أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمادي بلخشين - شقاء زوجي (مآذن خرساء 15/48)















المزيد.....

شقاء زوجي (مآذن خرساء 15/48)


حمادي بلخشين

الحوار المتمدن-العدد: 2718 - 2009 / 7 / 25 - 08:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ـــ منذ بلغت الخامسة العاشرة قررت عدم الزواج، قدّرت أنه من الظلم أن أكون سببا في ميلاد طفل تلاحقه الشائعات عن ماضي أبيه الملوث. لن أكون سببا في تعذيب انسان. هكذا قررت ، ثم كيف يمكن لشخص محطم مثلي أن يكون أبا جيّدا ؟ خصوصا و انا دائم الإكتئاب و فاقدا للبهجة وحب الحياة ؟ ففاقد الشيء لا يعطيه فالضم و التقبيل و البسمة والكلمة الحلوة أشياء لا توجد في مخزني، و ليست قابلة بان توجد في يوم من الأيام، ما دمت احمل هذا الرأس المليء بالذكريات القاتلة وهذا الصدرالمشحون بالتوتر والضيق و المرارة. اليس من الإجرام أن أشوه روحا بريئة، و أنقل تشوهاتي النفسية إليها؟ الم اكن ألوم أبي على جفائه و عدم إبدائه أي نوع من العاطفة تجاهي ؟ فكيف أرضى لنفسي معاملة طفـلي بما كنت أكره ان يعاملني به ابي؟ هذا بالإضافة الي عدم مقدرتي على النظر في عيني ولدي وثقتي الكاملة في عجزي عن الدفاع عن نفسي، لو بلغته تلك الشائعات في يوم من الأيام ... كان مجرد التفكير في الإضراب عن الزواج كافيا لأن يزيد اكتئابي حدة، وصدري ضيقا، و يميت في قـلبي كل أمل، و يجعل المستقبل موحشا و مرعبا، كانت الحياة أمامي عبارة عن ليلة شتوية طويلة و باردة وكنت فيها متشردا لا أعرف كيف أمضيها . فالماضي يؤرقني، و الحاضر يعذبني، والمستقبل يذبحني. لم يبق الا الموت منقذا ولكن الموت لم يأت أبدا... كانت الحياة تمضي بطيئة و مزعجة و مثقلة بالآلام و المرارة، عندما بغت السابعة عشر وجدت نفسي أحب فتاة. كان في إمكاني مصارحتها بذلك الحب، لكنني كنت أشد إصرارا على تنفيذ رغبتي في" لا زواج في المستقبل" لأجل ذلك كان ذلك الحب أخرسا بالميلاد ... كمآذن أوسلو الخرساء .
ــ كيف تيقنت انك تحبها ؟
ــ كانت آخر من أفكر فيها قبل النوم، كما كانت صورتها أول من يخطر ببالي عند النهوض .و كنت أصاب بتوتر وقلق شديدين لو مر يوم واحد دون أن أراها. و لم أتخيلها عارية قط. كان حبا حقيقيا .
وافقت رشيدا في الحال:
ـــ تلك هي أعراض الحب الحقيقي
ــــ لماذا أحببتها، مالذي أعجبني فيها لست أدري. كانت فتاة عادية لا تشد انتباه أحد . بقيت معذبا طيلة خمس سنوات مدة حبي لها....لم أفكر ابدى بالزواج بها ثم استعمال واقي الذكر لتجنب الحمل لأن في ذلك أنانية لا أرضاها و حرمانا لها من حق الأمومة .
ــ أي ضمير لعين تحمل يا صديقي رشيد, لم يبق له الا لومك عن ضحايا الحربين العالميتين الأولى و الثانية معا .
ـــ بعد خمس سنوات تبخر ذلك الحب تماما... فجأة كففت عن التفكير فيها قبل و بعد النوم و ما بين اليقظة و المنام . كما لم اعد اهتم أرأيتها أو لم أرها . كيف حدث ذلك الله وحده يعلم .. المؤكد عندي ان الحب يموت ايضا .

حين كنت في السابع و العشرين استدعاني صديقي كمال الي بيتهم بمناسبة حفلة عرسه، أثناء الزيارة قدم لي أخته سمية ، فتاة في العشرين، جميلة الي حد غير معقول . قال لي" هذه فتاة تصلح بك ". لما كنت خجولا لم اقل لا ، خطبتها دون ان الغي من ذهني مشروع العزوبة الدائمة... بقيت أتحين الفرصة المواتية لأجد التبرير المناسب لإبطال الخطبة بكيفية لا تجرح صديقي كمال ، كلما زاد يوم زاد تعلقي بها .
ـــ هل أحببتها أيضا ؟
ـــ لا... لم أحبها.. كانت فقط مجرد شيء جميل. كانت باردة و خالية من الروح كزهرة صناعية.عاملتها بفظاظة كي أحملها على أخذ مبادرة فسخ الخطبة دون أن أقع في حرج مع أخيها . لم اكن اعتقد ان ذلك القرار سيأتي مستعجلا... حين قررت هي فسخ الخطبة، لم أكن مستعدا لذلك، أصبت بكآبة إضافية ...أدركت بعد سنوات عديدة، أن نفسيتي المشوهة كانت مصابة بالميلاد بمرض اسمه " الإضطراب الحدّي، المصاب بهذا المرض يعاني ألما نفسيا مروعا لمجرد التفكير في هجران أحد تعوّد عليه. لقد كنت من صنف ذكره الشاعر حين قال : خلقت ألوفا لو رجعت الي الصبا / لغادرت شيبي موجع القلب باكيا .... عشت أياما رهيبة من التوتر و المرارة. لم أكن استقر في مكان، لم اكن أطيق لا قياما ولا قعودا ... حينما فكرت في إمكانية الإقتران بمطلقة عاقر قررت الزواج . سأجد امراة منكوبة تشاطرني الم الحياة و تؤنس وحدتي المدمرة. إمراة لا أمل لها في الإنجاب .امراة أنقذها من وحدة قاتلة و تنقذني من حياة موحشة، كلفت زوج شقيقتي الذي يعمل ببلدية عنابة بالتنقيب في سجلات عن إمراة طلقت بسبب عقمها، .بعد شهر قال لي وجدت لك واحدة لم تـنجب بعد خمس سنوات من الزواج ... سالت تلك السيدة التي أصبحت فيما بعد زوجتي " ألم تستعملي أي وسيلة منع حمل ؟" قال" أبدا ". لمزيد طمأنتي، أخبرتني أن زوجها السابق كانت له عشيقة أنجب منها طفلا. العيب إذن ليس في زوجها صدّقتها. كانت جميلة و لكن ليس بمقاييسي لا باس... تزوجنا. بعد شهر واحد اكتشفت انها حامل و قبل اقل من ثلاثة اشهر من ذكرى زواجي الأول، كانت لي ابنة معاقة، و حياة زوجية أشد إعاقة .. كنت متأكدا من عدم مقدرتي على فراق الزوجة المحتالة، لإصابتي بتلك العاهة الرهيبة التي تجعلني أتعلق بأي شخص عاشرته، حتى لو كان جلادّي. تأكدت أيضا من عدم قدرتي على مفارقتها، بعد اكتشاف غيرتي المرضية، فان كانت حياتها الزوجية السابقة تعذبني فكيف...
استوقفت رشيد:
ـــ ما معني تعذيب حياتها الزوجية لك؟.
ـــ حين أتخيل انها شاركت فراش رجل آخر، أصاب بغيرة شديدة يعقبها ألم و خزي رهيبين .
ــ و لكنها كانت متزوجة بطريقة شرعية؟
ــ لم يكن ذلك كافيا للتخفيف من غيرتي، فاذا كان زواجها السابق يعذبني فكيف أحتمل إقترانها برجل غيري. خصوصا و قد صرت أخشي طلب إنفصالها عني. بعد أن أصبح همها في المدة الأخيرة جمع المال، الي حد نست معه، انها زوجة فأصبحت تشتغل كامل أيام الأسبوع.و بذلك اكتملت دائرة الشقاء بحياة زوجية لا حب فيها و لا ثقة. حياة أشبه بالموت .
تنهد رشيد ثم أضاف:
ـــ لم تكن زوجتي تستحق اللوم اكثر مما استحقه أنا، كان عليّ عرضها على طبيبة نساء لأتأكّد من عقمها .. كما كان عليّ أن أحتاط، فاستعمل الواقي. انا الذي أجرمت في حق نفسي... كنت مغفلا و جديرا بالإحتقار..أنا أكبر عدوّ لنفسي، لأجل ذلك أكره هاته النفس المريضة العاجزة ، و أترقب اليوم الذي يفصلني الموت عنها.





#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البهتان (مآذن خرساء 14/48)
- شريف، قصّة فتى ملوّث ( مآذن خرساء 13/48)
- ملامح شخصية الطفل رشيد ( مآذن خرساء 12/48)
- طفولة شقيّة ( مآذن خرساء 11/48)
- مواقف عنصرية (مآذن خرساء 10/48)
- مع الفرنسي بلال ( مآذن خرساء 9/48)
- العمارة اللعينة (مآذن خرساء 8/48)
- مع مبشرة حسناء(مآذن خرساء 7/48)
- دناءة ( مآذن خرساء 6/48)
- لقاء ( رواية مآذن خرساء5/48)
- جولة ليلية (فصل من رواية)
- هروب (فصل من رواية)
- مأساة حارث بتروفيتش فصل من رواية
- مائدة من السّماء !( فصل من رواية)
- إصرار (قصة قصيرة)
- حداد ( قصة قصيرة )
- إستياء ! ( قصة قصيرة جدا)
- مقدمات ( قصة قصيرة جدا)
- لماذا استحق قاضي قضاة فلسطين اللعن (خبر و تعليقان)
- إستهانة القرضاوي بعقول المسلمين


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمادي بلخشين - شقاء زوجي (مآذن خرساء 15/48)