وزارة البلديات بقانون 125في 1998 وبعد ذلك ادعت وزارة الري العراقية حق تملك الارض تلك لانها تقع في منطقة تصلح لان تكون سد وبحيرة كبيرة تخدم اغراض الامن المائي العراقي فوافقت لها حكومة صدام حسين وملكتها الارض بقانون 130 لعام 2001 .
القضية تبدو شائكة فكل وزارة من الوزارات الخمسة تطالب بحقها وتدعي ملكيتها الارض وتصر على عدم التنازل وكل وزارة تدعي بان القانون في جانبها ،المحكمة العراقية الخاصة بدعاوى نزاعات الملكية ابدت رايها من خلال رئيسها القاضي عبد الامير الكسار الذي قال لنا بان عدم وجود قانون جديد يحل محل قانون الحكومة السابقة لنظام صدام حسين للفصل في دعاوى الملكية يضع المحكمة في دوامة لاتنتهي، ووفق القانون فان لكل واحدة من تلك الوزارات حق في تعطيل الاستثمار وبالمحصلة فان وزارة المالية المالك الرسمي لكل اموال الدولة وتكون المتصرف الاول.
جواد القصاب المستثمر وجد ان موقفه ضعيف وان الحكومة المحلية لاقدرة لها وفق قانون الاستثمار العراقي على مواجهة الوزارات الخمس تلك ،فالقانون بالفقرة أ من المادة 16 ينص على ان الحكومة المركزية هي المتصرف في اي استثمار تزيد قيمته على 500 الف دولار اومايعادلها عراقيا ،لذا قرر ان يعود ادراجه بعد ان ياخذ مستحقاته المالية البالغة 150 الف دولار تامينات وما شابه ،لكنه لم يحصل عليها لان الروتين قد يبقيه سنةاخرى حتى يستطيع اخذها ،لذا فر جواد المستثمر تاركا مستحقاته وغادر الى موطنه الثاني لندن ومعه احلام فقراء وعاطلين عن العمل عراقيين وطموح اقتصادي كبير فقده بلده .
هذه بايجاز المشكلة التي اعاقت الاستثمار في جنوب العراق والوسط ايضا ،المشكلة هي تنازع الوزارات وادعاءها الملكية على الاراضي التي تعد عصب اي استثمار في العالم وعدم وجود قانون حكومي ينظم هذه المشكلة ويحلها ويقدم الاولوية للاستثمار ،وينفذ قانون النافذة القانونية الموحدة التي تعمل داخل اي هيئة استثمار فرعية او رئيسية لحل مشاكل المستثمر وتسهيل الاجراءات بدل تعقيدها وعرقلتها وجعل الاستثمارات تهرب من العراق .
هيئة الاستثمار العراقية الرئيسية على لسان مدير مكتب الاحصاء والمعلومات المهندس بشير عجيل بينت ان اكثر من530 مستثمر ومشروع استثماري خسرتها الهيئة للعام 2008و2009 بسبب مشاكل من هذا النوع فاقت مبالغها مجتمعة 31 مليار دولار،وبينما نجح اقليم كردستان في تحقيق استثمارات كبيرة لانه عمل بنظام النافذة القانونية المفتوحة وتشجيع ودعم الاستثمار والمستثمر،خسر الجنوب والوسط استثمارات قيمة وثمينة لاقتصاد المحافظات تلك .



#ضياء_ثابت_السراي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المواقع الملوثة باليورانيوم في العراق
- الغاز الطبيعي العراقي مستقبل ضائع وخيرات منهوبة
- شيخوخة شبكات نقل النفط العراقية تنذر بحرب بيئية عراقية
- اين هي حقوق المراة العراقية؟؟؟
- العراق يتحول الى حوض اعاصير بعد سنوات الجفاف الخمس
- المنظمات النسوية وحقوق المراة العراقية
- الدراسة على النفقة الخاصة ... مأساة الأستاذ الجامعي العراقي
- عطش العراق عطش دجلة والفرات
- هل سيعاني اهل العراق 250 عام بسبب الاميركان؟
- اسرار شارع الرشيد بين العهد العثماني وبريطانيا 2010
- يورانيوم ميسان ،بحوث سرية وحكايات...ودول تديرالعراق وثرواته
- العراق مقبل على ازمات مالية سببها القروض الاجنبية
- الخارطة السكانية العراقية تتغير والحكومة اخر من يعلم
- الكوميديا التراجيدية وجدلية الخسارة لدى شكسبير
- هاملت ...الانتقام والرمزية
- الفريد تيني سون يبحث عن وسيلة الخلود فاضحا سر تثينوس
- الابعاد الثلاثة قد تحول ممثلي العالم الى جيش من العاطلين عن ...
- الطبيعة والموت في اشعار وورد سوورث ووبليك وكوليرج


المزيد.....




- القضاء الروسي يجمد حسابات أكبر بنك أمريكي في روسيا
- بوتين يستشهد بمؤشر يؤكد صلابة الاقتصاد الروسي
- رفع الحد الأدنى لأجور القطاع الخاص في مصر
- البنك المركزي الروسي يبقي على سعر الفائدة الرئيسي عند مستواه ...
- تعديل آلية تصاريح العمل بالكويت هل يخفض أجور العمالة؟
- قيود أميركية جديدة على صادرات الأسلحة النارية
- بورصة -وول ستريت- الأمريكية تتلون بالأحمر بعد بيانات اقتصادي ...
- شويغو: عرض النصر سيقام العام الجاري بمشاركة الحائزين على الم ...
- “الاصفر عامل كام عراقي“ سعر مثقال الذهب اليوم في العراق عيار ...
- ارتفاع أسعار النفط مع تجدد المخاوف في ظل توترات الشرق الأوسط ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - ضياء ثابت السراي - هروب الاستثمارات من العراق ...قصة مستثمر فر بجلده