أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمادي بلخشين - رعب ( قصة قصيرة)














المزيد.....

رعب ( قصة قصيرة)


حمادي بلخشين

الحوار المتمدن-العدد: 2990 - 2010 / 4 / 29 - 22:56
المحور: الادب والفن
    


رعب
كلما اقترب هدير الجماهير الهائجة من المعبد اليهودي تضاعف توتر شمعون و عشيقته راشيل، لعنا الساعة التي فكرا فيها بالمجيء الي جزيرة جربة.

لمّا كانا اصغر الزوار سنا، و أكثرهما تماسكا، فقد قاما معا بإغلاق باب المعبد العتيق بعد إلغاء إمكانية خروجهما الي الشارع و اندساسهما بين العابرين.
ــ من الحماقة أن نغامر، فملامحنا الأروبية ستمكن من تمييزنا بسهولة من بين السكان المحليين. هكذا أعلنت راشيل.

جزع راشيل صرفها تماما عن التفكير في مصير ولدها بنيامين الذي غادرهما منذ اكثر من ساعتين رفقة حفيدة الحاخام لإاقتناء عصا بيزبول من محلّ تجاري يقع في أقصى الجزيرة.
لمّا كانت خطوط الهاتف معطلة بعد عاصفة أمس، لم يتمكن الحاخام المسن من الاتصال بالسلطات التونسية لتبين حقيقة الأمر، اكتفى بترتيل فقرات من التلمود و زرع الأمل في الجمع المرعوب.

تضاعف رعب شمعون حين تذكر الطريقة المروّعة التى انتهت بها حياة رئيس الوزراء العراقي نورى السّعيد، و كيف تقاسمت الجماهير الغاضبة جثته بعد سحلها في الطريق. زفر بيأس، صك جبهته بكفه ثم صاح:
ـ سنذهب في الأرجل يا راشيل، بحق السّماء كيف أقدمنا على زيارة تونس و دماء أطفال جنين لم تجف بعد.

بيد مرتجفة، أمسك بيد راشيل، ثم صعدا الي الطابق العـلوي عبر سلم خشبي ضيق...
بحذر شديد، فرّج شمعون قليلا ما بين دفتي النافذة التي تطلّ على الشارع الرئيسي... بدت لهما الجماهير القادمة وهي تلوّح برايات يختلط فيها اللون الأزرق باللون الأبيض. "هذه أول نذر الشرّ" هكذا فكر شمعون قبل أن تعلق راشيل وهي تضغط على يديه المرتعشتين:
ــ لا بد أن إجتياح المكان سيسبق بحرق أعلامنا.
فجأة شاهدا معا رجليّ أمن وهما يعبران الطريق بتثاقل، حين وصلا الي زاوية المعبد توقفا ثم شرعا في تبادل أطراف الحديث، و كأنّ الأمر لا يعنيهما... هدوء الشرطيين ضاعف رعب شمعون و راشيل كما زرع في رأسيهما فكرة التواطىء مع القتلة الزاحفين.
مع اقتراب الجماهير التي أصبحت على مرمى حجر من مدخل المعبد، تحوّل الهدير المبهم الي شعارات واضحة لم يميزا منها غير كلمات الفداء، و الرّوح، و الدم.
أجهش شمعون بالبكاء. أعلن بنبرة يائسة:
ـــ قضي الأمر يا راشيل، ستسيل دماء و تزهق أرواح و سنكون أكباش ....
قبل ان يتم كلامه سمعا طرقات مجنونة تهز باب المعبد، تلاها ارتطام ألوح زجاجية بالأرض:
ـــ انهم يقتحمون... كان ذلك آخر كلمات راشيل قبل أن تتهاوى كجذع شجرة مقطوع.

همّ شمعون بإسعاف راشيل، حين أخرجه دويّ انفجار عنيف عن دائرة الوعي...
حين أفاق شمعون من غيبوبته، وجد سيّدتين تحاولان إنعاشه، كانت راشيل إحداهما، بعد قليل دخل بنيامين متهللا:
لم يصدق شمعون أن التسونامي التونسي قد مرّ بسلام. تســـاءل بصوت واهن :
ــ مالذي حدث بحق جميع القدّيسين ؟
ضحك بنيامين ثم أجاب:
ــ لقد كانت مهزلة حقيقية
ثم وهو يضيف مبتهجا:
سنضحك لها ما عشنا.
ــ مالذي تعنيه؟
ــ كانت مسيرة سلمية مائتين بالمائة...
ـــ ...؟
ـــ كل ما في الأمر، أن جماهير جربة قد خرجت بكل تلقائية، لتحتفل على طريقتها الخاصة بصعود فريق المكان من القسم الثاني الي الدوري الممتاز!
ــ هل تعني أن التفجير الذي افقدني الوعي لم يكن سوى ألعاب نارية؟
أغرق بنيامين في الضحك ثم قال:
ــ أجل، كما ان ما تعرّض له باب المعبد من قرع عنيف أفقد وعي والدتي، كان بسببي أنا!
كان شمعون يستمع بذهول حين استمر بنامين موضحا :
ــ حين قصدت المدينة، كنت اعتزم شراء عصا بيزبول واحدة، فلما فوجئت بالتخفيض الشديد اقتنيت اثنتين...بعد تسديد ثمنهما، بقي في جيبي نصف ما طلبه سائق التاكسي حين وضعني أمام المعبد. رجوت السائق انتظاري لجلب بقية المبلغ المطلوب، وحين وجدت الباب مغلقا طار صوابي بعد دقي الجرس لما يقارب دقيقة، في نهاية الأمر لجأت الي قرع الباب بعصا البيزبول
ــ و هل كنت مضطرا الي تحطيم ألواح الزجاجي الملون التي تؤطر الباب؟
ــ نعم، كي أتمكن من إدخال يدي عبر الفجوة التي أحدثتها، لفتح الباب بنفسي... آسف، لم يكن الأمر يتطلب أي رويّة أو انتظار، لقد كان عداد التاكسي شغالا !
تعجب شمعون من تضافر الإتفاقات التي خلقت سيناريو يعجز هيتشكوك نفسه عن تصوّره. تساءل:
ــ ما بقي غامضا بالنسبة لي، هو عـلاقة أعلام إسرائيل بمسيرة سلميّة؟
ضحك بنيامين طويلا ثم قال:
ــ لم تكن تلك "الأعلام الإسرائيلية" سوى أعلام فريق المكان التي تطابقت ألوانها و خطوطها... و لسوء الحظ، مع ألوان الفريق المحلي لكرة القدم!
أوسلو 2جوان 2009



#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وصمة!!( قصّة قصيرة)
- هراء !! ( قصة قصيرة)
- في جاهليتها الأولى، كانت المرأة أرفع مكانة وأشرف قدرا من جاه ...
- شهادة من أكبر صنم وهّابي معاصر :النقاب ليس فرضا ولا سنّة !!
- العدوان الوهّابي على المرأة
- إختيار ! (قصّة قصيرة)
- ابن تيميّة: كان مجرّد فزّاعة سلفيّة مضحكة 4/4
- بن تيميّة: كان مجرّد فزاعة سلفية مضحكة 3/4
- بن تيمية كان مجرّد فزاعة سلفية مضحكة 2/4
- ابن تيمية: كان مجرّد فزاعة سلفية مضحكة 1/4
- إمتنان ! ( قصّة قصيرة)
- ردّ على مقال السيد صلاح يوسف- لماذا تركت الإسلام-
- إدانة! ( قصة قصيرة)
- شرف!! ( قصة قصيرة)
- توتّر! ( قصة قصيرة)
- فضيلتان!( قصّة قصيرة )
- دعارة!! ( قصّة قصيرة)
- كابوس! ( قصّة قصيرة)
- جولة في أخطر كتاب شيعي 13/13
- الستّ ايران و الشيطان الأحلى!!


المزيد.....




- الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود ...
- “نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ ...
- تونس.. مهرجان الحصان البربري بتالة يعود بعد توقف دام 19 عاما ...
- مصر.. القضاء يحدد موعد الاستئناف في قضية فنانة سورية شهيرة ب ...
- المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب ...
- هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
- “نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق ...
- مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل ...
- فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي ...
- انقاذ سيران مُتابعة مسلسل طائر الرفراف الحلقة  68 Yal? Capk? ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمادي بلخشين - رعب ( قصة قصيرة)