أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حمادي بلخشين - القضاء و القدر بين السلفية و الإسلام 3/4















المزيد.....

القضاء و القدر بين السلفية و الإسلام 3/4


حمادي بلخشين

الحوار المتمدن-العدد: 2998 - 2010 / 5 / 7 - 13:36
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


مقدمة ذات صلة :
على خطى معاوية

" عند احتلال القطر المصري كتب نابليون بونابرت رسالة " فيها كثير من التمويهات على العقول مثل قوله[ لأهل مصر]: والعاقل يعرف أن ما فعلناه بتقدير الله و إرادته و قضائه... إن القرآن العظيم صرّح في آيات كثيرة بوقوع الذي حصل، و أشار في آيات أخرى الي أمور تقع في المستقبل، و كلام الله في كتابه صدق و حق"!

القضاء و القدر بالمقهوم السلفي الوهابي:

يقتضي الإيمان بالقضاء والقدر(اعتمادا على الخلاصة النهائية للتصور السلفي للمسألة) اعتقاد المسلم بأنه مكره على ما يفعل وما يذر، و أن أعماله مخلوقة من قبل الله سبحانه حتى يخلص الى الإيمان، و بصفة عمياء، بان الفساد السياسي مبرّر بالكتاب والسنة ويجب الرضى به. لأن الحكام، مثلهم كسائر المكلفين مكرهون على الذبح والسلخ وتناول المسكرات وانتهاك المحارم وتجاوز حدود الله و التحالف مع اليهود و النصاري على أبناء جلدتهم، لأن ما اقترفوه من موبقات، هو إختيارالهي لا محيص عنه، ولا مردّ له. لأجل ذلك فأن مجرّد الاستنكار القلبي لإنتهاكات السلطة( فضلا عن الجهر بها، دع عنك مقاومتها) لا يعني سلفيّا غير معارضة قدرالله تعالى، مما يترتب عنه حرمان المتذمر من صفة "مسلم" و إلحاقه بفصيلة" القدريين مجوس الأمة" (1).

فالجبرية، أي القول بأن المرء مجبر عن فعله، والإرجاء أي تصحيح ايمان من تفوه (و لو سكرانا) بكلمة التوحيد ثم أعقبها بسجوده الى وثن و ترك حسابه الي يوم القيامة، هما صناعتان سلفيتان لا ينافسهم فيها الا ظالم لنفسه مبين،لأجل ذلك، استطاعت أشد الملكيات إفسادا واشد الأنظمة إلحادا، التكيف مع الفضاء الإسلامي، والعيش في أرض كان من المفترض أن تكون ملغومة، تتربص بهم فيها من كل جانب كل عوامل الفناء والتهلكة بفعل النصوص التحريضية التي تستنهض همم المسلمين لمقاومة الفساد.

تحتج السلفية لنظرتها الكليلة للقدر بآيات تفسرها بشكل" لغوي" مضحك فتقول عن قوله تعالى
(انا كل شيء خلقناه بقدر) (من سورة القمر) أي" خلق عمل الإنسان"، لتحوّل الآية من موضع اعتبار ونفع للمسلمين، الى سوط عذاب و حجة للحكام الظالمين يعتذرون بها عن جرائمهم، شأنهم شأن من أهدى وردة ليتمتع بحسنها و زكي رائحتها فأكلها واختنق بشوكها.

أما موضع الإعتبار في الآية المذكورة، فالدقة البالغة في تـصميم الكون، والتوازن العجيب في تكامل ادوار كائناته الحية" ولقد وصل العلم الحديث ...الى إدراك التناسق بين أبعاد النجوم و الكواكب و أحجامها و كتلها و جاذبيتها بعضها لبعض، الى حدّ أن يحدد العلماء مواقع كواكب لم يروها بعد، لأن التناسق يقتضي وجودها في المواضع التي حددوها، فوجودها في هذه المواقع هو الذي يفسر ظواهر معينة في حركة الكواكب التي رصدوها.. ثم يتحقق هذا الذي فرضوه، و يدلّ تحقيقه على الدقة المتناهية في توزيع هذه الأجرام في هذا الفضاء الهائل، بهذه النسب المقدرة التي لا يتناولها خلل واضطراب.. أن الجوارح التي تتغذى بصغار الطيور قليلة العدد لأنها قليلة البيض كثيرة التفريخ، فضلا على انها لا تعيش الا في مواطن خاصة محدودة، وهي في مقابل هذه طويلة الأعمار. و لو كانت مع عمرها الطويل كثيرة الفراخ مستطيعة الحياة في كل موطن، لقضت على صغار الطيور وافنتها على كثرتها و كثرة تفريخها، أوقللت من اعدادها الكبيرة اللازمة بدورها لطعام هذه الجوارح و سواها من بني الإنسان .. وذلك للحكمة التي قدرها الله كما رأينا .. و الذبابة التي تبيض ملايين البويضات و لكنها لا تعيش إلا اسبوعين، و لو كانت تعيش بضعة أعوام تبيض فيها بهذه النسبة، لغطى الذباب وجه الأرض بنتاجه، و لغدت حياة كثير من الأجناس و أولها الإنسان مستحيلة على وجه هذه الأرض. ولكن عجلة التوازن التي لا تختل في يد القدرة التي تدبر هذا الكون، وازنت بين كثرة النسل و قصر العمر فكان هذا الذي نراه.... و الميكروبات وهي اكثر ألأحياء عددا و أكثرها تكاثرا وأشدها فتكا،هي كذلك اضعف الأحياء مقاومة و أطولها عمرا تموت بملايين الملايين من البرد ومن الحرّ ومن الضوء ... و لو كانت قوية المقاومة أو طويلة العمر لدمّرت الحياة والأحياء ...على أن الأمر اعظم من هذا كله، واشمل في التقدير و التدبير. وان حركة هذا الكون كله بأحداثها ووقائعها و تياراتها مقدرة مدبرة صغيرها و كبيرها ..( انظر سيد قطب في ظلال القرآن ج6 3463 حتى3440)

كما فسرت المنظومة السلفية و بشكل عشوائي ايضا، قوله تعالى و(الله خلقكم و ما تعملون) الصافات 96، لتستدل بها على خلق أفعال الإنسان خيرها و شرها!، و لقد ألقمهم الزمخشري حجرا حين جاء تفسيره للآيتين ( التي تجاهلت السلفية بدايتهما، وهي قوله تعالى أتعبدون ما تـنحتون) ــ على هذا الشكل ( قال أتعبدون ما تنحتون، و الله خلقكم و ما تعملون) يعني خــلقكم و خلق ما تعملونه من الأصنام [أي خلق المواد التي تصنعون منها الأصنام كالخشب والحجارة] ثم وبخ السلفيين( سمّاهم المجبرة) بسبب ما ذهبوا اليه من خلق الأفعال حين أضاف :" ان معـــنى الآية يأباه إباء جليا و ينبو عنه نبوا ظاهرا، و ذلك أن الله عز وجل قد احتج عليهم بان العابد و المعبود جميعا خلق الله، فكيف يعبد المخلوق المخلوق، على ان العابد منهما هو الذي عمل صورة المعبود و شكّله، و لولاه ما قدر أن يصوّر نفسه و يشكلها، و لو قلت والله خلقكم و خلق عملكم لم تكن محتجا عليهم ولا كان لكلامك طباق . وشيء آخر هو ان قوله و ( ما تعملون) ترجمة عن قوله ( ما تـنحتون) و (ما) موصولة لا مقال فيها فلا يعدل بها عن أختها إلا متعسّف متعصّب لمذهبه من غير نظر في علم البيان و لا تبصّر لنظم القرآن" ( انظر الكشاف للزمخشري ص 53/54 ج 4) .

ولو كان للمشركين الذين جادلهم ابراهيم عليه السلام فهم السلفية العليل لقول ابراهيم الخليل

( والله خلقكم و ما تعملون) لكان ردهم عليه كما ياتي :" طيب يا أخ ابراهيم، لماذا كل هذا الغضب، ما دام في الأمر سعة؟! فما دام الله هو خالق أفعالنا الكفرية، فلا لوم علينا لو عبدناه أواستبدلنا بعبادته حجرا، فليس من حقك أن تلومنا على فعل أكرهنا الله عليه، ثم ما وجه اعتراضك وقد خلق الله كفرنا، وقد رضينا بما رضيه الله لنا، فهل يعقل أن يرضى الخصمان و لا يرض القاضي. ثم هب يا ابراهيم اننا قد كفرنا، ألم يبلغك ان الله قد رضي لنا الكفر (2) . فالأجدى من ذلك كله ان ننصرف يا أخ ابراهيم الى التـنمية و البناء و التأسيس لوحدة وطنية ،عوضا عن التكفير المسبّب للنفرة والتشرذم! "


يتبع


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تكفّر المنظومة السلفية كل من يقول بأن الإنسان يملك من فعله أوإرادته شيئا فيسمّون القائل بالحرية الإنسانية "قدريّا". جاء في المرجع السلفي القديم " شرح أصـــول اعتقاد اهل السنة و الجماعة " للالكائي باب ما روي عن النبي في ان القدرية مجوس هذه الأمة : عن ابن عمر عن النبي ان القدرية مجوس هذه الأمة ان مرضوا فلا تعودوهم، و إن ماتوا فلا تشهدوهم (جزء4 ص 707 ) و عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال: ما هلكت أمّة قط إلا بالشرك بالله، و ما أشركت أمة حتى يكون بدء شركها التكذيب بالقدر"(نفس الجزء، ص690). عن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه و سلم" من كذب بالقدر أو خاصم فيه[ أي حتى ناقش مسألة القدر!] فقد كفر أو كذب بما جئت به أو جحد بما أنزل إلي" نفس المصدرج4 ص 688.
تعليق: تفتري السلفية الكذب لما تزعم أن "القدرية" كما يسمونهم، يكذبّون بالقدر( أي علم الله السابق) و الحال أن أبطال الإسلام الأوائل ــ غيلان الدمشقي، معبد الجهني و الجعد بن درهم، كانوا رجالا أفاضل مجاهدين، و كانوا يؤمنون بقدر الله تعالى على الطريقة الإسلامية أي ان أقدار الناس مكتوبة من قبل الخالق قبل خلق الكون ).
فما أعجب أمر السلفيين يلعنون الجهمية و يقولون بقولها، و يكفّرون القدرية و يأتون فعلها ليصدق فيهم القول المأثور: رمتني بدائها و انسلت. فإفتراء الكذب و اتهام المخلصين من رجال الإسلام الأفاضل صفة سلفية قديمة( ولكم كان سخيفا اتهام صنم السلفية المسمى بناصر الدين الألباني سيد قطب رحمه الله بالقول بوحدة الوجود, أي القول بأن كل شيء تقع عليه ابصارنا هو الله تعالى, و لو كان الأمر كذلك لما شنق الرجل ولكان قال لعبد الناصر أنت هو وهو أنت! و لحظي بعناية عبد الناصر و رعايته، كما فعل بالثدييات السلفية التي سمّت سيد قطب رحمه الله مسليمة الكذاب!).
(2) كتب الزمخشري مفسرا قوله تعالى( المفسر أصلا ـ)( و لا يرضى لعباده الكفر) الزمر9.
( لا يرتضي لعباده الكفر) رحمة لهم لأنه يوقعهم [الكفر] في الهلكة ...[ ثم يحمل الزمخشري على الإعتقــاد السلفي]: و لقد تمحل بعض الغواة [ يقصد السلفيين ] ليثبت لله تعالى ما نفاه عن ذاته من الرضا لعباده الكفر فقال [أي الغواة ]: هذا من العام الذي أريد به الخاص، و ما أراد الله الا عباده الذين عناهم في قوله (ان عبادي ليس لك عليهم سلطان) الإسراء 65 ، تعالى الله عما يقول الظالمون (الزمخشري .تفسير الكشاف ص 117 ج4 ). فالله سبحانه و تعلى يكره الكفر و لا يرضاه لأحد من عباده بمعني لا يجبر عليه أحدا .



#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رد على مقال -عندما يدخل الله غرف نومنا- للكاتب جلال حبش
- القضاء و القدر بين السلفية و الإسلام 2/4
- القضاء و القدر بين السلفية و الإسلام 1/4
- إحباط ( قصة قصيرة)
- إنفعال!( قصة قصيرة)
- رعب ( قصة قصيرة)
- وصمة!!( قصّة قصيرة)
- هراء !! ( قصة قصيرة)
- في جاهليتها الأولى، كانت المرأة أرفع مكانة وأشرف قدرا من جاه ...
- شهادة من أكبر صنم وهّابي معاصر :النقاب ليس فرضا ولا سنّة !!
- العدوان الوهّابي على المرأة
- إختيار ! (قصّة قصيرة)
- ابن تيميّة: كان مجرّد فزّاعة سلفيّة مضحكة 4/4
- بن تيميّة: كان مجرّد فزاعة سلفية مضحكة 3/4
- بن تيمية كان مجرّد فزاعة سلفية مضحكة 2/4
- ابن تيمية: كان مجرّد فزاعة سلفية مضحكة 1/4
- إمتنان ! ( قصّة قصيرة)
- ردّ على مقال السيد صلاح يوسف- لماذا تركت الإسلام-
- إدانة! ( قصة قصيرة)
- شرف!! ( قصة قصيرة)


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حمادي بلخشين - القضاء و القدر بين السلفية و الإسلام 3/4