أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد السلام أديب - قراءة نقدية سريعة في مشروع قانون المالية لسنة 2010















المزيد.....


قراءة نقدية سريعة في مشروع قانون المالية لسنة 2010


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 2832 - 2009 / 11 / 17 - 09:30
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


توطئة
لا يختلف مشروع القانون المالي لسنة 2010 عن القوانين المالية التي تضعها الحكومات المتعاقبة منذ عقود، سواء من حيث طابعه الأورتودوكسي الهادف الى تحقيق التوازن المالي على حساب التوازنات الاقتصادية والاجتماعية وما يستتبع ذلك من توجه انكماشي نظرا لعدم تشجيعه الكافي للسوق الداخلي، أو من حيث تغليبه لمصالح الطبقة الرأسمالية من خلال مختلف الامتيازات المخولة لها على حساب العمل المأجور سواء في القطاع العمومي أو القطاع الخاص.

وفيما يلي قراءة نقدية سريعة لأهم محاور مشروع القانون المالي لسنة 2010 وحيث سنتطرق للنقاط التالية:

1 – سياق مشروع القانون المالي
2 – تقدير أهداف مشروع القانون المالي
3 – حدود الإنفاق العمومي لتنفيذ أهداف مشروع القانون المالي
6 – حدود الموارد العمومية لتنفيذ مشروع القانون المالي
7 – انعكاسات مشروع القانون المالي

أولا: سياق مشروع القانون المالي لسنة 2010

إن مشروع القانون المالي الحالي الذي يعتبر ثالث قانون مالي في حكومة عباس الفاسي التي تعتبر فاقدة للمشروعية السياسية نظرا لتنصيبها في ظل مقاطعة حوالي 83 في المائة من المغاربة للانتخابات الشريعية لسنة 2007، يأتي أيضا في ظل تراجع العمل السياسي النبيل لدى الأحزاب السياسية نظرا لتخلفها عن مساندة الطبقة العاملة التي تعرف يوميا تسريحات جماعية وانتهاكات جسيمة لمدونة الشغل وللحريات النقابية. وأضيف هنا تخلف المركزيات النقابية عن تنظيم الطبقة العاملة والدفاع عن مصالحها المادية والمعنوية.
ان السياق الدولي الذي يوضع فيه مشروع القانون المالي يتسم بتزايد التوترات الاقتصادية والاجتماعية وانتقال الفترة الفاصلة بين الأزمات من 10 سنوات الى 5 سنوات (73-1979 ، 88-1997 ، 03-2007) حيث زعزعت هذه الأزمات بنيات النظام الرأسمالي على مستوى النمو والانتاج والتوزيع واغلاق الشركات وانصهارها والتسريحات بالملايين للعاملات والعمال وتراجع الدخل الفردي وتجميد المداخيل وانتشار البطالة وانتشار سوء التغذية والأمراض الفتاكة وتفاقم المديونية وتكريس الخوصصة وتراجع الطلب العالمي والتجارة العالمية وتدهور عائدات العمال المهاجرين، ونتيجة لتواتر الأزمات المالية والاقتصادية تزايدت مطالب رأس المال لتقليص مكتسبات الطبقة العاملة ومطالبها لدول العالم الثالث من أجل المزيد من فتح اقتصادها على رأس المال الدولي مع مزيد من خوصصة مرافقها العمومية وتجميد الأجور وفرض المزيد من مرونة مدونات الشغل من أجل ما يسمى بربح التنافسية الدولية.
إن هذا الوضع الدولي يعتبر مرشحا للمزيد من التردي حيث سيواصل نمو الاقتصاد العالمي انكماشه فلن يتجاوز في أحسن الأحوال 2 في المائة، كما لن يبرح نمو الاقتصاد الأمريكي معدل 1 في المائة كما لن يتجاوز نمو منطقة الأورو نسبة 0,3 في المائة كما لن يتجاوز نمو اقتصاديات الدول الصاعدة نسبة 2 في المائة نظرا للارتباطات القائمة بين الاقتصاد الرأسمالي العالمي المتأزم ، كما لن تتطور التجارة الدولية بأكثر من 2 في المائة نظرا لاستمرار تراجع الطلب العالمي، وقد يؤثر كل ذلك على سعر برميل النفط ليبقى في حدود 60 دولار وذلك الى جانب استمرار انخفاض قيمة الدولار مقارنة بالأورو

وهنا يمكن التنويه الى أن توقعات الحكومة بشأن وضع الاقتصاد الدولي السنة المقبلة يعتبر متفائلا أكثر من اللزوم.
أما بالنسبة للسياق المحلي لمشروع القانون المالي لسنة 2010، فمعلوم أن المغرب لا زال يتراوح في ظل الازدواجية الاقتصادية بين اقتصاد عصري في المدن الساحلية واقتصاد عتيق في المدن الداخلية، مما يؤدي طبعا نحو توجه كلي للاقتصاد المغربي نحو الخارج وهو ما يعمق هشاشتنا اتجاه تقلبات السوق الدولية
كما لا زالت السياسة الاقتصادية تراهن على رؤوس الأموال الأجنبية ومنحها اغراءات مهينة للشغيلة المغربية ومع ذلك لا تستجيب رؤوس الأموال لتلك الإغراءات، نظرا لأنها تطلب المزيد من الامتيازات، لذلك نلاحظ مسارعة الحكومة لعرض عشرة مؤسسات عمومية للبيع خلال السنة المقبلة، وتسجل عائدات خوصصتها مسبقا في موارد مشروع الميزانية (أربعة مليار درهم) فإذا لم نحتسب هذا المبلغ سيقفز حجم عجز مشروع الميزانية العامة.
ان افتراضات الحكومة بخصوص السنة المقبلة يمكن اعتبارها غير واقعية سواء بالنسبة للقطاع الفلاحي حيث وضعت الحكومة افتراضا متفائلا جدا وهو (70 مليون قنطار) كمحصول زراعي لسنة 2010.
نفس الشيء بالنسبة للأنشطة غير الفلاحية خصوصا منها تلك الموجهة للتصدير، حيث ليس من المتوقع أن يحقق القطاع الثاني نموا مهما بسبب استمرار انحسار الطلب العالمي بسبب الأزمة.
أما بالنسبة للسياسات البديلة للحكومة والتي تؤكد على تركيزها على تنمية السوق الداخلي من خلال، استثمار الإنتاج الجيد في القطاع الفلاحي وتنفيذ مقتضيات الحوار الاجتماعي والزيادة المستمرة في القروض الممنوحة للاقتصاد، فإنها بالإضافة إلى كونها غير كافية تعتبر أيضا غير واقعية، لأن العوامل التي تمت المراهنة عليها ستؤدي الى الركود والانكماش بدلا من تنمية السوق الداخلي، فانتاجية القطاع الفلاحي لا يمكن المراهنة عليها، كما أن الحصيلة الزهيدة للحوار الاجتماعي لن تضيف للرواتب والأجور سوى زيادات ضئيلة ستشكل فرصة اخرى لاشعال فتيل الزيادات في الأسعار وتدهور أكثر في القدرة الشرائية. ثم إن ميكانيزمات الاقتراضات ستزيد من تآكل الأجور والمرتبات، من هنا يمكن القول أن هذه السياسة ستصطدم بفشل ذريع، ومن المتوقع أن ندخل في فترة ركود خطيرة مع بداية سنة 2010. علما أن الصادرات الصافية ستواصل تحقيق نتائج ضعيفة.


ثانيا: تقدير أهداف مشروع القانون المالي لسنة 2010

تتطرق مذكرة تقديم مشروع القانون المالي الأهداف المحورية للميزانية المقبلة فتحددها في دعم النمو الاقتصادي للبلاد لإحتواء تداعيات الأزمة العالمية؛ والرفع من وثيرة الإصلاحات وتسريع إنجاز السياسات القطاعية على أساس توزيع مجالي أكثر توازنا بغية تعزيز جاذبية وتنافسية الإقتصاد الوطني؛ وتعزيز التضامن الإجتماعي عبر تثمين الموارد البشرية وتحسين استهداف الساكنة الأكثر خصاصا وتحسين ظروف العيش بالعالم القروي والمناطق الجبلية.

لكن من خلال تحليل الاجراءات التي بواسطتها ستعمل الحكومة على تجسيد هذه الأهداف على أرض الواقع سنلمس مدى الأهمية والامتيازات المتعددة التي تمنح للقطاع الخاص المغربي والأجنبي زذلك على حساب الطبقة الكادحة أينما وجدت، ونظرا للامتيازات المهمة التي تخولها الحكومة للرأسمال المحلي والدولي بدعوى مواجهة الأزمة وما سيستتبع ذلك من تسريحات وغلاء الأسعار وتشديد استغلال اليد العاملة، نفهم لماذا قامت الحكومة ببعض التنازلات الضريبية في مجال الضريبة على الدخل لأنها ستبرر بها موجة الزيادات في الأسعار التي ستنطلق مع بداية السنة، بل أن العض منها بدأ منذ الآن والنموذج الحي هي تلك الزيادة التي اتفق عليها عمدة الدار البيضاء مع شركة ليديك لتوزيع الماء والكهرباء، ان مشروع القانون المالي الحالي سيشكل قمعا اقتصاديا للطبقة العاملة نظرا لفراغه من أي تعزيز للقوة الشرائية سواء بالنسبة للطبقة العاملة أو بالنسبة للطبقة الوسطى والتي تخضع لتضريب قوي حيث تنتقل المعدلات الضريبية من شريحة الى أخرى بعشرة نقاط بينما المداخيل الكبرى هي المستفيدة في الواقع من تخفيض السعر الأعلى.

ثالثا: حدود الإنفاق العمومي لتنفيذ أهداف مشروع القانون المالي

تعاني النفقات العمومية التي تدعي الحكومة أنها ستحقق بواسطتها عددا من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، من اختلالات هيكلية، واختلالات أخرى تتعلق بتوزيع الاعتمادات:
فالاختلالات الهيكلية للإنفاق العمومي تتمثل في استمرار التفاوت بين نفقات التسيير والاستثمار والمديونية الداخلية والخارجية، حيث تستحوذ نفقات التسيير على حصة الأسد بمبلغ يصل إلى حوالي 137 مليار درهم أي بنسبة 60 % من مجموع النفقات العمومية تم تأتي في المرتبة الثانية ولأول مرة بعد أكثر من عقدين من الزمن نفقات الاستثمار بمبلغ 53,8 مليار درهم ) التي رغم زيادة نسبتها إلا أنها لم تتجاوز 23 % من مجموع الانفاق العمومي بينما تراجعت نفقات الدين العمومي بعد عقود نحو المرتبة الثالثة بنسبة 17 % فقط بمبلغ 38 مليار درهم، منها 31 مليار درهم بالنسبة للمديونية الداخلية(82 %) و 7 مليار درهم بالنسبة للمديونية الخارجية (18 % ).
لكن بلوغ حصة نفقات التسيير زائد الدين العمومي نسبة 77 % يؤكد على أن الدولة تستهلك أكثر مما تنتج، وأن استهلاكها هذا تمتصه الطبقة الحاكمة بالدرجة الأولى على حساب القطاعات الاقتصادية والاجتماعية بدليل نزول بلادنا نحو مرتبة 130 في سلم التنمية البشرية. فقد حافظت الدولة على نفس وثيرة استهلاكها البادخ منذ عقود، لذلك من البديهي أن تعرف عجزا مزمنا ولجوءا متواترا نحو المديونية بشقيها الداخلي والخارجي. وبطبيعة الحال فإن عدم القدرة على سداد الديون ومطالبة الدائنين بجدولتها أو بمبادلة ديونها باستثمارات هو الذي جعلها تخضع للتكييفات الهيكلية التي تفرضها المؤسسات الامبريالية من أجل خدمة مصالحها بينما تحدث عطالة وافقارا شديدين وسط عموم الكادحين.
أما بالنسبة للاختلالات التي تطبع توزيع الاعتمادات على مختلف القطاعات، فيتمثل في توزيع الاعتمادات المالية بين القطاعات الإدارية والسياسية والأمنية من جهة والقطاعات الاقتصادية والاجتماعية من جهة أخرى. فبالنسبة للقطاعات الإداريةوالسياسية والأمنية والتي يمكن وصفها بقطاعات السيادة فتحظى بالأولوية بالأولوية القصوى وذلك على حساب القطاعات الاقتصادية والاجتماعية.

فميزانيات البلاط والداخلية والخارجية والدفاع والعدل والوزارة الأولى والبرلمان والاقتصاد والمالية تصل إلى حوالي 106 مليار درهم وتحظى بالأولوية بينما لا يتجاوز أحد عشر قطاعا اقتصاديا يهم كل من: ميزانيات المحاكم المالية والسياحة والصناعة التقليدية والتجهيز والنقل والفلاحة والصيد البحري والوزارة المكلفة بالشؤون الاقتصادية والطاقة والمعادن والماء والبيئة والصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة والاسكان والتعمير والتنمية المجالية والتجارة الخارجية والمندوبية السامية للتخطيط والمندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، 37 مليار درهم.
من جهة أخرى إذا ما استثنينا قطاع التعليم فإن القطاعات الاجتماعية الأخرى وتشمل ثمانية قطاعات وهي ميزانيات الصحة والشباب والرياضة والثقافة والتشغيل والتكوين المهني والتنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن وميزانية الوزارة المكلفة بالجالية في الخارج والأوقاف والشؤون الاسلامية والمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير فنجدها تصل بصعوبة الى 16 مليار درهم وهذا في الوقت الذي تستفرد فيه وزارة الداخلية بمفردها على نفس الاعتمادات أي بمبلغ 16 مليار درهم وهو ما يؤكد مرة أخرى أولوية الهاجس الأمني على حساب القطاعات الاجتماعية كيفما كان نوعها حتى وإن تعلق الأمر بقطاع الصحة الذي نشاهد كيف يستهدف مخطط اصلاحه في الواقع خوصصة هذا القطاع التدريجي مما سيحوله إلى قطاع طبقي بمتياز كما يحدث الآن بالنسبة للبرنامج الاستعجالي للتعليم الذي يريد الإجهاز على قطاع التعليم وذلك بدون أن تتحرك القوى السياسية والنقابية المتضخمة في بلادنا بدون فائدة.


رابعا: حدود الموارد العمومية لتمويل أهداف القانون المالي

– اختلال المداخيل غير الجبائية
تتكون الموارد العمومية من موارد غير جبائية وأخرى جبائية، وقد عرفت الموارد الأولى تراجعا تدريجيا عبر السنوات، فقد كانت تشكل 15 في المائة من مجموع المداخيل سنة 2005 ثم 14,2 في المائة سنة 2006، وشكلت سنة 2007 نسبة 12 وفي المائة سنة 2008 شكلت 8,5 في المائة، ويعود تراجع هذا النوع من الموارد إلى التفويتات المتواصلة لمؤسسات الاحتكار والاستغلال والمساهمات المالية للدولة، وبطبيعة الحال فإن عائدات الخوصصة والقروض والهبات التي تعتبر ذات طابع استثنائي تعتمد هنا عادة لسد عجز الميزانية العامة.
وهنا يمكن ملاحظة تسجيل الحكومة لأربع مليار درهم في هذا الاطار كعائدات خوصصة حوالي عشر مؤسسات عمومية رغم أن هذا البيع قد لا يتم، وهو ما سيرفع من نسبة العجز أو يقلص من طموحات الانفاق العمومي المعبر عنه. ويبدوا أن الحكومة عند اتخاذها لقرار خوصصة عدد من المؤسسات المربحة لم تعتبر مدى حيوية واستراتيجية هذه المؤسسات، بل خضعت في قرارها لهاجس التوازنات المالية والضغوطات التي يمارسها رأس المال على الحكومة من أجل خوصصة المقاولات العمومية وتحريك مضارباتها في بورصة الدار البيضاء التي تعيش مراحل من الهبوط الحاد في أسعار أسهم الكثير من الشركات.
ويتوقع أن تبلغ الموارد غير الجبائة ما يقرب 17,3 مليار درهم، مسجلة بذلك ارتفاعا بنسبة 6,2 في المائة وممثلة 10,4 في المائة من مجموع الموارد العادية، وذلك بالرغم من تراجع موارد الاحتكار التي تقدر ب 9,3 مليار درهم، أي بانخفاض بنسبة 9 في المائة مقارنة مع مستواها خلال سنة 2009.
وتجدر الاشارة هنا أنه في الوقت الذي ستنخفض فيه الاقتراضات الداخلية من حوالي 48 مليار درهم سنة 2009 إلى حوالي 32 مليار درهم سنة 2010 بانخفاض نسبته 33,78 في المائة، فإن الموارد المتأتية من الاقتراض الخارجي ستنتقل من 12,5 مليار درهم إلى 15,6 مليار درهم، وهو ما يشكل زيادة بنسبة 24 في المائة.

- اختلالات عائدات الضرائب على الإنفاق
عندما نتحدث عن الضرائب على الانفاق فإننا نعني بها تلك الضرائب التي تفرض عند شراء خدمة أو سلعة، وهي بطبيعة الحال تختلف عن الضرائب على الدخل، التي يسددها المكلف بالضريبة عند حصوله على الدخل كيفما كان مصدره.
ونجد في مجال الضرائب على الإنفاق والتي لا تميز بين الغني والفقير كل من الرسوم الجمركية والضرائب غير المباشرة ورسوم التسجيل والتمبر، وأهم هذه الضرائب في مشروع القانون المالي هي الضرائب غير المباشرة بمبلغ اجمالي يبلغ حوالي 61 مليار درهم، مسجلة ارتفاعا بنسبة 6,6 في المائة مقارنة مع سنة 2009. ومن بين هذه الموارد، ستبلغ موارد الضريبة على القيمة المضافة 41,5 مليار درهم، أي بزيادة بنسبة 7 في المائة بسبب ارتفاع عائدات الضريبة على القيمة المضافة الداخلية بحوالي 1,1 مليار درهم وموارد الضريبة على القيمة المضافة عند الاستيراد بقيمة 1,6 مليار درهم.
إن هذه الضرائب يتحمل عبئها النهائي المستهلك من أفراد وأسر، ويبدوا أن ارادة اصلاح الضريبة على القيمة المضافة تتجه نحو تخفيض المعدلات العليا التي تفرض عادة على المواد الاستهلاكية الكمالية وفي المقابل تحاول رفع المعدلات المخفضة على المواد والخدمات الأساسية، وهو ما يخفي نية اختزال المعدلات الأرب الحالية في معدلين اثنين فقط، هما 10 في المائة و20 في المائة، لكن انعكاس هذا الاصلاح سيشكل كارثة عظمى على استهلاك منعدمي الدخل وذوي الدخل المحدود، خصوصا وأن الأجور لا تساير التضخم المفتعل بواسطة الضريبة.
ويبدوا أن الرفع من غاز النفط والهيدروكربورات الغازية الأخرى وكذا زيوت النفط أو الصخور. من 7 في المائة إلى 10 في المائة، سيشكل رافعة للزيادات في أسعار مختلف المواد والخدمات الأخرى.

إن تعامل الميزانية العامة مع الأصناف من السلع والخدمات ضل دائما يتسم بالحيف على مستوى السلع والخدمات واسعة الاستهلاك نظرا لحيويتها للمواطنين ونلاحظ كيف تحاول الدولة رفع الضرائب على هذا النوع نظرا لأنه عديم المرونة وتستهلكه أوسع فئات المجتمع مما يحقق للدولة مداخيل كبيرة تعوضها عما تفقده من مداخيل نظرا للاعفاءات التي تجريها على الرسوم الجمركية وسلع التجهيز والسلع الكمالية، لكنه في المقابل يشكل ضغطا جبائيا ثقيلا على كاهل ذوي الدخل المحدود.
تشير المذكرة التقديمية إلى أن الضرائب المباشرة قد تراجعت مقارنة مع الضريبة على الدخل لكن في الواقع يجب احتساب مجمل الضرائب على الانفاق، وعلما أيضا أن حصة الجماعات المحلية من الضريبة على القيمة المضافة لا تحتسب في الميزانية العامة بينما هي في الواقع تشكل جزءا هاما من العبء الجبائي الذي يتحمله ذوي الدخل المحدود.

- اختلالات الضرائب على الدخل
لا يقتصر الاختلال على الضرائب على الانفاق، بل يتعمق أيضا فيما يتعلق بالضرائب على الدخل والتي تتمثل على الخصوص في الضريبة على الدخل التي بلغت في مشروع القانون المالي لسنة 2010 حوالي 25 مليار درهم مقابل حوالي 29 مليار درهم سنة 2009 والضريبة على الشركات التي بلغت حوالي 39 مليار درهم مقابل حوالي 43 مليار درهم. ويرجع تراجع هذين الضريبتين للتغييرات التي أدخلت على معدلاتها، ثم بالنسبة للضريبة على الشركات يعود السبب لطريقة احتساب الضريبة، حيث لا زالت تتوفر الشركات على عدة وسائل للافلات مت التحصيل أو التقليص من قيمة الضريبة الممكن أدائها.
ان الاختلال قد نلاحظه داخل الضريبة على الدخل من حيث كيفية التعامل مع المصادر الاقتصادية المختلفة للضريبة، فالتعامل مع المرتبات ة الأجور ليس هو نفس التعامل مع الأرباح المهنية، كما أنه ليس هو نفس التعامل مع الأرباح العقارية وعائدات الفلاحين الكبار، فبينما هناك حيف مشبوه لفائدة كبار الملاكين العقاريين والفلاحين الكبار الذين يعتبرون معفيين من الضريبة الى غاية 2013 فإن الأرباح المهنية التي تستند أساسا على التصريح بالمداخيل تمكن المكلفين بالضريبة من التملص منها، لكن أصحاب المرتبات والأجور من موظفين وعمال فتقتطع الضريبة منهم عند المنبع وبمعدلات ضريبية تنتقل عند الشرائح الوسطى بعشرة نقط، بينما المداخيل الكبرى فتستفيد من معدلات دنيا.

خامسا: انعكاسات مشروع القانون المالي

أن توجهات مشروع القانون المالي والاختلالات العميقة التي تشوه بنيته في اتجاه يشوبه الحيف لفائدة رأس المال على حساب العمل، ولفائدة القطاعات الأمنية والسياسية على حساب القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى قيامه على منظور انكماشي يعاقب السوق الداخلية بدلا من الارتقاء بها، من خلال تجاهل مطالب المركزيات النقابية في رفع الحد الأدنى للأجر نحو 5000 درهم، وتطبيق قانون الشغل لفائدة العاملات والعمال، وايقاف سيل التسريحات، بدلا من السماح للشركات التي تدعي تأثرها بالأزمة من تسريح الآلاف من العمال.
إن اعتماد مشروع القانون المالي سيكرس وضعية الأزمة التي تعيشها الطبقة العاملة وسيمكن البرجوازية المتعفنة من تشديد استغلال هذه الطبقة وحل تناقضاتها على حسابها، ثم إن كل ذلك لن يمنع من الزيادات الصاروخية في الأصعار لكونها أصبحت منهجية سياسية تلجأ اليها الحكومة كلما قربت المواسم التي يصعب على المغاربة تقليص استهلاكاتهم كنهاية الصيف وفترة الدخول المدرسي وبعض الأعياد الدينية، لذلك تتحدث الحكومة عن تحقيقها لنتائج هامة في عائدات الضريبة بسبب نشاط استهلاكي غير عادي للأسر.
إذن من المرتقب خلال السنة المقبلة أن تعرف بلادنا توترات تضخمية في البداية تم يتبعها نوع من الركود والانكماش تم بالتالي الدخول من جديد في الأزمة.
إن النظام الرأسمالي بلغ حدوده التاريخية، فلا بد من وجود قوى تؤمن بالاشتراكية لكي تشرع في هذا التغيير والذي لن يتأتى خارج قيادة ثورة شعبية ديموقراطية اشتراكية.





#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دردشة في مرتفع مالاباطا المطل على مدينة طنجة
- إدانة واحتجاج لإنعقاد ما يسمى بمنتدى المستقبل بالمغرب
- جميعا من أجل مناهضة المشروع الأمريكي الامبريالي “منتدى المست ...
- شعوب العالم تحتاج للطعام لا للتطعيم ضد انفلونزا الخنازير
- الطبقة العاملة تتعرض في العاصمة الرباط للإهانة والاستغلال
- دردشة مع صديقي الاتحادي
- القروض الاستهلاكية وأزمة الطبقة الكادحة
- أزمة صناديق التقاعد
- ارتفاع الأسعار، الأسباب وآليات المواجهة
- الغلاء ونضالات تنسيقيات مناهضة الغلاء
- المخلفات المأساوية للأزمة وآفاق التجاوز
- تفريغ الأزمة على حساب الطبقة الكادحة
- عقد من الأداء الاقتصادي، أية حصيلة؟ 1999 - 2009
- تجاوز الماركسية للفكر البرجوازي المتعفن
- تعفن النظام الرّأسمالي العالمي وطابعه الطفيلي يستدعي قلبه
- الأزمة، وضعية العمال وقانون الشغل، الغلاء وحقوق الإنسان
- أزمة الإمبريالية وفرص الثورة البروليتارية
- يا عمال العالم ويا شعوبه المضطهدة انتفضوا
- الصراع الطبقي ووحدة نضال البروليتاريا الجديدة
- إضراب النقل جاء نتيجة للإفلاس السياسي


المزيد.....




- كيف يسهم مشروع سد باتوكا جورج في بناء مستقبل أفضل لزامبيا وز ...
- الشيكل مستمر في التقهقر وسط التوترات الجيوسياسية
- أسعار النفط تتجه لإنهاء سلسلة خسائر استمرت أسبوعين
- -تيك توك- تفضل الإغلاق في أميركا إذا فشلت الخيارات القانونية ...
- المركزي الياباني يثبت الفائدة.. والين يواصل الهبوط
- المغرب يطرح مناقصة لبناء مزرعة رياح بقدرة 400 ميغاوات
- -BHP- للتعدين تريد شراء -أنغلو أميركان- مقابل 39 مليار دولار ...
- الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع
- مساهمو بيانات والياه سات يوافقون على الاندماج لإنشاء SPACE42 ...
- -ألفابت- تتجه لتجاوز تريليوني دولار بعد أرباح فاقت التوقعات ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد السلام أديب - قراءة نقدية سريعة في مشروع قانون المالية لسنة 2010