|
ماتفرضه الاحساس بالمسؤولية على السياسة
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3018 - 2010 / 5 / 29 - 19:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هناك حدود معينة و معروفة للمختصين في الاداء السياسي و التي تفرض نفسها بشكل نسبي و لا يمكن تخطيها او الخروج منها بشكل كبير، فان عرفنا السياسة كما هي، و تثبتها ركائز عديدة و تتكون من مجموعة من المباديء العامة الواضحة و بابها الرئيسي المفتوح هو الضمير و الاحساس بالمسؤولية و تحمل العواقب مهما كانت، و من ثم الاستناد على قواعد مدروسة لسلك الطرق اتباع الاليات و استعمال الوسائل و التخطيط السليم لتنفيذ الاوامر الصادرة من المواقع المختلفة او المؤسسات، و تكون انواع المصالح و المحافظة عليها في اطار عدم الخروج منما تفرضه القيم و المباديء المرسومة و حقوق الانسان و وفق النظرة الحداثوية الى السياسة و اداء الواجبات، وهي المؤشر و المقياس لنجاحها. ما تغير السياسة الى العمل العسكري او تنفيذ ايديولوجيا قحة بطريقة واحدةهي العقيدة و الافكار المثالية، و ما يحمل السياسة المسؤولية هو الضمير و القواعد السليمة للعمل السياسي، و ما تمنع السياسة من تحملها لتعدد التوجهات و النظرات و ما تحمله الواجبات السياسية من الاحزاب و التيارات المختلفة، و ما يحولها الى تطبيق القيم و المباديء الدينية و المذهبية و الايديولوجية بشكل مطلق وما يمكن ان يعرف بالامر العسكري، هو التنفيذ المطلق للاداء السياسي المشحون بالعقائد و التفرد بالامور و الابتعاد عن النظر الى الاراء المختلفة ، و ما تحافظ على نجاح السياسة هي النسبية في العمل و الاعتناق للافكار و التوجهات و الالتزام بالاخلاقيات و بوجود الضمير الحي و الانسانية في التفكير كي تحصل على النتائج المنشودة . ربما ينفذ احدما ما يامر به حزبه او تنظيمه دون ان يحسب بنفسه و يحلل العواقب و النتائج التي يمكن ان تبرز من عمله و يبرر ما يقوم به على انه امر حزبي و من سلطة اعلى منه، و هذا ما يحسبه على انه السياسة بعينها دون نقص او زيادة، و السياسة الحقيقية منه براء،لا بل يعتبر هذا صميم الامر العسكري البحت ، و هذا ما يفرز في السياسة ذات الاسس المعتمدة على القيم العشائرية او القبائلية او الاسرية او الايديولوجية ، و هذا تهرب واضح من المسؤولية و اخفاء و تغطية للاخطاء و عدم العلم و المعرفة بماهية السياسة و ابعاد اللوم عن المخطيء او المامور، و ابعاد النفس عن تحمل المسؤولية بشكل و طريقة لا تمت بشيء بمعالم الحداثة في العمل السياسي، و ما تتطلبه السياسة الصحيحة الحديثة من اداء السياسيين هو القناعة الذاتية للمنفذ مهما كانت مرتبة و صنف السياسي و موقفه . المسؤولية لم تكن يوما بعيدة عن السياسة او مخالفة لها ، بل يجب ان تقترن و تلتصق بها و تكون متفقة معها ، و يجب ان يكون للسياسة اخلاق و مباديء سامية، و تكون لها علاقة متينة مع الاخلاق و رابط قوي بينها و بين الاداء السياسي و الطريقة التي يتم بها العملية السياسية و ما تتوائم مع محتواها و تتفق مع الاداب و افعال السياسيين. لا يمكن ان يُقرر الدخول في الحرب او الاستسلام فيها بعيدا عن تحمل المسؤولية و تنبؤ و استقراء النتائج و ما يحصل فيما بعد ، و كذلك لا يمكن ربط السياسة بشرف شخصية ما او عائلة او قبيلة، و ان اختلطت هذه القيم و الاعراف ستتحول السياسة الى الدين او المذهب او قناعة ايديولوجية بحتة، و السياسة لا تتوافق بشكل مطلق مع الايديولوجيا و متطلباتها. تعمل مجموعة من المباديء و تؤثر بشكل واضح على الاداء السياسي و تكون بطريقة ملازمة لتحمل المسؤولية مهما كانت الحصيلة، اما ان دخلت قيم و ايمان مطلق بعقائد و توجهات و مثاليات و عرف و عادات و تقاليد و الروابط كالقرابة بالدم و اقحمت في السياسة فانها تبتعد عن تحمل المسؤولية المعطاة على عاتقها في تحقيق الاهداف السياسية العامة . المعلوم ان الايمان بشيء مثالي او دين او مذهب او الاعتقاد المطلق بفكر و العمل و الالتزام الكامل به ايضا بعيد عن مضمون السياسة و لا يوجد في السياسة ما يلزم الالتزام و عدم التخلي عن الطرق المتبعة من اجل المصالح المعينة، بل هذا الشرف الرفيع من نصيب الاخلاقيات العسكرية و المؤمن الديني المتطرف و الاصوليين و الملتزم بالايديولوجيا التقليدية. و الشدة و التطرف في العمل للمحافظة على القيم و ليس فنائها و من اجل انعاش الحياة و ليس خرابها و لا يمكن ان تنجح السياسة بل ستعكس النتائج ان حولناها الى اوامر عسكرية بحتة، بل تحتاج السياسة الى الهدوء و التروي و الاعتدال و الدبولماسية، و السياسة الناجحة هي التي تدافع عن الحرية و ليس قتلها و عودة المكانة و القيمة و الاحترام للانسان و ليس العبثية و التعذيب و القتل باسم السياسة باية وسيلة كانت. ما يحز النفس و يؤسف عليه ان العديد من النخب المثقفة و الصحفيين في طليعة الملتزمين بالاطر التي تجبرهم ايمانهم الايديولوجي و الحزبي بقذف هذه القيم الى حضن احزابهم التي ينتمون و يلصقون ما تتطلبه السياسة و الحداثة بالعقيدة و الايديولوجيا و الافكار المثالية الحزبية المعينة. لذا يمكن ان تُعاد المسؤولية و تلصق بها كما هو المفروض بعيدا عن الاليات و الادوات المشحونة بالعقيدة و الايديولوجيا المثالية ، و ما يقرب السياسة من العقائد و الاديان هو العمل بما يؤمر به السياسي بشكل مطلق دون نقص او اضافة . و هناك علاقة جدلية واضحة بين السياسة و الحرية و الانسان الحر الحامل للافكار المختلفة و لا يمكن فك المسؤلية عن السياسة ان كانت الاداء السياسي لحرية و ليس هناك ما يحرف السياسة عن طريقها و يحولها عن اهدافها . لا تتمكن اية سلطة مهما بلغت قوتها و جبروتها ان تحافظ على الحرية او تنفيها ان لم تكن مسؤولة و تتحمل ما تحصل من جراء افعالها، و لا يتمكن اي انسان حرٌ مؤمن بالحياة من المحافظة على السلطة ان سرقت منه الحرية باية حجة كانت.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هناك شيء اعمق و اهم من اللغة باعتبارها كلمات و جمل
-
الم نحتاج الى الحوارات بعيدا عن السياسة في هذه المرحلة ؟
-
متى نقطع دابر الانحناء امام الكاريزما
-
من يقف ضد تأليه القيادات الجديدة في العراق؟
-
لم نلمس الردود الفعل الاقوى ازاء ما تعرضت اليه كوردستان ايرا
...
-
اين وصلت حركة الخضر الايرانية؟
-
هل من المعقول ان تبدا و تنتهي الاحتجاجات العفوية بامر خاص
-
هل حقا لا يريد الشعب الكوردستاني ممارسة حقه في تقرير المصير
-
اسرع انجاز سياسي في تاريخ العراق الحديث !!
-
مقومات بقاء فاعلية الايديولوجيا او استنفاذها
-
هل يتجه العراق الى الحداثة في التعامل مع الواقع الجديد ؟
-
هل بالامكان توفير فرص العمل لكافة العراقيين ؟
-
تسييس الفعاليات المدنية لمصلحة من ؟
-
ما التيار الفكري المناسب لهذه المرحلة في الشرق الاوسط
-
منع الانتقاد هو الخطوة الاولى نحو الدكتاتورية
-
لم يدان تطاول تركيا و ايران على اقليم كوردستان!!
-
الاغتيالات ما بين الاخلاق السياسي و التحزب
-
موقف المثقفين من الخروقات لحقوق الانسان في كوردستان
-
قلنا فلتكن كوردستان بوابة للحرية و الديموقراطية!
-
لماذا يُستهدف الصحفيين في اقليم كوردستان ؟
المزيد.....
-
جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ
...
-
الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
-
وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
-
آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/
...
-
غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
-
رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
-
أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
-
شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
-
ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
-
بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|