|
ملالي طهران و استشهاد بَسوز و اسطول الحرية
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3023 - 2010 / 6 / 3 - 15:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
شاهدنا ردود الفعل القوية التي لا مثيل لها من قبل، من السرعة و التجاوب من قبل الدول للاجراءات القانونية و السياسية جراء حادث اسطول الحرية من قبل الجميع، قام العالم و لم يقعد و كاننا دخلنا الحرب العالمية الثالثة عند مقتل النشطاء ، و للجميع الحق في ابداء اي راي او موقف وفق ما يعتقده، و اجتمع مجلس الامن في فترة قياسية ، و الدول اصرت على الادانة و التحرك على ما جرى على الرغم من المقاصد و الاهداف السياسية لما وراء هذا الاسطول و الحادث ايضا ، و لم يتكلم احد عن المخفي و ما تفرضه المعادلات السياسية الاقليمية و العالمية على الدول التي تقحم نفسها في القضية الفلسطينية من اجل ما يهمهم و ليس ما يتعلق بالشعب الفلسطيني على الاكثر. اراقة دم اي انسان مهما كان عرقه و لونه و فكره و عقيدته و دينه جريمة لا تغتفر، من قبل اي كان و بالاخص ان كان يقصد الخدمة الانسانية و نشر السلم و التعايش، و لكن يجب ان يُعامل الجميع و ما يتعرضون له بنفس الشكل و القدر و المستوى من الفعل و الرد الفعل و التقدير، و لا يمكن تقبل الفروقات و التجاوز على البعض من اجل الاخر، او اغفال البعض مهما يحصل لهم لاسباب سياسية او غيرها. و من هذا المنطلق يمكن ان نتكلم على الحوادث العديدة التي تحصل في العالم يوميا ، ان قارنا ما حدث في البحر المتوسط و في نفس الفترة في حدود اقليم كوردستان مع تركيا و ايران و نظرنا الى الحوادث تلك بعيون محايدة و قيمنا الموقف و ردود الافعال سنجمع جميعا على تناقض و ازدواجية المواقف في قراءة ما يجري في العالم و حتى في نفس المنطقة التي نحن فيه. الاسطول محمل باطنان من المواد الغذائية و الطبية و عدد غفير من الناتشطين من اصناف معلومة و حاملي عقائد و افكار و ايديولوجيا محددة، و الدول التي دعمت هذه العملية لها اهدافها الخاصة المعلومة للجميع ايضا، و ليس لخاطر عيون الفلسطينيين كما يدعوا ، و الا طيل هذه السنين و الفلسطين تحت الحصار ولماذا هذا التوقيت و بهذا الشكل و ما رافقها من الهالة الاعلامية. ام تريد هذه الدولة ان تستغل القضية الفلسطينية لاثبات وجودها و عودة هيمنتها على المنطقة بعد ان ادركت ان ايران استفادت من موقفها في هذا الجانب ، و تريد ان تصارع العالم و الاقليم بهذه الطرق و الوسائل و لها مقاصد و اهداف نابعة من نظرتها الاستراتيجية للمنطقة و تستخدم كل الوسائل المتاحة لديها من اجل تقوية موقعها و دورها التي تنشد، و من اجل ضمان الدعم الاقليمي لها و الاقتراب من دول المنطقة كما تبين بكل وضوح في خطواتها السياسية العسكرية و الثقافية، و تحاول من جانب اخر الانضمام الى الاتحاد الاوربي و تريد بهذه الالتفاتة ان تضغط على الممانعين ، و الى غير ذلك من الاهداف السياسية البحتة قبل ان تكون اهدافها قريبة من المصالح الانسانية بشيء ولو صغير من تلك الاهداف ، و الا انها لماذا تمارس المعاملة ذاتها مع شعبها و لم تتعامل مع القضايا التي تهمهم بالروح الانسانية التي تدعي. اما من جانب اخر، لم تكن هناك اية حالة طارئةفي هذه المنطقة، و حدود اقليم كوردستان كانت امنة و القرى منشغلة بحصادها السنوية و الذين استبشروا هذه السنة بكثرة انتاجهم لغزارة الامطار الساقطة ، الا ان الغدر و الظلم اليومي الذي يلحق بهم يوميا جراء القصف الاعمى من قبل النظام الذي يحسب نفسه محبا للانسان و الانسانية و مدافعا صلبا عن حقوق ابناء فلسطين و عدوا لاسرائيل، انها تتعامل مع شعب جار لها مثيل في الدين و الشريك في الجيرة و لها حقوقها المعينة في الدين و العرف و العادات الاجتماعية بهذا الشكل، فلم تحسب له اي حساب و انما تتشدق بحقوق الاخرين كالفلسطينيين لاغراض سياسية بحتة لا تمت باية صلة بالانسانية ولا بالقيم العليا بشيء. بَسوز ابنة الرابعة عشرة لم تكتمل طفولتها بعد، و هي ارادت ان تستريح قليلا من تعب و هموم القراءة و السعي الدؤوب للنجاح في المدرسة بعد انتهاء الامتحانات ، قصدت بيت خالتها في قرية او مصيف ويزي التابع لقضاء جومان ، بعد ان كانت تفكر في دروسها و تهتم بما لديها من الدراسة و تنتظر بفارغ الصبر يوم استلام نتيجة امتحاناتها النهائية بعد ان تساعد بيت خالتها و تعود الى قضاء راينة، و لكن ايدي الغدر و الظلام لم تدع ان تحقق حلمها الصغير كي تعلم ما تعبت من اجلها و اخذت ما تمنت معها الى اللحد نائمة غير مطمئنة على حياة قريناتها. هذه الطفلة التي لم تكن وراء زيارتها لبيت خالتها اي هدف او غرض سياسي كما هو حال الاخرين و لم تبلغ من العمر ان تعتنق اية عقيدة او فكر او ايديوولجيا و كما الاخرين ايضا،و وضعها الاجتماعي لم تسمح لها ان تختلط مع قريناتها من الاجناس و الاعراق الاخرى ، كل ما كان لديها مدرستها و اهلها و اقربائها ، و القصف الايراني الوحشي الغادر انهى حياتها بشراسة و ماساة حقيقية. الم تستحق هذه الحادثة اي رد فعل ، الم تستحق حياة و روح انسانة طفلة و هي في مقتبل العمر بريئة جلسات مجلس الامن كما الاخرين، ام السياسة المسيطرة على الانسانية ترى بعين واحدة و تضع حاجزا امام اعين المهتمين، ام ليس ورائها بلد و سيادة و دولة و ثقل و مؤسسات و لم تستشهد بَسوز في عملية سياسية مدبرة و لم تدر اية دولة ورائها الارباح السياسية و لم تحصد هي و شعبها الا الخراب و الويلات . يجب ان نسال المدافعين و المهتمين بحقوق الانسان ما وجه الفرق بين من قتل على اسطول الحرية و في حدود اقليم كوردستان على ايدي جهتين مضادتين و معاديتين لبعضهما و يتهمان بعضهما بشتى النعوت، و نرى كل هذه الصرخات والتهديد و الوعيد و المعارضة لاحداهما و لم ينبس احد على الاخرى ببنت شفة . و ان كانت وراء الحادثتين عقليات مختلفة وفي مكانين مختلفين و انما الاهداف السياسية مشابهة ، اسطول الحرية كان وراءه كسر الحصار على غزة و من على متنه اناس سياسيون عقيديون و من ايديولوجيات معينة، بينما بَسوز كانت تشارك بيت خالتها في مساعدتهم على تحضير الجاي لوقت استراحتهم، اسطول الحرية كما ادعت من وراءها تحرك لحرية غزة كما يعتقدون، و هي محصورة، مهما كانت خلفياتهم، بينما بَسوز طفلة بريئة حرة انهوا حريتها ، و كل همها ان تنجح و لها الاهل الذي كانوا مشغولين بالحصول على قوتهم اليومي و لم تكن لهم يد في المعادلات السياسية و لم يعبروا الحدود الدولية البرية والبحرية لاية دولة كانت بل حتى لاية محافظة داخلية. هنا يتوضح لنا جميعا و بشكل جلي شكل و صورة العالم السياسي و كيفية تعامله مع الاحداث و نسبة الانسانية و قيمة الانسان لدى من يدعون ذلك في كل لحظة، و دور السياسة و ما ورائها و المصالح و ماتعمل ، و هذا قتل يعتبر جريمة لا تغتفر و لكن الاخر جريمة فيها وجهة نظر ، يا لعالم متناقض بعيد عن الانسانية ، و حتى العمل الانساني ليس مستقلا لحد اليوم و يُعامل معه بسياسة و اوامرها و ما وراءها من المصالح المختلفة. و ما يغيض المحبين الحقيقيين للانسانية ان ملالي طهران يدعون تطبيق المباديء الانسانية و يتباكون على القضية الفلسطينية و اطفال غزة بينما يعدمون ابناء شعبهم و يقتلون اطفال امة و هي جارتهم وليس لها اية مضرة باحد و دون ان يرجف لهم جفن .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نعم لحرية التفكير و الاقرار و عدم النزوح وراء الخطابات التوج
...
-
ماتفرضه الاحساس بالمسؤولية على السياسة
-
هناك شيء اعمق و اهم من اللغة باعتبارها كلمات و جمل
-
الم نحتاج الى الحوارات بعيدا عن السياسة في هذه المرحلة ؟
-
متى نقطع دابر الانحناء امام الكاريزما
-
من يقف ضد تأليه القيادات الجديدة في العراق؟
-
لم نلمس الردود الفعل الاقوى ازاء ما تعرضت اليه كوردستان ايرا
...
-
اين وصلت حركة الخضر الايرانية؟
-
هل من المعقول ان تبدا و تنتهي الاحتجاجات العفوية بامر خاص
-
هل حقا لا يريد الشعب الكوردستاني ممارسة حقه في تقرير المصير
-
اسرع انجاز سياسي في تاريخ العراق الحديث !!
-
مقومات بقاء فاعلية الايديولوجيا او استنفاذها
-
هل يتجه العراق الى الحداثة في التعامل مع الواقع الجديد ؟
-
هل بالامكان توفير فرص العمل لكافة العراقيين ؟
-
تسييس الفعاليات المدنية لمصلحة من ؟
-
ما التيار الفكري المناسب لهذه المرحلة في الشرق الاوسط
-
منع الانتقاد هو الخطوة الاولى نحو الدكتاتورية
-
لم يدان تطاول تركيا و ايران على اقليم كوردستان!!
-
الاغتيالات ما بين الاخلاق السياسي و التحزب
-
موقف المثقفين من الخروقات لحقوق الانسان في كوردستان
المزيد.....
-
بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب
...
-
نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو
...
-
ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا
...
-
الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ
...
-
أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
-
-لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي
...
-
الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق
...
-
وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي
...
-
السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما
...
-
وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|