أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد جمول - ليت لنا نبل البهائم














المزيد.....

ليت لنا نبل البهائم


محمد جمول

الحوار المتمدن-العدد: 2309 - 2008 / 6 / 11 - 10:38
المحور: كتابات ساخرة
    


في ما يسمى لغة الجسد عند الحيوانات، هناك حدود يلتزم بها الحيوان ويعبر عنها جسديا. وهي ما يفترض أنها معادلة لما يسمى "الأخلاق" عند الإنسان. فمثلا حين يتعارك كلبان عراكا جسديا" حتى الموت" كما في لغة الإنسان، تنتهي المعركة حالما يستقر الكلب المنتصر على جسد الكلب المهزوم بعد أن يطرحه أرضا. فحين يهدأ المغلوب تحت جسد المنتصر، ينهض الكلب المنتصر ويترك المهزوم مبتعدا عنه، وكأنه يريد أن يقول له " لا أريد أن أهين "حيوانيتك" أو " كلبيتك" أكثر من ذلك.
ومن يعملون في ترويض الحيوانات المفترسة، يعرفون الحيز المكاني الذي يجب عدم تجاوز حدوده كي لا يعتدي عليه هذا الحيوان. فما دمت تحترم حدوده لن يؤذيك. ولكن حين تتجاوز الحد المسموح به فقد تصبح ضحية الخطأ الذي ارتكبته. وبراعة مروض الحيوانات المفترسة تكمن في معرفة هذه الحدود بدقة وعدم تجاوزها.
مشهدان رأيتهما كانا كفيلين بزعزعة كثير من المسلمات الأخلاقية الإنسانية التي نعرفها وبإعلاء شأن بهيمية الحيوان وغريزته النبيلة. كان المشهد الأول منذ أكثر من سنة، وموضوعه فتاة متهمة بالزنا في كردستان العراق. المشهد تناقلته أجهزة الهواتف المحمولة وفيه ينهال الحضور على جثة الفتاة الهامدة، التي بدا أنها فارقت الحياة قبل ساعات، رجماَ بكل ما وجدوه حولهم من حجارة وعصي وقطع مخلفات البناء.
والمشهد الثاني كان ما عرض من مشاهد عما جرى في مدينة حلبا اللبنانية خلال أحداث الأسبوع الثاني من شهر أيار/ حزيران الماضي ( وما أقوله هنا مجرد عن أي موقف سياسي تجاه أي من الطرفين. فما قدمته الصورة يتجاوز السياسة وخلافاتها ليشير إلى خلل كبير في الإنسان حين يتخلى عن غريزته الفطرية ولا يرتقي إلى المستوى الأخلاقي المطلوب).
ما قدمته الصورة كان عددا من جثث لشباب يغطي الدم أجسادهم، بعضهم يبدو فيه بقية حياة وبعضهم فارقها. وحول هذه الجثث عدد من الشباب والرجال الذين ينهالون عليهم ضربا بالعصي والحجارة وكل ما تيسر. إنه أمر يكشف كم يستطيع الإنسان أن يكون حاقدا وأداة قتل عمياء ودون الحيوانات بكثير وأقل نبلا منها إن لم يكن خاليا من أي نبل.
ومن المؤكد أن ما هو أسوأ من ذلك بكثير أن لا يجد الإنسان صعوبة من الناحية الأخلاقية في أن يضع سيارة ملغومة في شارع معين أو سوق تجاري ويختار لانفجارها التوقيت الذي يمكن أن تحصد فيه أكبر قدر من الأرواح التي لم تكن تعرف قبلها بقليل أنها على بعد خطوات من الموت. بالمقابل حين يمر نمر مفترس بقطيع من الحيوانات يكتفي بقتل واحد منها وتناول وجبته والمضي من دون التعرض لما يزيد عن حاجته. بالتأكيد لن يعبث أو يمثل بما يبقى من الجثة.
هذا كله يغري المرء بالقول لو تطورت الغرائز الحيوانية بشكلها الطبيعي عند الإنسان لكان أفضل وأجمل بكثير من هذه الحالة التي عملت فيها الغرائز الطائفية والمذهبية والسياسية على تشويه غريزته الحيوانية الفطرية. ولو اكتفى بتطور غريزته الحيوانية النبيلة لما رضي الجلاد أن يمارس ما يمارسه من تعذيب للسجناء وامتهان آدميتهم بالشكل الذي يريده سيده الذي حظي بولائه. ولما كان استسهل، بهذه البساطة، قتل المختلف عنه طائفيا أو مذهبيا. ولما كان صدق ما وُعد به من أجر وثواب زائفين، لقاء ما يقوم به من قتل وفتك، يجعلانه يعتقد أن غابة العصر الحديث لم تعد تتسع إلا له ولقطيعه الذي مُنح حق محاسبة الناس على الأرض.



#محمد_جمول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأصولية المتحضرة والديمقراطية المتخلفة
- التعادل السلبي يعني ضياع الحقوق الفلسطينية
- تحسين صورة أميركا ومؤتمر أنابوليس
- من يرض باللاشيء لن يبقى له شيء
- البحث عما هو أقل سوءا
- بنت جبيل وذاكرة الأطفال
- بولتون داعية سلام فاستعدوا للموت
- بين وحشية النازية ورحمة الغربان
- التعذيب الديمقراطي والتعذيب الدكتاتوري
- بيان ضد الديمقراطية
- رسالة مستعجلة ومتأخرة إلى بان كيمون
- الحلم الجميل وتجربة الهنود الحمر
- الصندوق
- نظرية المؤامرة
- أسئلة في زمن الرعب والهذيان


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد جمول - ليت لنا نبل البهائم