أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد جمول - بين وحشية النازية ورحمة الغربان














المزيد.....

بين وحشية النازية ورحمة الغربان


محمد جمول

الحوار المتمدن-العدد: 1974 - 2007 / 7 / 12 - 11:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



سماء بلادي لم يبق فيها مكان للبلابل والعصافير. كل ما أراه غرباناً تتوارد عليها وتحوم عبرها ليل نهار. كلها تدعي الحكمة والحرص الشديد على سلامة البشر والشجر والحجر.ولكن الآباء والجدود والتاريخ علمونا أن كثرة الغربان تعني كثرة الخراب والجثث والأشلاء.

الجديد في هذه البلدان أن الغربان بدأت تحط على الأرض وتتنقل متجولة من حي إلى آخر، وتتكلم بكل لغات المنطقة ولهجاتها، وترتدي الزي الوطني وكل أزياء العشائر والقبائل والطوائف.
غربان تجود بكل ما لديها من دعم وأسلحة وتوزعه على كل من يطلبه على أمل أن يأتي الوقت الذي يبدأ فيه الكل بقتل الكل. فتعود الغربان إلى جمع عتادها كي توزعه مرة أخرى على من يطلبونه ليقتل كل منهم الآخر.
في العراق، أوشكت الغربان أن تنهي مهماتها من قتل وتدمير وتقسيم ورسم خرائط تعيد الزمن مئات السنين إلى الوراء بإلغاء الوطن والدولة والمجتمع وكل ماله علاقة بالعصر الحديث لتبدأ مشوار قرون الظلام وما فيه من قبائل وطوائف وأخويات وعصبيات وعصابات إجرام. وهاهي الآن توزع أسلحتها على من لم تقتله بعد كي يقتل غيره ويقتله غيره.
هذه الغربان أنجزت الجزء الأول من مهمتها عندما نجحت في دفع الأوطان إلى الاقتتال الداخلي عبر طوائفها وأعراقها التي كان حكامها قد نجحوا في تهيئة الأرض لكل أنواع المعارك التي نشهدها الآن، مستخدمين كل البراعات والحركات البهلوانية وألعاب الخفة للقفز فوق المشكلات الوطنية والاجتماعية والاقتصادية، ليتركوها تتفاقم وتتوالد في أحسن الأحوال ، أو يستفيدون منها في حل مشكلاتهم والهروب إلى الأمام.
والآن بدأ تنفيذ الجزء التالي ، الذي قد لا يكون الأخير،بضرب العشائر والقبائل والأحياء ببعضها بعض. وبدأ توزيع الأسلحة على الفقراء والجياع وأبناء الشوارع من أبناء أمة المساكين اليتامى ممن فقدوا آباءهم الذين كان يمكن أن يحسنوا تربيتهم والدفاع عنهم منذ مئات السنين. فتحولوا إلى أمة مفجوعة بذاتها، مبتلاة بضعفها مقموعة بقوة حكامها وقوة كل من هو غيرها.أمة مثل قطيع غزلان في الصحراء مات قائده ، فبدأ يدور حول ذاته في المكان، وتكاثرت عليه الوحوش التي استسهلت الصيد واسترخصت اللحم. أمة تخاف ظهور أي قائد فيها فتسارع لقتله خشية أن يقتلها لأن كل الأقوياء كانوا دائما لا يأتون إلا لقتلها،ولأنه سيكشف هوان وذل من قادوهم وأقنعوهم بأنهم حماتهم الأقوياء القادرون على صون أرضهم وحياتهم وأعراضهم وكراماتهم المهدورة سرا وعلانية، أو لأنه قد يخرب علاقة الحب والألفة الطويلة بينهم وبين الهوان والذل.
صار السلاح ينهمر على كل هؤلاء الناس بغزارة المطر في الشتاءات الماطرة في بلداننا الجافة. انهمر السلاح على غزة القاحلة التي لم يصلها الخبز ولا الأرز إلا بقدر محسوب لا يترك الموت يتحول إلى أوبئة وروائح جثث متفسخة تزعج الجيران وفرسان الرباعية والشرعية الدوليتين الذين برعوا في تقنين الموت لشعب يصر على التكاثر والتناسل والحياة على الرغم من " قادته" وأعدائه " الحضاريين " وجيرانه " الحكماء المعتدلين " حتى الثمالة.
هل باتت هذه الغربان جزءا من النسيج الاجتماعي لسكان هذه البلدان، وأخذت تحل وتربط في كل شؤون وقضايا المنطقة التي لم يبق فيها من يفكر أو يحل ويربط؟ هذه الغربان، وما تفعله من قتل وتدمير يجعلني أتساءل ماذا كان يمكن لهتلر أن يفعل لو أنه كان الواقف الآن تحت راية الديمقراطية والحرية المنشورة في سماء وعلى أرض بلداننا؟ كانت النازية وحشية لأنها قتلت عشرات آلاف البشر بأفران الغاز، بينما تقدم هذه الغربان فرص العيش مع اليورانبوم المخصب والمنضب للملايين من البشر في العراق وأفغانستان ولبنان والبلقان على مدى آلاف السنين، وتوزع كل أنواع السلاح على كل من لديه شهوة القتل أو يمكن أن يمتلكها ذات يوم. فمن هو ضدها اليوم قد يصبح حليفها غدا. والكل يخدم ال " الفوضى الخلاقة " ويساعد مصانع الأسلحة على البقاء مزدهرة وجيوب أصحابها منتفخة.



#محمد_جمول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعذيب الديمقراطي والتعذيب الدكتاتوري
- بيان ضد الديمقراطية
- رسالة مستعجلة ومتأخرة إلى بان كيمون
- الحلم الجميل وتجربة الهنود الحمر
- الصندوق
- نظرية المؤامرة
- أسئلة في زمن الرعب والهذيان


المزيد.....




- مؤثرة موضة تعرض الجانب الغريب لأكبر حدث للأزياء في دبي
- آخر تطورات الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمري ...
- محمد بن سلمان يستقبل بلينكن في الرياض.. والخارجية الأمريكية ...
- -كيف يُمكن تبرير الدعم السياسي الأمريكي لحكومة إسرائيلية وتب ...
- انتعاش الآمال بالتوصل إلى هدنة في غزة .. ما مصير عملية رفح؟ ...
- منتج لذيذ يعزز الطاقة لدينا
- إسرائيل تقرر انتظار رد -حماس- قبل إرسال وفدها للتفاوض في الق ...
- محامي ترامب السابق يحصد الأموال من -تيك توك- (صورة + فيديو) ...
- محللون يشيرون إلى عوامل ضعف النفوذ الأمريكي في القارة السمرا ...
- القوات الأوكرانية تكشف تفاصيل جديدة عن عسكري قتل في ألمانيا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد جمول - بين وحشية النازية ورحمة الغربان