أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جهاد علاونه - المخيلة الشعبية














المزيد.....

المخيلة الشعبية


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3043 - 2010 / 6 / 24 - 23:51
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تصدير: تشدقت امرأة أمام (صوفي أرنو) بكثرة المعجبين بها بأنهم يزعجونها فقال صوفي :لكم هو سهل إبعادهم أيتها العزيزة ... فماعليك سوى أن تتكلمي لأنهم سيرونك على حقيقتك.


يقع غالبية المؤرخين ضحية لأرقام تاريخية مبالغٌ بها كانت قد صاغت تلك الأرقام المخيلات الشعبية وتحدثت عن أشخاص خارقين للعادة ومن الملاحظ أن غالبية كل تلك القصص اليوم تعاد كتابتها برؤيا جديدة تخضع لأرض الواقع على حسب ضعف المخيلات الشعبية اليوم وزيادة الوعي التاريخي فهم يصدقون وجود مخلوقات ملائكية ب 600 جناح أو 400 جناح وبين كل جناح وجناح مثل ما بين الأرض والسماء .
وهنالك أحداث تاريخية كبيرة مبالغ بتصويرها يقصدُ منها الراوي أو الحكواتي زيادة في المعنى وتقويته وتشويق القارئ أو المستمع إليه وهذا هو التفسير الأدبي النقدي لقصص الفانتازيا واليوتوبيا الخيالية ,أما من الناحية العلمية فهي كذب ومخالفة لطبيعة الإنسان العادي ...كما بالغ المؤرخون بقصة الإسراء والمعراج...وينطبق على ذلك في علم القانون المبالغة في وصف السِلع للترويج لها بحيث يقع المُروجون بجريمة الدعاية المُضللة بقصد أو عن غير قصد .


ومن ناحية أخرى تشبه هذه العملية المبالغة التي يبالغ فيها الإنسان حين يطلق أرقاما مذهلة عن أسعار ملابسه أو سيارته أو منزله لكي يضيف إلى جمال ما يشتريه قوة إضافية , وكذلك تصوير الشخصيات التاريخية بحيث يبالغ الراوي بهدف إضافة الجمال وليس بهدف التزوير ولكنه في النهاية يكون أكبر مزور في التاريخ من خلال توظيف خياله الواسع ولا أحد يقبل بأن يكون بطله شخصاً عاديا ولا أحد يحبُ أن يستمع إلى حوادث عادية والإنسان يُفضلْ صورة الإثارة والمبالغة على صورة الحقيقة والواقع , والإنسان يُشنف آذانه لسماع الأشياء المثيرة والمبالغ في صحتها ويكره أن يستمع للحقيقة العادية , ونحنُ كعرب أبطالنا التاريخيون مبالغٌ جدا فيما نُسب عنهم من كرم مثلاً أو من شجاعة وإقدام أو من خوارق للعادة , ودائماً البطل وصورته في تراثنا تكون فوق العادة والقصص والأمثلة كثيرة جدا وهكذا دواليك فمثلاً ما زالت الناس تتحدث عن زرقاء اليمامة بأنها كانت تتمتع بقوة نظر أكثر من 6/6بل يقولون بأنها كانت ترى على بعد ثلاثة أيام من مسير الفارس راكباً على فرسه غير أن الواقع يقول بأنها كانت تملك حساً مستقبليا وقدرة على قراءة الواقع وتحليله لاستنتاج توقعات مستقبلية أي أنها كانت تمتلك مهجاً استقرائياً , ويقال بأنها كانت ترى الشعرة البيضاء في اللبن عن بعد .


واعتادت الناس على تصديق الخوارق عن أبطالها الشعبيين ومن غير المصدق أن يأت لهم قاص أو روائي واقعي ليصور لهم حقيقة أبطالهم وبأنهم كانوا بشراً عاديين جدا , فمثلاً رجال حارتنا الكبار في السن كانوا يتحدثون في قصصهم عن عنترة العبسي بأنه كان يقتل بضربة سيف واحدة أكثر من 100مائة فارس من الفرسان المعدودين الذين لا يشقُ لهم غبار , وكذلك عن الزير سالم بأنه إذا نفخ بفمه على يد أو كف أي امرأة يستطيع أن يخرمها لها , وقد روى لي كبار السن من أن الحكواتي الذي كان يتحف الناس بقصص عنترة العبسي وألف ليلة وليلة وسيف بن يزن كانوا لا يقبلون بأن يقع عنترة العبسي في سجون الروم البيزنطية أو الفارسية الكسروية وكانوا يطالبون الحكواتي بأن يكمل القصة ليشاهدوا عنترة وهو يُكسّر أبواب السجن ويُقطّع سلاسل الحديد وإذا عجز الحكواتي عن إخراج عنترة العبسي من الأسر بطريقة إدارمية فانتازية أسطورية كانوا ينزعجون من الحكواتي ويتهمونه بقلة الخبرة والدراية بفروسية عنترة العبسي وكان الراوي يخترع من عنده اسكتشات تصور عنترة العبسي وهو يقطع قضبان السجن بيد واحدة أو وهو يضرب بيده جدار السجن ليخرج من الحائط والقُصص الشعبيون هم الذين بدءوا بتزوير التاريخ هم والوطنيون والمتحمسون لأبطالهم وحين بدأ التلفزيون أو التلفزيونات والفضائيات العربية ببث حلقات مسلسل (سيف بن يزن ) اعترض على ذلك أحد معارفي وطالبني بكتابة مقالة أذكر فيها بأن المخرج صهيوني والمنتج صهيوني هدفه تقزيم أبطالنا العرب لأن سيف بن يزن كان يضرب بتخت الرمل ويرى الجيوش على مسافة أربعين ليلة .


وكذلك من ناحية تاريخية الإعلام العربي صوّر مذبحة دير ياسين على أنها مجزرة كبرى علماً أن كل أعداد الوفيات فيها كانوا 14 عشر شخصاً وهذا الرقم من الممكن أن يموت أضعافه في حادث سير بسيط قرب نهر النيل أو من خلال احتراق مسرح للدراما في الإسكندرية حين تسقط شموع مسرحية هاملت على الأرض.


وكذلك تناقلت الناس أخباراً عن صدام حسن حين وقع بالأسر بأن أكثر من 500 جندي أمريكي قد سقطوا قتلى أثناء القبض عليه في كبسولة بلاستيكية مدفونة تحت الأرض حتى أنه قد بلغ السُخف بغالبية الناس بأن شاهدوا صورة صدام حسين في القمر وأقسم لي أشخاص ليسوا مخبولين بأنهم فعلاً قد شاهدوها وكذلك مصرع نجليه وعدي حيث تناقلت الناس أخباراً بأن عدد القتلى الأمريكيين قد تجاوزوا الألف قتيل بسبب شجاعة عدي وقصي وأبنائهما حيث دارت قبل مصرعهم معركة حامية الوطيس , والناس حتى اليوم لا يصدقون حقيقة الأبطال الشعبيين حتى أنهم يرفضون في أفلام العنف الأمريكية أن يموت البطل أو أن يصاب بجرحٍ بسيط حتى وإن أطلقت عليها ملايين الرصاصات .

وأذكر مرة حين كنتُ أشاهد مسلسل (الزير سالم ) حين جاء إلى بنات كليب بعد غربة طويلة وأشعل لهن النار بشكلٍ عادي أذكرُ أن أمي رفضت هذه المهزلة وقالت)أصلاً الزير مسك شجرة سرو كبيرة وقلعها بيديه من إشروشها وأوقد فيها النار ) فقلت لأمي شو هو كاين ؟ بعدين ما هو كبر وصار ختيار أي والله جرافة بقوة دفع 500 حصان ما بتقدر تشلع شجرة سرو من اشروشها , ثم قال الحاضرون : أصلا المخرج حقير الزير سالم كان وهو في سن ال 11 سنه يمسك بالأسد من رأسه ويقوده كما يقود الحمار أو الدجاجة.
الناس لا تريد أن تعرف حقيقة أبطالها الشعبية أو سيرتها الذاتية الحقيقية .




#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تقتل المرأة زوجها؟
- نظرة عن كثب
- رجل يوصي أولاده قبل وفاته
- معاك قرش إبتسوى قرش
- طباخ الحاره
- رسالة من الأردن
- تعال
- الناس السكرانه
- السعادة السائلة
- خيانة سحرية
- بيت خالته
- بين أسامة بن المنقذ ودون كيشوت
- بلغوا عني
- حديث الإفك الثاني
- نعمة النسيان
- أنا رجل على البَرَكه
- الازدواجية أو تجزئة الاسلام
- اللمسة الذهبية
- ازدواجية الفكر الاسلامي1
- الاسلام ضدنا جميعاً


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جهاد علاونه - المخيلة الشعبية