أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (6)















المزيد.....

المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (6)


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 2586 - 2009 / 3 / 15 - 08:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(ب)- المرحلة الثانية: مرحلة ما بين الحربين (1914-1945)
تميزت هذه المرحلة بتأسيس الأممية الشيوعية الثالثة " الكومنترن " في 4 مارس/آذار1919، وبالدور البارز الذي لعبته مع حركات التحرر الوطني، خاصة في قارتي آسيا وأفريقيا. وقد أقر المؤتمر التأسيسي الأول برنامج الأممية الشيوعية، حيث تم تحديد أسباب ونتائج الحرب العالمية الأولى " إنّ الحرب الأخيرة، والتي هي قطعا حرب من أجل المستعمرات، قد كانت في الوقت ذاته حربا قد خيضت بمساعدة المستعمرات. لقد جُرَّ سكان المستعمرات إلى الحرب الأوروبية بمقياس لا سابق له. الهنود والزنوج والعرب والمدغشقريون حاربوا على القارة الأوروبية - من أجل أي شيء؟ من أجل حقهم في أن يبقوا عبيدا لإنكلترا وفرنسا. لم يحدث من قبل أن افتُضح الحكم الرأسمالي على هذا النحو من الوضوح، ولم يحدث من قبل مطلقا أن طُرحت قضية الاستعباد الكولونيالي بمثل هذه الحدة التي تُطرح فيها اليوم ".
وأكد البرنامج على أنّ تحرير المستعمرات غير ممكن إلا بالارتباط مع تحرير الطبقة العاملة في المتروبول، ووجه المؤتمر بيانا جاء في خاتمته " ياعبيد المستعمرات في أفريقيا وآسيا ! إنّ ساعة ديكتاتورية البروليتاريا في أوروبا ستكون ساعة تحريركم أنتم أيضا ".
هكذا، ومنذ اللحظة الأولى لانبثاقها نادت الأممية الشيوعية الثالثة الشعوب المضطهَدة في الشرق كحلفاء في الكفاح ضد الإمبريالية، وتحركت باعتبارها المنظمة الثورية العالمية الأولى.
وكان من أهم قرارات المؤتمر الثاني للأممية الثالثة الدعوة إلى عقد المؤتمر الأول لشعوب الشرق بباكو في شهر سبتمبر/أيلول 1920، وقد ناقش المؤتمر القضية الزراعية في بلدان حركة التحرر الوطني، حيث وجّه المؤتمر الفلاحين نحو الثورة ضد الإمبريالية وضد الإقطاعية، وتوزيع أراضي الملاكين، وتحويل مواشي الملاكين إلى ملكية فلاحية مشتركة، وتأميم الأرض.
وفي المؤتمر الثالث للأممية الشيوعية، الذي انعقد بين شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز 1921، كانت المسألة القومية في المستعمرات أحد أهم القضايا التي طُرحت للنقاش. ولكي نفهم أسباب تزايد انشغال الأممية بقضايا التحرر الوطني في تلك الفترة، يجدر بنا أن نلم بالوضع السياسي العام. فحين انعقد المؤتمر كانت روسيا السوفياتية قد دحرت التدخل الأجنبي والحرس الأبيض الروسي، ولكن كانت الأعمال الثورية في كثير من البلدان الأوروبية قد انتكست .
لقد حلّل لينين الوضع في المستعمرات، وأشار إلى أنه من الخطأ اعتبار النضال التحرري في المستعمرات كـ " حركة وطنية لا قيمة لها ومسالمة تماما ". وذهب إلى القول بأنه " يعاين تغيّرا عظيما منذ مطلع القرن العشرين: فالملايين ومئات الملايين، وفي الحقيقة، الأغلبية الساحقة من سكان الكرة الأرضية، تتقدم الآن كعوامل ثورية مستقلة ونشيطة ". وبالرغم من كلام لينين عن دور حركة التحرر الوطني، فإنه في الواقع كانت الحكومة السوفياتية تعطي الأولوية للاعتبارات الديبلوماسية، خاصة أنها لم تكن ترغب في التخلي عن أملها في طريقة للتعايش مع الدول الغربية. فبعد ثلاثة أشهر من هذا المؤتمر عقدت اتفاقا تجاريا مع الحكومة البريطانية، اشترط على أن يتعهد البلدان بوقف شتى أنواع الدعاية المتعادية بينهما، وعلى أن تمتنع روسيا السوفياتية، بوجه خاص، عن القيام بأعمال دعائية يمكن أن تدفع الشعوب الآسيوية إلى العمل ضد المصالح البريطانية .
وبين المؤتمر الثالث للأممية والمؤتمر الرابع، الذي انعقد في شهري نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 1922، طرأت أحداث جديدة ساهمت في تقوية اهتمام " الكومنترن " بمسالة المستعمرات. فعلى الميدان الأوروبي، شهد عام 1922 صعود الفاشية في إيطاليا. وهناك المشكلة التركية أيضا، إذ خلقت تضادا بين روسيا السوفياتية وبريطانيا، التي كانت عقبة أمام الحضور السوفياتي في مؤتمر لوزان، الذي كان افتتاحه سيتم قريبا. لذا، لم يعد لدى القادة السوفييت من أسباب تدعوهم إلى وضع حد لدعايتهم ضد الإمبريالية الإنكليزية، كما كان عليه الأمر عام 1921.
ففي المؤتمر الرابع استطاع المندوبون الشرقيون التحدث بإسهاب طيلة الجلستين المخصصتين لبحث مشاكلهم، كما أنّ تقرير رئيس المؤتمر عن نشاط الأممية أفسح مكانا كبيرا للكلام عن تطور الأوضاع الثورية في الشرق. وقد شهد المؤتمر اتجاهين متباينين لممثلي البلدان الآسيوية. أولهما، كان ممثلا بشكل رئيسي بالأندونيسي تان مالاكا، وقد توقفنا عند أطروحاته سابقا. وثانيهما، كان ممثلا بالهندي ن.ن.روي، الذي رأى أنه ينبغي التفكير بتهيئة الأحزاب الشيوعية في المستعمرات لتحمل أعباء قيادة حركات التحرر القومي، وبذلك أكد رؤيته " اليسارية " التي رأيناها سابقا.
وبالرغم من تباين الرؤى، فإنّ المؤتمر ألح على ضرورة قيام الأحزاب الشيوعية بدعم حركة التحرر الوطني في الشرق " إنّ على كل حزب شيوعي في بلد يملك أراضٍ مستعمَرة أن يتولى عبء تنظيم منهجي لمساعدة مادية ومعنوية للحركة البروليتارية والثورية في المستعمرات. إنّ الاتجاهات الاستعمارية والاشتراكية الكاذبة لدى بعض الفئات العمالية الأوروبية التي تتناول أجورا جيدة، والتي تعمل في المستعمرات، ينبغي أن تُحارَب بعناء وبلا هوادة وبلا رحمة ".
وعندما انعقد المؤتمر الخامس للأممية الشيوعية، في 17 يونيو/حزيران 1924 كان لينين قد توفي، فبدأت اتجاهات المؤتمر وقراراته ترتدي العلامات المميزة للعهد الستاليني. وخلال المناقشات، مثّل روي مرة أخرى أيضا الاتجاه المتطرف. وكانت نقطة الخلاف الرئيسية بين روي وقيادة المؤتمر هي : إنّ قيادة الأممية تعتبر أنّ التحالف مع البورجوازية هو التكتيك المناسب لمجمل المرحلة الديمقراطية البورجوازية في البلدان المتأخرة، في حين أنّ روي لم يقبل بفكرة التحالف إلا في بعض الظروف، وبالتحديد " عندما تكون قدرة البورجوازية بمنأى عن إمكانية الاستيلاء على السلطة ".
وخلافا لآراء روي فإنّ قرارات المؤتمر قد نادت بتكتيك يقضي بالتعاون مع البورجوازية في الشرق كله، وألحت أيضا على أهمية الحركات التحررية في المستعمرات، وعلى ضرورة عدم توجيه كل نشاطات الكومنترن نحو الغرب. ولكنّ السياسة التي انتهجها ستالين في الأطراف الإسلامية للاتحاد السوفياتي في الفترة نفسها، والسياسة الخارجية للاتحاد السوفياتي كذلك، لم تدعم فرضية الأممية الشيوعية.
ومنذ المؤتمر السادس للأممية الشيوعية أدت الاستراتيجية المتذبذبة بين خطين رئيسيين " طبقة ضد طبقة " و " الجبهة الوطنية "، طبقا لمقتضيات السياسة الخارجية السوفياتية، عدم وضوح الرؤية الماركسية تجاه حركة التحرر الوطني. فلقد كان أمام المؤتمر السادس للأممية، الذي انعقد في الفترة بين شهري أغسطس/آب و سبتمبر/أيلول 1928، مهمة صعبة، بعد فشل تحالف الحزب الشيوعي الصيني مع " الكومنتانغ "، وبعد التراجع الشامل للحالة الثورية في الشرق الإسلامي ( خاصة في سورية وشمال أفريقيا)، وبعد أن أعلنت الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية، في مؤتمرها الذي عقدته بمرسيليا، أنّ البلشفية العالمية هي " العامل الأكثر خطورة على السلم العالمي ". وقد بدا واضحا التسلط الإيديولوجي الستاليني على المناقشات في المؤتمر، خاصة بعد التوجه السوفياتي نحو " الاشتراكية في بلد واحد ".
لقد فرض خط " طبقة ضد طبقة " على شيوعيي الدول المستعمَرة أن تضع نفسها في صف البروليتاريا، سواء كانت موجودة فعلا أو وجودها قليل ومحدود، إضافة إلى أنه وضع هذه الأحزاب في مجابهة السواد الأعظم من الشعب، الذي كان يتشكل أساسا من الفلاحين، فضلا عن مجابهة البورجوازية بكل تنوعاتها، بما فيها تلك التي تتناقض مصالحها مع مصالح المستعمرين. وفي الواقع، أدى ذلك الخط إلى عزلة الشيوعيين عن حركة التحرر الوطني، كما أنه منع القوى الديمقراطية من أن تقطع الطريق في الوقت المناسب، بالاشتراك مع الاتحاد السوفياتي، على صعود النازية إلى السلطة في ألمانيا.
وعندما انعقد المؤتمر السابع في الفترة ما بين شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب 1935 كان هتلر قد وطّد مركزه في السلطة، وفات أوان ملاحظة أنّ تكتيك " طبقة ضد طبقة " يحول دون قيام جبهة من القوى الديمقراطية ضد ألمانيا النازية. ومع ذلك فإنّ " الكومنترن " قد استخلص، كما فعل في سنة 1928 بعد فشل الثورة الصينية، دروس الأحداث، وقرّر أنّ المشكلة الأساسية هي الدفاع عن الحريات الديمقراطية. وعوّض نضال " طبقة ضد طبقة " بنضال " أمة ضد أمة "، والأمم الديمقراطية أصبحت مدعوة إلى التجمع في جبهة مشتركة.
لقد فُرض التكتيك الجديد " الجبهة الشعبية "على شيوعيي البلدان المستعمَرة، فمن جهة كان ينبغي التضحية بالنضال الوطني المعادي للإمبريالية لكي لا تتخلخل الجبهة الأممية المعادية للفاشية، ومن جهة أخرى فإنّ مصير النضال الاجتماعي يجب أن يكون كذلك لكي لا يمس الوحدة الوطنية الداخلية.
(ج)-المرحلة الثالثة: مرحلة الحرب الباردة (1946-1989)
وهي من أغنى مراحل العلاقة بين الماركسية وحركات التحرر الوطني، لأنها تحتضن عقدي الخمسينيات والستينيات الذين شهدا النهوض العارم لحركات التحرر الوطني، ولأنها أيضا شهدت أهم المناقشات والتيارات الماركسية حول قضية تصفية الاستعمار وآفاق التنمية الوطنية في البلدان المستقلة حديثا.
لقد شهدت فترة الخمسينيات تفكك الحركة الشيوعية العالمية، فبعد عام 1956 فقد الاتحاد السوفياتي احتكاره للدعوة الثورية، حيث شقت الصين عصا الطاعة، وحيث أخذت بعض الأحزاب الشيوعية الأوروبية، بمبادرة من الحزب الشيوعي الإيطالي، تخط لنفسها طريقا مستقلا عن التوجيهات السوفياتية. ولم يؤدِ المؤتمر العشرون للحزب الشيوعي السوفياتي، الذي جرت الإشادة بمقرراته ونتائجه بشكل واسع في الأحزاب الشيوعية العربية، إلى تجاوز هذا التفكك.
فبالرغم من أنّ المؤتمر العشرين كان قد سعى إلى إخراج الاتحاد السوفياتي من الطريق السياسي المسدود، الذي كان قد حبسه فيه تشدد وتصلب التحديدات الإيديولوجية الجدانوفية، وخاصة فيما يتعلق بالعلاقات مع بلدان العالم المستقلة حديثا، حين تم الاعتراف بالأوضاع الحقيقية لبلدان حركة التحرر الوطني، حيث البورجوازية موجودة في السلطة، فإنه لم يتمكن من العودة إلى لعب الدور الطليعي الذي كان ينشده.
وفي المؤتمر الحادي والعشرين، الذي انعقد في شهر يناير/كانون الثاني 1959، استمرت روح المؤتمر العشرين، مع التركيز أكثر فأكثر على التنمية الاقتصادية، خاصة التصنيع، لاستكمال التحرر الوطني. كما جرى التأكيد على الطابع الضعيف والمؤقت للتحالفات القومية في البلدان المستقلة حديثا، وعلى الصفة الحتمية للصراعات الطبقية.
وفي المؤتمر العالمي للأحزاب الشيوعية، الذي انعقد بموسكو في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 1960، جرى جدل كبير بين الشيوعيين حول مجموعة من المسائل، بما فيها المسألة القومية في البلدان المستقلة حديثا. حيث تركز الجدل حول نقطتين هامتين: الاستقلالية داخل الحركة الشيوعية العالمية، وأصالة وتميّز بلدان العالم، خاصة البلدان غير الأوروبية، على الصعيد الثقافي والحضاري.
فقد ورد في البيان الصادر عن المؤتمر " رسالة إلى العالم ": إذا تجاهل حزب بروليتاري ما الخصوصيات القومية، فإنه يمكن أن ينفصل عن حياة الجماهير وينزل الضرر بقضية الاشتراكية. كما تمت الإشادة بدور البلدان المستقلة حديثا في القارات الثلاث، حيث ورد في البيان " إنّ مرحلة تاريخية جديدة قد انفتحت في حياة الإنسانية: إنّ الشعوب المتحررة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية قد بدأت تسهم بنشاط في السياسة الدولية ... ".
أما عن سبيل هذه البلدان لحل مشاكلها الاجتماعية وتوطيد استقلالها القومي وإزالة التأخر فقد أشار البيان إلى " طريق التطور اللارأسمالي " باعتباره الطريق الأصوب لتحقيق تلك الأهداف، ومما ذكره البيان عن مواصفات دولة هذا الطريق ما يلي " في الظروف التاريخية الراهنة، خُلقت شروط مؤاتية، دولية وداخلية، لقيام دولة مستقلة للديمقراطية القومية في بلدان عديدة، أي دولة تدافع بثبات ومثابرة عن استقلالها السياسي والاقتصادي، دولة تناضل ضد الإمبريالية وكتلها العسكرية وضد القواعد العسكرية المُقامة على أراضيها، دولة تناضل ضد الأشكال الجديدة للاستعمار وضد تغلغل الرأسمال الإمبريالي، دولة ترفض الأساليب والطرق الدكتاتورية والاستبدادية في الحكم، دولة يتمتع الشعب فيها بحقوق وحريات ديمقراطية واسعة ( حرية الكلام والصحافة والاجتماع والتظاهر، حرية إنشاء الأحزاب السياسية والتنظيمات الاجتماعية )، وتوفر له إمكانية تحقيق الإصلاح الزراعي، والعمل للوصول إلى مطالب أخرى على صعيد التحويلات الديمقراطية والاجتماعية، والاشتراك في إعداد سياسة البلد ".
وهكذا، نلاحظ أنّ المفكرين الماركسيين لم يتناولوا المسألة القومية كمسألة نظرية بحتة منفصلة عن مجموع المشاكل الاجتماعية والسياسية الكبرى، فهم ينطلقون من الظروف الملموسة والتاريخية التي تكوّنت فيها كل حركة قومية، بطابعها ومحتواها الطبقيين. وعلى هذا الأساس، لم تكن الأمم والقوميات متعادلة أمام حركة التاريخ الواقعي، فهناك أمم " ثورية " وأمم " رجعية "، ولذلك فقد اعتبرت الماركسية الكلاسيكية الاستعمار عامل تحضّر للبلدان المستعمَرة، وأنّ تحرير المستعمرات غير ممكن إلا بالارتباط مع تحرير الطبقة العاملة في المتروبول من سطوة النظام الرأسمالي. وقد انساقت الماركسية إلى الاعتقاد بأنّ التدويل المتسارع للحياة الاقتصادية سيؤدي إلى الاندماج التدريجي للقوميات.
ولعل أفضل ما تحدّث عنه لينين يكمن في تأكيده أنّ تفاوت التطور الاقتصادي والسياسي هو قانون مطلق للرأسمالية، وأنّ انقسام الأمم إلى أمم مضطهَدة وأمم مضطهِدة هو جوهر الإمبريالية وماهيتها، وأنّ الحروب القومية أمر حتمي في عصر الإمبريالية. وقد نصح الشيوعيين، في البلدان المستعمَرة، أن يدعموا الحركة القومية في بلدانهم بقيادة البورجوازية الديمقراطية، ولكن دون أن يذوبوا فيها. كما استنتج، من مسيرة الثورة الروسية، إمكانية أن تتجنب بلدان حركة التحرر الوطني المرحلة الرأسمالية من التطور، وهو ما شكّل الأساس لنظرية " التطور اللارأسمالي " المدمّرة لاحقا.
أما ستالين، فقد صدرت مواقفه، تجاه المسألة القومية، عن نزعة " طبقوية " خالصة. فالأمة، طبقا لرؤيته، مقولة تاريخية لعصر الرأسمالية الصاعدة، والنزعة القومية هي العقبة الرئيسية في وجه تكوين كوادر ماركسية حقيقية. كما تحدّث ستالين عن إمكانية تطور المستعمرات مباشرة إلى الاشتراكية، بفضل معونة الاتحاد السوفياتي، وتجنّب المرحلة الرأسمالية !!
وفي إطار التيار الستاليني، الذي كان مهيمنا على الحركة الشيوعية العالمية إلى حد كبير، أعلن موريس توريز نظريته حول " الأمة الآخذة في التكوّن ". وفي الإطار نفسه، كانت الجدانوفية طبقوية خالصة، ومعادية لأي تعاون مع البورجوازية في بلدان حركة التحرر الوطني.
وفي المقابل، تابعنا التيار الماركسي القومي، الذي نظر إلى قضايا الشرق من خارج المركزية الأوروبية، وطرح ضرورة دمج الماركسية بالمسالة القومية في بلدان حركة التحرر الوطني، من خلال تكييف الماركسية مع الظروف الخاصة بالشرق، بما فيها دمج كنوز الثقافة الإسلامية بالماركسية. وفي السياق نفسه، فقد رأى ماوتسي تونغ أنّ التناقض الرئيسي الأول هو التناقض بين الإمبريالية والأمة الصينية .
إنّ التجربة التاريخية الغنية للحركات القومية لا يمكن حصرها في تعريف مطلق نهائي، كما فعل أغلب الماركسيين خلال الحقبة الستالينية، حين تصوروا أنّ تعريف ستالين للأمة مفتاح سحري لكل الحركات القومية. إذ أنّ محاولة جعل التعريف الواحد شاملا لمختلف أشكال الحركات القومية هي محاولة تبوء بالفشل، إذ تبرز للعيان أمور كثيرة لا تنطبق على الصيغة الستالينية العامة، فالطرق الخاصة التي وحّدت القوميات في دول أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا لا تنعكس ذاتها في الصورة التي نستنتجها من دراسة تشكّل الدول القومية الأوروبية.
أما بالنسبة للأمة العربية، فلقد جزّأ الاستعمار الاقتصاد العربي تجزئة كاملة، بتحويله اقتصاد كل قطر عربي إلى مكمّل لاقتصاد الدولة المستعمِرة، وأصبحت الرأسمالية الأجنبية والمحلية الكمبرادورية العائق الأساسي في طريق التوحيد القومي العربي.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمن المحاكمات الدولية
- آفاق التحول الديمقراطي في العالم العربي
- المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (5)
- القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية
- المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (4)
- المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (3)
- المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (2)
- توجهات السياسة الخارجية التركية
- المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (1)
- الاتحاد المغاربي .. إلى أين ؟
- الأسس النظرية لأهم قضايا المسألة القومية (4)
- الأسس النظرية لأهم قضايا المسألة القومية (3)
- مفاهيم ومصطلحات أهم قضايا المسألة القومية (2)
- محاولة تحديد أهم قضايا المسألة القومية (1)
- الانتخابات الإسرائيلية تشرعن التطرف والعنصرية
- مدلولات الانتخابات العراقية
- مجتمع المعرفة وتحدياته في العالم العربي (2)
- مجتمع المعرفة وتحدياته في العالم العربي (1)
- مجتمع المعرفة وتحدياته في العالم العربي (3)
- أولوية ترتيب البيت الفلسطيني


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (6)