أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد جمول - هل نبكي على العلمانية والديمقراطية














المزيد.....

هل نبكي على العلمانية والديمقراطية


محمد جمول

الحوار المتمدن-العدد: 2558 - 2009 / 2 / 15 - 07:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


محزن أن تكون هذه المنطقة من العالم المكان الذي توأد فيه الأشياء الجميلة دائما، وعلى أيدي أبنائها بقصد شريف أو غير شريف. ومن هنا بدت في معظم فترات تاريخها وكأنها تدور حول ذاتها، متوقفة عند اجترار ماضيها. وكلما اقتربت من عتبة باب المستقبل، ترتد إلى الوراء لتنشغل بالنقاش عن عدد الملائكة الذين يمكن أن يقفوا على رأس دبوس واحد. ويتكرر الانقسام على صفوف ومعسكرات ونزاعات وحروب. وقد ظلت هذه الصراعات تلبس لباس الدين والطوائف لفترات طويلة وحتى الآن. فكان الدين أكبر ضحاياها باستمرار، ولم يعد أحد يعرف أن الدين ذاته قد توارى عن ساحة الصراع ولم يعد بطله بعد اللحظات الأولى من الحروب المذهبية لأن الجميع شارك في دفنه وتشييعه لتسود المذاهب والطوائف والقبائل.
كثيرة هي الأفكار والمبادئ الجميلة التي قتلت بحسن نية أو سوء طوية في هذه المنطقة. وليس هناك أسهل من قتل الفكرة الجميلة حين يتبناها من يحقد عليها أو يجهلها. ربما يكون هذا ما حدث لمجموعة من المبادئ والأفكار التي مرت على المنطقة في العقود الأخيرة، ومنها الديمقراطية والعلمانية. فبعد عقود من الأمل والعمل على محاولات ترسيخ هذه المبادئ والقيم بما تعنيه من انتشال الناس من ضياع وسط الصراعات القبلية والمذهبية والدينية، يشعر الجميع أن ما عملوا من أجله وأحبوه لم يكن كما توقعوا. فبعد أن فهم عامة الناس أن الديمقراطية تعني القدرة على رفع صوتك مطالبا بحقوقك وأنك قادر على اختيار من يحكمك بملء إرادتك ومن دون خوف من أن يكون مصيرك أحد الأقبية ذات يوم، وأنك أنت الذي تصنع مصيرك بنفسك مع الآخرين. بعد ذلك كله، يكتشف ابن هذه المنطقة أن الديمقراطية، بتعريفها الجديد والممارسات التي رآها، تعني فرض إرادة الأقوياء بالنار والحديد والدبابات والصواريخ. وأن للديمقراطية سجونها وأقبيتها وجلاديها ومحاكمها الاستثنائية الخاصة التي تنتشر من سجن أبو غريب إلى غوانتانامو. وأن لها مثقفيها وكتابها ومؤرخيها الذين يزوّرون الواقع والتاريخ ويكذبون لصالح من يدفع لهم أكثر، تماما مثل مثقفي السلطان وفقهائه، ولكن المصيبة هنا أكبر مادام هؤلاء يعملون في خدمة السيد الأكبر. وكان هذا تحديدا في خدمة أكبر قتلة التاريخ الذي استل سيف عدالته وحريته وديمقراطيته ليقتل حرية الآخرين ويقضي على آمالهم في الوصول إلى الديمقراطية. ونسي هؤلاء أنه ما من غاز أو محتل في التاريخ، ولا حتى لص أو مجرم، إلا وحاول أن يعطي عمله مشروعية أخلاقية. وما من محتل إلا وكان حوله بعض من أبناء البلاد الذين يروجون لقيمه ومبادئه. ولذلك لم يكن هناك حرج في أن يصبح الاحتلال تحريرا وأن يتحول الدفاع عن الأرض والوطن في وجه الغزاة إرهابا وعدوانا، وفي ألطف التوصيفات يصبح عملا طائشا أو مغامرة. ويصبح الإذعان لشروط الغازي المحتل حكمة واعتدالا. وتصبح إسرائيل حليفا وصديقا بينما يتهم كل من يقف ضدها من دول المنطقة من العرب و غير العرب بالطمع ومحاولة الهيمنة أو بالطيش والمغامرة، أما إسرائيل فمن الممكن أن نسمع قريبا أنها حامية العرب وملاذهم والأمينة على مستقبل أطفالهم وإن عاملتهم كما عاملت أطفال غزة.
ولم تكن العلمانية ـ بما تعنيه من استقلالية الدولة عن الدين في إدارة شؤون شعبها وتمتع الجميع بقدر واحد من حقوق المواطنة، بغض النظر عن كل الانتماءات، وحق الجميع في ممارسة عقائدهم وحرية العبادة ـ لم تكن أقل خسارة وتضررا من الديمقراطية. وقد كان بعض العلمانيين أكثر من أساء لها في هذه المنطقة. فمن خلال تبنيهم لما هو مناقض لقضايا المنطقة وأبنائها، فهم من لا يعرف العلمانية أن كلمة علمانية تعني التكلم بلغة المصالح الغربية بالمعنى المتناقض مع مصالح المنطقة، وتحديدا في مرحلة المحافظين الجدد الذين قدموا الوجه الغربي القبيح بكل وحشية ورغبة في القتل والدمار. وبذلك غاب المعنى الحقيقي للعلمانية كمعطى حضاري تكوّن عبر قرون من السعي لتأكيد أهمية قيمة الفرد كإنسان بغض النظر عن لونه وجنسه وانتمائه. وبذلك ساهم هؤلاء في تشويه هذا المفهوم الإنساني بعدما كان البعض حاول تشويهه عبر ترجمة كلمة علمانية لتعني الإلحاد فقط. والشيء ذاته يمكن أن يقال عن الليبرالية قبل أن تتحول عن معناها الحقيقي من حيث هي مكسب حضاري تحقق بإخراج البشر من كهوف أفكار العصور المظلمة إلى الأمل بلقاء الإنسان مع الإنسان على طريق واحد إلى أفق إنساني مشترك، قبل أن تتحول إلى حرية النهب والقتل.
ويكفي للتدليل على ما أصاب هذه المفاهيم من اغتصاب وتشويه وتنفير الآخرين منها أن تعلن وزيرة خارجية إسرائيل تسيبي ليفني منذ فترة قصيرة ترشيح عدد من الكتاب العرب، الذين تكلموا باسم الليبرالية والعلمانية، لتكون كتاباتهم على موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية باعتبارهم أفضل من يناصر الفكر الصهيوني ويخدم وجهة نظره. ويكفي أن تقول إن هؤلاء يستحقون الحصول على أوسمة من الدولة الإسرائيلية. فهل هناك اختلاف على أن الدولة الإسرائيلية عنصرية ومحتلة؟ وكم من الأذى تسبب به هؤلاء للعلمانية والديمقراطية نتيجة كون كتاباتهم تصب في خدمة المشروع الاستيطاني الاستئصالي الصهيوني أم أن كتاباتهم صبت بالمصادفة في خدمة هذا المشروع ومن دون قصد؟



#محمد_جمول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مساكين أطفال غزة مساكين حكامنا
- القيم الأميركية من التسوق إلى التسول
- اقتلوا حزب الله فقد كشف خزينا
- ليت لنا نبل البهائم
- الأصولية المتحضرة والديمقراطية المتخلفة
- التعادل السلبي يعني ضياع الحقوق الفلسطينية
- تحسين صورة أميركا ومؤتمر أنابوليس
- من يرض باللاشيء لن يبقى له شيء
- البحث عما هو أقل سوءا
- بنت جبيل وذاكرة الأطفال
- بولتون داعية سلام فاستعدوا للموت
- بين وحشية النازية ورحمة الغربان
- التعذيب الديمقراطي والتعذيب الدكتاتوري
- بيان ضد الديمقراطية
- رسالة مستعجلة ومتأخرة إلى بان كيمون
- الحلم الجميل وتجربة الهنود الحمر
- الصندوق
- نظرية المؤامرة
- أسئلة في زمن الرعب والهذيان


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد جمول - هل نبكي على العلمانية والديمقراطية