|
الاسلام و ظواهر المجتمع ( 2 )
مصطفى العوزي
الحوار المتمدن-العدد: 2751 - 2009 / 8 / 27 - 05:37
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يعتبر امتهان البغاء من أقدم الحرف الإنسانية و التي تعود إلى زمن غابر ، فقد كانت الديانات القديمة توليه اهتماما و احتراما خاصا قبل أن يصبح العمل مدنسا و محتقرا ، فقد كان هناك ما يسمى بالبغاء المقدس إذ كانت إماء معابد" أرمينيا" "وكورنت" و"الهند" يمارسنا البغاء نيابة كل نساء المجتمع ، كما كان يقام حفل خاص لفض بكارة عذراء حيث تمنح فيه الفتاة جسمها لمن منح من السماء و من الإله تحديدا قوة و قدسية الإخصاب و الجنس و بعد ذالك يكون لها الحق في الزواج من أي شخص تشاء . و مع مجيء الإسلام أصبحت هناك ضرورة مليحة للإقلاع عن الكثير من هذه العادات السيئة التي تشيء المرأة و تحد من كرامتها و تجعلها سلعة رخيصة تباع و تشترى في الأسواق ، و أيضا لتحدث قطيعة مع حياة المجون و الترف و العبث بالنساء التي ميزت تاريخ الجاهلية و قبائل شبه الجزيرة العربية حيث مهد الرسالة المحمدية ، فوردت النصوص القرآنية صريحة في تحريم الزنا بكل أشكاله و منها قوله تعالى " وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً} [الإسراء:32]. ، فوصف الله عز و جل قبح و شر الزنا بالفاحشة ، و ذالك لما لها من نتائج وخيمة على المجتمع من بينها ، الاعتداء على كرامة المرأة و تبخسها ، اختلاط الأنساب ، و أيضا لما يفرزه البغاء من أطفال الشوارع الذين لا يعرفون أبائهم و لا أمهاتهم ، و فرض الإسلام عقوبات زجرية لكل مرتكب للزنا و متعاطي للبغاء من كلا الجنسين ، و ذلك من خلال قوله عز و جل " {ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِى فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ} [النور:2]. ، و هو من أبراز الحدود في الإسلام إضافة إلى حدي السرقة و القذف . و في مقابل ذلك حثت الشريعة الإسلامية على تقوى الله و الابتعاد عن كل ما من شأنه أن يدفع الفرد إلى ارتكاب الفواحش ، و إدراكا منه لما يمكن أن يقع فيه الشباب من زيغ جراء إتباع الأهواء و الغرائز البشرية فان الرسول صلى الله عليه و سلم حث الشباب على الزواج حالما يستطعون إلى ذالك سبيلا فقد قال عليه الصلاة و السلام " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " ، و ذلك لما يصحب عملية الصيام من إمساك عن شهوتي البطن والفرج و غض للبصر ، و علة مر تاريخ الدولة الإسلامية كانت الزكاة تعطى أحيانا لشباب مقبلين على مرحلة الزواج مساعدة لهم و حفاظا على استقامة سلوكهم بما يضمن لهم تقوى الله عز و جل . و في مقابل هذا يرى الباحث السوسيولوجي المغربي الدكتور عبد الصمد الديالمي صاحب اتجاه الجنسانية، أن عدم دمقرطة الجنس في المجتمعات التي تعاني فئاتها من الكبت _ المجتمعات العربية خاصة _ يؤدي إلى إنتاج ظاهرة اجتماعية مرضية تتجسد في الرجل الإرهابي ، و من تم فان الباحث يحمل دعوة إلى إحداث ديمقراطية جنسية ن و جعل ممارسة الجنس مهنة وفق ضوابط و قوانين و شروط معمول بها ن و عليه يصبح الجنس في متناول جل فئات المجتمع ، و قد بنى الباحث هذا الطرح على أساس نظرية التحليل النفسي عند فرويد _ عالم النفس النمساوي _ الذي يرى أن الطفل أبو الرجل ، حيث تساهم المكبوتات في بناء شخصية الفرد و توجيه سلوكاته . غير أن ما أغفله الباحث الديالمي هنا ، هو أن دمقرطة الجنس بهذا المعنى ستترتب عنها نتائج جد وخيمة ، اولها تكريس الصورة الدونية للمرأة ، و كذا الحط من كرامتها و شرفها ن إذ انه ستصبح هنا مجرد آلة لتلبية رغبة جنسية ، خالية من كل معاني الحب و الشعور العاطفي المتبادل ، كما أن هذا الوضع المتسم بالميوع سيدفع الشباب نحو العزوف عن الزواج و اعتناق حياة الحرية و الطلاق و المجون ، مما ينتج عنه انتشار أزمات نفسية في أوسط شباب الأسر المحافظة خصوصا فئة البنات ، اللواتي يرفضن حياة العنوسة ، و قد أمرنا الرسول صلى الله عليه و سلم بالزواج و التناسل حفاظا على النوع البشري ، يقول عليه الصلاة و السلام " تناكحوا تناسلوا فإني مباهي بكم الأمم يوم القيامة " ، هذا علاوة على أن أي ممارسة جنسية خارج أي إطار شرعي تجعل الكائن البشري شبيه بالكائن الحيواني الذي لا يميز بين هذه و تلك ، المهم إشباع رغباته الجنسية و البيولوجية بتحكيم ضميره الغريزي ، و الإنسان أسمى و أرقى عن تلك الممارسات و عن هته الحياة ن يقول الله عز و جل " لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم " ( سورة التين 4 ) . و عموما فقد حاول الإسلام علاج ظاهرة البغاء من جوانب عدة أولها تحريم تجارة اللحوم البشرية و فرض عقوبات لمن يعمل في ذلك ، إضافة إلى تيسير الطريق أمام الشباب المسلم للزواج و حثهم على ذلك لأن في الأمر حفاظ لكرامة المسلم و المسلمة أولا و قبل كل شيء .
#مصطفى_العوزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاسلام و ظواهر المجتمع ( 1 )
-
موسم الهجرة الى أصيلة
-
غابرييل غارسيا ماركيز ... على خطى الرواية و التقشف
-
جنون و حرائق و سهول
-
العالم الثالث و فن الانتقام
-
العربية ... اللغة و العصر
-
لماذا تقدم الغرب و تاخر الشرق
-
سيجارة مارلبورو
-
الحلوة دي في قفص العولمة
-
هل نحن مجتمع قارئ ؟
-
المرأة : الضحية الاولى للعولمة
-
ستظل الخطيبي في الذاكرة موشوما
-
لصوص دون كيشوت و انتهاكات حقوق الانسان
-
رحلة
-
كسكس شبابي
-
التسول فيه و فيه
-
في مفهوم السلطة
-
نصف قرن على مرور الثورة الكوبية ... فمتى تأتي الثورة العربية
-
معبر مسدود
-
غارة و مات الحراس
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج
...
-
حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين
...
-
قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا
...
-
العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي
...
-
مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى
...
-
مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
-
الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد
...
-
لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة زبدين في مزارع شبعا
...
-
تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون
...
-
“عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|