أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - -الخطاب النيروزي-.. معنىً ومبنىً!















المزيد.....

-الخطاب النيروزي-.. معنىً ومبنىً!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2594 - 2009 / 3 / 23 - 09:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أراد الرئيس أوباما "مقصَّاً" يَقُصُّ به "الشريط".. شريط افتتاح عهد جديد في العلاقة بين بلاده و"الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، فكان "الخطاب التاريخي"، الذي فيه ظهر شيء من "التغيير" إذ خاطب شعب إيران وقيادته معاً، وكأنَّه يريد أن يقول لمعارضي هذا "التغيير"، الذي وعد به من قبل، إنني خاطبت قادة إيران لعلَّهم يهتدون.

ولا شكَّ في أنَّ أوباما قد فكَّر مليَّاً في "الرمزية" التي يريد للخطاب أن يحملها على متنه، فاكتشف، مع مستشاريه، الأهمية الرمزية لعيد "النيروز"، فهذا العيد يضرب جذوره عميقاً في "الروح القومية الفارسية". إنَّه أوَّل أيام السنة الفارسية؛ وقد استحدثه الملك الفارسي جمشيد؛ أمَّا معناه فهو "الجديد".

وأوباما لا يختلف عن سلفه بوش لجهة المعنى الكامن في تمجيده لإيران، والإشادة بها، فالأمة الإيرانية العظيمة إنَّما تستمد عظمتها من "فارسيتها الحضارية والثقافية" فحسب، وليس من "جمهوريتها الإسلامية"، وبرنامجها النووي، ولا من "النووي نجاد"، المُنْكِر لـ "الهولوكوست"، والذي لا يتورَّع عن إشهار إيمانه بزوال، وبوجوب زوال، الدولة اليهودية.

أوباما، وفي الجانب الرمزي من "خطابه التاريخي"، تذكَّر الملك الفارسي جمشيد، وذكَّر به، وبمعنى "النيروز"، فهو يسعى إلى عهد جديد في العلاقة بين بلادة وإيران، شعباً وقيادةً. أمَّا الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، والذي أسَّس للترسانة النووية الإسرائيلية، وتوفَّر على إثبات "الأهمية الحضارية والفكرية والثقافية" لـ "التناخ"، فولَّى وجهه شطر "رمزية فارسية" أخرى، ولكنَّها تَرْمُز، من الوجهة السياسية، إلى بعضٍ من معاني الاعتراض الإسرائيلي على خطاب أوباما، أو على بعض سطوره، وعلى كثيرٍ ممَّا اشتمل عليه الخطاب بين سطوره.

بيريز هنَّأ الشعب الإيراني بعيد النيروز، ولم يهنئ قيادته، مُذكِّرا الإيرانيين، وأوباما، ليس بالملك الفارسي جمشيد، وإنَّما بالملك الفارسي كورش (أو قوروش) الكبير، فهذا الملك أعاد "الشعب اليهودي" من منفاه العراقي، أي من منفاه في بابل، إلى "وطنه"، وموَّل إعادة بناء الهيكل الثاني، فلم يكن كـ "الملك" نجاد، الذي أنكر "الهولوكوست"، وتحدَّث عن زوال، أو إزالة، إسرائيل، ويمضي قُدُما في تطوير برنامج نووي، يمكن أن يأتي لـ "الشعب اليهودي"، الذي عاد ثانيةً من منفاه، بـ "هولوكوست نووي" إذا ما أظهر الرئيس أوباما مزيداً من "النيَّات الحسنة".

أوباما أقرَّ لإيران بالحقِّ في أن تتبوَّأ المكانة الإقليمية والدولية التي تستحق؛ ولكنه ذكَّرها بما تمجه أسماعها، فهذا الحق يجب أن يقترن بالواجبات والالتزامات والمسؤوليات..؛ ولن يحظى هذا الحق الإيراني بـ "شرعية دولية" إذا لم تُقِمْ القيادة الإيرانية، التي تجشَّم أوباما مخاطبتها، الدليل على أنَّها قد اقتنعت أخيراً بأن تسلُّحها بـ "الإرهاب"، وإرهابها العالم والجيران بالتسلُّح الذي تتوفَّر عليه، لن يساعداها في تبوُّؤ تلك المكانة.

إنَّه لم يَقُلْ إنَّ إيران "دولة إرهابية"، أي تمارس هي "الإرهاب"؛ ولكنَّه دعاها إلى أن تكف عن مد يد العون والمساعدة إلى "منظمات إرهابية"، في مقدَّمها "حزب الله" وحركة "حماس"، وإلى أن تكف أيضاً عن مخاطبة إسرائيل بـ "لغة نجاد". أمَّا "التسلُّح" فهو "رذيلة" إذا ما توفَّرت عليه إيران، و"فضيلة" إذا ما توفَّرت عليه إسرائيل والولايات المتحدة.

قال وكأنَّه ينصح إيران وغيرها: ابنوا وعمِّروا وشيِّدوا.. ولكن إياكم أن تتسلحوا بما يمكِّنكم من الدفاع عمَّا أنجزتموه!

في "خطابه النيروزي"، أظهر الرئيس الديمقراطي أوباما اختلافاً عن سلفه الرئيس الجمهوري بوش؛ وكان وجه الاختلاف الأهم هو نسيان، أو تناسي، الرئيس أوباما لجملة "التوقف عن تخصيب اليورانيوم"، فاستمرار إيران في "التخصيب" هو الطريق إلى امتلاكها القدرة على صنع السلاح النووي، وإنْ ظلَّت تصر على أنَّها لا تعتزم أبداً صنع وامتلاك هذا السلاح "الحرام"!

وأحسب أنَّ الرئيس أوباما قد أكسب إيران مزيداً من القوة التفاوضية إذ قوَّى التزامه "الأفغاني ـ العراقي"، فكيف له أن يفي بوعديه الكبيرين، "وعد الإنهاء السريع للتورط العسكري للولايات المتحدة في العراق"، و"وعد النصر في أفغانستان"، إذا لم "يحاور" إيران بما يغريها بأن تمد له يد العون والمساعدة؟!

الرئيس أوباما يعرف المعاني الحقيقية لوفائه بـ "وعده العراقي"، فالجزء الأعظم من جيش الولايات المتحدة في العراق يجب أن يخرج عمَّا قريب من هذا المستنقع، ويعود إلى الوطن، حتى يصبح في مقدور الرئيس أوباما أن يفي بـ "وعده الأفغاني". ولكن هذا الخروج لن يأتي بما يفيد الرئيس أوباما وبلاده إلاَّ إذا قبلت الولايات المتحدة أن تتَّخِذ من إيران شريكاً إستراتيجياً لها في العراق الجديد، أي العراق الذي سيظهر إلى حيِّز الوجود بعد أن تنهي الولايات المتحدة وجودها العسكري فيه بما ينهي ورطتها العسكرية.

في عهد أوباما، الذي نَمَت الحاجة إليه واشتدت في عهد بوش، وفي عهده العراقي على وجه الخصوص، أصبح ممكناً أكثر من ذي قبل أن تنتهي حرب الولايات المتحدة في العراق إلى تقاسم للنفوذ الإستراتيجي في هذا البلد بينها وبين إيران، التي عرفت كيف تتَّخِذ من "المستنقع العراقي" أرضاً خصبة لبرنامجها النووي، ولتعاظمها العسكري والإستراتيجي.

وقد ينتهي عهد أوباما في بُعْده الأفغاني إلى ما يغري إيران بتحليل الحرام، أي بامتلاك ترسانة نووية، فالدعم الإيراني لأوباما في حربه في أفغانستان سيسير جنبا إلى جنب مع تطوير إيران لبرنامجها النووي بما يمكِّنها من امتلاك القدرة على صنع القنبلة النووية، ومن تحويل هذه القدرة، من ثمَّ، إلى ترسانة نووية.

في أفغانستان تملك الولايات المتحدة الآن نحو 14 ألف جندي، هم جزء من القوة التي يقودها حلف شمال الأطلسي، ونحو 19 ألف جندي يقاتلون في استقلال عن الحلف ضد مقاتلي تنظيم القاعدة وحركة طالبان. وتعزيزاً لقواها العسكرية في أفغانستان، تعتزم إدارة الرئيس أوباما إرسال نحو 17 ألف جندي، متوقعةً أن يرسل حلف شما الأطلسي مزيداً من الجنود إلى هذا البلد.

والرئيس أوباما يعلم أنَّ ثمناً كبيراً ينبغي له أن يدفعه لقوى إقليمية ودولية عدَّة (روسيا وإيران على وجه الخصوص) إذا ما أراد نصراً في أفغانستان.

وأخشى ما تخشاه طهران هو أن تنجح إدارة الرئيس أوباما في إغراء موسكو بالصفقة الإستراتيجية التي اقترحتها عليها، والتي بموجبها تتخلى الولايات المتحدة عن خططها لنشر أجزاء من درعها المضادة للصواريخ في تشيكيا وبولندا في مقابل توقف روسيا عن مساعدة إيران في كل ما من شأنه تطوير برنامجها النووي وترسانتها الصاروخية.

أمَّا إذا نجحت طهران في تذليل العقبات من طريق تطوير برنامجها النووي بما يكسبها القدرة على صنع أسلحة نووية، أو بما يغريها بتحويل هذه القدرة المكتسبة إلى ترسانة نووية، فقد تضطر الولايات المتحدة عندئذٍ إلى ضم بعض الدول القلقة من التعاظم الإستراتيجي الإيراني إلى مظلتها النووية.

في الحرب العالمية الثانية، وبفضل ذلك الحاجز الطبيعي الجبار، وهو المحيط الأطلسي، نَجَت الولايات المتحدة من الشرور الحربية لألمانيا النازية. لقد هُزِمَت ألمانيا، وعمَّ الدمار والخراب أوروبا والاتحاد السوفياتي، فهيَّأ التاريخ للولايات المتحدة، المتسلِّحة بقنابلها الذرية الأولى، فرصة قيادة العالم.

وها هي إيران تستمد قوة إستراتيجية من عواقب الحرب التي خاضتها الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، فـ "بابل"، التي يحقد عليها "الشعب اليهودي"، دُمِّرت؛ ولكنها دَمَّرت معها جزءاً مهما من المكانة الدولية والإستراتيجية للولايات المتحدة؛ وإذا كان من منتصر فإن إيران هي هذا المنتصر. ولقد انتصرت إيران إذ درأ عنها "المستنقع العراقي" شرَّ حرب، طالما توعدها بها الرئيس بوش، وطالما تحدَّته أن يجرؤ على خوضها.

إنَّها "دبلوماسية فاسدة" تلك التي تحاولها إدارة الرئيس أوباما الآن، فلا سند لها في "مرجعية كلاوزفيتس". إنَّ هذا المفكِّر العسكري الاستراتيجي الألماني العظيم فَهِم "الدبلوماسية" على أنَّها الجهد الذي يمكن ويجب بذله واستنفاده توصُّلاً إلى إقناع الخصم بتلبية مطالب وشروط صاحب هذا الجهد، فإذا فَشِلَت محاولة الإقناع بدأت محاولة الإكراه، أي الحرب.
تلك هي الدبلوماسية في معناها السوي والسليم؛ أمَّا أن تبدأ جهداً لإقناع الخصم بعد، وبسبب، فَشَلِكَ في إكراهه على تلبية مطالبكَ وشروطكَ من خلال التلويح بالعصا الغليظة، وقرع طبول الحرب، فهذا إنَّما يعني أن لا خيار قد بقي لديكَ سوى "الدبلوماسية الفاسِدة" كالتي تحاولها إدارة الرئيس أوباما الآن.
وإنَّ خير دليل على ذلك هو أنَّ طهران تَفْهَم (ويحقُّ لها أن تَفْهَم) هذا الارتفاع في "منسوب الروح الدبلوماسية" لدى الولايات المتحدة مع مجيء إدارة أوباما على أنَّه إقرار، ولو ضمني، بعجز القوَّة العظمى في العالم عن اتِّخاذ الحرب، أو التلويح بها، وسيلة لحل "أزمة تخصيب إيران لليورانيوم" بما يوافِق مصالحها وأهدافها المشترَكة مع إسرائيل، وكأنَّ حرباً لم تُطْلَق فيها رصاصة أو قذيفة واحدة قد شُنَّت على إيران، التي خرجت منها منتصرة!
ولكن، هل تقبل إسرائيل أن يستمر (ويتطوَّر) البرنامج النووي الإيراني بما يُكْسِب طهران القدرة على صنع القنبلة النووية في أي وقت تشاء؟
حتى الآن لم تَقُلْ إسرائيل إلاَّ ما يؤكِّد أنَّها لن تقبل أبداً استمرار إيران في هذا المسار، فالمفاضلة الإسرائيلية إنَّما هي مفاضلة بين خطرين: خطر أن تملك إيران تلك القدرة، وخطر الردِّ العسكري الإيراني على ضربة عسكرية توجِّهها إسرائيل للمنشآت النووية الإيرانية.
إسرائيل هي الخائفة القلقة (في المقام الأوًَّل على المستوى الإقليمي) فقنبلة نووية إيرانية واحدة قد تعدل 100 قنبلة نووية إسرائيلية، لأسباب ديمغرافية وجغرافية وسيكولوجية.
ويكفي أن تعجز إسرائيل (التي تملك الآن نحو 200 رأس نووية) عن إصابة إيران بعجزٍ دائم، أو شبه دائم، عن إنتاج سلاح نووي حتى تفقد ترسانتها النووية الجزء الأكبر والأهم من أهميتها الإستراتيجية، فهل من أهمية إستراتيجية لها إذا ما عجزت عن الإفادة منها الآن في منع إيران من التحوُّل إلى "اتِّحاد سوفياتي إقليمي"؟!
إيران تمضي قُدُما، وتُظْهِر مزيداً من التصميم على المضي قُدُما، في "عملية تخصيب اليورانيوم"، مُعْلِنةً ومؤكِّدةً، في استمرار، أنَّها لن تنهي تلك العملية بصنع قنبلة نووية لأسباب عدَّة، منها أنَّها تَفْهَم تلك القنبلة على أنَّها سلاح ليس بـ "الحلال" إسلامياً؛ ولكنَّ الولايات المتحدة ظلَّت مصرَّة على أن تُقْنِع العالم بأنَّ "القنبلة النووية" هي "النيَّة الإيرانية الكبرى" الكامنة في "عملية تخصيب اليورانيوم".
ولا شكَّ في أنَّ إصرار طهران على المضي قُدُما في "عملية تخصيب اليورانيوم" يَحْمِل على الاعتقاد بأنَّ الإيرانيين يريدون أوَّلاً "امتلاك قدرة نووية مستقلة" على صنع السلاح النووي، ولو ظلوا مستمسكين بخيار "نَبْذ القنبلة النووية"، وكأنَّ هدفهم النهائي هو "التقدُّم الاقتصادي والصناعي والتكنولوجي والعلمي.. بالطاقة النووية مع امتلاك القدرة على صنع السلاح النووي".
إنَّ الأهمية العالمية والإقليمية التي يحظى بها البرنامج النووي الإيراني تكمن في إصرار طهران وقدرتها على أن تُنتِج لنفسها، وبنفسها، الوقود النووي، الذي بفضله تتمكن من توليد الكهرباء.
وتكمن، أيضاً، في أن إيران بامتلاكها القدرة على توليد الكهرباء في هذه الطريقة تمتلك أيضاً القدرة على صنع السلاح النووي، فمَنْ يُنْتِج الكهرباء في الطريقة التي تعتزمها إيران لا بدَّ له من أن يمتلك، في الوقت نفسه، القدرة على إنتاج السلاح النووي. ولو كان ممكناً امتلاك القدرة الأولى من دون الثانية لما اكتسب البرنامج النووي الإيراني أهميته تلك.
إيران من أهم الدول المنتِجة والمصدِّرة للنفط والغاز في العالم. ولكم أن تتصوروا التغيُّر الإستراتيجي الكبير الذي سيقع عندما يصبح في مقدور هذه الدولة تلبية الجزء الأكبر من حاجتها إلى الطاقة من مَصْدر آخر هو الكهرباء المتأتية من مَصْدر نووي. ولهذه الدولة مزايا إستراتيجية أخرى منها على وجه الخصوص أنَّها مطلة على مضيق هرمز، الذي عبره تَنقل ناقلات النفط الجزء الأكبر من نفط الخليج إلى الأسواق الدولية، وأنَّها على مقربة من أهم مصادر الطاقة النفطية في العالم، وأنَّها الآن تجاور الولايات المتحدة عسكريا في العراق وأفغانستان.. وهذا التجاور في حدِّ ذاته يكسبها مزيداً من قوَّة الردع. ولدى إيران ترسانة لا يُستهان بها من صواريخ أرض ـ أرض، وأرض ـ بحر، كما أنَّ لمنشآتها ومواقعها النووية نظاماً أمنياً يجعل ضربها من الصعوبة بمكان.

إذا كانت إسرائيل تمتلك أسلحة نووية، أو تبدو كذلك لدى كثير من العالم، وإذا كانت إيران تعتزم، بحسب التهمة الموجَّهة إليها من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا وفرنسا وألمانيا..، صنع قنبلة نووية، فهل من معيار يمكن أن تدعو الدولة اليهودية العالم إلى الأخذ به من اجل أن يصبح مقبولاً دولياً الآن، أو مستقبلاً، تمييز "الحق النووي الإسرائيلي" من "الحق النووي الإيراني"؟

أعتقد أنَّ رئيس الوزراء الإسرائيلي اولمرت كان واقعا تحت تأثير فكرة كهذه عندما "زلَّ لسانه (الإنكليزي)"، من قبل، وقال لمحطة تلفزيونية ألمانية: "إيران تهدِّد بمحو إسرائيل من الخريطة.. إسرائيل لم تهدِّد قط بإبادة أي شعب. هل يمكنكم أن تقولوا (بعد ذلك وبسبب ذلك) إنَّ الأمرين متساويان عندما يتطلع الإيرانيون إلى امتلاك أسلحة نووية مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل وروسيا..".

خصوم اولمرت من القادة الإسرائيليين اغتنموا "زلَّة لسانه"، فأظهروه على أنه غبي سياسياً واستراتيجياً، متسائلين في دهشة واستغراب" :كيف يعترف، ولو تلميحاً، بامتلاك إسرائيل أسلحة نووية في وقت تسعى الدولة اليهودية إلى إقناع الخصوم الدوليين الكبار للبرنامج النووي الإيراني إلى أن يقفوا موقفا يسمح بمنع إيران من إنتاج القنبلة النووية؟!".
المحامون عنه من مرؤوسيه سارعوا إلى وصف أقواله بأنها "زلَّة لسان"، فعاد رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي لم يعترف بأنَّ لسانه قد زل، إلى "الخطاب النووي الإسرائيلي الرسمي"، والذي يقوم على مبدأ "الغموض النووي"، ليقتطف منه ما يصلح لأن يكون تصريحاً توضيحياً يدلي به، فقال إنَّ إسرائيل لن تكون الدولة الأولى التي "تُدْخِل" السلاح النووي إلى المنطقة. وعملاً بسياسة "الغموض النووي"، التي ما عادت تلبي حاجة إسرائيل المتزايدة إلى استعادة ما فقدته من قوتها الرادعة، لم يشرح لنا اولمرت المعنى النووي الإسرائيلي لكلمة "تُدْخِل"، فهل معناها أنَّ إسرائيل تملك فعلا أسلحة نووية؛ ولكنها لن تُعْلِن ذلك، أو لم تَقُم بَعْد بإخراجها من الظلمات إلى النور؟!
إسرائيل ما زال لها مصلحة على ما يبدو في أن تظل "الدولة النووية السرية الوحيدة في العالم"، وإنْ أظهرت حرصا على أن تجعل أعداءها مؤمنين إيماناً لا يتزعزع بأنها تملك فعلا ترسانة نووية تضم مئات الرؤوس النووية.
إذا كانت إيران قد خرجت منتصرة من الحرب التي خاضتها الولايات المتحدة في العراق، ضد العراق، وضد العرب، انطلاقاً منه، فإنَّ المهزوم الأكبر لم يكن سوى العرب، الذين عرفوا كيف يُعدُّون لهزيمتهم ما استطاعوا من الأسباب والسُبُل والوسائل.. والذين فضَّلوا أن يظلوا "أمَةً" على أن يصبحوا "أمَّة"، فليس من أمَّة على وجه الأرض تفوقهم أو تعدلهم لجهة "وضوحهم اللانووي"، فهُم في تسلُّحهم "كتاب مفتوح"، تقرأه إسرائيل قبل أن نقرأه نحن، يُنْفِقون من المال في سبيل تسليح جيوشهم ما يَجْعلكَ تظن أنَّ معظم سلاح العالم عندنا، فإذا دخلوا الحرب، طائعين أو مكرهين، ترى الجيوش بلا سلاح، والسلاح بلا جيوش.

عندما يتحدَّانا الواقع النووي الإقليمي أن نصبح "نوويين"، نلبس لبوس "الخُضْر"، فننتصر لـ "البيئة"، وكأن ليس في العالم النووي سوى ظاهرة "تشيرنوبيل"؛ ثم نخلع هذا اللبوس لنلبس لبوس "الوسطية النووية"، فنحن "أمَّة وسط". ثم نكتشف، بعد أن نضرب صفحا عن "مخاطر تشيرنوبيل إيراني"، أهمية الاستعمال المدني والسلمي للطاقة النووية؛ أمَّا سعي غيرنا لامتلاك السلاح النووي فقد نواجهه بطلب العيش ضمن مظلَّة نووية يملكها "أصدقاء" لنا!

إنَّ تقصيرنا في (أو عن) أنْ نُعِدَّ لإسرائيل ما استطعنا مِنْ رباط الخيل النووي هو ما جَعَلها لا ترهبنا، وتمضي قُدُماً في تسلُّحها النووي حتى باتت تملك نحو 200 قنبلة نووية، وحتى بِتْنا لا نملك في مواجهة "الدولة اليهودية النووية" سوى الدعاء أنْ يريها الله الحق حقَّاً ويرزقها اتِّباعه.
وهذا "الدعاء" نُتَرْجمه، في بياناتنا السياسية، بهذا القول البليغ: "ندعو إسرائيل إلى الانضمام إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وإخضاع منشآتها النووية لأنظمة التفتيش النووية للوكالة الدولية للطاقة الذرية".






#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الأردن.. يجادلون في -الأقاليم- وكأنَّها -أقانيم-!
- -أُمُّ اللجان- يجب ألاَّ تكون ل -الحكومة-!
- شيء من -الأيديولوجيا الإعلامية-!
- على هذا فَلْيَتَّفِق -المتحاورون-!
- وخلقناكم -فصائل- لتحاوروا..!
- -الغلاء الأردني-.. مات -سبباً- وبقي -نتيجةً-!
- أزمة -مقالة الرأي-!
- -العدالة الدولية- بين إقليمي غزة ودارفور!
- حلٌّ تتوفَّر على إبداعه -حكومة نتنياهو ليبرمان-!
- رواتب الوزراء والنواب في الأردن تعلو ولا يُعلى عليها!
- أزمة العلاقة بين -السياسة- و-المبادئ-.. فلسطينياً!
- -إعادة إعمار- من طريق -الهدم السياسي-!
- -تحرير- المصالحة بين الفلسطينيين!
- أهي بداية تعافٍ في السياسة العربية؟!
- على نتنياهو أولا أن يلتزم ما التزمه عباس!
- أوباما يطلب -الترياق- ولو في السويد!
- تهويد -مبدأ كلينتون- بدءاً من حي سلوان!
- جريمة الإنكار وإنكار الجريمة!
- نتنياهو يملك وليبرمان يحكم!
- -العبثية- في وجهيها!


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - -الخطاب النيروزي-.. معنىً ومبنىً!