أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أحمد شهاب - التهرّب من مسؤولية النقد الذاتي














المزيد.....

التهرّب من مسؤولية النقد الذاتي


أحمد شهاب
باحث كويتي في شؤون التنمية السياسية .

(Ahmad Shehab)


الحوار المتمدن-العدد: 817 - 2004 / 4 / 27 - 11:16
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


النقد هو شرط النهوض الحضاري ، وهو الآلة الفاعلة لتنقية الطريق أمام حركة المجتمعات والشعوب ، ولإزالة العقبات أمام المسار الإصلاحي ، ويبدو هذا الكلام تحصيل حاصل ، فلا أحد يختلف على أهمية النقد أو ضرورته ، والكل يتفق و يطالب به ويرغب في ممارسته ، فلماذا نكرر القول ؟ لأن هذه الرغبة النقدية تظل وقفية لكل جهة ضد الأخرى ، ولتمييز عيوب الآخر دون النظر إلى عيوب الذات .

السلطة تنظر لذاتها بنرجسية عالية فهي المالكة للحقيقة المطلقة ، وهي صاحبة الحق في كل الأمور أما المعارضة فهي مليئة بالأخطاء ومشكوك في ولائها للأرض ومطعون في مصداقيتها ، ولا مانع في النهاية من الإلتفاف عليها وتهميشها . والمعارضة بدورها تنظر لنفسها بذات النرجسية ، وتعتقد أنها الممثلة لرأي كل الناس بصفتها السياسية أو الدينية ، وتعتبر كل خارج عن إطارها مجروح الذمة والوطنية .

هذا على المستوى السياسي ، أما على المستوى الثقافي فيمكن الإشارة إلى كم هائل من المقولات التي يعتنقها كل فريق ويرى صحتها ويرفض أي مساس بها ، بينما يسمح لنفسه أن ينتقد مقولات الآخرين ويستبيح مسلماتهم دون تحفظ أو مراجعة تذكر ، كما تتم عملية تأويل أحداث التاريخ بطريقة إنتقائية وعلى خلفيات صراعية ، مما يضفى على الرؤية التاريخية للمذاهب استاتيكيّة صارمة .

على المستوى الإجتماعي تتراكم الأمثلة اليومية لتنقل لنا عشرات الأمثلة عن ممارساتنا النقدية للآخرين ، لأقوالهم وأعمالهم ، حتى بتنا من المجتمعات ( المخابراتية ) التي تتدخل في كل خصوصيات الأفراد ومشاكلهم اليومية ، لنراقب حركاتهم وسكناتهم ونضعها تحت مجهر النقد والتجريح دون شعور بالإثم ، ودون إستذكار عشرات من الروايات الناهية عن هذا الفعل ، بينما لا يلتفت المراقب إلى الأخطاء التي يرتكبها هو أو جماعته القريبة .

بين كل هذه الصور ، تتولد بعض الشخصيات الفاعلة وهي تمتلك قدرة على ممارسة النقد الذاتي ، وتمحيص الآراء بغض النظر عن مصدرها ، والتعامل مع ( التراث ) بحيادية حتى يستقيم أمر النتائج بعيدا عن المؤثرات الجانبية ، وهذه الفئة تتعرض للكثير من النقد وأحيانا إلى الطرد من الإجتماع القائم لا سيما إذا إرتفعت نبرة النقد وبدأت تهدد بعض مواقع الآخرين السياسية أو الإجتماعية أو الدينية .

ويتعقد أمر النقد الذاتي إذا تناول الناقد مسألة يقف خلفها أو إلى جانبها شخصيات من الوزن الثقيل ، من الذين تسبق أسمائهم سلسلة من الألقاب تجعل من ممارس النقد يفكر مليا قبل أن يتفوه بكلمة قد تعود عليه بالشر المستطير ، خاصة أن جميع الشؤون أصبحت من إختصاص نخب سياسية أو إجتماعية أو دينية محددة ولا يحق لغيرهم أن يبدي رأيا مخالفا ، فإما أن يكون تابعا أو ينزوي جانبا .

وتمثل فكرة النخبة ( السياسية أو الدينية ) عائقا امام تفعيل المسألة النقدية ، وهي من الأفكار التي تتطلب مراجعة دقيقة لتوسعة مفهوم النخبة .

إذ لا يزال ينحصر الحق في تقرير المصير بمجموعة صغيرة تقرر هي وحدها مسار المجتمع ، وتفرض عليه أولوياته وحربه وسلمه وعلاقاته وإتجاهات تفكيره وحركته ، رغم أن فكرة النخبة التي في مقابلها الرعية أو العامة تغيرت معالمها تماما ، بعد أن توسعت القاعدة المتعلمة ، وتقلصت مساحة الأمية ، وتغيرت منظومة العلاقات السياسية والإجتماعية ، وإختفى مفهوم الرعية في الأمة ، وحل محله مفهوم ( المواطن ) في الدولة ، والذي يشارك في إتخاذ القرار إلى جانب أقرانه ، وبالتالي لم يعد هناك مسوغ لإحتكار القرار .

المشكلة بنظري أننا حتى الآن ننظر إلى النقد الذاتي كأحد علامات الضعف والوهن ، رغم أنها تعد من أهم الأداوت الفعالة في تحصين أي إجتماع قائم من الأخطاء والأخطار المحدقة ، كما أنه الأداة الماضية في تعزيز نقاط القوة في الثقافة ، وتنقيتها من نقاط الضعف .

ومن المعلوم أن كل ثقافة تحتوي على موارد قوة وموارد ضعف ، والمجتمع هو الذي يحدد رجاحة أي من الكفتين ، كما أن أي إجتماع قائم تتخلله نقاط ضعف كثيرة ، بعض المجتمعات تميل إلى التستر على الأخطاء لتنتهي إلى تراكمات تثقل كاهل الجميع ، وتتحول نقاط الضعف إلى مسلمات لا يستطيع الفكاك منها ، ولو تخلص المجتمع منها بصورة فورية وعاجلة لما تورط بها لاحقا .

إلا أن هذا المنحى المتحفظ من ممارسة النقد الذاتي يظل هو السائد والمسيطر ، فأغلب الجماعات والتوجهات تنفق مئات أو ألوف الدنانير والكثير من الطاقات لدعم أعمال إعلامية تدعم شخصياتها ورموزها ( أحياء وأموات ) ، أو في معالجة قضايا تم التطرق لها مرارا وتم إستعراضها في كتب كثيرة ولم يعد فيها جديد ، مع ملاحظة أن كل طرف وجماعة تعتبر رمزها الديني أو السياسي رائد التجديد وعنوان الإثراء الفكري وتبرر لنفسها حق عرضه على الناس والإطناب بذكر فضائله وإن تم ذلك بصورة رتيبة ومملة .

بينما لا نجد بين هذا الدعم أي تخصيص لمجلات تعني بالنقد الذاتي أو تنقيح ذاكرة الجماعة ، بل يصح القول أن ما يحدث هو العكس تماما فبمجرد نمو تيار نقدي تتم محاولة إحتواءه أو ضربه وعزله عن الإجتماع القائم ، حتى أصبح دعاة التصحيح يمارسون دورهم بالكثير من التخوف والرهبة ، وهو ما حرم ويحرم مجتمعاتنا من فرصة نادرة من فرص التطور والتجدد الحضاري .




#أحمد_شهاب (هاشتاغ)       Ahmad_Shehab#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعض القذى في عين المثقفيين
- دولة مشروعها الاستبداد
- الدولة لا تحترم القانون
- ميثاق سياسي
- الإبداع .. تعيش إنت !!
- العراق وبناء الدولة الحديثة
- ليست الليبرالية نموذجا
- ثقافة الموجات الفكرية
- دعوة للحفاظ على الوطن
- تأملات في زمن صعب
- العنف يبني مجده بالعنف.
- أمريكا وتخلفنا السياسي والاجتماعي
- لماذا فشل مشروع السلام الاجتماعي؟
- هل يحقق المجلس طموح العراقيين ؟
- نحو وطن ديمقراطي
- نحو برلمان حضاري
- المرأة وحقوقها السياسية
- هوامش نقدية على واقعنا السياسي ( 2-4
- غياب الديموقراطية لا يجعل الناس مجانين بل يجعلهم يفقدون عقله ...
- هل بدأ حديث التغيير في الخليج ؟


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أحمد شهاب - التهرّب من مسؤولية النقد الذاتي