أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جميل السلحوت - القدس مدينة التعددية الثقافية














المزيد.....

القدس مدينة التعددية الثقافية


جميل السلحوت
روائي

(Jamil Salhut)


الحوار المتمدن-العدد: 2618 - 2009 / 4 / 16 - 11:00
المحور: القضية الفلسطينية
    


القدس هذه المدينة الصغيرة في حجمها ، عظيمة الشأن الكبيرة في قدرها ، فإذا كانت مساحة القدس القديمة التي يحتضنها سور المدينة التاريخي لا تتجاوز الكيلومتر المربع الواحد ، الا أن هذه المدينة شهدت أحداثاً جساماً لم تشهدها قارات كبيرة ، فقد تعاقب الغزاة عبر التاريخ كل يحاول السيطرة على هذه البقعة الصغيرة حتى قبل نزول الديانات السماوية ، فهذه البقعة الصغيرة المساحة تحوي في جنباتها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ، المسجد الأقصى أحد المساجد الثلاثة التي تشد اليها الرحال ، منه عرج الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه الى السماوات العليا ، وفيها مسجد عمر وعشرات المساجد والمدارس والتكايا والزوايا والأبنية التاريخية ، التي كل واحد منها هو سجل تاريخي بحدّ ذاته ، وفيها كنيسة القيامة وكنيسة العذراء وعشرات الكنائس والأديرة التاريخية أيضاً.
والدارس لتاريخ المدينة سيجد أن الملك اليبوسي العربي ملكي صادق عندما بناها قبل حوالي ستة آلاف عام قد اختار مكانها بعناية فائقة لتكون عاصمة لدولته ، ولتتوراتها الأجيال العربية من بعده كابراً عن كابر ، ورغم ما تعرضوا له من غزوات ومذابح ،ومنها المذبحة التي قام بها الفرنجة واحتلوا بها المدينة في العام 1099 م حيث ذبحوا سبعين ألفاً من مواطنيها ، إلا أن التواجد الفلسطيني العربي لم ينقطع يوماً واحداً عن هذا الديار المقدسة ، وهذه المدينة ذات التعددية الثقافية والدينية كانت منبراً حضارياً ثقافياً عبر التاريخ ، ولأهميتها عند العرب والمسلمين فإن الخليفة الثاني الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه ، جاء الى المدينة بنفسه لاستلام مفاتيحها من البطريرك صفرونيوس عند الفتح الاسلامي لها، وليوقع معه العهدة العمرية التي تنظم العلاقة بين مسلمي ومسيحيي هذه الديار ، وما أعطاه الخليفة من أمن وأمان وحرية عبادة وحق مواطنة لمسيحيي المدينة كان منهجاً سار عليه المجاهد صلاح الدين الأيوبي عندما حرر المدينة من براثن الفرنجة ، فلم يقتلهم ولم يسلبهم أموالهم كما فعلوا هم عند احتلالهم للمدينة ، بل أعادهم الى بلدانهم التي أتوا منها ، وأعطى فقراءهم دابة يركبونها ومؤونة الطريق،
وهذا دلالة علىالتسامح العربي الاسلامي حتى مع الأعداء ،والذي تحكمه قواعد ربانية تحترم حقوق الانسان ، وتحترم حقه في الحياة والتملك ، وتحافظ على كرامته .
والمدينة المقدسة التي كانت منبراً حضارياً وثقافياً ، ومركز اشعاع حضاري عبر التاريخ تعيش محنة الاحتلال الاسرائيلي الذي أهلك البشر والشجر والحجر ، ولم يحترم حتى حرية العبادة وأتباع الديانات الأخرى ، فحتى الفلسطينيون المسلمون والمسيحيون من الأراضي الفلسطينية المحتلة في حزيران 1967 من خارج أبناء القدس يُمنعون من الوصول الى دور عبادتهم في القدس لآداء صلواتهم في أقدس مقدساتهم وهي المسجد الأقصى وكنيسة القيامة ، والمدينة تتعرض لعملية تهويد يومية ومبرمجة ومخططة ، ويتعرض مواطنوها الفلسطينيون الى سياسة تطهير عرقي مبرمج ومدروس أيضاً ، فلم يكتف المحتلون بهدم حارات الشرف والمغاربة وحيّ النمامرة في الأيام الأولى لاحتلال المدينة ، وطرد سكانها العرب ، وبناء حيّ استيطاني يهودي مكانه ، بل انهم يحاولون السيطرة على أماكن أخرى في المدينة القديمة ، وفي محيطها مثلما يجري الآن في حيّ البستان في سلوان وفي حيّ الشيخ جراح ، اضافة الى مصادرة الأراضي الفلسطينية وبناء اثنتي عشرة مستوطنة في القدس الشرقية يقطنها حوالي ربع مليون مستوطن .
واذا كان العرب يحتفلون هذا العام بالقدس ( عاصمة الثقافة العربية عام 2009 ) فإن المحتلين الاسرائيلين قد اتخذوا قرارهم بمنع أيّ مظهر احتفالي له علاقة بهذه المناسبة ،وهذا يدل على العمى السياسي للمحتلين الذين لم يكتفوا بالسيطرة العسكرية على المدينة ،ومحاصرتهم لها من خلال جدار التوسع الاحتلالي ، وعزلها عن محيطها الفلسطيني وامتدادها العربي ، بل يحاولون بسط ثقافتهم على المدينة ، متجاهلين بذلك وجود أكثر من ربع مليون فلسطيني في المدينة ، لهم ثقافتهم العربية وانتماؤهم العربي ، ولغتهم العربية وتقاليدهم وتراثهم العربي ، وكلها أمور لا يمكن دثرها أو الغاؤها بقرار عسكري أو شرطي ، فسور المدينة التاريخي ودور عبادتها وأبنيتها ومواطنوها كلها شواهد على عروبة وأصالة هذه المدينة ، وما الاعتداء على دور العبادة والأبنية والتراث التاريخي الا اعتداء على الانسانية جمعاء ، فهذه الحضارة الأصيلة القديمة ملك للانسانية جمعاء ، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم الثقافية " اليونسكو " تعتبر القدس القديمة مدينة تراثية محمية كشاهد على الحضارة الانسانية .
وفي كل الأحوال فإن تاريخ المدينة المقدسة الذي يشهد بعراقتها الثقافية لا يحتاج الى قرار من وزراء الثقافة العربية لتكون عاصمة الثقافة العربية في عام 2009 تماماً مثلما أن عسف الاحتلال وظلمه لا يغير من حقيقة المدينة شيئاً ، لكن المأمول من الحكومات العربية والجامعة العربية هو أن تستغل هذه المناسبة لاعادة طرح قضية القدس على المحافل الدولية ، وفي مقدمتها مجلس الأمن الدولي لاتخاذ القرارات المناسبة والملزمة لكنس الاحتلال من هذه المدينة واعادتها الى وضعها الطبيعي كمدينة عربية اسلامية ، وكعاصمة سياسية وثقافية ودينية وتاريخية وحضارية وعلمية للشعب الفلسطيني العربي، الذي يعرف كيف يحافظ على حرية الديانات وعلى دور العبادة لكافة المؤمنين في الأرض .



#جميل_السلحوت (هاشتاغ)       Jamil_Salhut#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة المحلية ليست بالحسبان
- -السنجاب الخائن- حكايات على شكل قصص
- ثقافة - العصرنة -
- القدس العاصمة الأبدية للثقافة العربية
- السحر - حكاية شعبية
- أخلاقيات الحروب وجرائمها
- في انتظار فارس الأحلام
- حكاية -أبناء السلطان- فيها حكمة كبيرة
- القدس من قبل ومن بعد
- رواية -التبر- لابراهيم الكوني والأصالة
- ليس دفاعا عن البشير
- الاستيطان حرب مفتوحة
- الإشاعة - حكاية شعبية
- ليبرمان يفهم العربية
- الثرثرة - حكاية شعبية
- الجحيم...
- مدينة الصمت والتميز في الابداع
- الأمنية - حكاية شعبية
- شرعنة الاحتلال
- السمك لمن يعمل


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جميل السلحوت - القدس مدينة التعددية الثقافية