أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمادي بلخشين - مع الفرنسي بلال ( مآذن خرساء 9/48)















المزيد.....


مع الفرنسي بلال ( مآذن خرساء 9/48)


حمادي بلخشين

الحوار المتمدن-العدد: 2699 - 2009 / 7 / 6 - 09:50
المحور: الادب والفن
    



كان الطريق خاليا تماما من المارة... لوحدي كنت اتجه نحو المركز الثقافي الذي يبعد عن عمارتي ربع ساعة سيرا على الأقدام .
" المسلمون ليس فيكم معتدل، كلكم متطرفون!" هكذا قالت احدى العجائز الألمانيات الي صديقي توفيق الجبالي !
ـــ لماذا يا سيدتي و الحال أنّ...؟
لم تمهله حتى يكمل كلامه :
ــ اذا كان المسيحي المتشدد يرتاد الكنيسة أسبوعيا، فبحق السّماء، كيف تسمي من يذهب الي المسجد خمس مرات في اليوم الواحد !؟
الذهاب الي المسجد فيه مشقة كبيرة .أحيانا تضطر للإستيقاظ بعد ساعتين فقط من النوم للذهاب الي المسجد، وعند العودة منه، لا تستطيع النوم من جديد .الحياة اختبار صعب، وطريق الفضيلة خيار اصعب ...في الغرب يسمونها الطريق الضيقة . the narrowway . الطريق تصير أضيق في بلد نرويجي يفتقر الي التوازن بين الليل و النهار. الحياة صعبة في النرويج، و المناخ أصعب، و العزلة أشدّ، و التواصل صعب، و لغة البلاد معقّدة الي حدّ الإحباط .
العزاء في النرويج لا يوجد في غير التدين أو الإنغماس في اللهو .
.. لحل ازمة السكن في النرويج اقترح النرويجي المسلم كيم هنسن و كحلّ سريع و حاسم غلق حدود السويد و روسيا ، و منع بيع الخمرو حظر امتلاك الكلاب لمدة ثلاثة اسابيع !
عندما استفسر صومالي أجاب كيم هنسن:
ـــ سينتحر المدمنون في الأسبوع الأول من منع الخمور، أما العجائز فان فراق الكلاب سيدفع بهم الى تفضيل الموت، و هكذا تصبح الاف المساكن شاغرة !
جاء اقتراح كيم هنسن اثر شكوى صومالي من عدم وجود من يستعد لقبوله كمستأجر أسود مسلم .
ــــ بمجرد سماع نرويجيتي المهشّمة، يعتذر صاحب البيت قبل أن يغلق الخط في وجهي !

أنا بنفسي، لو لم اكن مسلما فسأذهب مختارا الى الحانة، بحثا عن فرح اصطناعي يعفيني ولو لبعض الوقت من ألم الحياة و قسوتها .

deux possibilitees La biere ou la priere
( هناك امكانيتان : الجعة أو الصلاة)
هكذا أكد لي بلال فرنسي .
لم أستطع اخفاء تعجبي من فرنسي يسكن في النرويج، سالته :
ـــــ لكن ما السرّ في هجرتك المضادة ؟
ـــــ ? comment
ــــ أعني ما الذي جاء بك الي بلاد برابرة الشمال كما تسمون النرويجيين في فرنسا. أريد أن اقول، كيف تركت باريس و رضيت بالسكني في أوسلو، أكبر قرية في العالم كما تسمى في السويد ؟.
ضحك بلال ثم قال:
ـــ إنه الحبّ !
بعد ذلك اضاف:
ـــ ثم انني لست أحمق من إدوارد الثاني الذي ضحّى بعرش انكلترا في سبيل الزواج بالمرأة التي أحبّ !
لم يحتج بلال الي مزيد من الشرح .. أعلمني في مناسبة سابقة عن زواجه بنرويجية إصطدم بها في أحد أروقة متحف اللوفر حين كانت في رحلة سياحية هناك... أحبها من اول نظرة و قرّر السير وراءها الى آخر نقطة مأهولة من الكرة الأرضية، بالرغم من مقاطعة والده الذي شكك في امكانياته العقلية بمجرد سماعه بالخبر .
ــ يا الهي هل جننت؟ كيف تترك عاصمة النور لتدفن نفسك في بلد ناء تغيب عنه الشمس ستة اشهر من كل سنة ؟! هكذا قال له .
ـــ أراد أبي إبقائي الي جانبه كي أساعده في ادارة المصنع الذي يملكه... لم يكن في امكان
"آنّا " السكنى معي في باريس لشدة تعلقها بوالدتها التي لم تبدي استعدادا للتفويت في الزيارة الأسبوعية لضريح زوجها في أوسلو.

لم يهنأ بلال بالعيش مع زوجته أنّا سوى سنتين قبل رحيل مفاجئ اثر اصابتها بالسرطان ... وحين تزوج فتاة سوداء من غامبيا ، تأكد والده من جنونه. رغم ذلك كتب اليه " بأي حق تسمح لنفسك بتلطيخ شجرة عائلتنا بذريتك السوداء ؟!" و حينما زاره رفقة زوجته لم يكتف بطرده بل أطلق عليه الكلاب !... و حين أعلن بلال اسلامه، تأكد والده أن جنونه قد أصبح مطبقا .لأجل ذلك حرمه من الميراث بعد أن أقام له جنازة رمزية دعا لها جميع الأقارب و الجيران، و اعتبره منذ ذلك الوقت في عداد الموتى!

أول مرة تبادلت فيها الحديث مع بلال الفرنسي حين رايته يقف أمام مكتب الإمام في الطابق السفلى في المركز الثقافي الإسلامي، ، كان يبحث عن حبيب الرحمن.. تقدمت نحوه، حييته ثم أعلمته ان الأمام قد سافر الى باكستان لزيارة أهله، وانه لن يرجع قبل أربعة اسابيع ... كنت أعلم انه مسلم فرنسي، كنت أراه في مسجد الهدى، كما كنت أسمعه يخاطب ابنته الصغيرة بالفرنسية، و لكنى لم أشأ أن أربط به أية علاقة، لأنني كنت بصدد تصفية علاقاتي السابقة...منذ حلولي بالنرويج صرت أعمل بقول الشاعر: ما ضرني الا الذين عرفتهم / جزى الله عني كل من لست أعرف!

قدمت له نفسي كنائب نائب الإمام الغائب، سألته:
ـــ هل يمكنني مساعدتك في أي خدمة ؟.
تكلم بتلقائية...أخبرني و هو يلتقط انفاسه بعد جهد بذله في اعادة ابنته ذات السنوات الثلاث تحت سيطرته بعد إندفاعها خارج المسجد ...انه يشعر بتأنيب ضميره الديني بسبب اسم ابنته و انه ممزق بين حبه لزوجته الراحلة التي اختارت لها اسم تونا، و بين ضميره الديني الذي يأبى عليه الإحتفاظ بالآثار المسيحية لحياته السابقة، خصوصا بعد تاكده من ذلك التحريم !
ـــ من الأحمق الذي قال لك ذلك؟
ـــ الأحمق الذي اخبرني بذلك هو إمام المسجد الصومالي .
حين حاول الإعتذار عن زلة لسانه طمأنته :
ـــ ليس هناك أي سبب للإعتذار فلا أفضلية لأمام عن سائر المصلين، يمكنك مثلا ان تكون إماما اذا حفظت نصف صفحة من القرآن، و عرفت كيف تؤدي الصلاة .
ـــ و لكن الا يشترط حفظ القرآن كله لإمامة الناس ؟
أخبرته ان الله قد تكفل بحفظ القرآن و كلفنا بالعمل بما جاء فيه ، و لكن المسلمين حفظوا ما تكفل الله بحفظه و اضاعوا العمل . ثم ان حفظ القرآن كاملا أمر لم يعرفه الصحابة، بل تركوا الإشتغال به لأطفال الباكستانيين !

ـــ الإمامة ليست مهنة لأحد و ليس هناك رجال دين في الإسلام، و لا لباس خاص له ولا القاب خاصة
ـــ .....
ـــ وجود رجال الدين تقليد يهودي أوجده الحكام المجرمون لإخضاع الشعوب بأدواتهم السلفية المخدرة . ما تراه حولك ليس له صلة بالإسلام ... فتوى الحاج عبدي يوسف إمام المسجد الصومالي، مجرّد هراء لا أساس له من الصحة، بامكانك الإحتفاظ بالإسم المسيحي لإبنتك. فليس من الضروري اتخاذ اسم عربي، كل الأنبياء الا القليل كانوا يحملون أسماء غير عربية مثل دانيال و موسى و عيسى.
و في سعيي للتخفيف من توتره اضفت :
ــ هل تعلم أن بعض معتنقي الإسلام يعتقد قداسة كل ما هو عربي الى حد وقوعه في مهازل... تصور هناك مسلمة نرويجية سمت نفسها ليلى دون ان تعلم ان ليلى في لغة العرب من أسماء الخمر !

في oslo galleri واثناء مقابلتي العرضية الثانية معه. شجع بلال ما لمسه من مرونتي الى حدّ الأفضاء لي عن المعاناة النفسية التي تـنغص حياته و تحولها الى جحيم دائم:
ـــ حين أتذكر النارالأبدية التي تنتظر والدتي التي ماتت كافرة تسود الحياة في ناظري. خصوصا بعدما كففت عن الدعاء لها بعد أن أكد لي كريم حامد انها تمثل حالة ميئوس منها . حين اكدت له انها كانت امراة صالحة و انها لم تقرب الخمر طوال حياتها رد عليّ : اذا كان اطفال الكفار في النار فما بالك بالكبار!و حين قلت له ان والدتي كانت تحب الناس اجابني متبرما :" اذا كان الله لم يجامل النبيّ محمد فحكم بدخول النار على ابويه القرشيين العربيين لأنهما ماتا كافرين، فكيف يدخل امك الفرنسية الجنة "؟!

حين فوجئت بمدى التاثرالذي بدا على وجهه نصحته أن لا يسأل سلفيا عن مسألة من مسائل الدين ما دام حيا، ومهما بلغت ضآلة تلك المسالة . كما اعلمته قصد الترويح عنه، أن اسلام كريم حامد مسألة جغرافية بحتة، فوجود ليبيا التي ولد فيها كريم حامد ضمن حدود العالم الإسلامي هي التي حسمت في مسألة ميراثه الديني، فلو ولد هنديا لعبد بقرة .
و في سبيل ادخال البهجة الى قلبه اضفت:
ــ تأكد يا بلال أن كريم حامد لو وجد اباه يعبد علبة سردين فارغة أو فردة حذاء مثقوبة لأتبعه، لأنه من صنف يكره التفكير و المفكرين.
بعد ذلك نصحته بدراسة السلفية جيدا حتى يتأكد من قولي، و ليعلم أنها تمثل أشد أسلحة الدمار الشامل فتكا, ليس بالإسلام فقط بل و بالحضارة الإنسانية. وليعلم ايضا ان خلاص المسلمين التي تحولت بلادهم الى معتقل كبير بعد وقوف السلفية في صفوف الأقطاع و الدكتاتورية لن يتم بغير اقصاء السلفية من الواجهة كما اقصيتم في اروبا رجال الكنيسة قديما .
قبل ان اغادره قلت له ملاطفا :
ــ لكنني أحكم في شأن والدتك تماما عكس ما حكم به كريم حامد .
نظر الي مندهشا :
ـــ أنت تمزح ! دون شك.
ـــ لا مزاح في هاته المسائل الدقيقة، المسألة تعرف أو لا تعرف. و مصدر المعرفة في هذا الأمر هو الوحي .أي ما اخبر به القرآن أو ما قاله الرسول بعد عرض ما قاله على العقل و ما علم من العدالة الإلهية .
سألني بلهفة :
ـــ و مالذي تعرفه شخصيا حتى تزف لي بشرى كهاته ؟!
بعدما اخذت بيده مبتعدا به قليلا بعد اكتشافنا انا نقف مباشرة امام السلم المتحرك مغلقين الطريق امام شابة نرويجية تدفع عربية فيها طفل صغير . قلت له :
ـــ الذي أعرفه جيدا أن الله يحبّ عباده اكثر من حب الوالدة ولدها.
رويت له قصة ألأسيرة التي رآها محمد تبحث عن ابنتها بكل لهفة، و حين وجدتها ضمتها الى صدرها و انخرطت في البكاء من شدة الفرح، اثر ذلك المشهد المؤثر. سال النبي صحابته هل تتصورون ان هاته الأم الحنون يمكن ان تلقى بابنتها في النار؟ قالوا كيف تفعل ذلك و قد راينا لهفتها لفقدانها ساعة واحدة ... حينئذ قال لهم :
" ان حب الله لمخلوقاته هي اشد من حب هذه الأم لأبنتها ". فمحبة الله لمخلوقاته قضت بان لا يدخل النار احدا حتى تبلغه رسالة الأنبياء كاملة ،و بالشكل الذي اراده الله وليس بالشكل المحرف الذي قدمتها السلفية للعالم. لأجل ذلك كان من ضرورات العدالة الألهية، ان يتم إجراء امتحان سريع للأصناف التي فاتتها معرفة الإسلام الصحيح حتى يتقرر مصيرهم، إما الى الجنة أو الى النار .
ـــ ....
ـــ "أول تلك الأصناف من ولدوا مجانين أو متخلفين عقليا ! ثم من بلغتهم الرسالة و هم في مرحلة الخرف و من وجدوا انفسهم في جزر نائية منقطعة عن السكان،ثم و من وجدوا في زمان انقطعت فيه الرسالات السماوية .
ـــ "عفوا عن المقاطعة ، لكن والدتي لا تدخل ضمن اية فئة مما ذكرت .
ـــ مما لا شك فيه عندي ان والدتك تدخل ضمن الفئة الأخيرة .
ــــ و لكن والدتي سمعت عن الإسلام .
ــــ كريم حامد سمع ايضا عن الإسلام، لكنه لم يصبح مسلما ... وجوده ضمن المسلمين بمثابة وجود شيوعي بين رأسماليين... مجرّد السماع عن الإسلام لا يكفي للبت فيه قبولا أو رفضا.
ــ و لكن والدتي سمعت عن الإسلام بما فيه الكفاية .
ــ نعم بما فيه الكفاية لكي تزداد منه نفورا ... ثم هل تستطيع أن تخبرني مالذي تعرفه والدتك عن الإسلام سوى انه يحرم الموسيقي و يعتبر المرأة كلها عورة وأن كشف وجهها خطيئة ان مسها ينقض وضوء زوجها، و انها ناقصة عقل و دين وان النساء هن أكثر أهل النار وان المرأة تشترك مع الكلب و الحمار في كونها تفسد صلاة الرجل في صورة مرورها امامه، و أن اسلام يقضي بقطع الجزء الحساس من فرجها، و يمنعها من الخروج من البيت و من التعليم و العمل كما يفرض عليها زوجا لم تختره يضربها كما يشاء باسم الله يمكنه تطليقها حتى لو كانت تحبه اذا أقسم وهو سكران انها طالق . ثم ماذا يعرف الأروبيون عن الإسلام غير انه يرجم الزاني و يقطع يد السارق و ماذا يعرفون عن المسلمين غير الشبق الجنسي و انهم يعيشون في ادغال تسمي أوطانا لا تراعى فيها ادنى حق من حقوق الإنسان، أما من يعيش بينهم من المهاجرين فاما بائع مخدرات أو كسول يقف بباب الضمان الإجتماعي في انتظار تلقى الصدقات.ثم الم تقل لي نفسك أن المغني الأنكليزي يوسف اسلام قد كتب ان لم يكن مستعدا قبل اسلامه ان يحدثه مسلم عن الإسلام لشدة نفوره من الإسلام و خصوصا من اهله؟ .
وافق بلال على كل كلامي ثم اعلمني انه قرأ سلسلة طويلة عنوانها "كيف اهتديت" تضم حوالي مئة شخص من مختلف الديانات و الجنسيات كانت شهاداتهم متشابهة الى حد التطابق . فقد كانت رحلتهم في البحث عن الحقيقة تبدأ بالتوجه الى كل ديانات الشهيرة منها و المغمورة،و كانوا لا يلتفون للإسلام الا كحل أخير ليفاجأوا بالحقيقة .ثم ختم كلامه بقوله:
ـــ لأجل ذلك كنت كثيرا ما اقول أن الإسلام عبارة عن محل مجوهرات طليت واجهته بالسخام ولوثت جدرانه بالقاذورات لأجل ذلك لم يلفت اليه احد ؟ .
تذكرت قول محمد الغزالي الإسلام قضية رابحة اوكل امرها الي محام فاشل.
ـــ الإسلام لا يحتاج الى اعدائه كي يشوهوه بالقدر الكافي ... فبن لادن و سلفيته العمياء لوحدها تكفي للتنفير من الإسلام و الى الأبد ...
ــــ ....
ـــ " هل من المعقول أن يتم باسم الجهاد ذبح الصحافي الأروبي بالسكين و تعرض صور ذبحه على الأترنيت ؟ أي حماقة سولت لمجانين بن لادن ارتكاب تلك الفظائع باسم الإسلام الذي يضحى بابنائه في سبيل تحرير الشعوب من دكتاتورياتها المحلية... هل من الرجولة ان يتسلل احد تحت جنح الظلام ليضع لغما تحت عربة قطار مدني؟ ألم يؤمر القائد المسلم في حال تأكده من عزم العدو نقض الهدنة بتحذير العدو من هجوم قريب حتى لا يكون صنيعه ذلك من قبيل الغدر به انظر سورة الأنفال الآية 58؟
ـــ اذا انت تعتقد ان سكان أروبا بما فيهم والدتي سيحضون بهذا الإستثناء ؟
ــــ و انت ايضا يجب ان تحملك ثقتك في عدالة الله الي مجاراتي هذا الإعتقاد الذي يؤيده قول الله{ و ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } و الا فهل تظن ان الله سوف يعذب الملايين من نصارى اروبا بسبب تبذير حكام دول الخليج اموال المسلمين في شهواتهم الخاصة عوضا عن انفاقها في ترفيه شعوبهم و تبليغ الإسلام الصحيح الى الغربيين ".

قاطعني بلال ليقص علي طرفة فرنسية تقول ان احد اثرياء البترول جرح اصبعه بباب النزل الدوار فالتفت الى سائقه و قال له اذهب اشتر لنا مستشفى! كما ذكرته بالمناسبة بالنكتة التي تقول ان احد الأثرياء البترول أسرّ لوالد فتاة فرنسية انه على استعداد لدفع مهرابنته الفاتنة بما يعادل وزنها ذهبا ، فما كان من الأب غير القبول طالبا مهلة ستة اشهر كي ينفقها في تسمين ابنته !

واصلت :
ــ الإسلام الذي يقيم الحجة على الناس يتمثل في دولة متقدمة لا يحكمها رجال الدين و يكون الإختيار فيها للشعب دولة تحترم المرأة و الإنسان عامة و تكون ملجأ لكل مضطهد في العالم الا تعلم يا سيد بلال ان المسلمين يشكلون 80% من عدد اللاجئين في العالم ؟َ
ـــ نسيت أن تخبرني عن كيفية لك علم بكيفة الإمتحان الإلهي ؟
أعلمته بايجاز، ان الله سوف يجري امتحانا سريعا يتمثل في وضع نار صورية امام الأصناف المذكورة و امرهم بدخولها ... فمن كان في قلبه ايمان بالله و خشية دخلها فوجدها بردا و سلاما ليدخل الجنة بعد ذلك، و من رفض الإستجابة لأمر الله ادخله النار ألأبدية بعد ان يقول لهم لو كنتم في وضع عادي و جاءكم الرسل لعصيتموهم ما دمتم قد عصيتم ربكم .
ايدني بلال حين قلت له ان من النرويجيين فئة لو بلغها الإسلام لكانت اشد حماسا في اعتناقه من افضل المسلمين في زماننا.قبل ان يخبرني عن والدته التي كانت شديدة الطيبة وكثيرة الإشمئزاز من اخيها الكولونيل الذي كان يفتخر في مجالسه الخاصة أنه ازهق أرواح المئات من المدنيين الجزائريين بعد حشرهم في كهوف يتعمدون تسريب الدخان الخانق اليها فمن بقي اختنق و من غادرها استقبله سيل من الرصاص... الى حد ان والدتي قاطعته و رفضت المشي في جنازته. كما كانت عموما ضد سياسة فرنسا الإستعمارية " .
ذات مرة كنت بصحبة كريم حامد حينما مرت بنا عربة اسعاف تنطلق مدوية بصفارتها المزعجة
وجدته يقول بلهجة المتشفي
ـــ الي الجحيم ، الحمد لله هذا كافر أقلّ .
شعرت باشمئزاز شديد من طريقة تفكيره ، قدرت ان من العبث تذكير السلفي الليبي برحمة محمد
وحزنه الشديد على مصير الكفار من قومه اكتفيت بالتساؤل بيني و بين نفسي هل يعقل ان يكون هذا الفظ الغليظ القلب من اتباع الرحيم محمد؟
ــ مالذي جعلك تجزم انه من اصحاب الجحيم؟
ــ اليس كافرا ؟
ــ نعم هو كذلك، ولكن لا احد يعلم مصيره الا الله خصوصا ...
قاطعني بحدّة :
ـــ هل تـنكر ان النار مثوى الكافرين ؟
ـــ هذا لو فهم الإسلام كما بلغه الرسول ثم رفضه بعد ذلك .
ـــ اتق الله واتبع ما كان عليه السلف الصالح فهم كسفينة نوح من تخلف عنها هلك.
ـــ حتى لو خالف قولهم ما جاء في القرآن؟
ـــ يا سبحان الله و هل يمكن ان يخالف سلفنا الصالح ما جاء في القرآن؟
ـــ سلفك الصالح هم سبب كل بلاء حاق بالمسلمين، ولولا جهلهم بدين محمد لما صارت امتنا مبولة للعالم ومسخرة للعقلاء.
قال وهو يبتعد عني :
ـــ الآن فقط تأكدت من ضلالك، وصدّقت كل ما سمعته عنك.
ـــ لكني كنت متاكدا من تفاهتك منذ معرفتي بك.
منذ ذلك اليوم وضعت كريم حامد في أسفل قائمتي السوداء.في حين تصدّر اسمى أعلى قائمة اعدائه بما فيهم اليهود و النصارى و البوذيين و حتى الملاحدة.
جنون دكتاتور ليبيا هو الذي جعله يعتقل كل ملتزم بالصلاة حتى لو كان فقمة سلفية عاجزة من صنف كريم حامد.. السلفية الجهادية التي ينتمي اليها بن لادن مولود جديد ...لا هو ذكر ولا هو انثى ... مسخ لا يزال يبحث عن جنس ...ان تقول سلفية جهادية كان تقول راسمالية شيوعيةلأن السلفية تحرم عصيان الحاكم .

حينما توطت علاقتي ببلال سألني بعد تردد و بكثير من الحرج :
ــ أخ سامي ... هل يجوز للرجل ان يلعق فرج زوجته ؟
يا للعجب لشدّ ما يتفاوت الرجال في اهتمامهم بجسدالمرأة،ففيما تجد بعضهم يكره مجرد رؤية فرجها تجد البعض الآخر يدس وجهه فيه ! وفي حين يتهرب بعض الرجال من جماع زوجاتهم الجميلات يجد البعض منهم لذته في جماع جثة آدمية متحللة.ذات مرة رايت في مدينة الكاف شابا يستمني بين القبور!
أجبت بلال الفرنسي ضاحكا :
ـــ لا بأس... لو كان يمتلك الشجاعة الكافية !
بعد ذلك اضفت :
ـــ لكن لا يجوز له اعتبار زوجته غير مطيعة اذا رفضت ان تلعق ذكره .
ـــ ....
ــــ فالمسألة كما ترى حساسة جدا، و لا يمكن جدولتها ضمن العادي جدا من الممارسات الجنسية .
مع فتحه صفحة جديدة من حياته كمسلم فتح بلال الفرنسي مقهي صغيرة يبيع فيها المرطبات بعد ان اغلق الخمارة التي كان يديرها ، حين تأكد ان الإسلام لا يحرم فقط بيع الخمر بل و حضور مجلس تتناول فيه المسكرات .
حين وصلت الي المركز الثقافي، وجدت الباب الخارجي نصف مفتوح. توقفت قليلا حين سمعت ما يشبه الهمس... حين دفعت الباب صعقت بمشهد كهلين نرويجيّين كان احدهما يجلس على السلم الحديدي المؤدي الي غرفة مساعد الإمام فيما التقم الثاني ذكره! ...اصبت في الحال بغثيان... لم اتمكن من وضع يدي على فمي كي امنع تدفق القيء ،اثناء ذلك سمعت الشاذين وهما يتمتمان اثناء مغادراتهما المكان . كانت رائحة الخمر تنبعث منهما. .. اللعنة هل ضاقت بهما الأرض حتى يختارا هذا الموضع لممارسة شذوذهم؟ اجتاحتني كآبة شاملة، وغمرني احساس بالتفاهة و الضياع حتى لعنت نفسي و النرويج ومن تسبب في إرسالي إليها. كان القيء قد لوث ملابسي، ولما لم يكن في مقدوري أداء الصلاة دون تغييرها، دخلت الي دورة المياه و اكتفيت بغسل حذائي من اثر القيء و مسح بعض ثيابي مما علق منه، ثم قفلت راجعا الي عمارتي اللعينة و انا ملوث الجسم و الروح .

( يتبع)



#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العمارة اللعينة (مآذن خرساء 8/48)
- مع مبشرة حسناء(مآذن خرساء 7/48)
- دناءة ( مآذن خرساء 6/48)
- لقاء ( رواية مآذن خرساء5/48)
- جولة ليلية (فصل من رواية)
- هروب (فصل من رواية)
- مأساة حارث بتروفيتش فصل من رواية
- مائدة من السّماء !( فصل من رواية)
- إصرار (قصة قصيرة)
- حداد ( قصة قصيرة )
- إستياء ! ( قصة قصيرة جدا)
- مقدمات ( قصة قصيرة جدا)
- لماذا استحق قاضي قضاة فلسطين اللعن (خبر و تعليقان)
- إستهانة القرضاوي بعقول المسلمين
- ضرورة محاكمة القرضاوي وعصابته الإخوانية كمجرمي حرب
- أقبح فتوى في تاريخ الإسلام أصدرها الكاهن الإخواني جوزيف القر ...
- الإقتصاد الإسلامي- قمّة و عن يمينها و يسارها منحدران-
- المقامة البورقيبيّة 2/2
- المقامة البورقيبيّة1/2
- خاطرة


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمادي بلخشين - مع الفرنسي بلال ( مآذن خرساء 9/48)