أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصمان فارس - مسرح داريو فو تهكم مرير ورقص ساخر















المزيد.....

مسرح داريو فو تهكم مرير ورقص ساخر


عصمان فارس

الحوار المتمدن-العدد: 2658 - 2009 / 5 / 26 - 10:49
المحور: الادب والفن
    



إزالة الأقنعة السود أمام جمهور المسرح
يعتبر داريو فو أكثر كتاب المسرح الايطالي شعبية، فمعظم مسرحياته تعكس التوترات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية العميقة منذ سقوط النظام الفاشي في ايطاليا،وجميع مسرحياته عبارة عن اسكيتشات وكولاجات وسيناريوهات عروض مسرحية سريعة نتيجة استجابات لحوادث سياسية معاصرة، وأغاني شعبية وقصائد ومقالات تهكمية . مسرح فو ومنهجه النقدي لكل الاوضاع الشاذة داخل المجتمع، وخصوصية فنه المباشر ونمنماته يسمح بالتغيير مثلآ كل مايحصل من عمليات القتل والتفجيرات في ايطاليا، كانت تقوم بها مجموعات يمينية مدعومة من ألمؤسسا ت الفاشية ووكالة الاستخبارات الامريكية، وعلي ضوئها تحصل حملة إعتقالات لكل الابرياء، وكانت هذه فاتحة مهمة لتقديم مسرحية موت فوضوي. وكل كتابات داريوفو عبارة عن نثر درامي قريبة من اللهجة العامية واما حواراته مفعمة بالايقاع الداخلي .
ومسرحياته عبارة عن مسرح إحتفالي، أي عرض مسرحي يحوي المزيج من الحوار والرقص والغناء والسخرية من الاحداث والاوضاع الجارية داريو فو ومسرحه ذات المضامين الفكرية اليسارية التقدمية والمعروفة عالميآ ففي ظل الصراعات السياسية والالتباسات حول مسرحه ربما بسبب مواقفه اليسارية وكثرة إنتقاداته المباشرة وحالة الاسقاط المسيحي في مسرحياته وخاصة في مسرحيته ميستريوبوفو ففي مسرحه فو يهاجم وينتقد الاوضاع السياسية والبني البرجوازية، اما طريقة العرض وتقديم ممثليه يحوي خصوصية وتبني مسرح بريخت ومسرح بيترفايس وهذا الاسلوب شبيه باسلوب ومنهجية المخرجين ابراهيم جلال وعوني كرومي من حيت خصوصية مسرح بريخت الملحمي، لكن رغم الملحمية يمتاز مسرح داريو فو بالتهريج الملحمي فهو يؤكد علي طريقة تقديم العرض ومنهجية التمثيل والابتعاد عن الاداء الطبيعي والوصول الي جماليات التشكيل واسلوب الاداء المسرحي في مسرح الكباريه فا لمسرح السياسي يحتاج الي تكامل عناصره الفنية وعلي مستوي الاداء. فالمخرج الذي يعمل ويشتغل ضمن منهج مسرح برتولد بريخت ان لايفرق في جماليات الشكل والمضمون، ولغرض تقديم مسرح سياسي يجب معرفة المرحلة النضالية كوثيقة، اي المقصود الذهاب الي المعامل في المجتمعات الرأسمالية ولمعرفة مشاكل العمال عن قرب وحل مشاكلهم والدعوة لنيل حقوقهم، فمثلآ بيسكاتور رجل مسرح عرف علي المسرح تبني مايسمي الجمهور عن قرب في صميم حياته، علينا كمسرحيين أن نزيل الاقنعة السوداء عندما نجري تجارب للوصول الي جمالية شكلية ! فمسرح داريوفو يعتمد علي إمكانيات الممثل والصوت الانساني ونبرة الصوت وعملية الانفعال وطريقة الكلام والغناء وكذلك الايماءة، واحيانآ الصراخ وعرض صور وأفلام سينمائية كل شيئ مجدي، نادرآ مايستخدم مسرح فو المكياج والشعر الاصطناعي اي الباروكة وإنارة الفضاء كل هذه الاشياء غير ملائمة، والاعتماد علي الصوت البشري والحركات الجسدية والتأثيرات الصوتية وتوسيع وتتكبير وتضخيم الاصوات واستخدام الحيل الصوتية،وتبدأ اللعبة المسرحية كلها بعناصر مهمة ومدخل للمسرح الشعبي والذي فيها الكثير من المفارقات مع الجمهور،هي التي تحرك الفعل الدرامي وتدخل ضمن تقنيات بناء وكتابة الحدوثة والحكاية المسرحية. ويمتاز المسرح الشعبي بأنه خالي من استخدام الحوارات الطويلة، فاالمسرحية الشعبية فيها بعض المشاهد المتداخلة والمترابطة مع بعض، والممثل يؤدي عدة أدوار وتقديم عدة شخصيات في قمة التناقض .

المسرح الهزلي القديم

ويؤكد داريوفو علي ان المسرح الهزلي القديم والذي أتبناه عند إعادة كتابته ادخل فيه الدمي والمهرجين والعرائس ،ففي مسرحنا نتفنن في صناعة الضحكة. فالثقافة الشعبية مهمة لتجاوز والغاء الثقافة الرسمية وكتاب المسرح الذين عملوا لتسلية البلاط وغرس ثقافة الطبقة الارستقراطية والتي تناقض ثقافة الشعب من الفقراء والفلاحين وأصحاب الحرف والمهن. اما طريقة الغناء والرقص والطقوس الخاصة في مسرح فو إنها ثقافة حلت محل الطقوس الديونيسية، ويمكن الاعتماد علي التقاليد الشعبية وخاصة في مسرحية ميستريوبوفو ،اما مسرح داريوفو فهو ليس مسرح حكومي إنه مسرح مناضل اي المقصود مجموعة متضامنة من المناضلين تقدم عروض مسرحية لاتعتمد علي مبدأ التجارة والربح ولكن ربحنا الكبير هو رضا الجمهور، علي سبيل المثال: قدمنا مسرحية لمحاضر محاكمات لرجال المقاومة ضد الفاشية،وبعد ذلك حصل العكس قدمنا مسرحية محاكمات لرجال الفاشية انفسهم وكل هذه العروض المسرحية تعتمد علي وثائق أصلية. وكل العروض المسرحية تعرض في الساحات العامة والتمثيل يتم علي منصات ويكون الاتصال مباشر وقريب من الجمهور، قدم داريوفو مسرحيات معادية للتسلح في فيينا ضمن المظاهرات والمسيرات وتقديم مسرح الارتجال، ومسرحيات عن إضراب العمال والفقراء ومسرحية عن حرب الشعب في تشيلي، وثورة المساجين فجميع عروضنا المسرحية فيها لحظات مهمة تضج فيها صالة الجمهور بالضحك، ففي مسرحية تشيلي علي سبيل المثال: رغم انها من المسرحيات الجادة فالكوميديا في مسرحنا تشكل عنصر اساسي وضروري في خلق العلاقة الوجدانية والمشاركة بيننا وبين الجمهور .
ينتقل مسرح فو الي صميم الواقع لمعالجة قضايا الناس من خلال الفرجة المباشرة للناس ، وفريق العمل المسرحي لمسرح فو يقصدون التجمعات السكنية والناس في القري المنعزلة وتتفاعل مع الجمهور من خلال الشخصيات العاطفية والانفعالية وردود افعاله وحيوته ومشاركته علي عكس الجمهور المثقف المتبلد والمتأفف .ويؤكد فو للجمهور دور اساسي في مسرحنا لان للمسرح اليوم دور أساسي وذهني يستهلكه الجمهور،ثمة جمهور يحضر فقط مثل هذه العروض لأنه قادر علي المشاركة ومن عشاق المسرح السياسي،كانت بعض الصحف تساند وتدعم اعمالنا ، وكان الطلاب هم اول المؤيدين وكذلك المثقفون اليساريون.

مسرح الفقراء

ولا اخفي عليكم ثمة عروض مسرحية عندنا اختفت وماتت بعد ايام قليلة من عرضها. فمسرح فو الشعبي لصيق للطبقات الفقيرة والعمال من خلال لاغنية الشعبية الهادفة انه كالمسرح السياسي له دور كبير في النقاشات والتوعية واتحريض ، وتسليط الضوء علي هموم الناس، والجمهور يحب مسرح داريوفو بسبب تناوله القضايا الساخنة لذلك تعرض مسرحه للرقابة والمنع! وفو يقول: ان مسرحنا عدواني وتهريجي في معالجة وتعرية المشاكل والاذي المباشرة والتي تلحق بالفقراء ! وعملية التركيز والاصرار علي تقديم مسرحية عن تشيلي ليست قريبة من واقعنا الايطالي لكنها لها مساس في تعرية الاحزاب اليمينية عندنا في ايطاليا وكذلك لصلة مسرحنا بقيم إنسانبة كبري فمسرح داريوفو ليس رومانتيكي، فالمسرح الشعبي بعيد عن البكائية وكذلك بعيد عن الغوغائية ! إنتهي زمن الحنين الرومانتيكي ومسرح الشكليات الخاوية من المضمون الفكري، ويبقي الراوي وتقليد المهرج لهم التأثير المباشر في مسرح فو وكذلك تأثير مسرح الدمي المتحركة باليد وتقديم الشكل الشعبي للمسرح الملحمي مثلآ: تقديم مسرحيات شكسبير بعناوين جدابة مثل عطيل رمز الغيرة والخطيئة . اما تجربة الكتابة وصياغة الحوارات المسرحية وبناء الفكرة تبدأ من خلال التمارين المسرحية ،وكذلك تجربة المسرح امام الجمهور ففي مسرحية تدفع أولا تدفع كتبت عدة مرات كل مرة نمزق نسخة، وللجمهور دور أساسي في مسرح فو وخاصة الجمهور السياسي والذي يحضر وبشكل خاص لمشاهدة العروض المسرحية السياسية، وعلي الرغم من ذلك هناك جدل حاد في الوسط الثقافي ووسط النقاد حول فلسفة المسرح السياسية،وبعض النقاد يعتبر المسرح الكلاسيكي أساس كل شيئ ،فشكسبير كتب مسرحيات تمثل عصره والظروف السياسية التي عاشها، ولكن في عصرنا كيف نعالج قضية المرأة، وهل نجعلها ضحية للرجل وملحق به ؟ فبريخت وكذلك مايرهولد صاغا نظريات المسرح الملحمي هكذا عرفت المسرح؛ وهنا كمسرح الموقف فهو معني بنشر الصراعات الموجودة بين الناس وهذا الصراع سبق النص الادبي . فالمسرح الشعبي عند فو يتم تنفيده من خلال تقنيات إرتجالية تعتمد علي النكتة وكوميديا الموقف وكذلك الحوادث والاثارة العنيفة ومهمة التركيز علي الثقافة الشعبية. ومفهوم داريوفو للمهرج إنه عنيف وقاسي وغير مهذب، والمهرج مشغول عبر الثأريخ بحالات الجوع، ولقد مثل شخصية المهرج هارليكان وهذه الشخصية تعيش علي التناقض والهجاء السياسي والتهريج الملحمي الواسع والمتعدد الابعاد. وفو لايرغب ولايحب ان يرتبط اسمه بأي حزب سياسي ؛ وكل جماليات وقوفي علي خشبة المسرح تعكس إرادة سياسية، فمن يشاهد فو وهو يمثل ويقوم بأداء ادوار كل الشخصيات متنقلآ من شخصية الي أخري يوحي للجمهور بأنه يقدم فلم أخباري سينمائي والقطع السريع وزوايا الكاميراالمتعددة والمتغيرة وإستخدام المونتاج في التهريج الملحمي وخلق الاتصال الحميمي مع جمهوره وهو يؤدي دور حكواتي خبير. وهناك علامات واشارات مهمة من خلال تشجيع الجمهور واشراكه في اللعبة المسرحية عن طريق التصفيق او اطلاق واعلان صيحات التشجيع وكلمة برافو جعل الممثل وخاصة داريو فو يكون علي دراية ومعرفة رأي الجمهور بالعرض المسرحي . فالمهرج الملحمي في مسرحيات فو يحول السحر المسرحي مثل الحرمان الي وليمة ومجاعة . فالكوميديا محصورة مابين الجوع للحياة والبقاء !




#عصمان_فارس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السويدي اوجست سترندبري يستعيد الارث الكونيالي ويتحرر من الوا ...
- المسرح والنقد ثنائية لألمع الثمرات الأدبية
- مسرح ستوكهولم يحتضن موت راشيل كوري
- المخرج يوقظ الكلمة بأوكسجين الحياة في المسرح التجريبي
- فتاة البجع مابين تضاريس الحب وجغرافية الوطن
- شخصيات تشيخوف تعاني العزلة ومحاصرة بالذكريات
- المسرح الامريكي يفجر الصورة السائدة بعد الحرب العالمية الاول ...
- مسرح العبث يطلق مشاعر القلق نحو الوجود
- مسرحية مشهد من الجسر للكاتب آرثر ميللر: التصادم ما بين القان ...
- شاعرية تشيخوف وضحايا شكسبير وحياة مبنية على الكذب عند ابسن ت ...
- رقصة الموت. معالجة بريطانية علي مسرح سويدي
- إغتيال مارا في استوكهولم . مسرح حزين مفعم بالتفاؤل
- رواية الحرب والسلام على خشبة المسرح
- شكسبير يتجول في استوكهولم بأزياء معاصرة
- حسين الأنصاري: لا وجود لنهضة مسرحية عربية دون خطاب نقدي متطو ...
- المسرح التجاري يسخر من الشعب ويشوه قيمة الانسان ومثله العليا
- مسرحية الحرب في منتصف الشتاء
- الرواية والمخرج.. شحنة النص والرؤية علي الخشبة
- الملوك ونظرية المؤامرة في مسرحيات شكسبير التاريخية
- مسرحية الام الشجاعة ولعنة الحرب


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصمان فارس - مسرح داريو فو تهكم مرير ورقص ساخر