|
نقطة تحول لدور الاطراف المختلفة في العراق
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2925 - 2010 / 2 / 23 - 22:24
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
منذ سبع سنوات و العراق تحت هيمنة و تاثير العديد من الاطراف الاقليمية و العالمية، سوى كانت دول او مؤسسات او قوى استخبارية، و تمسك كل جهة بطرف و زاوية من الساحة السياسية و ما يرتبط بها و تصارع من اجل بقائها و هي تقارع الاخر لاسقاطه من اجل سيطرتها بالكامل على الامور من كافة النواحي السياسية الاقتصادية الاجتماعية الثقافية، و تعمل بكل جهدها و من دون هوادة على ان تجعل هذا البلد ورقة رابحة بيدها من اجل المساومات عليها في الصفقات السياسية الكبرى بينهم. و لكن في خضم هذه الصراعات المحتدمة لم يسيطر اي طرف بشكل نهائي على الساحة السياسية العراقية لحد الان، و الشعب العراقي هو الوحيد الذي يدفع الثمن في هذه المعركة السياسية المعقدة التي يتخللها القتل و الارهاب و سفك دماء الابرياء بين حين و اخر. لاشك ان هناك ادوارا اكثر فعالية من الاخرى لاسباب، ذاتية تخص صفات و تركيبة الشعب العراقي ومدى تلائمه ،و موضوعية خاصة بالدول و الجهات المتدخلة في الشؤون العراقية، و من ابرز هذه القوى هو الدور الايراني الواضح و حلفائها و امريكا و ما تفرضها مصالحها و حلفائها الاقليمية و الداخلية ايضا، و هذا لا يعني ان الدول العربية واقفة ساكنة في محلها، لا بل تدخل هي ايضا و بشكل كبير و تتصرف بما لديها و تصرف كل جهودها ، الا ان الظروف التي تساعد الاطراف الاخرى منذ سقوط الدكتاتورية لم تتهيا للدول العربية بشكل سهل كي تاخذ دورها الفعال و تلعب ما تريد كما هو الاخرون، لاسباب عديدة ايضا و منها تلكؤها هي في مد يدها الشرعية و الدبلوماسية الصادقة و عدم تفهمها للوضع العراقي الجديد و لم تحسن التعامل مع المستجدات و لم تقرا الواقع بعقلانية، بل اخطات كثيرا في عملها و حاولت ان تعيق ما يجري في العراق و ما يحصل من التغييرات الجذرية بدلا من التعامل معها و تاخذ و تعطي كما هو حال العصرنة في العمل الدبلوماسي . و عندما وقفت مكتوفة الايدي من الارهاب و التكفيريين الذي ارعب الشعب العراقي ، و الفتاوى التي اصدرت من رموزها الدينية و لم تشد العزم على منع الارهابيين من عبور اراضيها للانتحار في العراق، و حتى استغلت هذه الهفوات من قبل اطراف اخرى، و لحد اليوم لم يحس المواطن العراقي بموقف واضح صريح منها مما ابعدها عن انتظار ما يمكن ان تفعله مستقبلا في العراق. اما الطرف الايراني استحسنت الامر و صارعت و تفاعلت مع الواقع الجديد و بكل الطرق و الوسائل و حافظت على مصالحها و تعاونت هنا و مدت يدها هناك و لم تدع ان يُهمش دورها كما هو حال الدول العربية الاقليمية التي تعاملت بخجل واضح مع الواقع العراقي الجديد، و اختلطت ايران من الجانب الاقتصادي و السياسي اكثر من اي طرف اخر و كانت هذه الامور تجري لمصالح مشتركة، و لم تقدر اية قوة اخرى ايقافها. استقرت الحال بعض الشيء في هذه المرحلة ، و الوضع الاقليمي على ماهو عليه منذ السقوط و لم يجري اي تغيير يُذكر في الادوار و بشكل ملحوظ، الا ان الاطراف و الجهات و الكتل العراقية انقسمت على حالها و هي تجامل هذا الطرف الاقليمي او ذاك وفق قرائاتها المختلفة و استنادا على الاسس الدينية و المذهبية و المصالح الضيقة، و المحير في الامر ان بعض الدول عقدت العزم على الاتصال الدبلوماسي مع كتل او طرف او حزب سياسي دون ان تمد يد العلاقة الدبلوماسية الصحيحة بين الدولتين و بشكل واضح و صريح، و تحاول ان تؤثر على العملية السياسية من وراء الستار بعيدا عن المصالح المشتركة و ما تفرضها العلاقات الندية بين الدولتين، و هذا ما يخلق ويخلف اثارا سلبية على العلاقات و تبقى لمدة طويلة دون تقدم يذكر، و بدلا من ان تدخل الى الساحة السياسية الاقليمية من ابوابها الواسعة تنعكف على الدخول من النافذة و من خلال العمليات الاستخباراتية السرية لكي تؤثر على حال العراق. اليوم و الانتخابات على الابواب ، و ما نشاهد من التحركات المشبوهة ترسل رسالة الى الشعب العراقي و مفادها ان هذه الدول لم تقرر بعد التعامل مع الواقع الجديد بشكل نهائي و تحاول بشتى الوسائل ان تفرض رايا او موقفا و شكلا معينا و معلبا محضرا من الغرف المظلمة الاستخباراتية لها لتطبقه في العراق، و هذا لم و لن يحصل مهما حاولت الاطراف و لم يزكي الواقع و الوضع العام و المستجدات و ما فيه الشعب العراقي، ما تنويه تلك الدول من فرضها على السياسة العراقية و النظام العراقي الجديد. و ابسط الطرق لفرض المتطلبات و المصالح جزئيا هو التعاون المتعدد الجوانب ماديا و معنويا من قبل تلك الدول لبعض القوى دون غيرها ، و في المقابل توجد نفوذ ايراني بشكل واضح و لها اليد الطولى ايضا و تمد يدها الى الجانب الاخر، و لكن مع ذلك انها تتعامل مع المستجدات و العراق الجديد كدولة صاحبة السيادة كيفما كان وفق الاسس الدبلوماسية، و ان استغلت تركيبة الشعب العراقي و بعض من المتعاطفين في فرض بعض المواقف و الاراء. اننا نعتقد بان نتائج الانتخابات البرلمانية المقبلة و العملية السياسية مابعد الانتخابات ستكون نقطة تحول كبرى في تحديد مسار تاثيرات دول الاقليم و ما تصل اليه الاوضاع و المعادلات و العلاقات و كيف تستقر الحال، و تكون المرحلة المقبلة و انسحاب القوات الامريكية بشكل نسبي في طريقها الى التنفيذ، و ستعلو قوة و مستوى و ادوارا معينة و ستثبت ايادي في طريق ادارة البلد، و به سيتاثر الوضع الاقليمي بشكل ملحوظ بنتائج الانتخابات العراقية و الجهات التي تتسلم زمام الامور و السلطة ستقرر نوعية تلك العلاقات و طبيعتها، و نجاح هذه العملية المهة الحاسمة داخليا و خارجيا ستكون لصالح اطراف اقليمية دون اخرى وستكون لها اثارها السلبية مما تفرض علينا تجاوزها، لذلك من الواجب على الشعب العراقي و القوى المخلصة اخذ الحيطة و الحذر من التدخلات و التشويهات ، ولو احس اي طرف اقليمي بان النتائج ليست لمصلحته ستعمل الضجة، و كما هو الحال الان من بدا بالتحركات و الافعال المشبوهة منذ مدة . ان دور امريكا معلوم و كل ما يمكنها ان تفعله في هذا الاطار انها ستضغط بكل السبل محاولة عدم تحول الوضع السياسي الى الفوضى و العودة الى المربع الاول، و تجهد بكل قواها على ايجاد كل الطرق لغرض توازن القوى كما هي، و هي تعتقد انها للمصلحة الداخلية و المصالح الاقليمية العليا ان لا تميل الكفة الى اية جهة و تبقى هي المسيطرة بعيدا عن الخسارة في ارواح ابناء شعبها.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من يدير دفة الحكم بعد الانتخابات البرلمانية في العراق؟
-
هل ستكون الحكومة المقبلة كفوءة ام ستولد من رحم المحاصصة ايضا
...
-
كيف تكون الاوضاع الامنية بعد الانتخابات النيابية المقبلة في
...
-
يشمل التغيير كافة جوانب الحياة اينما كان
-
الانتخابات تحدد توجه العراق نحو المركزية او الفدرالية
-
ارتباك واضح في تحضيرات العملية الانتخابية في العراق
-
لم تترسخ المهنية في عقليتنا و عملنا بعد
-
الوضع النفسي العام للفرد العراقي و تداعياته في المرحلة الراه
...
-
نجاح العملية الديموقراطية مسؤولية الجميع في العراق
-
موقف المثقف من الاحداث و مدى تفاعله مع الواقع و ما فيه
-
دور الاخلاق في تجسيد السلوك السياسي
-
لا لعودة البعث مهما فرضت المصالح و السياسة العالمية
-
سبل الحد من التاثير السلبي على العملية السياسية باسم الاختلا
...
-
ديموقراطية العراق الجديد يضمنها تهميش اللاديموقراطيين
-
يتجسد الواقع الاجتماعي الجديد ما بين تغييرات الثقافة و السيا
...
-
الجوانب الايجابية و السلبية لقرارات هيئة المسائلة و العدالة
-
لماذا التوسل من ما سموها بقوى ( الاحتلال ) حتى الامس القريب
...
-
ازدواجية تعامل الجامعة العربية مع القضايا العامة
-
هل الخلافات بين القوى العراقية مبدئية ام مصلحية؟
-
كافة المؤسسات بحاجة دائمة الى الاصلاح و التغيير
المزيد.....
-
شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
-
مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
-
زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
-
هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على
...
-
رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز
...
-
وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات
...
-
مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر
...
-
البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها
...
-
بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
-
هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟
المزيد.....
|