أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عصام شكري - آية الله* اللامــــي















المزيد.....


آية الله* اللامــــي


عصام شكري

الحوار المتمدن-العدد: 811 - 2004 / 4 / 21 - 06:28
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


يكرر علاء اللامي في عدد من مقالاته دعوته الى تحالف بين اطراف البرجوازية العراقية القومية المدحورة من قبل الماكنة العسكرية الامريكية لنصرة "المدافعين عن انفسهم وشعبهم ومقدساتهم وبلادهم" (مجموع مقالات في الحوار المتمدن). اي يدعو القوميين لنصرة ألاسلاميين "لتحرير العراق". لقد سبق وان طرح هذا الكاتب طرحا شبيهاً قبيل الحرب الامريكية على العراق وهو الدعوة الى قيام تحالف بين "القوى الوطنية" يهدف الى اقناع "القيادة العراقية – صدام" بالتخلي عن السلطة طوعاً و"تفكيك" المؤسسة القمعية الحاكمة. وقد قمت بالرد على ذلك المقترح في حينها (انظر مقالي سقوط الاقنعة – رد على الكاتب علاء اللامي في الحوار المتمدن).

علاء اللامي ككاتب يمتلك اكثر سمات الحركة القومية "الجديدة" وضوحاً. وسانتهز فرصة ماكتبه من نقد بذئ ومبتذل عن الحزب الشيوعي العمالي والاحداث المأساوية في العراق اجمالاً لتوضيح اهم النقاط الاساسية في المنظومة الفكرية لعلاء اللامي والتيار اليميني الانتهازي الذي ينتمي له.

التيار القومي في العراق

وهو الى فترة قريبة كان تيارا قويا في المجتمع العراقي ولكنه كبقية اجنحة التيارات القومية الاخرى في المنطقة تعرض الى نكسة حقيقية منشأها اقتصادي وليس ايديولوجي. فازمة التطور الرأسمالي في المنطقة لم يستطع هذا التيار الاجابة عليها مما انتهى به الامر الى ان يركن جانبا من قبل احد الد اعدائه السياسيين في المنطقة وهو تيار الاسلام السياسي. دعم التيار العروبي من قبل المخابرات الامريكية في الخمسينات والستينات بينما اجزي العطاء للاسلام السياسي من قبل نفس الوكالة سيئة الصيت في السبعينات والثمانينات. وفي التسعينات وبعد انهيار القطب القومي اليساري العالمي – قطب راسمالية الدولة السوفييتية امام الغرب صار التيار القومي شديد الهزال امام انهيار نموذجه السياسي-الاقتصادي وبدأ بالتمسح بعباءات الاسلاميين السوداء والبيضاء وعقد التحالف المرحلي مع هذا التيار الارهابي لانقاذ موقعه السياسي. وقد كان صدام حسين رائد هذا التحالف غير المقدس بغرض اسناد نظامه المكروه اجتماعيا والمنهار سياسيا واقتصاديا وانتهى به الامر كما يعرف الجميع. واليوم يعاد انتاج تحالف صدام مع الاسلام السياسي "المعادي للامبريالية والصهيونية" والذي اصبح اليوم اكثر التحاما مع الاسلام السياسي من قبل نتيجة انهيار القومية العربية كمؤسسة سياسية حاكمة واندماجها مع تيار الاسلام السياسي في صراعه مع "الشيطان الاكبر" والامبريالية الخ. (لاحظوا الخطابين الاخيرين لكل من بن لادن للاوروبيين ومقتدى الصدر لاتباعه يمتلكان بعض سمات الخطاب القومي – اليساري من قبيل ان وازع الحرب الامريكية على العراق اقتصادي وسببها مراكمة ارباح الشركات الامبريالية العالمية والهدف هو تحرير (العراق) من الاستعمار الخ بينما كان رمزي الاسلام السياسي اولئك يستعملان سابقا الخطاب الثيولوجي التحريضي الصرف "الحرب الصليبية والجهاد المقدس وحكم الاسلام الخ".**

والسؤال المحوري بنظري هو هل ان موقف الكاتب تجاه مسألة تحرير العراق ينبع من منطلق انساني او بعبارة اقل مثالية هل يعبر عن مطامح اوسع الجماهير في العراق اي العمال والكادحين والنساء المظطهدات ام يمثل مصالح شريحة برجوازية متهالكة تود انقاذ نفسها باي ثمن؟. ان الجواب على هذا السؤال يكفي للرد على الكاتب دون الحاجة الى جرح الكرامة الشخصية او مكافأته على عفته الاخلاقية وورعه و"لا اباحيته".

ولكن لا يمكن الجواب على هذا التساؤل الا بالنظر الى موقف الكاتب من منطلق اجتماعي اي من منطلق طبقي وليس من منطلق قومي او وطني كما يؤسس الكاتب لجداله دوما. كما ان جوابنا لن يكتمل الا اذا نظرنا الى الصورة الكلية وتركنا العراق ككيان قومي (وطن) الى اعتباره ساحة مواجهة مدمرة لفئات البرجوازية العالمية والمحلية على حساب الملايين من العمال. هذا برأيي يصح ولا يعتبر موقفا غير موضوعيا للنقاش.

ولكن قبل ذلك لنتبين السمات العامة للتيار القومي كما يجسدها الكاتب القومي- الاسلامي علاء اللامي:

1. معاداة العمال والاشتراكيين والتحرريين والنساء.

يتمسح اللامي بتيارات اقل ما يقال عنها انها برجوازية معادية للعمال والكادحين والنساء في العراق سواء وجد الامريكان ام لم يوجدوا وليس في برنامجها السياسي والاجتماعي والاقتصادي لجماهير العمال الغفيرة اي قيمة او محتوى تقدمي.

وهذه التيارات البرجوازية شديدة الرجعية. فهو كرفاقه الاسلاميين يهاجم الشيوعيين ويخاطب مثلهم اكثر احاسيس جمهوره بدائية محاولا دوما اثارة الموضوعات "المهيجة" وبسوء نية واضحة مشيرا دوما وبلا كلل الى الموضوع - العقدة له ولرفاقه الاسلاميين اي عن "الاباحية الجنسية" للشيوعيين العماليين.

ان استخدام اللامي وغيره من المعممين لهذا النوع من التهجم على الشيوعيين العماليين مغزى سياسي وليس اخلاقي البتة. فلجوء اللامي الى الابتذال يهدف الى التغطية على عجزه في الرد السياسي من جهة ويفصح عن الماهية الاسلامية القبلية لمنهجه المتخلف في التفكير.

ان التهجم الشخصي على الشيوعيين والتحرريين ومحاولة النيل مما يعتقد بانه "محور شرفهم" اي العفة الجنسية (للنساء تحديداً!!) بل ووصفهم بالنذالة الخ هي محاولات مؤسفة لمن يعتقد انه مثقف يتمتع بحد ادنى من الرصانة الاخلاقية. ولكن هذا هو ديدن القوميين الاسلاميين دائما. لم اسمع في حياتي ولو لمرة واحدة وطوال التقائي مع مئات الافراد من مختلف الاوساط السياسية والاجتماعية في العالم المتمدن بشخص واحد يرد على نقدي السياسي له او لها بالقول انك اباحي او انت نذل!! حتى الفئأت الرجعية في الكنسية تعتبر ان حريتك الشخصية ومنهاجك الاجتماعي بخصوص حرية العلاقات او تقييدها وفق رؤية سياسية ما تناقش لا وفق المنظور الديني الثيولوجي الاحمق وانما وفق منهج سياسي او على اقل تقدير سوسيولوجي.
ان الهوس الجنسي الناجم عن الكبت الاجتماعي المتراكم وتعليمات الاسلام الجنسية البربرية وتسليع النساء واعتبارهم سلع تجارية تحفظ بعيدا عن متناول "الذكور" وذات صلاحية محددة وادوات تفريخ لاعادة انتاج العمال وخادمات في البيوت بلا اجر، يعيد في اذهان اشباه اللامي والاسلاميين الاخرين اعادة انتاج الجنس باعتباره "المحرم-المشتهى". لذا يصبح اكثر اهانة توجه لفرد ما او فئة سياسية في نظرهم المريض بالجنس هي في كونها "اباحية – اي تمارس الجنس خارج الحدود التي رسمتها القبيلة او الاسلام (والاسلام مضمخ بالقبلية) "***.
ورغم ان الاوربيين لا يقال عنهم اباحيين – رغم دعوتهم الى حرية اختيار الشريك الجنسي او ممارستهم لهذه الحرية في الحياة اليومية ( ولا اشك ان لللامي اصدقاء اوروبيين) فان هذا الاتهام يطلق عادة على الشيوعيين في المناطق المتعفنة بالاسلام وقيمه القبلية المتحدرة من عصور البربرية المتأخرة
(اثار ذلك واضحة في زواج الرجل لعدد من النساء في آن واحد او الــ polygamy).

ان التيار الاسلامي الارهابي الذي يطبل له اللامي تيار رجعي ومعادي للمجتمع بكل ما في الكلمة من معاني ولا يمتلك اي شرعية وغطاء حتى "شعبي" كما يحب ان يصور للقراء عن هذا التيار. فجماهير العراق متمدنة وليست متخلفة او بربرية. وحتى لو فرضنا جدلا ان هذا التيار سينجح في تحرير العراق كما يتمنى اللامي فانه سيغرق العراق وعماله ونساءه ببحر من الدماء والظلام والقمع والسجون. هذا التيار مكروه والناس تتقزز منه ومن اساليب زبانيته الصدامية. اما استعماله لكلمات من قبيل "معاداة الامبريالية" و"التحرير" فهي تفصح عن مجمل ماهية الفكر القومي "اي الدفاع الرجعي عن البرجوازية الوطنية الوهمية" ولا تعني الرغبة في احلال المناخ السياسي الحر لجماهير العراق ورفع الخوف وانعدام اسس الحياة المدنية لانتخاب ممثليها بحرية بعيدا عن كلا من الاسلاميين والقوة الامريكية الداعمة لهم.

2.الاستبداد والقمع ومناهضة الحرية السياسية والحقوق المدنية للمواطنين.

اللامي يدعو وبوقاحة غريبة الى ممارسة القمع والاستبداد الاسلامي بدلا من البعثي هذه المرة. ويسدي النصح والمشورة كاي آية من آيات الله او السادة المعممين في قم او طهران او النجف!! اقمعوا هذا واسمحوا لهذاك وهذا عميل وذلك نصف عميل والاخر شريف ونحن "الاشرف من الكل"!! يقول اللامي بما معناه لا تقمعوا هذا الحزب (الشيوعي العمالي) لانه ليس حزبا عميلا وعاملوه كمجموعة من "الصبية الضالة والحمقى"!!. وهنا اعتب على الكاتب حقاً لاهانته "الصبية الضالة" وكان من الافضل له ان يقول: "كما تعاملون النساء في العراق" لان الصدريين ومقاومته مشهود لهم باضطهاد وتحقير النساء وحرق وجوههن بالتيزاب بل وقتلهن في الشوارع وفي وضح النهار.
هنا يلعب علاء اللامي دور خلخـــالي أو صدام أو الخميني ويسدي النصح لمن يجب ان تقام له حفلات الدم. اللامي القومي ينسى ان الناس يمقتون هذه الاساليب البعثية. يمقتونها ويكرونها لانها ممارسات مجرمة ومعادية للحرية. انه ينسى ان معيار الشيوعيين في الصراع الاجتماعي كان دائما الاستغلال الطبقي الرأسمالي للعمال وليس العمالة او عدمها للاجنبي (مفاهيم القومية) ولا يجد في خطاب من يدعو الى سيادة حكم البرجوازية الوطنية (حتى لو كان من الحثالة وقطاع طرق ومافيا تجارة النساء و"ضرابة مواسة" - كما يقول اهل الجنوب الشرفاء عن جماعته)، اي محتوى تحرري للعمال والكادحين بل خداعا وتضليلا سقيماً.

3. التلون والانتهازية؛

وقد تحدثنا عن التحالف بين القوميين العرب والاسلام السياسي للبقاء في ميدان الصراع السياسي. الا ان القوميين استثمروا الماركسية ايضا وبنفس القدر من الانتهازية والتملق. ونتيجة لموقعهم الاقتصادي في المجتمع فان رغبتهم في استثمار الماركسية للدفاع عن مصالحهم البرجوازية والبرجوازية الصغيرة كانت سمة من سمات القرن العشرين اجمالا. لقد فرغوا الماركسية من محتواها الطبقي وجعلوها نظرية تحرر وطني ومحاربة الامبريالية والاستعمار وتوحيد الشعب وقواه الخ. وبدلا من ان تكون الماركسية سلاح للنضال العمالي اصبحت من خلال القوميين العرب (واليساريين التقليديين وغيرهم) سلاح للنضال من اجل تحرر الوطن وترسيخ حكم البرجوازية الوطنية والتأميم والاستقلال الوطني وتفشي القيم العنصرية العروبية المناهضة لبقية القوميات والاديان والاجناس. واليوم يهرعون كالنعامات المذعورة خلف المعممين والرجعيين الاسلاميين بلا اي حياء والمبررات جاهزة كالعادة: تحرير الوطن والنضال ضد الاستعمار والصهيونية...الخ الخ.

4.الكذب وتزييف الحقائق ؛

ولم يكتف علاء اللامي بالتهجم على الحزب وافراده والطعن في نزاهتهم بل قام بالكذب ايضا في الوقائع التاريخية وهي صفة التيارات القومية. لقد ادعى كذبا بان فردريك أنجلز قال فيما بعد عن البيان الشيوعي بانه شاخ. وهذا غير صحيح تماماً. ادعو الجميع الى قراءة ما قاله انجلز. يقول في مقدمته للطبعة الانكليزية 1888 للبيان الشيوعي:
"برغم كمية التغير الحاصل في وضعية الاشياء خلال الخمسة وعشرين سنة الماضية، فان المبادئ العامة التي عرضت في هذا البيان هي، بشكل اجمالي، صحيحة اليوم كما كانت عند وضع البيان" (الترجمة والتأكيد لي). وقد اوضح في مكان اخر بان البرنامج التطبيقي اي الاجراءات التي ينبغي على العمال اتخاذها عند الاستيلاء على السلطة السياسية والموجودة في نهاية الجزء الثاني من البيان وليس البيان الشيوعي نفسه، قد " تقادم عليه الزمن antiquated في بعض اجزاءه". (انظر البيان الشيوعي، ماركس وانجلز، مقدمة انجلز للطبعة الانكليزية 1888 ). ان الكذب من اجل تبرير الموقف السياسي تعبيرٌ عن افلاس.

جزء من تيار عالمي

ان موقف الكاتب هو امتداد اقليمي لتيار سياسي واجتماعي عالمي. هذا التيار له سمات عامة مشتركة ولكنه لا يخلو من التباينات الناجمة عن اختلاف الظروف المحلية. يمتاز هذا التيار بالخصائص المشتركة التالية:
1. انه تيار انتي-امبريالي (معاد للاستعمار).
2. ينتمي اعضاؤه عموما الى شرائح البرجوازية الصغيرة من المثقفين والطلبة والمهنيين والاساتذة الجامعيين والمدافعين عن البيئة والانسانويين والمتدينين والفوضويين وعموم الناقمين على الوضع الراهن في بلدانهم. لا يضم هذا التيار قوى عمالية او نسوية واسعة مؤثرة.
3. سياسيا تتزعم هذا التيار حركة الاشتراكية الديمقراطية. ويعمم هذا الجناح البرجوازي كل خصائصه السياسية والاجتماعية على مجمل التيار ويسير منهجه. واهم تلك الخصائص السياسية هي (عدا الانتي-امبريالية) هي القومية والتحالف الانتهازي مع قوى الاسلام السياسي خارج الشرق الاوسط والنظر اليها على اساس كونها حركات تحررية (مستلة من تجارب امريكا الجنوبية). يركن غالبا الى مقولات لينين بشكل انتهازي لتبرير الاصطفاف مع هذه القوى ومنحها المنابر الاعلامية والدفاع عن ارهابها ضد الجماهير على انه الرد "الممكن" على الهجوم المهول للامبرياليين. فالدفاع عن طالبان والخميني وميلوسوفيتش وصدام وكل ادران البرجوازية الاخرى هي بالنسبة لهذه الحركة هي دفاع عن أنتي امبرياليين احرار وهي ممارسة ضرورية لادامة وجود هذا التيار البرجوازي. انه دفاع عن مبرر وجودها. هذا التيار يلوث المحتوى الانساني الجماهيري لمعاداة الرأسمالية والحرب ويجيرها لصالحه.
4. اجتماعيا فان هذا التيار محافظ ورجعي بلا حدود. وهو يخدع العمال بكلام معسول ويعارض تحرر النساء ومساواتهم بالرجال بحجة الظروف ومقدسات الجماهير ويدعو الى النسبية الثقافية والتعاون بين العمال والبرجوازية ويرسخ التقاليد والموروثات الاجتماعية للمهاجرين بكونها"اصالة" و"تراث" و "قيم" انسانية. وهذا التيار يعارض منح الملايين من شعوب العالم اي حقوق كالتي يتمتع بها مواطنو اوربا وامريكا ويناهض تماما مقولة ان حقوق الانسان حقوق عالمية.
من ذلك يمكن القول بان هذا التيار يعارض السياسة الامريكية من منطلق البرجوازية المتضررة وليس من منظور العامل المنتهك بالرأسمال وحروبه الجشعة. من منطلق "صاحب الدكان" الذي خربت بضاعته وكسدت امام "السوبر ماركت الضخم" الذي اقتحم المنطقة وسحب كل زبائنه ووظف كل عماله. ان صاحب الدكان البائس صار يقتل المارة بوحشية "لتحرير" منطقته الجغرافية من "السوبر ماركت الاجنبي الدخيل"!!. وما يزيد الطين بلة ان صاحبنا لا يبيع الصابون او العسل اوالطحين بل عفونة معلبة واوبئة مكيسة، وسموما قتلت already الالاف من البشر.

هنا فان الصراع الارهابي للاسلام السياسي ذو البضاعة القاتلة (تيار اللامي الصدري وغير الصدري) مع الامبريالية الامريكية المتوحشة من اجل المصالح البرجوازية يهلل له تيار اللامي القومي الانتي امبريالي على انه صراع تحرر وطني او "انتفاضة” حسب تعبيره. انه زيف وكذب موجه اساساً لجلب العمال (الشعب الاعزل بتعبيره ايضاً) الى ميدان الصراع وجعلهم مادته لتبرير قتلهم بل وحتى اطفالهم بالالاف من اجل مصالح برجوازيته البائسة. هذا التيار لا يتورع عن تبرير القتل والتلذذ به على انه "فداء للوطن". امتداد فاشي مقنع وبمنتهى الانتهازية لمنهج صدام حسين والبعث في مقارعة "الشعوبية الفارسية" والامبريالية الامريكية باجساد الملايين من عمال العراق وايران.

عداء تكتيكي

ان عداء هذا التيار للسياسة الامريكية عداء تكتيكي مرهون بتحقيق هدف مرحلي. ولكنه اساسا عداء قائم على الرغبة في البقاء في ميدان الوجود السياسي. فبدون الانتي-امبريالزم والجعجعة القومية فلن يبقى من هذا التيار شي. ليس في جعبته الاقتصادية شئ للناس. ليس له مشروع فقد ماتت مشاريعه الخمسية والعشرية ومنهج الاقتصاد الموجه ورأسمال الدولة وانهار مشروع القومية العربية وغيرها الى فشل ذريع يكاد يطيح بعروشهم جميعا. وسياسيا صار استبدادهم مرفوضا وغير قابل للتحقيق. ان الاسلاميين دخلوا ميدان الصراع السياسي مؤخرأ بشكل نسبي واليوم اصبحت تجربة ايران والسعودية والباكستان وافغانستان وغيرها من دول الاسلام السياسي المكروهة من قبل الجماهير تطاردها كالبعبع. ان فشل مشروع القومية العربية والاسلام السياسي فشل اقتصادي بالاساس وهذا ما ادى الى الحاق الهزيمة السياسية بهذه التيارات البرجوازية اليوم على يد امريكا مما دعاها الى تبني الارهاب بابشع اشكاله واكثرها اجراما. ان الارهاب بضاعة الرأسمالية. أمريكا مارست ارهاب- الدولة المدمر في العراق والذي يمتلك طبقة عمالية قوية علمانية وقابلة للتنظيم.

من هذه الرؤية يمكن القول ان مقارنة المقترب السياسي و"التحريري" للفيتكونك الفيتنامي مع تيارات الاسلام السياسي (مقتدى الصدر ومزيج الوهابيين والبعث) هو غباء مقصود منه الدعاية البائسة للاسلام. فالاسلام اليوم لا يمثل نموذجا ما. والناس كما قلت تكرهه تماما في منابعه (ايران والسعودية وافغانستان الخ). ان تجربة فيتنام تمت في ذروة تبلور التيارات القومية المعادية لراسمالية السوق الحرة التي مثلها الغرب وكان نجاح المقاومة الفيتنامية راجع ، برأيي، اضافة الى وجود ممثل ذلك التيار القوي (الاتحاد السوفييتي)، في جانب منه الى قوة البدائل الاقتصادية للبرجوازية القومية – القطب الشرقي وازدهار نموذجها في ذلك الوقت - راسمال الدولة الموجه. الا ان هذا التقييم لا يعني ابداً نفي مقاربة "التورط" الامريكي في غزو فييتنام بالعراق وبشكله العام جداً.

الحزب الشيوعي العمالي العراقي يقدم بديلا تحررياً:

الحزب العمالي العراقي يقول ان هذه حرب الارهابيين – والمساواة بين الارهابيين ليست المسألة الاساسية هنا فالسؤال لايتم عن عدد العمال والابرياء القتلى التي سببها ارهاب الجانبين، بل المسألة الاساسية هي الاجرام المشترك والميكافيللية في تبرير المجازر واخيرا البديل السياسي الاقتصادي لهذين التيارين البرجوازيين لجماهير العمال والنساء والشباب. البديل الامريكي القائم على اقتصاد السوق الحرة مع ما يعنيه من ابشع استغلال وحرمان للعمال والبديل الرأسمالي الاسلامي القومي الفاشل وغير القابل للتطبيق مطلقا في العراق لنفاذ صلاحيته (سلعة بائرة لا تجلب التراكم الا بالارهاب والقمع المحلي الواسع). ان صراع هذين البديلين الدمويين يخلق وضعا مدمراً للناس في العراق. ان البديل الانساني الوحيد المتاح اليوم في العراق هو البديل الاشتراكي– اشراك كل المجتمع في تملك وسائل الانتاج الاجتماعيcommunal ownership والغاء العمل المأجور والملكية الخاصة لوسائل الانتاج واقامة نظام اشتراكي مبني على الحرية والمساواة وتثوير المجتمع وتغيير كامل بنيته الفوقية.
هذا مقرون بتوازن قوى العمال مع البرجوازيين. ان وجود الولايات المتحدة في العراق يعني زيادة السطوة السياسية للبرجوازية "الاسلام السياسي"، اما من خلال عملاء امريكا (مجلس الحكم)، او من خلال اعداء امريكا (مقاومة شيخنا الجليل) وزيادة ابعاد يوم الخلاص من القهر وانعدام الحرية والظلم عن المجتمع. ومن هذا المنطلق ننادي بخروج القوات الامريكية وليس من منطلقات اللامي القومية البرجوازية "العشائرية". وفي كل الاحوال ومع استمرار انتهاك الحرمة الانسانية في العراق والوجود الامريكي سبب كل هذا المنزلق الكارثي فان بديل الدولة العلمانية اللادينية واللاقومية الحديثة واقرار المساواة التامة لجميع المواطنين بغض النظر عن عقائدهم او اديانهم او طوائفهم والمساواة بين المراة والرجل تحديداً وفصل الاسلام عن الدستور والتربية والتعليم وجعل الدين شأنا شخصيا (كما ينبغي) هي مطالب اساسية للمجتمع المختنق بالحروب والارهاب والجوع والبطالة والرجعية الاسلامية السياسية السافرة لكي يقف على عتبة تغيير جدي واساسي في حياته. بدون تحقيق هذه المطالب سيستمر انتاج الموت والاستبداد والجوع والتمييز ضد العمال والنساء في العراق من قبل الرأسمال تحت ذرائع جديدة ومسميات متنوعة.
الحزب الشيوعي العمالي يناضل لايقاف هذا السيناريو المظلم عن جماهير العراق وبناء عالم انساني يليق بها.

******************************************

*لقب تمنحه المؤسسة الدينية لبعض العاطلين عن العمل. عدا عن "فائض القيمة" المستحصلة من استغلال العمال في مشاريعهم" الخيرية" والنساء في البيوت فهم يلغفون الخُمُس "فائض القيمة مضاعفاً" (وهي ضريبة مزدوجة باهظة على العمال والرأسماليين). هنا يكمن الجذر الاقتصادي لهؤلاء " للجهاد في سبيل الله وتحرير الارض من رجس الاجنبي " وهلم جرا.
** ذوبان الملامح هذا وصل حتى الى هيئة افراد كلا التيارين (اندماج اللحية الاسلامية والطرة على الجباه الورعة مع الشوارب العروبية البعثية وفرض الحجاب على النساء) وصار جزءاً من السيماء الاجتماعي لهؤلاء.
*** الشتائم في المجتمعات العربية-الاسلامية دائما تمعن في اهانة النساء جنسيا فاذا كان المشتوم رجلا فهي ضد نساء عائلته – امك اختك الخ. اما اذا كانت المشتومة امرأة فهي تهان جنسيا بشكل مباشر دون وساطة الرجل.



#عصام_شكري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعوة من عصام شكــري الى جميع العلمانيات والعلمانيين في العرا ...
- بيان شجب لتهديدات الاتحاد الوطني الكردستاني لمقر منظمة حرية ...
- الرايات الحمر حول الظهور المتكرر لرايات الحزب الشيوعي العراق ...
- نداء - يجب ان نجعل من محاكمة صدام فرصة لمحاكمة كل الهيئة الا ...
- أولويات وزير الثقافة - غير المفيدة- حول الديمقراطية والاسلام ...
- النفاق السياسي للغرب حول -النسبية الثقافية- وحقوق الاطفال في ...
- المجتمع في العراق صراع مفاهيم ام تيارات اجتماعية؟
- هل تقبل الشبيبة باقل من حريتها الكاملة؟
- اتحاد العاطلين وسيلة نضالية بيد عمال العراق
- الاحتجاجات الجماهيرية وازمة الادارة المدنية الامريكية
- بوش والهــدف الاخلاقــــــــــــي للحـــــــــــرب!!!
- يجب منـع هذه الحرب بكل الطرق
- أسئلـــــــة للجنرال باول
- الطليعة الجسورة لقوى الانسانيـــــة
- بالمرصاد لمن يتاجر بأرواح العراقيين
- احمد الجلبي وهزيمة الباب الخلفي
- سقوط الاقنعةٌ- ردٌ على الكاتب علاء اللامــــي
- ردي على رسالة السيد صاحب الطاهر في موسوعة النهرين بخصوص من ...
- خسرنا البارحة قائدنا الكبير منصور حكمت
- "الرفع الفوري وغير المشروط للحصار عن العراق"


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عصام شكري - آية الله* اللامــــي