|
هل الخلافات بين القوى العراقية مبدئية ام مصلحية؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2883 - 2010 / 1 / 9 - 22:28
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
من المعلوم و الواضح للجميع ان الوضع السياسي العام و ما تتسم به اية منطقة من الصفات الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية و الاخلاقية خاضعة لمجموعة من العوامل المؤثرة عليها من كافة الجوانب ، منها التاريخ و مافيه و ماترسخ منه من الموروثات و ترسبات المراحل المتتالية له، و ما تفرضه البنى التحتية الناشئة من الشكل و نوع و طبيعة الاقتصاد و الروابط الاجتماعية من العادات و التقاليد و الافكار و الخصائص التي تميز المجتمعات عن غيرها. و لكن الظروف السياسية و ما تترب منها كثمرة او نتاج المعادلات العامة المتفاعلة مع بعضها من المراحل التاريخية المتعاقبة و ما يفرضه الوضع الجغرافي و مستوى وعي المجتمع و ما يتمخض من الصراعات العامة بين ابناء الشعب من كافة النواحي و بالاخص السياسية و التي ستكون حسب الظروف العامة التي تخص المجتمع سوى كان متمتعا بالاستقلالية و لديه كيان ذات سيادة كاملة او ناقصة ،او يعيش بامان و سلام او ما تخلل تاريخه من الظروف القاهرة او عاش و يعيش مستضعفا و في الهامش و لم يشعر افراده بالمواطنة و ما تتضمنها من الشروط، هي التي تفرض مدى تولد الخلافات المختلفة. ان اهم الجوانب المؤثرة و المتاثرة بالواقع من جميع نواحيه هو الصراعات السياسية و طبيعتها و ما ينبثق منها خلال عمل الاحزاب و التيارات و الاشخاص و ما يحملون من الافكار و العقائد المختلفة و ما يتسمون به من الايديولوجيا و و الفلسفة. و من بين تلك العوامل الحاسمة و المهمة التي تؤثر على الوضع العام للمجتمع هي الصراعات الفردية و العلاقات السياسية بين القوى و الجهات و القادة سوى كانت في مرحلة النضال بجميع اشكالها او في حال الاستقرار و الامان و في مرحلة تحققت فيها الاهداف و الامنيات و الشعارات ،وضمنت المصالح العليا الهامة المحددة لمسيرة الموقع و ما تنتج في خضم العمليات المتعددة في السياسة العامة للبلد من الاخطاء و ما تفرضه المصالح الشخصية و الصفات الخاصة بالبعض من النرجسية و الطبيعة الخلقية و الارادة و المميزات و الاختلافات في العقليات عند العمل و التوجه بين القادة و القوى ، مع العوامل و المسببات الثانوية الاخرى التي ستبرز و تكبٌر الخلافات و تكون حادة في بعض الحالات و حسب الارضية و الدوافع و منها تكون سياسية بحتة كما نحس بها اليوم في اكثريتها او فكرية و هذه نادرة و ستكون مثمرة في اخر المطاف، او ايديولوجية او شخصية نابعة من الجذور الانانية و الذاتية، و هذه اكثرها ضررا بالشعب و القضية و مستقبل الاجيال ،و اوسعها انتشارا. و ما تنتج من خلال الرفقة النضالية و العمل المشترك بين القادة المختلفين في الطبع و الصفات و التربية و الاعتقاد و التعامل مع الاحداث، و ما يحملون من النظرات الى المواضيع العامة و الخاصة المختلفة و الرئيسية سينعكس سلبا على القضية بشكل كبير،و ستبرز من الاختلافات اثناء العمل و تتراكم لتصل الى الخلافات، و ما تكرسها و تقويها هي الصفات و الاخلاقيات الشرقية و ما يتمتع بها الانسان الشرقي من الكبرياء و الغيرة و العاطفة و ردود الافعال و الانفعال، و ما يصعب تطبيع الاوضاع و الذي يفرض بقاءه لمدة طويلة دون حلول و يمنع اعادة المياه الى مجاريها، و تبدا من الخلافات السياسية و ما تفرزه الصراعات و ما تصطحبها من الصفات المغايرة للقادة عن بعضها و من ثم تتطور و تتخللها تعقيدات تصعب فكها او حلها، مما يجعلها ان تبقى معضلة امام المسيرة السياسية التي تتوقف عليها حياة المجتمع بشكل عام. و من هنا تبدا التكتلات و التوافقات و حتى المساومات بين مكونات الحزب او التيار او منظومة او تركيبة واحدة حاملة لفكر و عقيدة و مباديء و اهداف و شعارات موحدة وفلسفة مشتركة، و تصل الخلافات لحد الموآمرات و التسقيط و التخوين بين الاطراف و الشخصيات و التكتلات. فكيف الحال ان كانت الخلافات بين حزبين و فكرين و عقيديتين و توجهين و مصلحتين مختلفتين، سوى كانت في مرحلة النضال التي لا تحوي ما تتسم به الدولة اثناء الاستقرار و الامان و من ملذات السلطة في حال التحرر و ادارة البلد و ما فيها من المصالح المختلفة العديدة و التي تفرض العديد من الخطوات و الخطط للنيل بها امام الجهات الاخرى، و للوصول الى المرام و التمتع بها و الاستاثار بمواردها و امكانياتها كما هي نوايا القوى كافة في الصراعات الشرقية. بالقاء النظرة الفاحصة على الخلافات الظاهرة على الساحة السياسية العراقية بعد سقوط الدكتاتورية و خلال المراحل المتنقلة و لحد اليوم، اننا نلتقي بمختلف التوجهات و منها معاكسة تماما لبعضها البعض و منها حادة و متضاربة ، الا ان نوعية الخلافات مختلفة الشكل و الاهداف و الاغراض و الاسباب . بما ان الساحة تحوي على هذا الكم الهائل من الجهات السياسية و التي لا يمكن التميز بين اكثريتها الا بصعوبة من حيث التركيب و الفكر و الايديولوجيا ، لذلك يمكن توضيح الامور الخلافية استنادا على الواقع و الخلفية السياسية و الفكرية و المصلحية للجهات المتصارعة. بما ان الجهات و الاحزاب و التيارات متوازية و متوائمة لطبيعة و تركيبة المجتمع و منبثقة منه، فنجد ان الخلافات الاجتماعية منعكسة ايضا عليها و مجتمعة مع الخلافات العديدة الاخرى داخل الكيانات السياسية، فمنها خلافات عرقية او مذهبية او دينية و قليل منها فلسفية او مبدئية اذا استثنيناما يحمله العلمانيون و الليبراليون الجدد الذين لازالوا في طور لا يسمح له ثقلهم و امكانياتهم و تاثيراتهم المتواضعة من تنافس الاخرين في هذه المرحلة، لذا الخلافات الشديدة لازالت بين القوى المناضلة المختلفة التي لها التاريخ العريق من مقارعة الدكتاتورية و نضالاتها مليئة مخضبة بالدم و بين القوى الاخرى المنبثقة من الواقع الجديد و هم من مخلفات العصر السابق و لملمة من المتضررين من المستجدات و من بقايا فتات النظام الدكتاتوري التي بقت لحد اليوم بفعل الظروف ، او من خالفه في لحظة ماو اليوم يحن اليه او من كان يعيش في ظل حكمه و لم يهتم بامور التحزب و يتنازل بكل شيء من اجل مصالحه المادية، و يحس اليوم بان عصره الذهبي قد ولٌى . و هذا ما يدعنا ان نعتقد بان الخلافات التي يمكن ان نسميها بالفكرية بين الجهات ليست بالقوة التي يمكن ان تؤثر على العملية، بينما الخلافات السياسية التي تتدخل فيها القوى الاقليمية و الداخلية و العالمية هي التي يمكن ان تكبر الثغرات الموجودة بين فئات المجتمع. اما ما نتلمسها من الصراعات الانية و ما تنبثق منها من الخلافات المؤقتة بين القوى المتقاربة من بعضها هي نتيجة طبيعية لصراعات سياسية محدودة ليست الا خلافات مصلحية ايضا سوى كانت حزبية او شخصية و نتيجة منافسات بين الاقربين للوصول الى السلطة ، و لا يمكن اعتبارها بالخلافات العقيدية الفكرية ، كما هو الحال بين الاحزاب و التيارات المنبثقة من مذهب او قومية واحدة ، وتعتمد هذه القوى على التحالفات و الائتلافات و التجمعات المصلحية و المستقبلية و منها المؤقتة التكتيكية لتحقيق اهدافها و لا يفرقها خلاف فكري او فلسفي معين. و من هنا يمكننا ان نصنف الصراعات و الخلافات على اسس مبدئية و فكرية و فلسفية و اخرى مصلحية حزبية شخصية بحتة، و الاولى لها التاثيرات العميقة المباشرة اما الثانية ستكون عابرة حسب العمليات السياسية و المحطات التي تبرز منها تلك الخلافات و ربما تكون سلبية بعض الشيء، و لكن المتضرر الاول في حال اشتدادها و من افرازاتها هو المواطن و الشعب العراقي بشكل عام.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كافة المؤسسات بحاجة دائمة الى الاصلاح و التغيير
-
هل من المعقول ان نحتفل بعيد الجيش في هذا اليوم
-
كيف يختار الناخب افضل مرشح في الانتخابات
-
ايران تغلي و ستكتمل الطبخة
-
المرحلة القادمة تقربنا خطوات من عملية قطع دابر الارهاب
-
استراتيجية عمل القوى السياسية في مجلس النواب القادم
-
تكمن المشكلة في استقلالية العمل او عدمها
-
لمن يصوت الكادح في الانتخابات البرلمانية المقبلة؟
-
هل المهرجانات تستنهض الثقافة العامة للمجتمع ؟
-
هل التصويت في الانتخابات القادمة يكون عقلانيا ؟
-
المحطة الحاسمة لتخطي الصعاب في العراق الجديد
-
لم يخسر الكورد في كوردستان تركيا شيئا
-
ما يحمله المتطرفون يزيحه العراق الجديد
-
الديموقراطية التركية امام مفترق الطرق
-
الحوار منبر لليسار الواقعي ايضا
-
استئصال البعث بمحو فلسفته ومضمونه و اثاره و ليس باشخاصه
-
الجهات السياسية بين الواقع و التغيير المطلوب
-
المعارضة البديلة للحكومة الاصيلة
-
من يستهدف الصحفيين في العراق ؟
-
النظر الى قضية الحوثيين بعيون انسانية بحتة
المزيد.....
-
مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
-
هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال
...
-
مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
-
الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
-
-حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار ..
...
-
اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
-
مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
-
4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
-
سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا
...
-
ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|