أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ييلماز جاويد - عَودَةُ البعثِ . . وعيدُ الجيش















المزيد.....

عَودَةُ البعثِ . . وعيدُ الجيش


ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)


الحوار المتمدن-العدد: 2873 - 2009 / 12 / 30 - 08:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كثر الحديث في الآونة الأخيرة وعلى عتبة ذكرى تنفيذ حكم الإعدام بالطاغية ، عن عودة البعث إلى الحكم . كتلٌ وأحزابٌ سياسية ، البسطاءُ من أبناء الشعب ، كتابٌ ووسائلُ إعلام وقنوات فضائية ، منتمون أو مستقلون . الكلّ يفلسف الموضوع بالإستناد إلى ما يملكه من معطيات والأغراض التي تخدم أجندته أو مدى إستيعابه للظروف الموضوعية والذاتية حول إمكانية عودة البعث .

لا يزال الوعي سطحياً بصورة عامة بالمقصود بالبعث !! هل المقصود الجماهير العربية الحاملة للحس والشعور القومي والمؤمنة بالمبادئ الشريفة الداعية إلى وحدة الأمة العربية المناضلة من أجل رقيّها وتبوّئها المكانة التي تستحقها بين الأمم ؟ أم المقصود بها الشلّة التي تقمصت رداء حزب البعث ثم سيطرت على الحكم بقيادة الطاغية صدام حسين وفرضت دكتاتورية بوليسية إرهابية ؟؟

بعد محاولة إغتيال عبد الكريم قاسم في عام 1959 وهروب صدام حسين إلى القاهرة ، بدأت صفحة جديدة في حياته . تمّ وضع الخطط لعودته إلى العراق . بعد إنقلاب شباط 1963 والإنقلاب الذي قام به عبد السلام عارف في تشرين الثاني من نفس العام ، بدأ النظام تصفية تنظيمات حزب البعث مما أدى إلى إعتقال صدام حسين . وفي عام 1964 تمكن صدام من الهرب من سجنه و بدأ بإعادة تنظيم الحزب وأصبح في قمة الهرم التنظيمي ، وبات الآمر الناهي في إتخاذ قراراته . تمكن صدام حسين من بناء الجهاز العسكري الصدامي تحت قيادته وخطط ثمّ قاد إنقلاب 17 – 30 تموز وكان جميع الذين شاركوه في ذلك إمّعةً يملي عليهم أوامره ، منفذون ، لا رأيَ لهم في إتخاذ القرارات ، رغم تمثيلهم وجوهاً تلبس قناع الديمقراطية كذباً ، حيث تعقد الإجتماعات وتتخذ القرارات بالإجماع بما يراه هو.

أصبح حزب البعث بهيكله التنظيمي وإتساع الفكر السياسي بين أعضائه ، وعلى الأخص بين قادته من الشباب المتنوّر عائقاً لخطط صدام في فرض نظامه الدكتاتوري الفردي ، ولذلك باشر بتصفية خصومه داخل الحزب بإغتيال بعضهم ، وقتل الآخرين ، ثم إعدام الكتلة الكبيرة من أعضاء القيادة القطرية عند تسلمه الموقع الأول في الحكم . لم يهدأ بال صدام بتصفية خصومه القياديين في الحزب بل كان يعتبر الحزب بهيكله التنظيمي خطراً يهدده ، فتآمر على الحزب بأن قام بإلغاء دوره كحزب سياسي له هيكله التنظيمي بتصريحه " أن البعث ليس حزباً بل حركة جماهيرية ، فالمخلص من أبناء الشعب بعثيٌّ وإن لم ينتمي " ، وحمّل جميع أعضاء الحزب السابقين مسؤولية مراقبة النشاطات المناوئة لسلطته ورفع التقارير عنها ، حيث جعل العقوبة مضاعفة على البعثي في حالة عدم التبليغ عن أي نشاط مناوئ .

بعد أن تمكن صدام من حزب البعث ، وجعل الأعضاء آلة بيده ، تحوّل إلى خلق الأجهزة التي تمكنه من إدامة نظامه ، فجعل القوات المسلحة حكراً على البعثيين الذين أصبحوا كأفراد أداة طيّعة بيده ، تحت قيادات عسكرية موالية له من أفراد عائلته والمقربين ، بالإضافة إلى شلة إختارها بدقة ليكونوا الأيدي المساعدة لتنفيذ خططه . وهو ليزيد إطمئنانه لهؤلاء كلّف كل فرد منهم بإرتكاب جرائم سجلها عليه حتى يضمن ولاءه مخافة كشفها وبالتالي نيل العقوبة جرائها . لم يكتف صدام بتشكيلات الجيش الإعتيادية المتعارف عليها لدى الدول بل شكل أصنافاً عديدة مثل الحرس الجمهوري ، والحرس الخاص وفدائيي صدام لتكون أجهزة رادعة لبعضها البعض مغبّة القيام بأي تحرّك مناوئ ، وجعل الشرطة والأمن أيضاً بأصناف عديدة لنفس الغرض . وفوق كل ذلك فقد كان من مسؤولية أي فرد في القوات المسلحة التبليغ عن أي نشاط سياسي مناوئ وإلاّ يتعرض إلى العقوبة بصورة مضاعفة .

هكذا سيطر صدام حسين على الجيش العراقي وقواته المسلحة ، هذا الجيش الذي يحتفظ أبناء الشعب بصورته البهية وصيته الشامخ من أول فوج تمّ تأسيسه بإسم ( فوج موسى الكاظم ) . أصبح هذا الجيش أداة طيّعة لفرض النظام البوليسي الإرهابي على الشعب من جهة وأداة للعدوان على الدول المجاورة ، مما كلف العراق الكثير من الخسائر البشرية والمادية .

لا يُعتبر قيام الحاكم المدني لسلطة الإحتلال ( بول بريمر ) بحل الجيش والقوات المسلحة ضربة للعراق بالذات ، كما يتصورها البعض من المتوهمين أوتصوّرها أصوات أعداء العراق ، بل كان هذا الإجراء ضرورياً لقطع دابر الإنقلاب العسكري الذي يسمح لعودة صدام ورهطه للحكم , طالما القيادات العليا والمتوسطة فيها موالية له ، وطالما تتحرك الأصابع لتعيد نسج الخيوط التي تقطعت من جراء الإحتلال . ما كان بول بريمر سوى موظف يقوم بتنفيذ أوامر تأتيه من مرجعه ( و لا أناقش هنا ما كان في جعبة تلك المراجع من أغراضٌ أخرى ، والتي لا تحسب ضمن مصالح الشعب العراقي بل مصالح المحتل ) . ولقد كان حلّ القوات المسلحة من قبله كخطوة لتخليص الشعب من جهاز عسكري منظّم ومسلّح يمتلك زمامه صدام . وبهذ فإن هذه الخطوة كانت بحقّ تقليماً لأظافره ونزع الوسيلة التي يمكنه إستخدامها لعودته ثانية ، وبالأخص أنه لم يتم إلقاء القبض عليه في أوائل أيام الإحتلال . إنّ عودة البعث ، والمقصود نظام الحكم الصدامي البوليسي الإرهابي بات مستحيلاً وذلك بسبب تفكك الأجهزة العسكرية التي كان يستند عليها في إدامته لنظامه من جهة بالإضافة إلى إطلاع أبناء الشعب على الحرية السياسية وممارستهم لها بعد توفر ظروفها بعد سقوط النظام ، وبالتالي زيادة وعي الشعب بأنّ النظام السابق كان إرهابياً مقيتاً لا يتمنى عودته حتى أعضاؤه السابقون ، فقد أفلس فكر الحركة الصدامية إفلاساً كاملاً ولا توجد أرضية لعودته ثانية .

أما حزب البعث ؛ التنظيم السياسي الذي كان يمثل مصالح الشريحة المتوسطة من البرجوازية الصغيرة ، جماهيرٌ من أبناء العراق الذين يحملون الشعور القومي العربي ولهم مصالح إقتصادية مشتركة وينتمون إلى شرائح إجتماعية متماثلة كالضباط الصغار في القوات المسلحة وصغار التجار وأساتذة وطلاب المعاهد والجامعات ، كل هؤلاء يمثلون القاعدة الأساسية لحزب يجب أن يكوّن الخيمة التي يستظلون بها . إن وجود المقومات الأساسية لوجود مثل هذا الحزب يجعل محاولات إلغائه مجرّد هراء . فقد يعود البعث ثانية بثوب جديد بعد تغيير إسمه وتعديل أجندته التي أدّت في الماضي إلى تحوّله إلى تلك الآلة الطيعة بيد الطاغية ، وعودته إلى الصف الوطني والعمل السياسي السلمي بنبذه مبدأ الإنقلابية في منهجه وإدانته للجرائم التي أرتكبت بإسمه .

للشعب العربي في العراق الحق للدعوة إلى تحقيق طموحات الشعب العربي من المحيط إلى الخليج ، وله الحق في النضال السلمي لتحقيقها . إن حزباً كهذا لا يمكن القضاء عليه لرغبة فئة ما . وقد أدرك بعض قادة الحركات السياسية العراقية ذلك وبدأوا بإجراء التحويرات في أجنداتهم لإمتصاص وإحتواء هذه الشريحة الإجتماعية التي كانت مستظلّة بخيمة إسمها حزب البعث . فليس سرّاً قيام بعض الأحزاب والحركات السياسية المحسوبة على النظام الجديد بفتح أبوابها لهم ورفعهم إلى مواقع المسؤولية .

لا يجوز لنا تعليق جميع الأسمال على الإحتلال والدولة العظمى المسيطرة عليه . إننا إذ نستقبل عيد الجيش العراقي في هذه السنة لا بدّ من التعرّف على ما فعله النظام الحالي في إعادة بناء القوات المسلحة ، والأسلوب الذي تم به ذلك ، لنُشخّص معدن هذا النظام و مدى إلتزامه بمصالح الشعب . لقد كان المفروض إعادة بناء الجيش والقوات المسلحة على أساس التجنيد الإجباري ، لتمثل فعلاً وحدة الشعب ، ولكن النظام قد سار بعكس ذلك ، فكرّس نظام التطوّع تاركاً الأبواب مفتوحة لرفد القوات المسلحة بالمنتمين إلى بعض الحركات السياسية دون غيرها . وبهذا أصبحت القوات المسلحة مفككة بين ولاءات متعددة للأحزاب والميليشيات ، كل قسم يتحرك بما تمليه عليه أجندة مرجعه . وهكذا أصبحت الحكومة غير قادرة على فرض الأمن رغم مرورسنوات على إستلام أزلامنا المسؤولية من سلطات الإحتلال ( ولو إسمياً ) ، وسوف يستمرّ هذا الحال ما داموا سائرين في غيّهم ، سالكين الفكر الطائفي والعنصري و معتمدين أسلوب التهادن مع الأعداء بإسم التوافق ، مفَرّطين بمصالح الشعب .

بمناسبة تأسيس الجيش العراقيّ البطل في عشرينات القرن الماضي نتقدم إلى كافة أبناء الشعب بأجمل التهاني والتبريكات ، وكلنا أمل أن تعود له عافيته كدرع حصين للشعب والوطن .





#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)       Yelimaz_Jawid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمنُ !! أكاذيبُ مسؤول
- رد على إنقلاب في بغداد!
- تآمُر بلا حَياء
- خانةُ الصّفر
- الكتل السياسية والإنتخابات
- الحقوقُ القومية
- الجماهيرُ هي الأساس
- مَصدرُ الوَحيْ !!!
- صِراعُ المؤتلفين
- التواطُؤ بإسم التوافُق
- حَرَكةُ التاريخ
- دروسُ الحياة
- الحسابُ
- مُكافحة السُّبات
- رأسُ الشليلة
- ثورةٌ فكريّةٌ .. مطلوبة
- وحدة القوى التقدمية
- في ذكرى سقوط الصنم
- الحركة الكردية والمنطق السياسي
- حُقوقُ الشّعبِ


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ييلماز جاويد - عَودَةُ البعثِ . . وعيدُ الجيش